هل هناك سنة مؤكدة ركعتان تُصَلَّيان قبل صلاة المغرب؟
صلاة ركعتين قبل المغرب بعد دخول وقتها أمرٌ مشروعٌ، ولكنها سنةٌ غير مؤكدة، والأمر فيه سعةٌ؛ فمَن شاء صلاها، ومَن شاء تركها.
روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: "كان المُؤَذِّنُ إذا أَذَّن قام ناسٌ مِن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم يَبتَدِرُون السَّوارِيَ، حتى يخرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهم كذلك يصلون الركعتين قبل المغرب، ولم يكن بين الأذان والإقامة شيء". قال عثمان بن جَبَلةَ وأبو داود عن شعبة: "لم يكن بينهما إلا قليل".
وفي رواية للإمام مسلم يقول أنس رضي الله عنه: "حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ الْغَرِيبَ لَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَيَحْسِبُ أَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ صُلِّيَتْ مِنْ كَثْرَةِ مَنْ يُصَلِّيهِمَا".
وروى الجماعة إلا أبا داود عن عبد الله بن مُغَفَّل المُزَنِّي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ، بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ، بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ لِمَنْ شَاءَ».
قال الحافظ ابن حَجَرٍ العَسقَلانيُّ في "الفَتح": [قال القرطبي وغيره: ظاهر حديث أنسٍ أن الركعتين بعد المغرب وقبل صلاة المغرب كان أمرًا أقرّ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أصحابَه عليه وعملوا به حتى كانوا يستبقون إليه، وهذا يدل على الاستحباب، وكأن أصله قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ».
وأما كونه صلى الله عليه وآله وسلم لم يُصَلِّهِمَا فلا ينفي الاستحباب، بل يدل على أنهما ليستا من الرواتب. وإلى استحبابهما ذهب أحمد وإسحاق وأصحاب الحديث، ورُوي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "ما رأيت أحدًا يصليهما على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم".
وعن الخلفاء الأربعة وجماعة من الصحابة: أنهم كانوا لا يصلونهما، وهو قول مالك والشافعي، وادعى بعض المالكية نسخهما؛ فقال: "إنما كان ذلك في أول الأمر حيث نُهِيَ عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، فبيّن لهم بذلك وقت الجواز، ثم ندب إلى المبادرة إلى المغرب في أول وقتها، فلو استمرت المواظبة على الاشتغال بغيرها لكان ذلك ذريعةً إلى مخالفة إدراك أول وقتها".
وتُعُقِّبَ بأنّ دعوى النسخ لا دليل عليها، والمنقول عن ابن عمر رضي الله عنهما رواه أبو داود من طريق طاوس عنه، ورواية أنس رضي الله عنه المثبِتة مقدَّمةٌ على نفيه، والمنقول عن الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم رواه محمد بن نصر وغيره من طريق إبراهيم النخعي عنهم، وهو منقطع، ولو ثبت لم يكن فيه دليلٌ على النسخ ولا الكراهة.
وسيأتي في أبواب التطوع أن عُقبةَ بنَ عامِرٍ رضي الله عنه سُئل عن الركعتين قبل المغرب فقال: "كنا نفعلهما على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم"، قيل له: فما يمنعك الآن؟ قال: "الشغل". فلعل غيره أيضًا منعه الشغل.
وقد روى محمد بن نصر، وغيره من طرق قوية عن عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وأُبَيّ بن كعب وأبي الدرداء وأبي موسى رضي الله عنهم وغيرهم أنهم كانوا يواظبون عليهما.
وأما قول أبي بكر بن العربي: اختلف فيه الصحابة ولم يفعلها أحد بعدهم؛ فمردودٌ بقول محمد بن نصر: "وقد رُوِّينا عن جماعة من الصحابة والتابعين أنهم كانوا يصلون الركعتين قبل المغرب"، ثم أخرج ذلك بأسانيد متعددة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى وعبد الله بن بُرَيدة ويحيى بن عقيل والأعرج وعامر بن عبد الله بن الزبير وعِراك بن مالك، ومن طريق الحسن البصري أنه سُئل عنهما فقال: "حسنتين واللهِ لِمَنْ أراد اللهَ بهما".
وعن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: "حقٌّ على كل مؤمن إذا أذن المؤذن أن يركع ركعتين". وعن مالكٍ قولٌ آخر باستحبابهما. وعند الشافعية وجهٌ رجحه الإمام النوويُّ ومَن تَبِعَه، وقال في "شرح مسلم": [قول مَن قال إنّ فِعلَهما يؤدي إلى تأخير المغرب عن أول وقتها خيالٌ فاسدٌ منابِذٌ للسنة، ومع ذلك فزمنهما زمنٌ يسيرٌ لا تتأخر به الصلاة عن أول وقتها.
قلت: ومجموع الأدلة يرشد إلى استحباب تخفيفهما كما في ركعتي الفجر. قيل: والحكمة في الندب إليهما رجاء إجابة الدعاء؛ لأن الدعاء بين الأذان والإقامة لا يُرَدّ، وكلما كان الوقتُ أشرفَ كان ثوابُ العبادة فيه أكثرَ] اهـ.
وعليه: فصلاة ركعتين قبل المغرب أمرٌ مشروعٌ، ولكنها سنةٌ غير مؤكدة. وعلى كلٍّ فالأمر كما سبق يظهر منه الخلاف القائم بين العلماء في مشروعيتها، وهذا يجعل الأمر فيه سعةٌ؛ فمَن شاء صلاها، ومَن شاء تركها، ولا يَعتِب هذا على ذاك، ولا يَعتِب ذاك على هذا؛ فمِن القواعد الفقهية المقررة: "لا يُنكَر المُختَلَف فيه". فلا يَصح أن تكون هذه المسألة وأمثالها من مسائل الفروع الفقهية سببًا للشقاق بين المصلين في المسجد الواحد، ومدعاةً لتفريق كلمتهم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما هي كيفية الأذان والإقامة عند الجمع بين الصلاتين؟ فأنا كثيرًا ما أجمع بين صلاتي الظهر والعصر أنا ورفقة معي، لكثرة سفرنا بسبب طبيعة عملنا، ونلتزم الإتيان بسُنَّتي الأذان والإقامة؛ فهل نخصُّ كل صلاة من الصلاتين المجموعتين بأذانٍ وإقامةٍ، أو نكتفي بأذانٍ واحدٍ عنهما وإقامتين؟
ما حكم صلاة ركعتين جماعة بالمسجد بعد صلاة العشاء تذكيرًا بسنة قيام الليل وتحفيزًا على أدائها في البيوت؟
هل هناك مانع من أن يقرأ الإمام الفاتحة أو السورة التالية لها، ثم يقطع الآية ليترجمها، ثم يكمل الآية من مقطعها، ثم يعود ويكرر الآية السابق تفسيرها بالتركية مع بقية السورة وهكذا؟ وطلب السائل الإفادة عن الحكم الشرعي في ذلك.
طلبت وزارة التعليم العالي -المراكز الخارجية- الإدارة العامة للتمثيل الثقافي بكتابها المتضمن أن الإدارة تلقت من السيد مدير المركز الثقافي العربي بنواكشوط أن الكثير من رجالات موريتانيا العاملين في شتى المجالات الثقافية الذين تقدمت بهم السن ولا يستطيعون الذهاب إلى المساجد يسألون عن إمكانية متابعة صلاة الجماعة بالمسجد -الجمعة وغيرها- عن طريق المذيع عبر الأثير، وإذا كانت هذه المتابعة جائزة شرعًا فعلى أي مذهب، وعندئذٍ فهل الأفضل الصلاة بهذه الطريقة أم الصلاة الفردية، وتطلب الإدارة العامة بيان حكم الشرع في هذا الموضوع؛ حتى يمكنها الرد على السيد مدير المركز الثقافي ليتولى بدوره إفادة المستفتين في هذا الموضوع.
الأذان يوم الجمعة هل هو أذان واحد عندما يصعد الخطيب المنبر أم أنه أذانان أحدهما عند أذان الظهر والآخر بعد صعود الإمام إلى المنبر؟
ما حكم صلاة النافلة في غير الموضع الذي صُليت فيه الفريضة؟ وهل هذا الفعل من السُّنّة؟