حكم الوقف للبحث العلمي وإيداع أمواله في البنوك

تاريخ الفتوى: 22 يوليو 2015 م
رقم الفتوى: 3075
من فتاوى: أمانة الفتوى
التصنيف: الوقف
حكم الوقف للبحث العلمي وإيداع أمواله في البنوك

ما حكم إنشاء صندوق وقف للبحث العلمي يتم التبرع فيه ووضعه في البنك المركزي وصرف العائد منه على ما خصِّصَ له هذا الوقف؟

يجوز شرعًا إنشاء هذا الوقف والإنفاق من الصدقات الجارية والتبرعات فيه، ويجوز أيضًا إيداع أمواله في البنوك عامة أو في البنك المركزي خاصة وأخذ العائد عليه للإنفاق منه على ما خُصِّص الوقفُ له؛ فالعلم والبحث العلمي هو السبيل الصحيح لرقي الأمم واكتفاء المجتمعات وقدرتها على سد حاجاتها.

المحتويات

مكانة العلم في الشريعة الإسلامية

عظَّم الإسلام شأن العلم، ورفع قدر أهله؛ حتى كان أول أمر إلهي نزل به الوحي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو الأمر بالقراءة في قوله تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ۝ خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ۝ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ ۝ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ۝ عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ [العلق: 1-5]، فجعل القراءة الأولى في الوجود، والثانية في الوحي، وكلاهما صدر عن الله، الأول من عالم الخلق، والثاني من عالم الأمر: ﴿أَلَا لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ﴾ [الأعراف: 54]، وعلى هذا فلا نهاية لإدراك الكون؛ حيث إنه يمثل الحقيقة، لأنه من عند الله: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ﴾ [الذاريات: 47]، ولا نهاية لإدراك الوحي؛ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يصف القرآن الكريم: «ولَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، وَلَا يَخْلَق مِن كَثْرَةِ الرَّدِّ» رواه الترمذي والدارمي وصححه الحاكم، وأيضًا لا تعارض بينهما؛ حيث إن كلًّا من عند الله؛ قال تعالى: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء: 82]، وهذا التأسيس يتأكد في قوله تعالى على صفة الإطلاق: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر: 9].

فضل تعلم العلوم الدنيوية النافعة

العلم في الاصطلاح القرآني والشرعي يعني إدراك الأشياء على حقائقها التي هي عليها، وهو بذلك لا يقتصر على العلوم الدينية، بل يشمل العلوم الكونية والدنيوية أيضًا؛ وعندما وصف اللهُ تعالى في كتابه العلماءَ بأنهم هم أهل خشيته مِن خَلْقِه جاء ذلك في سياق الكلام على دورة الحياة في الطبيعة، وتنوع ألوان الثمار (علم النبات)، واختلاف أشكال الجبال (علم الجيولوجيا)، ومظاهر اختلاف الكائنات الحية (التنوع البيولوجي)، وكلها من العلوم الدنيوية؛ قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ ۝ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾ [فاطر: 27-28]، فكل ما وصَّل إلى الله تعالى فهو علم، وكل ما أبعد عنه سبحانه فهو جهل، ولذلك قال الإمام مالك: "إن العلم ليس بكثرة الرواية، وإنما العلم نورٌ يجعله الله في القلب".
كما أن البحث العلمي في هذا العصر هو السبيل لإعداد قوى الردع التي تحافظ على السلام والأمن في الأوطان، وتمنع الطغيان والعدوان، والتي أمر الله تعالى بها في قوله سبحانه: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ﴾ [الأنفال: 60]، فصار واجب الوقت للأمة الإسلامية في هذا العصر هو الفهم العلمي لمعطيات الحضارة، وهذا من أهم مظاهر القوة التي أمرنا الله تعالى بإعدادها.
ولا شك أن حاجة الأفراد والمجتمعات إلى العلم عظيمة؛ كما قال سيدنا علي كرم الله وجهه: "الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ تَحْرُسُهُ، وَالْعِلْم يَحْرُسُكَ، وَالْمَال تُفْنِيهِ النَّفَقَةُ، وَالْعِلْم يَزْكُو عَلَى الْإِنْفَاقِ، وَالْعِلْم حَاكِم وَالْمَال مَحْكُومٌ عَلَيْهِ"؛ فالعلم هو السبيل الصحيح لرقي الأمم واكتفاء المجتمعات وقدرتها على سد حاجاتها، والبحث العلمي هو المظهر الحقيقي لتطور العلم وتقدمه وازدهاره، وهو نقطة البداية الصحيحة للأمة الإسلامية حتى تضع قدمها مرة أخرى في خريطة العالم، وتشارك بحضارتها في بناء الحضارة الإنسانية، والسبيل إلى كل ذلك هو نهضة البحث العلمي عند المسلمين ليكون امتدادًا حقيقيًّا لعلوم المسلمين الأوائل ومظهرًا للصلة بين أصالة السلف ومعاصرة الخلف.

حكم الوقف للبحث العلمي وإيداع أمواله في البنوك على العلم

شرع الإسلام الإنفاق في سبيل الله، والعلم من سبيل الله تعالى كما سبق، فيكون الإنفاق في هذا المجال وجهًا من وجوه الإنفاق في سبيل الله تعالى، وقد ورد: «مَا تَصَدَّقَ النَّاسُ بِصَدَقَةٍ مِثْلَ عِلْمٍ يُنْشَرُ» أخرجه الطبراني وغيره من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه مرفوعًا.
والمستقر عليه الفتوى في دار الإفتاء المصرية أن إيداع الأموال في البنوك جائزٌ شرعًا، وأنه يجوز أخذ الأرباح المحددة عليها سلفًا، وهو الموافق لما قرره مجمع البحوث الإسلامية في قراره رقم 321 المنبثق عن جلسته الثانية في دورته التاسعة والثلاثين في يوم الخميس الخامس والعشرين من شهر شعبان سنة 1423هـ الموافق للحادي والثلاثين من شهر أكتوبر سنة 2002م بشأن الحكم الشرعي في المعاملات المصرفية؛ حيث قرر: [الموافقة على تحديد نسبة الربح مقدَّمًا بأغلبية الأعضاء الحاضرين] اهـ. ثم أصدر المجمع فتوى بناءً على ما قرره سابقًا؛ وذلك في القرار رقم 322 الصادر عن جلسته الثالثة في ذات الدورة، والمنعقدة في يوم الخميس الثالث والعشرين من شهر رمضان سنة 1423هـ الموافق للثامن والعشرين من شهر نوفمبر سنة 2002م بشأن تحديد نسبة الربح مقدَّمًا في معاملات البنوك، وقرر المجلس الموافقة بالإجماع على نص الفتوى التي جاء فيها: [والخلاصة أن تحديد الربح مقدمًا للذين يستثمرون أموالهم عن طريق الوكالة الاستثمارية في البنوك أو غيرها حلال، ولا شبهة في هذه المعاملة؛ فهي من قبيل المصالح المرسلة، وليست من العقائد أو العبادات التي لا يجوز التغيير أو التبديل فيها. وبناءً على ما سبق: فإن استثمار الأموال لدى البنوك التي تحدد الربح أو العائد مقدمًا حلالٌ شرعًا ولا بأس به. والله أعلم] اهـ.

والبنك المركزي شأنه شأن البنوك في جواز إيداع المال فيه وحِلِّ أخذ الأرباح منه.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن واجب الوقت للأمة الإسلامية في هذا العصر يقتضي إنشاء مثل هذا الوقف (مشروع الوقف البحثي)، ويجوز شرعًا إيداع أمواله في البنوك وأخذ العائد عليه للإنفاق منه على ما خُصِّص الوقفُ له، كما توصي دار الإفتاء المصرية بتعميم فكرة هذا الوقف وتوسيع دائرته كُلَّما كان ذلك مُمْكِنًا لِيَعُمَّ الهيئات العلمية المعنية بالدراسات البحثية على مستوى الجمهورية، ويجوز شرعًا تخصيص الأوقاف وإخراج الصدقات الجارية والتبرعات لهذا المشروع.
وما أحوج بلادنا –خاصة في هذه المرحلة- إلى مثل هذه المشاريع الوقفية التي تهدف إلى التطور والتقدم العلمي لنرتقي ببلادنا إلى مصاف الدول المتقدمة؛ فالبحث العلمي هو القلب النابض للتقدم العلمي الذي تحيا به الشعوب والدول والأمم والحضارات، وهذا كله يحتاج إلى الجهود المتكاتفة، ويحتاج إلى عزمات الرجال وهمم المصلحين، ويحتاج إلى أصحاب المواقف الفارقة التي تصنع التاريخ وتُغيِّر الأحوال.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم استخدام أدوات المسجد للأغراض الشخصية خارج المسجد وتعريضها للتلف، كالسلم، والماء لغسيل السيارات أمام المسجد، والكهرباء لإنارة البيوت؟


طلبت محافظة قنا الإفادة عن الحكم الشرعي في إزالة جبانة؛ للأسباب الواردة بمذكرة المجلس القروي المرافقة، وقد تبين من الاطلاع على مذكرة المجلس القروي المشار إليها أن التفكير في إزالة هذه الجبانة كان بناءً على طلب موظف بنفس الناحية؛ لأنها تجاور منزله، وأن هذه الجبانة قديمة تُرِك الدفن فيها، وأن جثث الموتى المدفونين بها لا تزال باقية، وأن من هذه الجثث جثثًا لبعض الصالحين، وأن المجلس القروي ولجنة المرافق طلبا الحصول على رأي دار الإفتاء في إزالة الجبانة من الوجهة الشرعية، وهل في الإمكان حفظ الرفات في باطن الأرض الصلبة؟


ما حكم وقف أملاك القصر عليهم؟ فلي ابن أخٍ قاصر تحت وصايتي، وله من العمر نحو السبعة عشر عامًا، ويمتلك أطيانًا، ونرغب إيقافها عليه وعلى ذريته من بعده، وبعد موافقته عَرَضْنا الأمر على مجلس حسبي مصر، فطلب منا فتوى شرعية بجواز ذلك، فعليه جئنا لفضيلتكم لتُبيِّنوا لنا رأي الشرع، ولكم من الله الأجر والثواب.


ما حق ورثة الواقف في قيمة وقف نزعت ملكيته؛ فرجل بنى مسجدًا، وأقيمت فيه الشعائر الدينية من مائة سنة تقريبًا، وفي هذا العام نزعت وزارة البلديات أرض وبناء هذا المسجد للمنافع العامة وكذلك ما ألحق به من دكاكين بناها الواقف للإنفاق عليه من إيرادها وكانت ضمن بنائه، وقدرت لذلك ثمنًا أودعته خزانتها، ولم يكن الواقف قد حرَّر حجّة بوقف المسجد وما ألحق به من الدكاكين، وطلب السائل بصفته من ضمن ورثة الواقف بيان الحكم بالنسبة للمبلغ المودع خزانة الحكومة كتعويض لأرض وبناء المسجد وملحقاته، وهل للورثة الحق في صرف هذا المبلغ والتصرف فيه على أساس أنه تركة تورث عن مورثهم، أم ليس لهم الحق في ذلك؟


ما حكم تغيير الوقف من الإنفاق على المسجد إلى الإنفاق على مصالح الناس؛ فقد أوقف أحد الأشخاص قطعة أرض للإنفاق على مسجد معين، ثم صار هذا المسجد تابعًا لوزارة الأوقاف فيما بعد، والتي أصبحت هي من يتولى الإنفاق عليه، وعائلة الواقف الآن في احتياج إلى قطعة الأرض هذه للإنفاق من ريعها على الجَبّانة الخاصة بالعائلة ودار مناسباتهم، فهل يصح نقل الوقف من الإنفاق على المسجد إلى الإنفاق على الجبانة ودار المناسبات؟


نتشرف بأن نرسل لسيادتكم مذكرة بشأن وقف مسجد البقلي ببندر أسيوط، التي تم عرضها على مجلس السادة الوكلاء لاتخاذ القرار المناسب لاستغلال مساحة الأرض 900م الذي قرر مجلس السادة الوكلاء فيها ما نصُّه: "تأجيل الموضوع لحين استطلاع رأي فضيلة المفتي بشأن تغيير صفة الوقف، والمعتمد من معالي الدكتور الوزير". برجاء التفضل من سيادتكم بعد الاطلاع بالإفادة حتى يمكن العرض على مجلس السادة الوكلاء، ومرفق طيُّه صورة من المذكِّرة.
وملخص ما جاء في المذكرة: أن هناك وقفًا هو عبارة عن أرض فضاء بجوار مسجد البقلي، مساحتها أكثر من 900م مربع، مسورة بسور مزخرف بزخارف إسلامية، ومغلقة من جميع الجوانب، في يد هيئة الأوقاف والمديرية منذ استلامها، وأن هذه الأرض موقوفة على أنها: وقف وتصدُّق لله سبحانه وتعالى، محل طيارة، وساقية، وحوض، وسبيل، وأرض فضاء حرم ذلك.
وهناك عصابة تستغل الظروف للاستيلاء على هذه الأرض المجاورة للمسجد كما يتضح من كلام مدير المنطقة.
وقد قامت المنطقة بعرض الأمر على الإدارة الهندسية لعمل ترخيص بناءٍ عليها لصالح هيئة الأوقاف المصرية، وتم العرض على مجلس السادة الوكلاء بالوزارة لبحث الحجة والنظر في الموضوع؛ حيث إن َّالأرض موقوفة لغرض الصلاة وفيها ساقية لإخراج الماء وحوض لسقاية الدواب -كما جاء بحجة الوقف-، فقرَّرَ اتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على قطعة الأرض من التعديات وإنشاء سور يحاط بنواحيها الأربعة، وتشكيل لجنة لوضع أفضل الحلول لقطعة الأرض، على أن يتم استطلاع رأي فضيلة المفتي بشأن تغيير صفة الوقف؛ حيث إنه يلزم تغيير شرط الواقف حتى يمكن استخدام هذه الأرض في البناء.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 29 أبريل 2025 م
الفجر
4 :39
الشروق
6 :14
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 31
العشاء
8 :55