تغيير صفة الوقف للمصلحة

تاريخ الفتوى: 01 يونيو 2017 م
رقم الفتوى: 4074
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الوقف
تغيير صفة الوقف للمصلحة

نتشرف بأن نرسل لسيادتكم مذكرة بشأن وقف مسجد البقلي ببندر أسيوط، التي تم عرضها على مجلس السادة الوكلاء لاتخاذ القرار المناسب لاستغلال مساحة الأرض 900م الذي قرر مجلس السادة الوكلاء فيها ما نصُّه: "تأجيل الموضوع لحين استطلاع رأي فضيلة المفتي بشأن تغيير صفة الوقف، والمعتمد من معالي الدكتور الوزير". برجاء التفضل من سيادتكم بعد الاطلاع بالإفادة حتى يمكن العرض على مجلس السادة الوكلاء، ومرفق طيُّه صورة من المذكِّرة.
وملخص ما جاء في المذكرة: أن هناك وقفًا هو عبارة عن أرض فضاء بجوار مسجد البقلي، مساحتها أكثر من 900م مربع، مسورة بسور مزخرف بزخارف إسلامية، ومغلقة من جميع الجوانب، في يد هيئة الأوقاف والمديرية منذ استلامها، وأن هذه الأرض موقوفة على أنها: وقف وتصدُّق لله سبحانه وتعالى، محل طيارة، وساقية، وحوض، وسبيل، وأرض فضاء حرم ذلك.
وهناك عصابة تستغل الظروف للاستيلاء على هذه الأرض المجاورة للمسجد كما يتضح من كلام مدير المنطقة.
وقد قامت المنطقة بعرض الأمر على الإدارة الهندسية لعمل ترخيص بناءٍ عليها لصالح هيئة الأوقاف المصرية، وتم العرض على مجلس السادة الوكلاء بالوزارة لبحث الحجة والنظر في الموضوع؛ حيث إن َّالأرض موقوفة لغرض الصلاة وفيها ساقية لإخراج الماء وحوض لسقاية الدواب -كما جاء بحجة الوقف-، فقرَّرَ اتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على قطعة الأرض من التعديات وإنشاء سور يحاط بنواحيها الأربعة، وتشكيل لجنة لوضع أفضل الحلول لقطعة الأرض، على أن يتم استطلاع رأي فضيلة المفتي بشأن تغيير صفة الوقف؛ حيث إنه يلزم تغيير شرط الواقف حتى يمكن استخدام هذه الأرض في البناء.

لا يجوز تغيير صفة الوقف؛ لأن شرط الواقف كنص الشارع، ويجب الحفاظ على الوقف وحمايته واتخاذ الوسائل الكفيلة بذلك، فإذا رُوعي شرط الواقف، وتأكد لناظِرِ الوقف المخوَّل شرعًا بالنظر في مصالحه -وهو هنا وزارة الأوقاف- عدم القدرة على الحفاظ عليه، فإنَّه يجوز حينئذٍ تغييرُ صفة الوقف بقدر ما تندفع به الحاجة، والتي تُقدَّر بقدرها.

المحتويات

 

بيان الأصل في الوقف وضابطه

الأصل في الوقف: أنه حبسٌ للموقوف على الموقوف عليه؛ لما نصَّ عليه الفقهاء من أنَّ "شرطَ الواقفِ كنصِّ الشارع"، وأنَّ "شرط الواقف يجب اتباعه"، فيجب اعتباره وتنفيذه كوجوب العمل بنصِّ الشَّارع؛ قال العلَّامة ابن نُجيم الحنفي في "الأشباه والنظائر" (ص: 163، ط. دار الكتب العلمية): [شرط الواقف يجب اتباعه؛ لقولهم: "شرط الواقف كنص الشارع"؛ أي: في وجوب العمل به، وفي المفهوم والدلالة] اهـ.

وقال الإمام تقي الدين السبكي الشافعي في "الفتاوى" (2/ 13، ط. دار المعارف): [والفقهاء يقولون: شروط الواقف كنصوص الشارع، وأنا أقول من طريق الأدب: شروط الواقف من نصوص الشارع؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ»، وإذا كانت مخالفةُ النص تقتضي نقضَ الحكم؛ فمخالفةُ شرط الواقف تقتضي نقض الحكم] اهـ.

تغيير صفة الوقف للمصلحة وأقوال الفقهاء في ذلك

غير أنَّ العين الموقوفة قد يَرِدُ عليها ما يمنع الانتفاع بها، أو يقلِّلُه، مما يعودُ على أصل مقصد الوقف بالإبطال أو التَّعطيل، مما جعل الفقهاء يجوِّزون استبدال الوقف بغيره نظرًا للمصلحة التي تحقِّقُ مقصدَه؛ فأباح السَّادة الحنفية استبدالَ الوقف لمجرَّد مصلحةٍ راجحة؛ كاستبداله بآخر أكثر رِيعًا منه، أو استبداله بالدراهم؛ بأن يُحوِّل الموقوف إلى أموالٍ سائلة تُصرف في مصالح الوقف؛ ففي "العقود الدرية" للعلامة ابن عابدين الحنفي (1/ 115، ط. دار المعرفة): [في فتاوى "قاري الهداية" سُئل عن استبدال الوقف ما صورته: هل هو على قول أبي حنيفة وأصحابه؟
أجاب: الاستبدال إذا تعيَّنَ بأن كان الموقوف عليه لا ينتفع فيه، وثمة من يرغب فيه، ويعطي بدله أرضًا، أو دارًا لها ريعٌ يعود نفعه على جهة الوقف؛ فالاستبدال في هذه الصورة قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى، وإن كان للوقف ريع، ولكن يرغب شخص في استبداله إن أعطي بدله أكثر ريعًا منه في صقع أحسن من صقع الوقف جاز عند القاضي أبي يوسف والعمل عليه، وإلا فلا يجوز، وأباح بعض علماء المالكيَّةِ استبدال الوقف للمصلحة الراجحة في العقار] اهـ.

وقال بالاستبدال والمناقلة في الوقف للمصلحة أيضًا بعضُ علماء الحنابلة ومتأخريهم؛ قال العلامة المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (7/ 101، ط. دار إحياء التراث العربي): [فقد نقل عن صالح جواز نقل المسجد لمصلحة الناس، وصنف صاحب "الفائق" مصنفًا في جواز المناقلة سماه: "المناقلة في الأوقاف وما في ذلك من النزاع والخلاف"، ووافقه على جوازها الشيخ برهان الدين ابن القيم، والشيخ عز الدين حمزة وصنف فيه مصنفا سماه: "رفع المثاقلة في منع المناقلة"، ووافقه أيضا جماعةٌ في عصره] اهـ بتصرف.
وقال الشيخِ ابنُ تيمية الحنبلي في "الفتاوى الكبرى" (4/ 360، ط. دار الكتب العلمية): [وأما إبدال المنذور والموقوف بخيرٍ منه كما في إبدال الهدي: فهذا نوعان:
- أحدهما: الإبدال للحاجة.
- والثاني: الإبدال لمصلحة راجحة؛ مثل أن يبدل الهدي بخير منه، ومثل المسجد إذا بني بدله مسجد آخر أصلح لأهل البلد منه] اهـ.
وليس الأمر متوقفًا عند جواز تغيير مصرف الوقف فقط؛ بل نصُّوا على جواز تغيير شرطه أيضًا ما دام التغيير مُنصبًّا على مُراعاة المصلحة؛ يقول الشيخ ابن تيمية الحنبلي في "الفتاوى الكبرى" (5/ 429، ط. دار الكتب العلمية): [ويجوز تغيير شرط الواقف إلى ما هو أصلح منه وإن اختلف ذلك باختلاف الزمان] اهـ.
وقال العلامة الرحيباني الحنبلي في "مطالب أولي النهى" (4/ 376، ط. المكتب الإسلامي): [سئل الشيخ تقي الدين فيمن بنى مسجدًا لله، وأراد غيره أن يبني فوقه بيتًا وقفًا له، إما لينتفع بأجرته في المسجد، أو ليسكنه لإمامه، ويرون ذلك مصلحة للإمام أو للمسجد، فهل يجوز ذلك أم لا؟ فأجاب بأنَّه: إذا كان ذلك مصلحة للمسجد؛ بحيث يكون ذلك أعون على ما شرعه الله ورسوله فيه من الإمامة، والجماعة، وغير ذلك مما شرع في المساجد؛ فإنه ينبغي فعله كما نصَّ على ذلك ونحوه غير واحد من الأئمة] اهـ.

فيستفاد من تلك الأقوال والنصوص أنَّ استبدال جهةِ الوقف هو من الأمور المشروعة؛ تحقيقًا لمقصد الوقف وتحريًا لكمال نفعه، والسعيُ في جلب المصالح أمرٌ محمودٌ مثابٌ عليه مِن قِبَل الشرع.

الخلاصة

بناءً عليه وفي واقعة السؤال: فالأصل في هذه الأرض وقفيتُها للصلاة وملحقاتها؛ كما نص عليه واقفُها، وشرطُ الواقف كنصِّ الشارع؛ فتجب مراعاةُ هذا الشرط عند الكلام على جواز تغيير صفةِ الوقف، كما أنَّ تبريرَ هذا التَّغيير بخوف الاستيلاء على الأرض كلامٌ مرسَلٌ يمكن ادِّعاؤه في كلِّ وقف، فلا بد من مراعاةِ شرط الواقف واعتباره أوّلًا، ولا بد من اتخاذ الوسائل الكفيلة بمنع التَّعدِّي على أرض الوقف ثانيًا، فإذا رُوعيَ شرطُ الواقف أو ما في معناه، ولم تكن الإجراءات المعتادة لحماية الوقف كافيةً في الحفاظ عليه، وتأكَّدَ ذلك لناظِرِ الوقف المخوَّل شرعًا بالنظر في مصالحه -وهو هنا وزارة الأوقاف- فإنَّه يجوز لها حينئذٍ تغييرُ صفة الوقف بقدر ما تندفع به الحاجة، وهي تُقدَّر بقدرها.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم هدم مسجد بني في أرض مغتصبة؟ فقد طلبت وزارة التعمير- جهاز تنمية مدينة العاشر من رمضان - بكتابها أن دولة العلم والإيمان وهي تنشئ وتعمر تضع في مقدمة أعمالها تشييد دور العبادة لأداء الصلاة وإقامة شعائر الدين، لهذا وحين رخصت الدولة بإنشاء مدينة العاشر من رمضان على المساحة التي حددها قرار السيد رئيس الجمهورية رقم 249 سنة 1977م أُعِدَّ تخطيط للمدينة مع تحديد مواقع المساجد على نحو كافٍ، وتم فعلًا بناء أول مسجد، وتم افتتاحه للصلاة، إلا أن نفرًا ممن احترفوا التمسح بالدين اعتدوا على جزء من هذه الأراضي بوضع اليد عليها لأغراض شتى جاعلين الدين واجهة لإخفاء نواياهم الحقيقية؛ وذلك باستيلائهم على مساحة قدرها سبعة عشر ألفًا وخمسمائة متر مربع من أرض المدينة، وخصصا منها ما لا يجاوز تسعين مترًا مربعًا لإقامة مسجد -زاوية صغيرة- وأما بقية المساحة فلإقامة كازينو وكافيتريا بجوار هذا المسجد، فما حكم الشريعة الغراء في مدى مشروعية إقامة مسجد أو زاوية على أرض الغير -أرض المدينة- غصبًا؟


هل يجوز إزالة المساجد أو الزوايا التي تم بناؤها في مواضع خاطئة على خطوط السكك الحديدية بشكل يتعارض مع أمن وسلامة المواطنين أثناء مسير القطارات ويعرض حياتهم للخطر، والتي تتعارض مع أعمال مشروع تطوير مزلقانات السكة الحديدية، وذلك في حالة عدم القدرة على توفير قطعة أرض خالية تصلح لإنشاء مسجد بديل. وذلك مراعاةً للاحتياج الشديد والعاجل لهذا الأمر.


أنا مسلم ياباني في مدينة ميازاكي -جزيرة كيوشو اليابانية- ونحن كمسلمين هنا أسَّسنا رابطةً تسمى "رابطة مسلمي ميازاكي"، وعلى مدار ما يقرب من عشر سنوات نجمع الصدقات من بعضنا ومن الآخرين لبناء مسجد في مدينتنا، وأسمينا المشروع "مشروع مسجد ميازاكي".
وفي يوم 30 من يونيو عام 2009م كان شخص ما يعيش هنا ورحل إلى أحد البلاد العربية، ومن هناك أرسل تبرعًا قيمته مليون ين -ما يعادل 12.5 ألف دولار أمريكي- وقال: هذا للمسجد.
ومنذ أسبوعين تقريبًا أرسل نفسُ الشخص بريدًا يقول فيه إنه يريد استرجاع المبلغ؛ لأن شخصًا من عائلته يواجه مشكلة مالية.
وعلى هذا اجتمع المسلمون هنا للرد: هل نرد الصدقة أم لا؟ واحتكمنا لرأي الدين والشرع في هذا الموضوع. فهل له حق المطالبة بردِّ الصدقة؟ وهل علينا أن نردَّ له الصدقة أم لا؟ وهل نتحمَّل وزر إرجاع صدقة لأي شخص تبرع بها للمسجد؟ علمًا بأننا ما زلنا نجمع الصدقات والتبرعات لبناء المسجد.


ما حكم ضم مصلى في مستشفى لخدماتها مع وجود مصلى آخر قريب؛ فقد خصصت إدارة مستشفى جزءًا بالدور الأرضي مصلَّى للعاملين بها والزائرين، ونظرًا لزيادة حالات استقبال الحوادث من المرضى تم التفكير في ضمّ هذا المصلّى إلى قسم استقبال الحوادث . فما حكم ذلك؟ مع العلم أنه يوجد مصلى آخر يبعد عن هذا المُصَلَّى بخمسة أمتار، ويصلح للصلاة فيه، ويستوعب جميع المصلين.

 


ما حكم تحصيل أموال مقابل الدفن؟ فقد تقدم بعض المسلمين بمدينة الكاب الأفريقية بطلب إفادة عن الحكم الشرعي في مسألتين:
الأولى: وهي تحصيل رسم على دفن الموتى المسلمين من جماعة يقومون بإدارة مدافن المسلمين.
الثانية: حكم الإسلام على هؤلاء الناس.


ما حكم إصلاح الوقف من ريعه؟ فقد سُئِل في واقفٍ شَرَطَ في وقفه شروطًا؛ منها: أن الناظر على ذلك يبدأ من ريع الوقف بإصلاحه وما يلزم له مما فيه البقاء لعينه والدوام لمنفعته ولو صرف في ذلك جميع غلته، ثم جعل أخو الناظر على هذا الوقف مشرفًا عليه بدون ثبوت خيانة قِبَل الناظر، بل جعل مشرفًا بناءً على طلب بعض المستحقين، ثم إن جانبًا من البناء الموقوف تخرَّب وانهدم، والناظر أعاده مثل ما كان عليه زمن الواقف من ريع الوقف بأجر المثل، وقد ادَّعى المشرف الآن أمام المحكمة الأهلية عدم الإذن للناظر المذكور بذلك، وقال إنه أعاده لنفسه، وأنه لا يلزم الوقف بذلك، وحيث إن ما أعاده الناظر من البناء المنهدم هو لمنفعة الوقف، وأن تعمير الوقف من الأشياء التي يختص بها الناظر بدون إذن المشرف، فهل والحالة هذه يُقبَل قولُ المشرف أو لا يقبل، ويكون دعواه ذلك مع علمه بذلك غير معتبر شرعًا، ويكون ما صرفه الناظر في إعادة البناء المذكور إلى الحالة التي كان عليها زمن الواقف ساريًا على جميع المستحقين الذين من ضمنهم المشرف المذكور، أم كيف الحال؟ أفيدوا الجواب.