28 أكتوبر 2021 م

أصالة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف

أصالة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف

 عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ؟ قَالَ: «إِنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ الَّذِي وُلِدْتُ فِيهِ، وَأُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ» رواه الحاكم في "المستدرك"، وقال عَقِبَهُ: [صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ] اهـ.
ورواه مسلم في رواية طويلة عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ؟ قَالَ: «ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ -أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ -».
هذا الحديث أصل في الاحتفال والاهتمام بالمولد النبوي الشريف، حيث إنه صلى الله عليه وآله وسلم نص على أن يوم ولادته له مزية على بقية الأيام، وللمؤمن أن يطمع في تعظيم أجره بموافقته ليوم فيه بركة، وتفضيل العمل بمصادفته لأوقات الامتنان الإِلهي معلوم قطعا من الشريعة، ولذا يكون الاحتفال بذلك اليوم، وشكر الله على نعمته علينا بولادة النبي، ووجوده بين أظهرنا، وهدايتنا لشريعته، مما تقره الأصول.
ولقد كان الاحتفال هنا من قبل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم منصبًّا ومبنيًّا على أصغر وحدة بنائية في الزمن الكامل، وهو اليوم، فلم يصم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مرة في السنة، ولا مرة في الشهر، ولكن نفس اليوم، كل يوم اثنين، فلا يوجد أصغر من اليوم كوحدة زمانية، وبالتالي كان صيام ذلك اليوم مرات كثيرة جدا، الله أعلم متى بدأها سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام من عمره الشريف.
ورغم إفادة الحديث القطعية واليقين في عموم الاحتفال والاهتمام بهذه اليوم فلا تزال ثلة من خوارج العصر تصر على بطلان المعنى والمغزى المستفاد من الحديث.
حصلت مداولات وأخذ ورد كثير استغرق عشرات بل مئات السنين في الاحتفال بالمولد النبوي الشريعة، واستخرج المؤيدون أدلة من الكتاب والسنة والإجماع والقياس.
فمن الكتاب قوله تعالى: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ﴾ وهو يفيد سنية واستحباب تذكر الأيام العظيمة القدر لا في حياة المسلمين فقط وإنما في مسيرة أهل الأرض جميعا، ولا شك أن يوم مولد سيد الخلق هو من أحق الأيام وأولاها بالتذكر والاحتفال والاهتمام.
ومن السنة: الحديث الذي بين أيدينا وقد بينا وجه الاستدلال به هنا.
واحتج الشيخ ابن الجزري (الإمام في القراءات والمتوفى سنة 833هـ) بخبر أبي لهب الذي رواه البخاري وغيره عندما فرح بمولد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأعتق "ثويبة" جاريته لتبشيرها له، فخفف الله عقابه وهو في جهنم؛ فأشار إلى أنه إذا كان هذا الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزي -وهو في النار- بفرحه ليلة المولد؛ فما حال المسلم الموحد من أمته حين يُسرُّ بمولده، ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته.
وأما الإجماع: فهو استمرار العمل بالاحتفال بالمولد النبوي إلى يومنا هذا في جميع البلدان العربية والإسلامية على المستوى الرسمي والشعبي إلى يومنا هذا، وأجمع العلماء المحققون منذ بداية تعميم هذا الاحتفال على استحباب الاحتفال وأحقيته الدوام عليه والتعلق به، وألفت مئات بل آلاف الكتب في المولد النبوي الشريف، فكان ذلك محقق للإجماع بامتياز في جواز واستحباب هذا الأمر.
وأما القياس: فهناك مئات الحالات التي تدل على سنية الاحتفال بالأيام العظيمة في الإسلام، وخاصة مولد خير البشر وأفضلهم، وهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ومن ذلك الاحتفال بمولد السيد المسيح عليه السلام الذي يحتفل به العالم كله، فإذا كان العالم يحتفل بمولد سيدنا عيسى عليه السلام فمن باب أولى الاحتفال بمولد سيد الأنام سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.
فهل بعد الاستدلال بالأدلة الأربعة الإجمالية من أدلة الفقه المتفق عليها في المذاهب الفقهية الأربعة يمكن أن يعترض معترض أو ينتقد منتقد.
ولكن الخوارج في كل زمان ومكان يأبون أن ينالوا هذا الفضل، بل ويصدون الناس عنه، فما أشد خيبتهم وعماهم أن يحرموا من هذا النعيم المقيم، وبدلا من أي يفرحوا بدورة جديدة من دورات مولده صلى الله عليه وآله وسلم تفلسفوا وجحدوا ﴿وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾.
وصلِّ اللهم على سيد خلقك سيد الكونين سيدنا ومولانا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم.

عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرفوعًا أنه قال: "كُلُوا جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، فَإِنَّ الْبَرَكَةَ مَعَ الْجَمَاعَةِ" أخرجه الإمام ابن ماجه في "سننه". وعن وحشي بن حرب عن أبيه عن جده وحشي رضي الله عنه، أن أصحابَ النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلم قالوا: يا رسول الله إنا نأكل ولا نشبع، قال: «فَلَعَلَّكُمْ تَأْكُلُونَ مُتَفَرِّقِينَ؟»، قالوا: نعم، قال: «فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ، يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ» أخرجه الإمامان أبوداود وابن ماجه في "سننهما".


عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» متفق عليه. يعدُّ هذا الحديث قاعدةً من قواعد الإسلام؛ قال الإمام أبو داود السِّجسْتاني رحمه الله: [يدور -أي الإسلام- على أربعة أحاديث: ...، -منها- حديث: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»] اهـ.


عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْصِنِي، قَالَ: «لاَ تَغْضَبْ» فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: «لاَ تَغْضَبْ» رواه البخاري.


ثم قصد صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة فقال: «والصلاة نور»، فهي نور للعبد في قلبه، وفي وجهه، وفي قبره، وفي آخرته؛ فإنها تمنع من المعاصي وتنهى عن الفحشاء والمنكر وتهدي إلى الصواب، وهي عمود الإسلام، يقوم عليها بناؤه، فإذا لم يقم العمود انهار البناء؛ فهي نور للإنسان في جميع أحواله، وهذا يقتضي أن يحافظ عليها ويحرص حتى يَكْثُرَ نورُه وإيمانُه. ثم يبيِّن صلى الله عليه وسلم أن: «الصدقة برهان»، ومعنى ذلك كما يقول العلماء أن الصدقة تكون


قال عَبْدُ اللهِ بن مسعود، حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ إِلَيْهِ مَلَكًا بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، فَيُكْتَبُ عَمَلُهُ، وَأَجَلُهُ، وَرِزْقُهُ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ فَيَدْخُلُ الجَنَّةَ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، فَيَدْخُلُ النَّارَ» متفق عليه.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 24 أبريل 2025 م
الفجر
3 :45
الشروق
5 :18
الظهر
11 : 53
العصر
3:29
المغرب
6 : 28
العشاء
7 :51