22 مايو 2017 م

من أعلى درجات الإحسان مع الخَلق

من أعلى درجات الإحسان مع الخَلق

عن شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ قَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً فِيمَا أَخْبَرَ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ، يَقُولُ: جَعَلَتْ جَارِيَةٌ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ رضي الله عنه تَسْكَبُ عَلَيْهِ الْمَاءَ، فَتَهَيَّأَ لِلصَّلَاةِ، فَسَقَطَ الْإِبْرِيقُ مِنْ يَدِ الْجَارِيَةِ عَلَى وَجْهِهِ فَشَجَّهُ (أي: جرحه)، فَرَفَعَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ رَأْسَهُ إِلَيْهَا، فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ﴾ [آل عمران: 134]، فَقَالَ لَهَا: قَدْ كَظَمْتُ غَيْظِي، قَالَتْ: ﴿وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ﴾ [آل عمران: 134]، فَقَالَ لَهَا: قَدْ عَفَا اللهُ عَنْكِ، قَالَتْ: ﴿وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران: 134]، قَالَ: اذْهَبِي فَأَنْتِ حُرَّةٌ. "شعب الإيمان" للبيهقي (10/ 545).
يحمل هذا الأثر درجة عليا من درجات التعامل بالحكمة والموعظة الحسنة، فهذا الموقف والمشهد العظيم يحمل بين طيَّاته حالة من حالات الاستثارة التي تؤدي عادة لرد فعل من الغضب الجامح؛ فنرى جارية للإمام زين العابدين علي بن سيدنا الإمام الحسين رضي الله عنه، وقد سقط منها إبريقٌ كانت تقدمه لسيدها فتسبب ذلك في أذيته وجرحه، وكان هذا اختبارًا لمدى حلم وحكمة من أصابه الأذى، وهو الإمام زين العابدين علي بن الإمام الحسين عليهما السلام المشتهر بالصلاح والعبادة والولاية، وكانت الجارية على قدرٍ من الثبات جعلها تستحضر الآيات القرآنية التي وضعتها بين يدي الإمام علي بن الحسين؛ فوقعت من سيدنا علي بن الإمام الحسين موقعًا ووصلت إلى عقله وقلبه، فاستجاب لها وطبقها تطبيقًا حرفيًّا.
وإذا كان الغيظ هو أول ردٍّ طبيعي على ما حدث من الجارية فإنها أسرعت بتذكيره بقوله تعالى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ﴾، فاستجاب لها رضي الله عنه فكظم غيظه، ثم طمعت أكثر في فضله وحلمه فأكملت له الآية التي تحمل في طياتها درجة أعلى وأرقى، وهو قوله تعالى: ﴿وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ﴾، فما كان منه رضي الله عنه إلا أن استجاب لها فعفا عنها، ثم طمعت أكثر فأتت بآخر الآية التي فيها قوله تعالى: ﴿وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾، فما كان منه رضي الله عنه إلا الوصول إلا أعلى درجات العطاء والإحسان في التعامل مع الخلق؛ فأعتقها حرَّةً لوجه الله تعالى، وإن كان الأمر وطبيعة الموقف كان يستدعي السير في اتجاه عكسي من الغضب والتجهم والعقاب، بدلًا من الثواب، إلا أن الصالحين من عباد الله جديرون بأن تظهر منهم تلك التصرفات العالية من عدم الانتقام لأنفسهم وتقبل العذر من الخلق، بل ومقابلة الإساءة بالإحسان وتحويل المحنة إلى منحة بفضل من الله وتوفيق.
فاللهم ارض عن سادتنا وأصحاب الفضل علينا برحمة منك يا أرحم الراحمين.
 

جاء عن حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو رِفَاعَةَ: "انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، رَجُلٌ غَرِيبٌ، جَاءَ يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ، لَا يَدْرِي مَا دِينُهُ، قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَتَرَكَ خُطْبَتَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ، فَأُتِيَ بِكُرْسِيٍّ، حَسِبْتُ قَوَائِمَهُ حَدِيدًا، قَالَ: فَقَعَدَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَجَعَلَ يُعَلِّمُنِي مِمَّا عَلَّمَهُ اللهُ، ثُمَّ أَتَى خُطْبَتَهُ، فَأَتَمَّ آخِرَهَا". رواه مسلم. يحمل هذا الحديث رافدًا جديدًا من روافد التعامل مع المواقف وفق منهج الحكمة والموعظة الحسنة؛ فها هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقطع خطبته لأمرٍ من المؤكد أنه من الأمور الهامة، وإلا لما قطع خطبته.


قال تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى • سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى • وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى • الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى • ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى﴾ [الأعلى: 9-13]. في هذه الآيات الكريمات يوجه رب العزة سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بضرورة


قال تعالى في كتابه الكريم حكايةً عن سيدنا يوسف عليه السلام: ﴿وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ • قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي


جاء عن مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ لِي مَوْلَايَ عَبْدُ اللهِ بْن السَّائِبِ: "كُنْتُ فِيمَنْ بَنَى الْبَيْتَ، فَأَخَذْتُ حَجَرًا فَسَوَّيْتُهُ، فَوَضَعْتُهُ إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ، قَالَ: فَكُنْتُ أَعْبُدُهُ، فَإِنْ كَانَ لَيَكُونُ فِي الْبَيْتِ الشَّيْءُ أَبْعَثُ بِهِ إِلَيْهِ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمًا لَبَنٌ طَيِّبٌ فَبَعَثْتُ بِهِ إِلَيْهِ فَصَبُّوهُ عَلَيْهِ، وَإِنَّ قُرَيْشًا اخْتَلَفُوا فِي الْحَجَرِ حِينَ أَرَادُوا أَنْ يَضَعُوهُ حَتَّى كَادَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ بِالسُّيُوفِ، فَقَالَ: اجْعَلُوا بَيْنَكُمْ أَوَّلَ رَجُلٍ يَدْخُلُ مِنَ الْبَابِ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى


عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي لَأُحِبُّ هَذَا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «أَعْلَمْتَهُ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «أَعْلِمْهُ» قَالَ: فَلَحِقَهُ، فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللهِ، فَقَالَ: أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي لَهُ. رواه أبو داود.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 24 أبريل 2025 م
الفجر
3 :45
الشروق
5 :18
الظهر
11 : 53
العصر
3:29
المغرب
6 : 28
العشاء
7 :51