01 يناير 2017 م

سيدنا يوسف عليه السلام والفتيان اللذين دخلا معه السجن

سيدنا يوسف عليه السلام والفتيان اللذين دخلا معه السجن


قال تعالى في كتابه الكريم حكايةً عن سيدنا يوسف عليه السلام: ﴿وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ • قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ • وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ • يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ • مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [يوسف: 36 - 40].

في هذه الآيات الكريمات اللاتي تحكي قصة سيدنا يوسف مع هذين الفتيان اللذين دخلا معه السجن، وقبل أن يبدأ يوسف عليه السلام في تأويل رؤياهما، أخذ يمهد لذلك بأن يعرفهما بنفسه، وبعقيدته، ويدعوهما إلى عبادة الله وحده ويقيم لهما الأدلة على ذلك ... وهذا شأن المصلحين العقلاء المخلصين لعقيدتهم الغيورين على نشرها بين الناس، إنهم يسوقون لغيرهم من الكلام الحكيم ما يجعل هذا الغير يثق بهم، ويقبل عليهم، ويستجيب لهم.

وهذا ما كان من يوسف عليه السلام فقد بدأ في رده عليهما بقوله: ﴿لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا وإنما قال لهما ذلك ليبرهن على صدقه فيما يقول، فيستجيبا لدعوته لهما إلى وحدانية الله بعد ذلك.

وقوله: ﴿ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي نفي لما قد يتبادر إلى ذهنهما من أن علمه مأخوذ عن الكهانة أو التنجيم أو غير ذلك مما لا يقره الدين، وإنما هو صادر عن العلم الذي علمني إياه ربي وخالقي ومالك أمري.

ثم أضاف إلى ذلك قوله: ﴿إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ أي دين قوم ﴿لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ أي لا يدينون بالعبودية لله تعالى وحده الذي خلقهم ورزقهم، وإنما يدينون بالعبودية لآلهة أخرى لا تنفع ولا تضر، ﴿وَهُمْ بِالْآخِرَةِ وما فيها من ثواب وعقاب ﴿هُمْ كَافِرُونَ جاحدون لما يجب الإيمان به. وفي هذه الجملة الكريمة تعريض بما كان عليه العزيز وقومه، من إشراك وكفر، ولم يواجه الفتيان بأنهما على دين قومهما، وإنما ساق كلامه على سبيل العموم، لكي يزيد في استمالتهما إليه، وإقبالهما عليه.

وهذا شأن الدعاة العقلاء، يلتزمون في دعوتهم إلى الله الحكمة والموعظة الحسنة، بدون إحراج أو تنفير.

ولما كان تركه لملة هؤلاء القوم، يقتضي دخوله في ملة قوم آخرين، تراه يصرح بالملة التي اتبعها فيقول: ﴿وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ. وفي هذه الجملة الكريمة، بيان منه عليه السلام لرفيقيه في السجن، بأنه من سلسلة كريمة، كلها أنبياء، فحصل له بذلك الشرف الذي ليس بعده شرف.

وبعد أن عرف يوسف صاحبيه في السجن بنفسه وبملته وبآبائه شرع يقيم لهم الأدلة على العقيدة الصحيحة في الله عز وجل، وعلى فساد عقيدتهما فقال - كما حكى القرآن عنه: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ. وكرر نداءهما بالصحبة ليتحبب إليهما بهذه الصفة التي فيها إيناس للقلوب، وليسترعي انتباههما إلى ما يقوله لهما. ولا شك أن الجواب الذي لا يختلف فيه عاقلان، أن عبادة الله تعالى الواحد القهار، هي العبادة الصحيحة التي توافق الفطرة السليمة والعقول القويمة.

ثم انتقل يوسف عليه السلام إلى تفنيد العقائد الباطلة والأوهام الكاذبة فقال: ﴿مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ أي من دون الله تعالى المستحق للعبادة، ﴿إِلَّا أَسْماءً﴾ أي ألفاظًا فارغة لا قيمة لها. ﴿سَمَّيْتُمُوها﴾ آلهة بزعمكم ﴿أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ أما هي فليس لها من هذا الاسم المزعوم ظل من الحقيقة، لأنها مخلوقة وليست خالقة، ومرزوقة وليست رازقة، وزائلة وليست باقية، وما كان كذلك لا يستحق أن يكون إلهًا. وقوله: ﴿وَآبَاؤُكُمْ لقطع عذرهم، حتى لا يقولوا: إنا وجدنا آباءنا كذلك يفعلون، فكأنه تعالى يقول لهم: إن آباءكم كانوا أشد منكم جهلًا وضلالًا، فلا يصح لكم أن تقتدوا بهم. والمراد بالسلطان في قوله تعالى: ﴿ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ الحجة والبرهان.


وقوله: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ إبطال لجميع التصرفات المزعومة لآلهتهم. وقوله ﴿أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾ انتقال من الأدلة الدالة على وحدانيته سبحانه إلى الأمر بإخلاص العبادة له وحده.


ثم ختم سبحانه الآية الكريمة بقوله: ﴿ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ أي: ذلك الذي أمرناكم به من وجوب إخلاص العبادة لله تعالى وحده، هو الدين الحق المستقيم الثابت، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ذلك حق العلم، لاستيلاء الشهوات والمطامع على نفوسهم.

 

جاء عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كُنَّا فِي غَزَاةٍ - قَالَ سُفْيَانُ: مَرَّةً فِي جَيْشٍ - فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ، رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ، وَقَالَ المُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا بَالُ دَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ» فَسَمِعَ بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، فَقَالَ: فَعَلُوهَا، أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ


عن شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ قَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً فِيمَا أَخْبَرَ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ، يَقُولُ: جَعَلَتْ جَارِيَةٌ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ رضي الله عنه تَسْكَبُ عَلَيْهِ الْمَاءَ، فَتَهَيَّأَ لِلصَّلَاةِ، فَسَقَطَ الْإِبْرِيقُ مِنْ يَدِ الْجَارِيَةِ عَلَى وَجْهِهِ فَشَجَّهُ (أي: جرحه)، فَرَفَعَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ رَأْسَهُ إِلَيْهَا


عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ يُذَكِّرُ النَّاسَ فِي كُلِّ خَمِيسٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَوَدِدْتُ أَنَّكَ ذَكَّرْتَنَا كُلَّ يَوْمٍ؟ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْ ذَلِكَ أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُمِلَّكُمْ، وَإِنِّي أَتَخَوَّلُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ يَتَخَوَّلُنَا بِهَا، مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا " متفق عليه.


قال تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى • سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى • وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى • الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى • ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى﴾ [الأعلى: 9-13]. في هذه الآيات الكريمات يوجه رب العزة سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بضرورة


جاء عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الحَبَشَةِ يَلْعَبُونَ فِي المَسْجِدِ، حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّتِي أَسْأَمُ»، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الجَارِيَةِ الحَدِيثَةِ السِّنِّ، الحَرِيصَةِ عَلَى اللَّهْوِ (متفق عليه). وفي رواية قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فَسَمِعْنَا لَغَطًا وَصَوْتَ صِبْيَانٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا حَبَشِيَّةٌ تَزْفِنُ وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهَا، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ تَعَالَيْ فَانْظُرِي». فَجِئْتُ


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 24 أبريل 2025 م
الفجر
3 :45
الشروق
5 :18
الظهر
11 : 53
العصر
3:29
المغرب
6 : 28
العشاء
7 :51