01 يناير 2017 م

من آداب الصلاة

من آداب الصلاة


 عن مُعاوِيَة بن الحكم السُّلَمي - رضي الله عنه - قال: بَيْنَا أنَا أُصَلّي مَعَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، فَرَمَانِي القَوْمُ بِأبْصَارِهِمْ! فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمِّيَاهُ، مَا شَأنُكُمْ تَنْظُرُونَ إلَيَّ؟! فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بأيديهم عَلَى أفْخَاذِهِمْ! فَلَمَّا رَأيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لكِنّي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلّى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبِأبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأيْتُ مُعَلِّماً قَبْلَهُ وَلا بَعْدَهُ أحْسَنَ تَعْلِيماً مِنْهُ، فَوَاللهِ مَا كَهَرَني، وَلا ضَرَبَنِي، وَلا شَتَمَنِي. قَالَ: «إنَّ هذِهِ الصَّلاَةَ لا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلامِ النَّاسِ، إنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ، وَقِراءةُ القُرْآنِ» ، أَوْ كَمَا قَالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قلتُ: يَا رسول الله، إنّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، وَقَدْ جَاءَ اللهُ بِالإسْلاَمِ، وَإنَّ مِنّا رِجَالاً يَأتُونَ الْكُهّانَ؟ قَالَ: «فَلا تَأتِهِمْ» قُلْتُ: وَمِنّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ؟ قَالَ: «ذَاكَ شَيْء يَجِدُونَهُ في صُدُورِهِمْ فَلا يَصُدَّنَّهُمْ» (رواه مسلم).

في هذا الحديث نرى نموذجًا جديدًا من نماذج الدعوة والبيان بالحكمة والموعظة الحسنة يرسخه سيد الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيورد الحديث حالة رجل - هو معاوية بن الحكم السلمي - ارتكب خطأ في الصلاة يمكن أن يؤدي إلى بطلانها، وهو الكلام في الصلاة بما هو ليس من موضوع الصلاة وليس من خصوصيات الصلاة التي تعتمد على الوقوف بين يدي الله سبحانه تعالى، وذكره سبحانه بجميع أنواع الذكر، والتي على رأسها قراءة القرآن.

ولقد كان الاستنكار الشديد هو تصرف كل من حوله ممن شهد هذا الخلل والزلل، وجاء تصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم معه ملبيا أقصى درجات الحكمة والعليم بالرفق وحسن الموعظة، فبين له عليه أفضل الصلاة والسلام أن للصلاة حالة معينة وخصوصيات معينة، تجعلها عبادة محضة خالصة لله سبحانه وتعالى ليس فيها إلا ذكر الله واستحضار الخشوع بين يديه، فلا يصلح فيها الكلام الذي يدور بين الناس ويكون متعلقا بالعلاقات فيما بينهم، فالصلاة بالدرجة الأولى علاقة بين العبد وربه، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قَالَ اللهُ تَعَالَى: «قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ فَنِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي»".

ولم يوجه له رسول الله صلى الله عليه وسلم أي نوع من التشديد في الموعظة كالانتهار أو الضرب أو الشتم أو حتى اللوم -كما يفهم من سياق الحديث - .

وانظروا إلى حكمة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في توجيه مزيد في العلم والتعليم لمعاوية عندما يخبره بأنه حديث عهد بالإسلام، وأنهم كانوا في الجاهلية يرتكبون مخالفات تؤثر على التوكل على الله سبحانه وتعالى وإخلاص التوجه إليه، فيجيبه بعدم الالتفات إلى من يصد عن إخلاص التوجه إلى الله سواء كان شخصا أو كان هاجسا من هواجس النفوس.

ثم لننظر ولنتأمل في العلاقة بين هذه الإجابة وأصل الموضوع المتعلق بالصلاة، فكل منهما يعود إلى عدم الالتفات إلى غير الله سواء في العلاقة الخاصة بين العبد وربه المتمثلة في الصلاة، أو في العلاقة العامة المتمثلة في حسن التوكل على الله في كل أمر نقدم عليه، وترك هواجس النفس والشيطان.

أخرج البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا.. لاَ كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ، ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾». وقد ذكروا في سبب ورود هذا الحديث ما أخرجه الترمذي وصححه، والنسائي عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: ذَكَرُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ نَوْمَهُمْ عَنِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي اليَقَظَةِ، فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ صَلاَةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا».


عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي لَأُحِبُّ هَذَا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «أَعْلَمْتَهُ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «أَعْلِمْهُ» قَالَ: فَلَحِقَهُ، فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللهِ، فَقَالَ: أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي لَهُ. رواه أبو داود.


جاء عن حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو رِفَاعَةَ: "انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، رَجُلٌ غَرِيبٌ، جَاءَ يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ، لَا يَدْرِي مَا دِينُهُ، قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَتَرَكَ خُطْبَتَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ، فَأُتِيَ بِكُرْسِيٍّ، حَسِبْتُ قَوَائِمَهُ حَدِيدًا، قَالَ: فَقَعَدَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَجَعَلَ يُعَلِّمُنِي مِمَّا عَلَّمَهُ اللهُ، ثُمَّ أَتَى خُطْبَتَهُ، فَأَتَمَّ آخِرَهَا". رواه مسلم. يحمل هذا الحديث رافدًا جديدًا من روافد التعامل مع المواقف وفق منهج الحكمة والموعظة الحسنة؛ فها هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقطع خطبته لأمرٍ من المؤكد أنه من الأمور الهامة، وإلا لما قطع خطبته.


عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ السُّوَائِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ لَا يُطِيلُ الْمَوْعِظَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، إِنَّمَا هُنَّ كَلِمَاتٌ يَسِيرَاتٌ". إن القصد في الكلام من الأدب الإسلامي الرفيع، وسمة الشخصية المعتدلة التي يتخلق صاحبها بالخلق الإسلامي النبيل، فيبدو رزينًا في مجلسه هادئًا في تصرفاته يكسوه الوقار وتعلوه الهيبة، فلا ينطلق لسانه بالقول في كلِّ مجال، ولا يقحم نفسه في أحاديث الناس حتى لا يقع في الموبقات.


جاء عن ابن عباس أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانُوا تِجَارًا بِالشَّأْمِ، فَأَتَوْهُ - فَذَكَرَ الحَدِيثَ - قَالَ: ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُرِئَ، فَإِذَا فِيهِ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، السَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى، أَمَّا بَعْدُ» (متفق عليه). هنا أيضًا نموذج جديد من نماذج التعامل بالحكمة والموعظة الحسنة من هدي رسول الله صلى الله


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 24 أبريل 2025 م
الفجر
3 :45
الشروق
5 :18
الظهر
11 : 53
العصر
3:29
المغرب
6 : 28
العشاء
7 :51