الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، محمدٍ بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن وَالاه... وبعد:
فإنني عندما توليتُ مسئوليةَ دار الإفتاء المصرية كان قد صدر من هذا العمل الموسوعي جزآن، فتواصلتُ مع المؤلف الأستاذ الدكتور عماد أحمد هلال وشجعته على استكماله، فعمل بجدٍّ ونشاطٍ حتى انتهى من الجزء الثالث، وقدمتُ له، وبشَّرتُ بقرب صدور الجزأين الأخيرين: الرابع والخامس، ولكن خطة المؤلف تغيَّرت نتيجةً لغزارة المادة، والتشابك الكبير بين تاريخ دار الإفتاء وتاريخ مصر العام، وحِرص المؤلف على رسمِ صورةٍ كاملةٍ لمنظومة الفتوى المصرية وتطورها والترجمة لكل عناصرها؛ فاتسع الجزء الرابع ليصدر في جزأين-الرابع والخامس-غطى فيهما المؤلفُ تاريخَ الإفتاء المصري في الدواوين والوزارات المصرية، وكذلك في الأقاليم المصرية داخل مصر وخارجها في السودان والصومال وإريتريا وغيرها. كما اتسع الجزءُ الخامس-حسب الخطة القديمة-ليصدر هو الآخر في جزأين-السادس والسابع-غطى فيهما المؤلف تاريخ مؤسسة الفتوى في مصر منذ مطلع القرن الرابع عشر الهجري وحتى اليوم، فرصد في الجزء السادس-الذي بين أيدينا الآن، تاريخ منصب مفتي الديار المصرية وتطوره واختصاصاته، وكذلك تاريخ دار الإفتاء المصرية ومَقَرَّاتِها وهيكلها الإداري، وتاريخ منصب أمين الفتوى، ثم ترجم لكل من تولى منصب "مفتي الديار المصرية" بداية من الشيخ محمد محمد البناء، ثم الإمام العباسي المهدي، ثم الشيخ البناء مرة ثانية، ثم الإمام حسونة النواوي، واختتم هذا الجزء بدراسة ماتعة عن الشيخ محمد عبده هي بحق أول دراسة تاريخية أكاديمية عن الأستاذ الإمام.
أما الجزء السابع والأخير، فقد انتهى المؤلف منه، ولم يبق إلا التبييض والتنسيق، وندفع به إلى المطبعة قريبًا إن شاء الله تعالى. وقد ترجم المؤلف في ذلك الجزء الأخير لكل مَن تبوأ منصب الفتوى بالديار المصرية بداية من الشيخ عبد القادر الرافعي، ومن تلاه من المفتين حتى العبد الفقير. وقد اعتمد المؤلف-جزاه الله خيرًا-في هذين الجزأين-السادس والسابع-على كميةٍ كبيرةٍ من الوثائق والملفات المحفوظة في دار الوثائق القومية ودار المحفوظات العمومية، كما تواصل مع أبناء المفتين وأحفادهم، وحصل منهم على كثيرٍ من المعلومات والأوراق والصور التي جعلت هذا العمل مميزًا في بابه. نسأل الله أن يجعله في ميزان حسناته، وأن يجعل دار الإفتاء المصرية كما ورثناها ونُورِّثُها منارةَ عِلمٍ، وباقةَ نورٍ تضيءُ للناس الطريق إلى الله تعالى على بصيرة، مستمرة في ذلك على منهجها الأزهري الوسطي القويم، الذي لا يميل عن الحق ولا يُغالي فيه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
أ.د. شوقي إبراهيم علَّام
تصفح الكتاب