الجندية

الجندية

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَن لا نبي بعده، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه، وبعد:

فإن الجندية هي روحُ الأمة، وحصنُها الواقي لها من كيد الأعادي، ودرعُها المنيعُ ضدَّ تجهُّم المتربصين والجاهلين، وهي مهنةٌ شريفةٌ ذات مكانةٍ سامقةٍ وأجر جزيل في الدنيا والآخرة، وقد تكاثرت نصوصُ الوحي الشريف على إثبات هذه المعاني نصًّا وفحوى، ومنها ما رواه أبو هريرة  أن النبي قال: ((انْتَدَبَ الله -أي سارع بالثواب- لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا إِيمَانٌ بِي وَتَصْدِيقٌ بِرُسُلِي أَنْ أُرْجِعَهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ، أَوْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَلَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ الله ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ))[1].

ويحتلُّ جيش مصر المرتبة الأولى في الخيرية عقيدةً وقيادةً وجندًا عبر الأزمنة والقرون، ولا غرو؛ فَهُم خيرُ أجناد الأرض؛ لأنهم في رباطٍ إلى يوم القيامة، وهم وأهلوهم وصية رسول الله ، فلهم ذمةٌ ورحِمٌ وصهر.

وكلُّها معانٍ صحيحةٌ ثابتة عن النبي  تتابع على ذكرها وإثباتها أئمَّة المسلمين ومُحدِّثوهم ومُؤرِّخوهم سلفًا وخلفًا، ولا يقدحُ في صحَّتها وثبوتها ضعفُ بعض أسانيدها؛ فإن في أحاديثها الصحيحَ والحسنَ والضعيفَ المنجبر الذي احتجَّ به العلماء، وقد اتفق المؤرخون على إيراد هذه الأحاديث والاحتجاج بها في فضائلِ مصرَ
من غير نكير.

ولم يظهر على غزاة الإسلام وأهل الشرِّ الكائدين للمسلمين كالصليبيين والتتار والإسرائيليين سوى جيش مصر في تاريخ الأمة الممتدِّ عبر العصور، وبهذه النصرة دامت النصرة على أعداء الإسلام، وكانت به لا بغيره، مع كثرة ملوك وقادة وجيوش الأمة شرقًا وغربًا، ومن ثَمَّ تماسك رمق الإسلام بهذه الانتصارات التي سطرها الدهر ذكرًا في لوح الخلود، وبقيت بقية الدين، ولولا ذلك لانصدع شعب الأمة، وانهدم عمود الملة، والحمد لله ربِّ العالمين.

من أجل ذلك: نوصي بتعاهد هؤلاء الأبطال بالرعاية الشاملة والكاملة في التعليم والتدريب والصحة، وتزويدهم بالأسلحة الحديثة والمتطورة، كما ننصح أهل هذه المهنة من أصحاب الخبرة التراكمية والحائزين بطرف من العلوم التي تساعد هذا الشأن أن يتمسَّكوا بما أثبتت الأيامُ صحَّتَه وصِدْقَه، وأن ينقُلوا هذه الخبراتِ الثمينةَ إلى الأجيال حتى يتصلَ الرباط بسلسلته الطيبة.

وإسهامًا في هذا الجانب: فقد عُمِد إلى اختيار فتاوى من سجلات دار الإفتاء المصرية الزاخرة بفتاوى تمسُّ جوانبَ شتَّى لحياة الجند -قادةً وأفرادًا- وقضاياهم المختلفة؛ قصدًا إلى تقديمِ بيانٍ موجز شافٍ وتعريف كافٍ لما تتشوَّف إلى معرفته النفوسُ، أو استغلق على فهم العقول التي في الرؤوس، أو تحيرت القلوب فيما هو الحقُّ مما شوهه أهل الشر.

ولا يستطيع أحد أن يتجاهلَ أن حاجةَ الجندِ الدينيةَ ماسَّةٌ إلى مرجعٍ وافٍ يجيبُ عن سؤالاتهم التي تَعْرِض لهم في حياتهم اليومية، فضلًا عن أن يُشبعوا ظمأهم للقراءة النافعة التي تجلب إليهم التعرف بالإسلام علمًا وعملًا في مختلف المجالات بصورة وسطية معتدلة، لا تذهب بهم مذهب الشدَّة، أو تأخذ بهم إلى مزالق أهل الانحلال والتفريط. ويأتي هذا الكتاب في صورة سؤال وجواب ليسهل تناوله والرجوع إليه.

فدونكم أيها الجنود مرجعًا شرعيًّا ميسَّرًا، يحوي فتاوى دار الإفتاء المصرية في موضوعات مختلفة، أبدعه عقل إفتائي وسطي مميز، تمتد خبرته إلى قرن من الزمان.

واللهَ أسأل أن يكون هذه العمل للجُنْد نِعْمَ الرفيق في مسيرة حياتهم عِلْمًا وعملًا.

والحمد لله أولًا وآخرًا...

أ.د/ شوقي إبراهيم علَّام

 

[1] متفق عليه.

 

تصفح الكتاب

مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 24 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :56
الشروق
6 :27
الظهر
12 : 57
العصر
4:33
المغرب
7 : 27
العشاء
8 :48