حكم تقديم إيصال يفيد دفع الزكاة للضرائب لتخفيض قيمتها

تاريخ الفتوى: 23 يوليو 2025 م
رقم الفتوى: 8713
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الزكاة
حكم تقديم إيصال يفيد دفع الزكاة للضرائب لتخفيض قيمتها

ما حكم تقديم إيصال يفيد دفع الزكاة للضرائب لتخفيض قيمتها؟ فأنا أعيش في بلدٍ أجنبي، ويفرض عليَّ ضرائب وتسمح الجهة المختصة بتقديم إيصال دفع الزكاة وخصمه مِن الضرائب، فما حكم ذلك؟

تقديم إيصال الزكاة لجهة الضرائب لخصم نسبة ما دفع من الزكاة من الضرائب بتحديد من الجهات المختصة جائز شرعًا ولا حرج فيه، شريطة أن يتم الالتزام بما حددته الجهات المختصة وعدم وجود أي تغيير أو تزوير في الإيصال أو ما تم دفعه.

المحتويات

 

بيان الفرق بين الزكاة والضرائب

شرعت الزكاة تطهيرًا للمال وإغناءً لمستحقيها عن ذُلِّ السؤال؛ ولها مصارف محددة، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60].

وأما الضرائب فهي مقدارٌ محدَّدٌ من المال تفرضه الدولة في أموال المواطنين دون أن يقابل ذلك نفعٌ مخصوص، فتُفْرَض على المِلْك والعَمَل والدخْل نظير خدمات والتزامات تقوم بها الدولة لصالح المجموع، وهي تختلف باختلاف القوانين والأحوال. ينظر: "المعجم الوسيط" (1/ 537، ط. دار الدعوة)، و"تاج العروس" للزبيدي (3/ 249، ط. دار الهداية).

هل الزكاة هي الحق الوحيد في المال؟

الزكاة إنما تجب بشروط معينة، ولمصارف محددة لا تخرج عنها؛ والحق الواجب في المال لا يقتصر على الزكاة فقط، بل إن في المال حقًّا غير الزكاة؛ لقوله تعالى: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ [البقرة: 177].

قال العلامة الرازي في "مفاتيح الغيب" (5/ 216، ط. دار إحياء التراث العربي): [اختلفوا في المراد من هذا الإيتاء؛ فقال قوم: إنها الزكاة.

وهذا ضعيف؛ وذلك لأنه تعالى عطف الزكاة عليه بقوله: ﴿وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ﴾، ومن حق المعطوف والمعطوف عليه أن يتغايرا، فثبت أن المراد به غير الزكاة، ثم إنه لا يخلو إما أن يكون من التطوعات أو من الواجبات، لا جائز أن يكون من التطوعات؛ لأنه تعالى قال في آخر الآية: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾؛ وقف التقوى عليه، ولو كان ذلك ندبًا لما وقف التقوى عليه، فثبت أن هذا الإيتاء وإن كان غير الزكاة إلا أنه من الواجبات] اهـ.

الزكاة والضرائب: هل يغني أحدهما عن الآخر؟

الزكاة والضرائب متغايران لا يغني أحدهما عن الآخر؛ فالزكاة لها شروط محددة ومصارف معينة، والضرائب لها ضوابط محددة تحددها الجهة المختصة ويكون الالتزام بها واجبًا لمن وجبت عليه، للقاعدة الفقهية المقررة: "يتحمل الضرر الخاص لأجل دفع ضرر العام" -ينظر: "الأشباه والنظائر" لابن نجيم (ص: 74، ط. دار الكتب العلمية)-؛ وهو ما أفادته عبارات عامة الفقهاء.

قال العلامة ابن عابدين في حاشيته على "الدر المختار" (2/ 337، ط. دار الفكر): [وقال أبو جعفر البلخي: ما يَضْرِبُه السلطانُ على الرعية مصلحةً لهم يصير دَيْنًا واجبًا وحقًّا مُستحقًّا كالخراج، وقال مشايخنا: وكل ما يضربه الإمام عليهم لمصلحة لهم فالجواب هكذا، حتى أجرة الحرَّاسين لحفظ الطريق، واللصوص (أي: ما يُحتاج من نفقات لحفظ الطريق وأمنه وحراسته)، ونصب الدروب، وأبواب السكك، وهذا يُعْرَف ولا يُعْرَف خوف الفتنة، ثم قال: فعلى هذا ما يؤخذ في خوارزم من العامة لإصلاح مسناة الجيحون أو الربض ونحوه من مصالح العامة دَيْنٌ واجبٌ لا يجوز الامتناع عنه وليس بظلم، ولكن يعلم هذا الجواب للعمل به وكف اللسان عن السلطان وسعاته فيه لا للتشهير، حتى لا يتجاسروا في الزيادة على القدر المستحق] اهـ.

وقال الإمام الغزالي في "المستصفى" (ص: 177، ط. دار الكتب العلمية): [إذا خلت الأيدي من الأموال، ولم يكن من مال المصالح ما يفي بخراجات العسكر، ولو تفرق العسكر، واشتغلوا بالكسب لخيف دخول الكفار بلاد الإسلام، أو خيف ثوران الفتنة من أهل العَرامة (أي: أهل الفساد) في بلاد الإسلام، فيجوز للإمام أن يوظف على الأغنياء مقدار كفاية الجند] اهـ.

وقال الإمام الشاطبي في "الاعتصام" (2/ 619، ط. دار ابن عفان): [إنا إذا قرَّرنا إمامًا مطاعًا مفتقرًا إلى تكثير الجنود لسد الثغور وحماية الملك المتسع الأقطار، وخلا بيت المال وارتفعت حاجات الجند إلى ما لا يكفيهم، فللإمام -إذا كان عدلًا- أن يوظِّف على الأغنياء ما يراه كافيا لهم في الحال إلى أن يظهر مال بيت المال] اهـ.

حكم تقديم إيصال الزكاة لخصم نسبة من الضرائب المستحقة

إذا كانت الجهة الفارضة للضرائب قد حددت أن من يقدم إيصالًا بدفع الزكاة يخصم هذا المدفوع من نسبة الضرائب؛ فلا ما نع من ذلك ولا حرج فيه، شريطة أن يتم الالتزام بما حددته الجهات المختصة وعدم وجود أي تغيير أو تزوير في الإيصال أو ما تم دفعه. ولأنَّ أمر الضرائب وقيمتها إنما مرجعه إلى الجهات المختصة، فإذا ارتأت خصم ما يدفع للزكاة من الضرائب لتخفيف العبء حتى لا يزدوج عليه الأمر فالأمر مرجعه إليها وإلى ما تحدده، ولا حرج في ذلك شرعًا.

الخلاصة

بناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فتقديم إيصال الزكاة لجهة الضرائب لخصم نسبة ما دفع من الزكاة من الضرائب بتحديد من الجهات المختصة جائز شرعًا ولا حرج فيه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما مدى جواز اعتبار ما يُقَدَّم من تبرعات عينية ومادية لإرسالها إلى إخواننا في فلسطين من مصارف الزكاة؟


ما حكم الشرع في شراء معدات طبية تستخدم للمرضى في العناية الفائقة بشكل خدمي بدون مقابل، وذلك من أموال الزكاة؟


ما حكم إعطاء الزكاة لذوي الهمم؟ وهل يجوز صرف الزكاة إلى الطفل أو الشاب المعاق من ذوي الهمم أو أنهما يُعطَيان من الصدقة لا من الزكاة الواجبة؟


يقول السائل: نرجو منكم بيانًا حول حرمة السخرية من الآخرين، وخطورة ذلك اجتماعيًّا.


ما حكم توارد الشريكين على الربح بحيث يأخذ كل واحد منهما الربح سنة دون الآخر؟ حيث ورثتُ أنا وأخي مصنعًا من أبي، وقد اتفقنا على أنْ يتولى كلُّ واحد منَّا هذا المصنع سنة، على أنْ تكون أرباح هذا المصنع للقائم عليه (صاحب النوبة) في هذه السَّنَة، فهل هذا يجوز شرعًا؟


ما حكم تصدُّق الزوجة من مال زوجها دون إذنه؟ هناك امرأةٌ تُحبُّ التصدُّق على الفقراء والمساكين رجاءَ الأجر والثواب من الله تعالى، ولأنَّها لا تملك مالًا فإنها تتصدق من مال زوجها بغير إذنه ورضاه، ولا ترى في ذلك بأسًا، فهل لها أن تفعل ذلك شرعًا؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 31 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :18
الشروق
6 :51
الظهر
11 : 58
العصر
2:47
المغرب
5 : 5
العشاء
6 :28