حكم استمرار الورثة في دفع ثمن شقة بالتقسيط بعد وفاة صاحبها ومدى براءة ذمته بذلك

تاريخ الفتوى: 08 يوليو 2025 م
رقم الفتوى: 8706
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الميراث
حكم استمرار الورثة في دفع ثمن شقة بالتقسيط بعد وفاة صاحبها ومدى براءة ذمته بذلك

ما حكم استمرار الورثة في دفع ثمن شقة بالتقسيط بعد وفاة صاحبها ومدى براءة ذمته بذلك؟ فقد توفي رجلٌ، وترك لابنه (وارثه الوحيد) شقةً كان قد اشتراها قبل وفاته بالتقسيط، مع التنصيص في العقد على اعتبار العين المبيعة مرهونة إلى حين الانتهاء من سداد آخر قسطٍ من الأقساط المستحقة، وانتظم في دفع أقساطها إلى أن شُغِلَ بالمرض عن السَّدَاد مدَّةً، ثم توفاه الله، فما حكم تلك الأقساط؟ وهل تعد باقي الأقساط دَينًا حالًّا على الأب بمجرَّد وفاته وتدفع مِن التركة على الفورية والتعجيل قبل أجلها المحدد، أو ينتقل الدَّين بآجاله وأقساطه إلى ذمَّة ابنه وارث تركته ويكون عليه أن يلتزم بدفع باقي الأقساط في مواعيدها؟ وفي تلك الحالة هل تبرأ ذمة الوالد المتوفى؟

الأقساط التي تأخر المتوفى المذكور عن سدادها من ثمن الشقة في موعدها حال حياته تُعد من الدُّيون الحالَّة التي يجب سدادها من تركته بعد تجهيزه وتكفينه ودفنه وقبل تنفيذ وصاياه والقسمةِ الشرعية للتركة على ورثته، ما دام قد خلَّف تَرِكَةً تَفِي بسدادها، وأمَّا ما بقي من أقساط مؤجلة بموجب العقد لم يأت موعد سدادها قبل وفاته فلا تحِلُّ بمجرد الوفاة، بل تظَلُّ قائمة بآجالها تُسدد في مواعيدها المحددة لها مسبقًا ما دامت الشقة مرهونة إلى حين الانتهاء من سداد تلك الأقساط، ويلتزم الابنُ سدادَها باعتباره الوارث الوحيد للمشتري المتوفَّى والذي آلت إليه التركة بما تعلق بها من ديون، وبانتقال المطالبة للابن تبرأ ذمة الأب المتوفى من تَبِعَتِها في الآخرة.

المحتويات

 

اعتناء الشريعة الإسلامية بحقوق التمليك والتملك

اعتنت الشريعة الإسلامية بالحقوق الماليَّةِ اعتناءً بالغًا؛ لما للمال من أهميةٍ في قيام مختلف مناحي الحياة وشؤونها، وقضاء مصالح الإنسان، قال الله تعالى: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ [النساء: 5].

ومن تلك الحقوق: الحق في التمليك والتملك، سواء بطريق المعاوضة بالبيع والشراء، أو بطريق الإرث والإيصاء، أو غيرها، فـ"أسباب التملك ثمانية: المعاوضات، والميراث، والهبات، والوصايا، والوقف، والغنيمة، والإحياء، والصدقات"، كما قال الإمام الحافظ جلال الدين السُّيُوطِي في "الأشباه والنظائر" (ص: 442، ط. دار الكتب العلمية).

حكم البيع بالتقسيط

مِن المقرَّر شرعًا أن البيع بالتقسيط عقدٌ جائزٌ شرعًا، تترتب عليه آثاره، كالبيع الحالِّ سواء بسواء، فيثبت للبائع الحقُّ في الثمن المؤجل على أقساطٍ متفرقةٍ مُتَّفقٍ عليها بين العاقدين، وما يتبع ذلك من الحقِّ في المطالبة عند حلول الأجل، كما يثبت مِلك المبيع للمشتري بتمام العقد، وذلك عملًا بعمومِ قول الله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275]، فالآية دالَّةٌ على إباحة كلِّ ما يَصدُق عليه أنَّه بيع، ومنه البيع بالتَّقْسِيط، ولا يُستثنى مِن ذلك سوى ما استثناه الشرع. يُنظر: "الجامع لأحكام القرآن" للإمام شمس الدين القُرطُبِي (3/ 356، ط. دار الكتب المصرية).

وعن أم المؤمنين السيدة عَائِشَة رضي الله عنها «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ اشتَرَى طَعَامًا مِن يَهُودِيٍّ إِلَى أَجَلٍ» متفق عليه.

قال الإمام ابن حَزم في "مراتب الإجماع" (ص: 85، ط. دار الكتب العلمية): [واتفقوا أن الابْتِيَاعَ بدنانير أو دراهم حالَّة، أو في الذمة غير مقبوضة، أو بهما، إلى أجلٍ محدودٍ بالأيام أو بالأَهِلَّة أو الساعات أو الأعوام القمرية -جائزٌ] اهـ.

وقال في "المحلى" (7/ 214، ط. دار الفكر) في بيان أقسام البيع: [أما بيع الحاضر المرئي المقلب بمثله، أو بدنانير أو دراهم حاضرة مقبوضة أو إلى أجل مسمًّى، أو حالة في الذمة: فمتفق على جوازه] اهـ.

والأثمان المؤجلة في بيوع التَّقْسِيط تُعَدُّ من جُملَة الديون المُؤَجَّلَة الواجبة السَّداد في مواعيدها المُحَدَّدَة، إذ يندرج ذلك تحت مفهوم الأجل المُسَمَّى في عموم قول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾ [البقرة: 282]. يُنْظَر: "جامع البيان" للإمام ابن جَرِير الطَّبَرِي (6/ 43، ط. مؤسسة الرسالة)، و"عمدة القاري" للإمام بدر الدين العَينِي (12/ 225، ط. دار إحياء التراث العربي).

حكم الأقساط التي شُغِل المتوفى عند سدادها في مواعيدها

لمَّا كان المُشْتَرِي -في صورة السؤال- مُنْتَظِمًا في دفع الأقساط إلى أن شغله المرض مدَّة من الزمن قبيل الوفاة عن السداد في المواعيد المُحَدَّدَة، فإنه لا يخلو حال الأقساط بعد وفاته من أحد أمرين:

الأمر الأول: أن يكون قد تأخر عن سدادها في موعدها حال حياته انشغالًا بالمرض ونحوه، وحينئذ فالمقرَّر شرعًا في تلك الأقساط المتأخرة أنه يجب سدادها من تركته بعد تجهيزه وتكفينه ودفنه وقبل تنفيذ وصاياه والقسمةِ الشرعية لباقي التركة على ورثته، ما دام قد خلَّف تَرِكَةً تَفِي بتلك الدُّيون؛ لأنها متعلقةٌ بذمةِ المتوفى، والأصل أن هذا التعلُّق ينتهي أمدُه بالوفاة، فوجب إخراج ذلك الدَّين من تركته ودفعه للدائن؛ إبراءً لذمة المتوفى. ينظر: "الاختيار لتعليل المختار" للإمام مجد الدين بن مَودُودٍ المَوصِلِي الحنفي (5/ 85، ط. مطبعة الحلبي)، و"مِنَح الجليل" للشيخ عِلِيش المالكي (9/ 597، ط. دار الفكر)، و"مُغني المحتاج" للإمام الخطيب الشِّربِينِي الشافعي (4/ 7، ط. دار الكتب العلمية)، و"مطالب أولي النهى" للإمام الرُّحَيبَانِي الحنبلي (4/ 543، ط. المكتب الإسلامي).

الأمر الثاني: أن يكون للأقساط آجالٌ مضروبةٌ معلومةٌ، قد تراضى عليها البائع والمشتري، بحيث تُدفع عند حلولها بالتتابع قسطًا بعد قسطٍ إلى تمام الوفاء، وتوفي المشتري قبل انتهاء تلك الآجال المضروبة للسداد مع كون العين المبيعة مرهونة بسداد كامل الأقساط، فإنَّ ذلك الدَّين لا يَحِلُّ بوفاة المَدِين (المشتري)، بل يَظَلُّ قائمًا بآجاله في تركة المتوفى يُسدد في الآجال المضروبة له، بحيث لا يكون للبائع حينئذ مطالبة ورثة المُشتري بسداد باقي الأقساط على وجه الاستعجال فور وفاة المُشتري، بل تبقى الديون مؤجلة يتم سدادها في آجالها -المتفق عليها بين العاقدين- على وجه الاستمهال، وذلك وفقًا لما قرَّره فقهاء الحنابلة، وهو المختار للفتوى؛ لأن الدين موثَّقٌ برهن الشقة للبائع إلى حين الوفاء بكامل الأقساط، ولأنَّ الأجل حقٌّ للميت يُورث عنه مثل سائر الحقوق، ولأن الموت ما جُعل مُبطلًا للحقوق، وإنما هو ميقات للخلافة، وعلامة على الوراثة.

قال الإمام برهان الدين بن مُفلِح في "المبدع" (4/ 299-300، ط. دار الكتب العلمية): [(ومَن مات وعليه دَين مؤجَّل، لم يَحِلَّ) هذا هو المختار لعامة الأصحاب (إذا وثَّق الورثةُ) بأقل الأمرين من قيمة التركة أو الدَّين بكفيلٍ مليء، أو رهنٍ؛ لأنَّ الأجل حقٌّ للميت، فوُرث عنه كسائر حقوقه] اهـ.

والقول بعدم حلول الدين المؤجل بالوفاة -ما لم يتم تصفية التركة- هو ما جرى عليه القانون المدني المصري، باعتبار أنَّ الأجل حقٌّ للمدين، ولا يفوت بموته؛ لوجود من يقوم به عنه، إمَّا من تركته، وإما بضمانٍ أو كفالةٍ أو غير ذلك، فقد ذكرت المادة (273) منه أنَّ أسباب سقوط حق المدين في الأجل ثلاثةٌ، ولم تجعل الموت سببًا منها، كما ورد في المذكرة الإيضاحية (ضمن مجموعة الأعمال التحضيرية ج3 ص24 في الهامش) ما نصه: [والأصل أن ينقضي الأجل بالحلولِ أو السقوط أو التنازل، على أن لانقضاء الأجل أسبابًا أخرى تَعْرِض في أحوال خاصة، كانقضاء الأجل بالموت في حالة تصفية التركة] اهـ.

وقال العَلَّامةُ عبد الرزاق السَّنهُورِي في "الوسيط في القانون" (3/ 122، ط. دار إحياء التراث العربي): [الأصل أن الدَّين لا يحل بموت المدين، بل يبقى الدَّين مؤجلًا في التركة] اهـ.

علمًا بأن هذا الدَّين إنَّمَا يتعلق بعد وفاة المَدِينِ بعين ماله، أي بتركته التي خَلَّفَها لورثته مُحَمَّلةً بهذا الدَّين.

قال الإمام ابن قُدَامَة في "المغني" (4/ 327، ط. مكتبة القاهرة) مبينًا موضِع الدَّين بعد وفاة المَدِين: [يتعلق بعين ماله] اهـ.

وقال العلامة العَدَوِي في "حاشيته على كفاية الطالب الرباني" (2/ 365، ط. دار الفكر) مُبَيِّنًا محل الدَّين بعد وفاة المدين: [الدَّين كان متعلقًا بالذمة، وبالموت قد خربت، ولم يبق للغريم ما يتعلق به، فوجب... أن ينتقل من الذمة إلى التركة؛ لأنه لا يتعلق بغيرهما، فإذا ذهبت إحداهما فلم يبق غير الأخرى] اهـ.

وعلى هذا جرت أحكام محكمة النَّقض المصرية، فجاء في (الطعن المُقَيَّد برقم 154 لسنة 67 قضائية "أحوال شخصية" - جلسة: 30 /3/ 1998م) ما نصُّه: [لما كانت شخصية الوارث مستقلة عن شخصية المورث، والتركة منفصلة عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة، فإن ديون المُوَرِّثِ تتعلق بتركته، ولا تنشغل بها ذمة ورثته، ومن ثم فلا تنتقل التزامات المُوَرِّثِ إلى ذِمَّةِ الوَارِثِ لمجرد كونه وارثًا إلا في حدود ما آل إليه من أموال التركة] اهـ.

حكم انتقال المطالبة بما بقي من أقساط الثمن إلى الورثة، وبراءة ذمة المتوفى من الديون

لما كان باقي أقساط ثمن الشقة -محل السؤال- متعلقًا بالتركة، ولم يكن للمشتري المتوفى وارث غير ابنه، كانت المطالبة بما بقي مستحقًّا من أقساط الثمن متوجهةً إليه دون أن يسقط أجل تلك الأقساط.

وانتقال المُطالبة بالدَّين المتمثل في باقي ثمن الشقة المقسَّط بآجاله ومواعيد سداده من المتوفى إلى ابنه الوحيد تبرأ به ذمة المتوفى كما نصَّ عليه جماعة من الفقهاء؛ لأنه في معنى الحوالة، وهو موافقٌ لما فعله سيدنا أبو قتادة رضي الله عنه في تحمُّل الدَّين عن المدين حتى رضي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يصلي عليه، فعن سلمة بن الأكوَع رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيهَا، فَقَالَ: «هَل عَلَيهِ مِن دَينٍ؟» قَالُوا: لَا، فَصَلَّى عَلَيهِ، ثُمَّ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ أُخرَى، فَقَالَ: «هَل عَلَيهِ مِن دَينٍ؟» قَالُوا: نَعَم، قَالَ: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُم»، قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: عَلَيَّ دَينُهُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَصَلَّى عَلَيهِ. أخرجه الإمام البخاري.

كما أنَّ المدين الذي مات ولم يكن قد فرَّط في أداء دَينه، بل كان منتظمًا في أداء الأقساط في مواعيدها المتفق عليها بحسب وُسعِهِ -مخصوصٌ ببشرى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالبراءة من تبعةِ دَينه في الآخرة، وذلك بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَن أَخَذَ أَموَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللهُ عَنهُ، وَمَن أَخَذَ يُرِيدُ إِتلَافَهَا أَتلَفَهُ اللهُ» أخرجه الإمام البخاري.

وعن أبي أُمَامَة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَن تَدَايَنَ بِدَينٍ وَفِي نَفسِهِ وَفَاؤُهُ، ثُمَّ مَاتَ، تَجَاوَزَ اللهُ عَنهُ، وَأَرضَى غَرِيمَهُ بِمَا شَاءَ، وَمَن تَدَايَنَ بِدَينٍ وَلَيسَ فِي نَفسِهِ وَفَاؤُهُ، ثُمَّ مَاتَ، اقتَصَّ اللهُ لِغَرِيمِهِ عَنهُ يَومَ القِيَامَةِ» أخرجه الإمامان: الطبراني في "المعجم الكبير"، والحاكم في "المستدرك".

قال الإمام النَّوَوِي في "المجموع" (5/ 123-124، ط. دار الفكر): [قال الشيخ أبو حامد: إن كان للميِّت دراهم أو دنانير قُضي الدَّين منها، وإن كان عقارًا أو غيره مما يُباع سأل غرماءه أن يحتالوا عليه ليصير الدَّين في ذمَّة وليِّه، وتبرأ ذمَّة الميت. هذا لفظ الشيخ أبي حامد، ونحوه في "المجموع"، و"التجريد" للمَحَامِلِي، و"العدة" للطَّبَرِي، وغيرها مِن كُتب أصحابنا... والأصحاب رأوا هذه الحوالة جائزةً مبرِّئَةً للميِّت في الحال؛ للحاجة والمصلحة، والله أعلم] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فالأقساط التي تأخر المتوفى المذكور عن سدادها من ثمن الشقة في موعدها حال حياته تُعد من الدُّيون الحالَّة التي يجب سدادها من تركته بعد تجهيزه وتكفينه ودفنه وقبل تنفيذ وصاياه والقسمةِ الشرعية للتركة على ورثته، ما دام قد خلَّف تَرِكَةً تَفِي بسدادها، وأمَّا ما بقي من أقساط مؤجلة بموجب العقد لم يأت موعد سدادها قبل وفاته فلا تحِلُّ بمجرد الوفاة، بل تظَلُّ قائمة بآجالها تُسدد في مواعيدها المحددة لها مسبقًا ما دامت الشقة مرهونة إلى حين الانتهاء من سداد تلك الأقساط، ويلتزم الابنُ سدادَها باعتباره الوارث الوحيد للمشتري المتوفَّى والذي آلت إليه التركة بما تعلق بها من ديون، وبانتقال المطالبة للابن تبرأ ذمة الأب المتوفى من تَبِعَتِها في الآخرة.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

توفيت امرأة عن: ابنين وبنتين، وأولاد ابنها المتوفى قبلها: ابنين وثلاث بنات، وأولاد بنتها المتوفاة قبلها: ابن وبنتين. ولم تترك المتوفاة المذكورة أي وارث آخر، ولا فرع يستحق وصية واجبة غير من ذكروا. وقد قامت المتوفاة المذكورة بالتنازل عن نصيبها في تركة ابنها المتوفى قبلها لأولاده. فهل يخصم هذا التنازل من نصيب أولاد ابنها المتوفى قبلها في الوصية الواجبة أم لا؟ وما نصيب كل وارث ومستحق؟


سائل يقول: توفي شخص وكان قد ترك إقرارًا منه حال حياته بشأن صرف مستحقاته المالية من صندوق الرعاية الاجتماعية والصحية، ويتضمن استحقاق نجله بنسبة 50%، وزوجته بنسبة 50%، وكان قد طلّق زوجته قبل وفاته بمدة؛ فهل تستحق المطلقة النسبة المُقرَّرة لها بعد زوال صفتها أو تُعتبر تركة، وفي حالة اعتبارها تركة، فهل يستحق ابن المتوفى حصته باعتباره وارثًا فيها؟


ما كيفية رد الدين إذا كان ذهبا؟ لأن زوجتي لها عند والدها ووالدتها ذهبًا منذ عدة سنوات، وقد وعد الأب والأم بردّه أكثر من مرة ولم يَرُدَّاه حتى الآن. ما حكم الشرع في ذلك؟


ثار جدلٌ كبيرٌ حول ضريبةِ التَّرِكات، ونريد أن نعرف الحكم الشرعي بالنسبة لضريبة التَّرِكات ورسم الأيلولة؟


أولًا: أما عن بيع الوالد المنزل والمحلات التجارية بيعًا صوريًّا للوالدة بالصورة المذكورة في السؤال فهو بيعٌ نافذٌ قضاءً وشرعًا، وعليه فليس للوالد تركة تقسم على ورثته الشرعيين.
وبوفاة الأخ المتوفى أولًا عن المذكورين فقط يكون لأمه السدس فرضًا؛ لوجود الفرع الوارث، ولزوجته الثمن فرضًا؛ لوجود الفرع الوارث، والباقي للابن والبنت تعصيبًا للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لعدم وجود صاحب فرض آخر.
وبوفاة الأخ المتوفى ثانيًا عن المذكورين فقط يكون للأم السدس فرضًا؛ لوجود الفرع الوارث، وللزوجة الثمن فرضًا؛ لوجود الفرع الوارث، والباقي لأولاده تعصيبًا للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لعدم وجود صاحب فرض آخر.
وبوفاة الأخ المتوفى ثالثًا عن المذكورين فقط يكون لأمه السدس فرضًا؛ لوجود عدد من الإخوة، والباقي للإخوة الأشقاء تعصيبًا للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لعدم وجود صاحب فرض آخر أو عاصب أقرب، ولا شيء لأولاد الإخوة؛ لحجبهم بالإخوة الأقرب منهم درجة بالنسبة للذكور، ولا شيء لبنات الإخوة؛ لكونهن من ذوي الأرحام المؤخرين في الميراث عن أصحاب الفروض والعصبات.
وبوفاة الأم سنة 2003م بعد أول أغسطس 1946م تاريخ العمل بقانون الوصية رقم 71 لسنة 1946م عن المذكورين فقط يكون في ترِكتها لأولاد ابنيها المتوفيين قبلها وصية واجبة بمقدار ما كان يستحقه أصل كل منهم ميراثًا لو كانا على قيد الحياة وقت وفاة أمهما في حدود ثلث التركة، على أن يأخذ كل فرع نصيب أصله.
فبقسمة تركة هذه المتوفاة إلى ثلاثة عشر سهمًا: يكون لأولاد الابنين المتوفيين قبل أمهما أربعة أسهم يأخذ كل فرع نصيب أصله، فيكون لأولاد ابنها المتوفى ثانيًا سهمان يقسمان بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، ولابن وبنت ابنها المتوفى أولًا سهمان يقسمان بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، والباقي بعد إخراج الوصية وهو تسعة أسهم هو التركة التي تقسم على الورثة الأحياء للذكر مثل حظ الأنثيين، فيكون لكل ابن سهمان ولكل بنت سهم واحد.
هذا إذا كان الحال كما ورد بالسؤال، وليس هناك وارث آخر بفرض ولا تعصيب ولا فرع يستحق وصية واجبة غير من ذكروا، ولم تكن المرأة المتوفاة قد أوصت لأولاد ابنيها بمثل نصيب والديهما أو أعطتهم شيئًا بغير عوض عن طريق تصرف آخر.
ثانيًا: أما عن قيام الوالد بإيجار محل لأحد أولاده أثناء حياته دون أن يتقاضى منه أية مبالغ على ذلك، فالإنسان ما دام على قيد الحياة ويحسن التصرف في أمواله ولم يكن محجورًا عليه بفلس أو سفه فمن حقه أن يتصرف في ماله كيف يشاء وحسبما يريد من بيع أو شراء أو هبة أو إيجار أو غير ذلك من أوجه التصرف المشروعة، ولا حرج عليه شرعًا في مثل هذا التصرف، وليس لأحد الورثة أو غيرهم الاعتراض على ما فعله صاحب المال في حياته؛ فلعله نظر إلى مصلحة راجحة عنده في هذا الأمر. والله من وراء القصد.
وبالنسبة لقيام الوالدة بإيجار محل لأحد الأبناء فإن كان المحل المشار إليه ضمن ممتلكات الأم سواء تملكته بمالها الخاص أو عن طريق هبة من زوجها أو عن طريق ميراث أو خلافه من أوجه التملك المشروعة فما قيل في إيجار المحل للابن المتوفى ثانيًا يقال هنا.
وإذا لم يكن المحل ضمن ممتلكات الوالدة تكون الإجارة باطلة؛ لأنه تصرف في مال الغير بغير حق، وقد نهى الله تعالى عن ذلك في قرآنه ونهى سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن مثل هذا التصرف، وليس على الوالدين إثم في ذلك إن شاء الله تعالى، والله غفور رحيم، وسعت رحمته كل شيء.
ثالثًا: أما عن وضع الإيجار المحصل من البيت والمحل فإنه حق لكل الورثة يجب على من يقوم بتحصيله أن يوزعه على الورثة الشرعيين كل بحصته كما سبق تفصيله، وليحذر من أكل أموال الناس بالباطل؛ لقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسِهِ» رواه الدارقطني في "سننه"، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهُمٌ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذْ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فُطُرِحَتْ عَلَيْهِ» رواه البخاري.
رابعًا: أما عن وضع إدارة المحل... إلخ فإنه يجب أن يُعْطَى الأخ الذي قام بإدارة المحل على مدار هذه الفترة أجرة إدارته للمحل المعبر عنها في الفقه الإسلامي بـ"أجرة المثل"، وأن تقدروها فيما بينكم، وإلا فالمرجعية في تحديدها لأهل الخبرة في هذا المجال، والباقي بعد مصروفات المحل وأجرة إدارة المحل من الربح يكون لكل الورثة كل حسب حصته كما أوضحناه فيما سلف.
أما عن المنزل الذي قام الأخ الصغير ببنائه أثناء إدارته المحل فإنه ينظر فيه: إن كان البناء من مال المحل فهو حق لكل الورثة، وإن كان من ماله الخاص حسب ادعائه فليثبت ذلك بالطرق المشروعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» رواه الدارقطني وغيره. هذا إذا كان الحال كما ورد بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.


توفي رجل وزوجته ونجلهما جميعًا في حادث، ولم يُعلَم أيهم مات أولًا، وترك الرجل وزوجتُه بنتَيهما، وكذلك ترك الرجل أخوَين وثلاث أخوات أشقَّاء وأختًا لأب، وتركت الزوجة أمًّا وأبًا. فمن يرث؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 04 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :38
الشروق
6 :16
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 46
العشاء
9 :12