ما حكم صيام يوم عاشوراء؟ وهل يجوز لي أن أصومه دون صيام يوم التاسِع والحادي عشر؟
صيام يوم عاشوراء أمر مُستَحبٌّ شرعًا، والأكمل للسائل المذكور أن يجمع فيه بين صيام الأيام الثلاثة: التاسِع، والعاشر، والحادي عشر من شهر الله المُحرَّم، فإن أفرد يوم العاشر بالصيام لعذر أو لغير عذر فذلك جائز شرعًا من غير كراهة، ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج.
المحتويات
من مظاهر رحمة الله تعالى بعباده أن مَنَّ عليهم ببعض الأيام الفاضلة التي تتجلى فيها النَّفحات، وتُضاعَف فيها الحسنات، وتُرفع فيها الدرجات، وتُمحى فيها الخطايا والسيئات، ولقد حث الله تعالى على اغتنام مثل هذه الأوقات المباركات بالتَّشمير عن ساعد الجِدِّ، والاستمساك بسُنن الهدى، وصدق النية في السعي إلى مرضاة الله عز وجل، فعن محمد بن مَسلَمَة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ لِرَبِّكُم عَزَّ وَجَلَّ فِي أَيَّامِ دَهرِكُم نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُم أَن تُصِيبَهُ مِنهَا نَفحَةٌ لَا يَشقَى بَعدَهَا أبَدًا» أخرجه الإمام الطبراني في "المعجم الأوسط".
من جملة الأيام الفاضلة التي شهدت الأخبار بشرفها وفضلها، وجزالة الثَّواب في صيامها: "يوم عاشوراء" أي يوم العاشر من شهر الله المُحرَّم، كما في "بداية الهداية" لحجة الإسلام أبي حامد الغزالي (ص: 50، ط. مكتبة مدبولي).
فعن أبي قَتَادَة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صِيَامُ يَومِ عَاشُورَاءَ، أَحتَسِبُ عَلَى اللهِ أَن يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبلَهُ» أخرجه الإمام مسلم.
والتعرُّض ليوم عاشوراء بالصيام يُعدُّ اتباعًا واقتداءً وإحياءً لسُنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، إذ إنه صلى الله عليه وآله وسلم صام هذا اليوم، وأمر الناس بصيامه، فكان بذلك أمرًا مستحبًّا شرعًا.
فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قَدِمَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينةَ، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: «مَا هَذَا؟»، قالوا: هذا يومٌ صالح، هذا يومٌ نجَّى اللهُ بَنِي إسرائيل من عدُوِّهم، فصامه موسى، قال: «فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنكُم»، فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. متفق عليه.
وقد انعقد الإجماع على ذلك، كما في "شرح صحيح مسلم" للإمام النَّوَوِي (8/ 5، ط. دار إحياء التراث العربي).
الشأن في صيام عاشوراء أنه يقع على مراتب متفاوتة، أتمُّها وأكملُها أن يكون مُقترنًا بصيام يومٍ قبله ويومٍ بعده، فيصوم يومي التاسِع والحادي عشر من شهر الله المُحرَّمِ إضافة إلى يوم العاشر الذي هو عاشوراء؛ وذلك للأخبار الواردة الدالة على حث النبي صلى الله عليه وآله وسلم وترغيبه في الجمع بين صوم الأيام الثلاثة.
فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال في صوم يوم عاشوراء: «صُومُوهُ، وَخَالِفُوا فِيهِ اليَهُودَ، وَصُومُوا قَبلَهُ يَومًا، وَبَعدَهُ يَومًا» أخرجه الإمامان: البَزَّار، والبَيهَقِي في "شعب الإيمان".
قال الإمام المُنَاوِي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (2/ 96، ط. مكتبة الإمام الشافعي) في تعليقه على الحديث: [قال جَمعٌ: صيام عاشوراء على ثلاث مراتب: أدناها أن يُصام وحده، وفَوقه أن يُصام معه التاسِع، وفَوقه أن يُصام معه التاسِع والحادي عشر، فهذا الحديث بالنسبة للأكمل] اهـ.
فإن أراد المسلم أن يُفردَ يوم عاشوراء بالصيام دون صيام يوم التَّاسِع والحادي عشر أو أحدهما مع العاشر فذلك جائز شرعًا من غير كراهة، سواء كان ذلك بعُذر أو بغير عُذر.
قال الإمام الشَّروَانِي في "حاشيته على تحفة المحتاج" (3/ 455، ط. المكتبة التجارية الكبرى) في بيان صوم يوم عاشوراء: [ولا بأس بإفراده] اهـ.
وقال الإمام المَردَاوِي في "الإنصاف" (3/ 346، ط. دار إحياء التراث العربي) مُبَيِّنًا حكم إفراد عاشوراء بالصيام: [لا يكره إفرادُ العاشِرِ بالصيام على الصحيح من المذهب] اهـ.
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ صيام عاشوراء أمر مُستَحبٌّ شرعًا، والأكمل للسائل المذكور أن يجمع فيه بين صيام الأيام الثلاثة: التاسِع، والعاشر، والحادي عشر من شهر الله المُحرَّم، فإن أفرد يوم العاشر بالصيام لعذر أو لغير عذر فذلك جائز شرعًا من غير كراهة، ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما أثر سماع الفحش من القول على أجر الصوم؟
ما حكم من أفطر لعذر المرض؟ وما الواجب عليه القضاء أم الفدية؟ فأنا مريض بالكلى والبروستاتا ودائمًا تحت العلاج، وهذا المرض طرأ عليَّ هذا العام وقبل شهر رمضان، مما اضطرني إلى الإفطار في رمضان. فما الذي يجب عليَّ فعله؟
ما حكم مَن أكل أو شرب ناسيًا في صيام النفل؟
ما هي حدود الأكل والشرب للصائم إذا كان ناسيًا وهو صائم؟ ومتى يصبح مفطرًا بذلك؟
ما حكم إفطار الطلاب في أيام الامتحانات عند عدم استطاعة الصيام؟ فإنه يهل علينا شهر رمضان المبارك مع موسم امتحانات، ومع ارتفاع درجة الحرارة فإن بعض الطلاب يؤثر عليهم الامتناع عن الطعام تأثيرًا سلبيًّا على المذاكرة والتركيز، مما قد يؤدي إلى الرسوب أو تراجع درجاتهم ونتائجهم بشكل كبير، فهل يجوز للطلاب الإفطار في هذه الظروف؛ خاصة بالنسبة لأولئك الذين يؤثر الصوم ودرجة الحرارة المرتفعة عليهم تأثيرًا سلبيًّا يضعفهم عن مواصلة أدائهم بالكفاءة المطلوبة، وذلك بغرض التقوِّي على المذاكرة في أيام الامتحانات، واستجلاب القدرة على التركيز؟
ما مدى جواز العمل بالأحاديث الواردة في صيام شهر رجب؟ حيث يقول بعض الناس إن الفقهاء الذين استحبوا الصيام في شهر رجب قد جانبهم الصواب، وإنهم استندوا في قولهم هذا على أحاديث ضعيفة وموضوعة، ومنهم فقهاء الشافعية، فهل هذا صحيح؟