حكم ضمان ما تلف في يد الوكيل من أمانة

تاريخ الفتوى: 24 مايو 2025 م
رقم الفتوى: 8661
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الوكالة
حكم ضمان ما تلف في يد الوكيل من أمانة

 ما حكم ضمان ما تلف في يد الوكيل من أمانة؟ فرجل كان مسافرًا خارج البلاد هو وابن عمه، وقد أعطاه ابن عمه هاتفًا محمولًا ليوصله إلى أبيه (عم الرجل) عند عودته إلى مصر، وفي طريقه إلى المطار تعرض لحادث سير لا يد له فيه أدَّى إلى تلف الهاتف المحمول وأشياء أخرى يملكها، فهل يلزمه أن يشتري له مثله أو يضمن له قيمته شرعًا؟

يدُ الرجل المذكور على الهاتف المحمول المعطى له ليوصله إلى عمِّه -يدُ أمانة، فلا يضمنه ما لم يتعدَّ أو يُفرِّط في حفظه، فإن تعدَّى أو فرَّط وقامت البَيِّنة عليه ضمنه ولزمه الإتيان بمثله، وإن اختلفا في ذلك ولم تقم البَيِّنة على التَّعدِّي أو التَّفريط فالقول قول الوكيل مع حلف اليمين.

المحتويات

 

بيان وجوب حفظ الأمانات وردّها إلى أصحابها

صَون الأمانة وحفظها مِن أعظم الأخلاق والشِّيَم، وأداؤها إلى أصحابها فريضةٌ في الدِّين، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: 58].

قال الإمام البَيْضَاوِي في "أنوار التنزيل" (2/ 79، ط. دار إحياء التراث العربي): [خطابٌ يعمُّ المكلَّفين والأمانات] اهـ.

وقال الإمام القُرْطُبِي في "الجامع لأحكام القرآن" (14/ 253، ط. دار الكتب المصرية): [والأمانة تعمُّ جميع وظائف الدِّين على الصحيح من الأقوال، وهو قول الجمهور] اهـ.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ما خطبنا نَبِيُّ الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا قال: «لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ» أخرجه الأئمة: أحمد، وأبو يعلى، وابن خزيمة، وابن حبان، والبيهقي.

تكييف المعاملة المسؤول عنها

المعاملة المسؤول عنها تُكيَّف من الناحية الشرعية على أنَّها وكالة في إيصال الهاتف المحمول إلى مَن عيَّنه الموكِّل، والوكالة: عبارةٌ عن إقامة الإنسان غيره مقام نفسه في تصرف معلوم. وقيل: هي تفويض أمرك إلى مَن وَكَّلْتَهُ اعتمادًا عليه فيه ترفُّهًا منك أو عجزًا عنه، كما في "العناية" للإمام البَابَرْتِي (7/ 499، ط. دار الفكر)، و"فتح القدير" للإمام ابن الهُمَام (7/ 500، ط. دار الفكر).

حكم ضمان ما تلف في يد الوكيل من أمانة

قد ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى أن الوكيل أمين فيما دفعه إليه الموكِّل من المال -أو ما يقوَّم به-، فلا يضمن ما تلف أو هلك في يده إلا إذا كان متعدِّيًا ومفرِّطًا في حفظه؛ وذلك لأن الوكيل نائبٌ عن الموكِّل في اليد والتصرف، فكانت يده كيد موكله، وهلاكه في يده كهلاكه في يد موكله، ولأن الوكالة في أصلها عقد إرفاق ومعونة، والضمان منافٍ لذلك ومنفِّرٌ عنه.

قال شمس الأئمة السَّرَخْسِي الحنفي في "المبسوط" (14/ 40، ط. دار المعرفة): [الوكيل أمين فيما دفعه الموكل إليه من ماله] اهـ.

وقال الإمام القَرَافِي المالكي في "الذخيرة" (8/ 15، ط. دار الغرب الإسلامي): [الوكيل أمين في حق الموكل، فلا يضمن إلَّا بالتَّعدِّي أو التفريط] اهـ.

وقال الإمام النَّوَوِي الشافعي في "روضة الطالبين" (4/ 325، ط. المكتب الإسلامي): [للوكالة حكم الأمانة، فيد الوكيل يد أمانة، فلا يضمن ما تلف في يده بلا تفريط] اهـ.

وقال الإمام ابن مُفْلِح الحنبلي في "المبدع" (4/ 347، ط. دار الكتب العلمية): [(والوكيل أمين لا ضمان عليه فيما تلف في يده بغير تفريط) لأنَّه نائب المالك في اليد والتصرف، فكان الهلاك في يده كالهلاك في يد المالك] اهـ.

وكذلك لو اختلف الوكيل والموكِّل في التلف، فقال الوكيل: تلفت الأمانة من غير تعدٍّ أو تفريط فلا يلزمني الضمان، وقال الموكِّل: بل حصل منك تعدٍّ عليها، أو تفريطٌ في حفظها، فيلزمك الضمان، فالقول قول الوكيل مع يمينه، فلا يضمن، ولا يكلَّف الإتيان ببينة؛ لأنَّه مما يتعذَّر إقامة البينة عليه، ولئلَّا يمتنع الناس من الدخول في الأمانات مع الحاجة إليها.

قال الإمام الكَاسَاني الحنفي في "بدائع الصنائع" (6/ 34، ط. دار الكتب العلمية): [المقبوض في يد الوكيل بجهة التوكيل بالبيع والشراء وقبض الدَّين والعين وقضاء الدَّين -أمانةٌ بمنزلة الوديعة؛ لأنَّ يده يد نيابة عن الموكل بمنزلة يد المودع، فيضمن بما يضمن في الودائع، ويبرأ بما يبرأ فيها، ويكون القول قوله في دفع الضمان عن نفسه] اهـ.

وقال الإمام الدَّرْدير المالكي في "الشرح الصغير" (3/ 519، ط. دار المعارف): [(وصدِّق) الوكيل بيمينه (في دعوى التَّلَف) لما وكِّل عليه؛ لأنَّه أمين] اهـ.

وقال الإمام الخطيب الشِّرْبِينِي الشافعي في "مغني المحتاج" (3/ 262، ط. دار الكتب العلمية): [(وقول الوكيل في تلف المال مقبول بيمينه)؛ لأنه أمينٌ كالمودَع] اهـ.

وقال الإمام البُهُوتِي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (2/ 202، ط. عالم الكتب): [(ويصدَّق) وكيلٌ (بيمينه في) دعوى (تلف) عين أو ثمنها إذا قبضه وقال موكله: لم يتلف، كالوديع (و) يصدَّق بيمينه في (نفي تفريط) ادعاه موكله؛ لأنه أمين، ولا يكلف بينة؛ لأنه مما تتعذر إقامة البينة عليه، ولئلَّا يمتنع الناس من الدخول في الأمانات مع الحاجة إليها] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن يدَ الرجل المذكور على الهاتف المحمول المعطى له ليوصله إلى عمِّه -يدُ أمانة، فلا يضمنه ما لم يتعدَّ أو يُفرِّط في حفظه، فإن تعدَّى أو فرَّط وقامت البَيِّنة عليه ضمنه ولزمه الإتيان بمثله، وإن اختلفا في ذلك ولم تقم البَيِّنة على التَّعدِّي أو التَّفريط فالقول قول الوكيل مع حلف اليمين.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

سائل يقول: رجلٌ وكَّل صديقًا له في دولة أخرى ليعقد قرانه على امرأة بعينها، فعقد قرانه على امرأة خلافها. فهل هذا العقد صحيح؟


ما حكم استخدام التوكيل في نقل ملكية عقارات الوالد الذي يسيء التصرف دون علمه؟ فقد قام والدي بعمل توكيل عام لي، وقد كبر في السن جدًّا، وعنده أموال وممتلكات، وأصبح لا يحسن التصرف في تلك الأملاك، فهل يجوز استخدام هذا التوكيل في نقل ما يملكه لي وجعله باسمي دون علمه؟


هل يجوز للوكيل أن يأخذ من أموال الزكاة الموكل إليه توزيعها على الفقراء؟ فإن أحد الأشخاص وكَّل غيره في توزيعِ زكاة ماله على من يستحقها من الفقراء والمساكين، فهل يجوز للوكيل أن يأخذ من هذه الزكاة عِلمًا بأنه فقير؟


ما حكم الخلاف على أتعاب المحاماة؟ حيث قد تعاقدتُ مع اثنين من موكلاتي على الدخول لهما في قضية إرث -بيع عقار- مع بقية الورثة، ولكن لظروف عاجلة وخلاف حادٍّ بين الورثة بعضهم بعضًا من جهةٍ وبينهم وبين المشتري من جانب آخر لم نتمكَّن من الاتفاق على الأتعاب. والآن وبعد إنجاز المطلوب بنجاح فقد عاد على الجميع -الموكلتين وباقي الورثة- إنجاز عظيم وفوائد جمَّة. فما هو حقي تجاه الموكلتين وباقي الورثة، رغم أننا لم نُسمِّ قدرًا معينا؟


ما حكم توكيل بنك ناصر في حساب الزكاة؟ بناء على الطلب المقدم من نائب رئيس مجلس إدارة بنك ناصر الاجتماعي، والمتضمن: يسعدني أن أتقدم لفضيلتكم بأسمَى آيات التقدير والاحترام وخالص الأمنيات بدوام التوفيق، وأتشرف بالإحاطة أنه على ضوء ما ورد بالمادة (3) من اللائحة التنفيذية لقانون إنشاء بنك ناصر الاجتماعي بشأن قيام البنك بنشاط التكافل الاجتماعي الذي يهدف إلى تحقيق التنمية الاجتماعية للمواطنين، وذلك بتنظيم جمع أموال الزكاة وصرفها في مصارفها الشرعية، وحيث إن البنك بصدد إطلاق منتج خاص لعملاء الودائع الاستثمارية لأجل بالبنك، يتلخص في إتاحة ميزة لهؤلاء العملاء لدى قيامهم بفتح حساب الوديعة بتسجيل رغبتهم في قيام بنك ناصر الاجتماعي بخصم زكاة المال سنويًّا، وصرفها في مصارفها الشرعية أو حسب رغبة العميل في اختيار أحد هذه المصارف، وحساب مقدار هذه الزكاة بنسبة 2.5% من أصل الوديعة، أو 10% من العائد المستحق السنوي عليها.
والأمر معروض على فضيلتكم برجاء التكرم بالإفادة بالرأي الشرعي في احتساب مقدار زكاة المال سنويًّا بالنسبة للودائع الاستثمارية لأجل، وشرعية إتاحة الرغبة لعملاء هذه الودائع في الاختيار بين احتساب مقدار هذه الزكاة بنسبة 2.5% من أصل الوديعة، أو 10% من العائد السنوي المستحق عليها.


ما حكم من باع بالتوكيل لنفسه بأقل من سعر السوق؟ حيث يقول السائل: هناك تركة قوامها منزل مكون من طابقين، تم بناؤه عام 1928م لورثةٍ عددهم 4 إناث وولد، وتقيم إحداهُنَّ في هذا العقار، فأراد باقي الورثة بيع هذا العقار فرفضت الوارثة المقيمة به، ثم عرضت شراءه بثمن بخس جدًّا قوامه 90 ألف جنيه، فاعترض باقي الورثة على ذلك؛ لأن قيمة العقار تساوي مليون جنيه، وفي خلال هذه الظروف تقدم أحد الذين لهم نشاط في بيع وشراء العقارات، وعرض شراء هذا العقار، وتمكن من شرائه بموجب توكيل حرره الورثة البائعون له نظير مبلغ وقدره 185 ألف جنيه، وهذا لا يمثل القيمة العادلة للعقار، وبعد ذلك قام المشتري بالتسجيل لنفسه بموجب التوكيل حيث ذكر أنه اشترى العقار بمبلغ 350 ألف جنيه، وهذا مخالف للحقيقة حيث إن القاطنة بالعقار أقامت دعوى الشُّفعة رغبةً منها في الاستحواذ على العقار بسعر 185 ألف جنيه.
ويطلب الحكم هل يجوز مطالبة المشتري بالفارق بين القيمتين من وجهة النظر الشرعية خاصةً إذا وضعنا في الاعتبار أن هذا المشتري تدخل مستغلًّا للظروف والنزاع القائم بين الورثة، وأن التوكيل يحمل في مضمونه تفويض الطرف الآخر بتقدير قيمة العقار القيمة المناسبة؟ ولما كان المشتري قد تم توكيله في التصرف في العقار من خلال شرائه لنفسه أو بيعه لغيره، وإذا خالف الوكيل المشتري لنفسه مقتضيات هذه الأمانة بأن اشترى لنفسه بثمن بخس أفلا يكون مستغلًّا؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 08 أكتوبر 2025 م
الفجر
5 :26
الشروق
6 :52
الظهر
12 : 42
العصر
4:2
المغرب
6 : 32
العشاء
7 :49