حكم تقديم رمي الجمار في أول أيام التشريق

تاريخ الفتوى: 27 أكتوبر 2024 م
رقم الفتوى: 8489
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الحج والعمرة
حكم تقديم رمي الجمار في أول أيام التشريق

ما حكم الشرع في تقديم رمي الجمار مُجَمَّعَةً في أول أيام التشريق (وهو اليوم الحادي عشر من شهر ذي الحجة) في مثل الأحوال الآتية:

- حاجٌّ تطلَّبَت ظروفُ سفره أن يسافر عَصْر الحادي عشر من ذي الحجة، كالطبيب ونحوه ممن يتم استدعاؤهم لأمرٍ طارئٍ ولا يمكنهم الرجوع مرةً أخرى خلال أيام التشريق.

- احتياج الحاج إلى تعجيل الرَّمي في أول يومٍ مِن أيام التشريق لوجود زحامٍ شديدٍ وارتفاعٍ في درجات الحرارة؟

تقديم رمي جمرات أيام التشريق مُجَمَّعَةً في أول يوم منها وهو الحادي عشر من شهر ذي الحجة لِتَحَتُّمِ السفر الطارئ أو لِاتِّقَاءِ الزِّحام وشدة الحر -أمرٌ جائزٌ شرعًا، ولا إثم فيه ولا حرج، ويقع الرمي حينئذٍ أداءً لا قضاءً، انطلاقًا مِن اعتبار وَحدَةِ أيام التشريق الثلاث كوقتٍ لرمي الجمار، وهو مِن المسائل التي يُراعَى التخفيف فيها على المسلمين، كما أنه إذا تَعَلَّق الأمر بحفظِ المُهَج والنفوس مِن الضَّرَرِ والهلاك النَّاتِج عن تزاحم الحجَّاج في أوقاتٍ واحدةٍ على مناسك معيَّنةٍ استلزم ذلك التخفيف والتيسير ما أمكن.

المحتويات 

 

تيسيرالشريعة الإسلامية ورفع الحرج في فريضة الحج

اتَّسمَت فريضة الحج في الشريعة الإسلامية بسِمَةِ التيسير ورفع الحرج، ابتداءً مِن فرضها على المستطيع حيث قال جَلَّ جَلَالُهُ: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: 97]، وانتهاءً بما قرَّرَه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: «افْعَلْ وَلَا حَرَجَ» متفقٌ عليه مِن حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه.

بيان حكم رمي الجمار ووقت الرَّمي

مَنسَك رمي الجمار مِن مناسك الحج، و"الْأُمَّة أَجْمَعَتْ عَلَى وُجُوبِهِ"، كما قال الإمام علاء الدين الكَاسَانِي في "بدائع الصنائع" (2/ 136، ط. دار الكتب العلمية).

والرَّمي نوعان بفعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم: رمي جمرة العقبة الكبرى، ورمي الجمار أيام التَّشريق؛ وذلك لما رواه الإمام مسلمٌ في "صحيحه" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: رأيتُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يرمي على راحلته يوم النَّحرِ، ويقول: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ».

وجمرة العقبة الكبرى تُرمَى يومَ النَّحرِ، ولا يُرمَى معَهَا غيرُها بلا خلافٍ بين الفقهاء.

قال الإمام ابن المُنْذِر في "الإجماع" (ص: 58، ط. دار المسلم): [وأجمعوا على أنَّه لا يُرمى في يوم النَّحرِ غير جمرةِ العقبةِ] اهـ.

وقال الإمام ابن رُشْدٍ الحفيد في "بداية المجتهد" (2/ 115، ط. دار الحديث): [وأجمعوا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يَرمِ يومَ النَّحرِ مِن الجمراتِ غيرَها] اهـ. يعني: جمرة العقبة.

أمَّا بَقيَّة الجمار فالأصل أنَّها تُرمَى أيام التشريق الثَّلاثة بعد يوم النَّحر باتفاق الفقهاء، وهي أيام: الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من شهر ذي الحجة.

قال الإمام ابن حَزْم في "مراتب الإجماع" (ص: 46، ط. دار الكتب العلمية): [واتفقوا أنَّ ثلاثةَ أيامٍ بعد يوم النَّحرِ هي أيام رمي الجمار] اهـ.

حكم تقديم رمي الجمار في أول أيام التشريق

أمَّا تقديم رمي الجمار في أوَّل أيام التشريق وهو الحادي عشر من ذي الحجة فجوازه مختلفٌ فيه بين الفقهاء، ومدار خلافهم يرجع إلى مدى اعتبار جملة أيام التشريق الثلاث كوقتٍ واحدٍ صالحٍ لرمي جميع الجمار، أو عدم اعتباره واستقلال كلِّ جمرةٍ بوقتٍ عما قَبلَها وما بعدها مِن الجمار. ينظر: "البيان" للإمام العِمْرَانِي (4/ 353، ط. دار المنهاج).

فذهب جمهور الفقهاء مِن الحنفية والمالكية، والشافعية في مقابل الأظهر إلى أنَّ رمي الجمار له أوقاتٌ متعدِّدةٌ متمثلةٌ في أيام التشريق الثلاثة (الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة لمن تَعَجَّل في يومين، ويُضاف إليهما الثالث عشر لمن تأخَّر، وكلاهما لا إثم عليه)، بحيث تستقلُّ كلُّ جمرةٍ بوقتٍ تامٍّ ابتداءً وانتهاءً عما قَبلَها مِن الجمار وما بعدها.

قال الإمام علاء الدين الكَاسَانِي الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 139، ط. دار الكتب العلمية) في تعليل وجوب الدم على من أَخَّر رميَ يومٍ عن وقته: [أما عند أبي حنيفة فظاهر؛ لأنَّ رميَ كلِّ يومٍ مؤقَّتٌ، وعندهما: إن لم يكن مؤقَّتًا فهو مؤقَّتٌ بأيام الرمي، فقد ترك الواجب عن وقته] اهـ.

وقال الإمام أبو البَرَكَات الدَّرْدِير المالكي في "الشرح الكبير" (2/ 50، ط. دار الفكر، مع "حاشية الإمام الدُّسُوقِي"): [فجُملة الحَصَيَات سَبعُون لغير المتعجِّل، وتسعةٌ وأربعون للمتعجِّل، ووقتُ أداءِ كلٍّ (من الزوال للغروب)] اهـ.

قال الإمام الدُّسُوقِي مُحَشِّيًا عليه: [(قوله: وقتُ أداءِ كلٍّ من الزوال للغروب) أي: والليل عَقِيبَ كلِّ يومٍ قضاءٌ له كما مَرَّ، فيلزم الدمُ بالتأخير إليه ولو بحصاةٍ من جمرة] اهـ.

وقال الإمام النَّوَوِي الشافعي في "روضة الطالبين" (3/ 110، ط. المكتب الإسلامي): [لو ترك رميَ بعض الأيام وقُلنا: يُتَدَارَكُ، فتَدَارَكَ، فلا دم عليه على المشهور. وفي قولٍ: يجب دمٌ مع التدارُك، كمَن أخَّر قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخَر، يَقضي ويَفدي] اهـ.

بينما ذهب الشافعيةُ في الأظهَرِ والحنابلةُ إلى أنَّ أيام التشريق كلَّها بالنسبة لرمي الجمار لا يستقِلُّ كلُّ يومٍ منها بوقتٍ لرمي الجمار فيه، وإنما هي في مجموعها وقتٌ واحدٌ موسَّعٌ، "كَاليَومِ الوَاحِد"، كما قال الإمام أبو الحسين العِمْرَانِي في "البيان" (4/ 352)، وليست أوقاتًا متعددة، شأنُها في ذلك شأنُ أوقات العبادات الموسَّعَةِ التي جَعَل الشرعُ لوقتها أولًا وآخِرًا، ويتحمَّل كلُّ وقتٍ من هذه الأوقات أداءَ العبادةِ في جزءٍ منه، مع اختلاف الأفضلية بين أجزائه تلك، إلا أن جميع أجزائه مشتركةٌ في الجواز والإجزاء، ومن ذلك: وقت الوقوف بعرفة، وأوقات الصلوات التي تخيَّر الشرعُ من وقتها قَدرًا تؤدَّى فيه وفضَّله على غيره من الأوقات ضِمن الحيِّز الزمني للوقت الواحد، ولا يَنفي ذلك صحَّتَها في آخِر الوقت الموسَّع أو أوسَطِه، مع وقوعها في ذلك كلِّه أداءً، وكذلك وقت ذبح الأضحية، فإن ما بعد صلاة العيد إلى غروب شمس ثالث أيام التشريق وقتٌ واحدٌ لها عند مَن قال به، مع تفصيل في هذا الوقت بين الأفضل منه والمجزئ، فكذلك الشأن في رمي الجمار، حيث تخيَّر الشرعُ لكلِّ قدرٍ مِن تلك الجمار وقتًا هو لها بمثابة وقت الأفضلية للصلاة أو غيرها مما بيَّنَّاه، لا أنَّ هذا الوقتَ المفضَّلَ مستقلٌّ بنفسه عن غيره.

فإن تأخَّر رمي الجمار في أيام التشريق عن الوقت المختار وَقَع أداءً في آخِر الوقت لا قضاءً؛ لأنه وقع في الوقت الواحد المشروع للرمي، وكلُّ ما هنالك أنه خرج عن وقت الأفضلية أو الاختيار إلى وقت الجواز، وكلُّ ذلك مجزئ.

قال الإمام شمس الدين الخطيب الشِّرْبِينِي الشافعي في "مغني المحتاج" (2/ 276، ط. دار الكتب العلمية): [(ويَدخل رميُ) كلِّ يومٍ من أيام (التشريق بزوال الشمس) من ذلك اليوم؛ للاتباع، رواه مسلم. ويُسَنُّ تقديمُه على صلاة الظهر كما في "المجموع"، ومحلُّه ما لم يَضِقِ الوقتُ، وإلا قَدَّم الصلاة، إلا أن يكون مسافرًا فيؤخِّرها بنية الجمع (ويَخرج) أي: وقتُه الاختيارِيُّ (بغروبها) من كلِّ يوم، أما وقت الجواز فلا يخرج بذلك كما عُلِمَ مما مَرَّ ومما سيأتي مِن أن الأظهَر أنه لا يَخرج إلا بغروبها مِن آخِر أيام التشريق (وقيل: يَبقى إلى الفجر) كالوقوف بعرفة، ومحل هذا الوجه في غير اليوم الثالث، أما هو فيَخرج وقتُ رميِهِ بغروب شَمْسِهِ جَزْمًا؛ لخروج وقت المناسك بغروب شَمْسِهِ] اهـ.

وقال الإمام أبو السعادات البُهُوتِي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 590، ط. عالم الكتب): [(وإن أخَّر رمي يومٍ، ولو) كان المؤخَّر رميُه (يوم النحر إلى غداةٍ أو أكثر) أجزأ أداءً (أو) أخَّر رمي (الكلِّ إلى آخِر أيام التشريق) ورماها بعد الزوال (أجزأ) رميُه (أداءً) لأنَّ أيام التشريق كلَّها وقتٌ للرمي، فإذا أخَّره عن أول وقتِه إلى آخِره أجزأه، كتأخير وقوفٍ بعرفة إلى آخِر وقتِه] اهـ.

المختار للفتوى في حكم تقديم رمي الجمار أول أيام التشريق

أمَّا التقديم في رمي الجمار أول أيام التشريق فالمختار للفتوى أنه جائزٌ شرعًا ومجزئٌ على أحد الوجهين عند الشافعية، وصرَّح به بعض فقهائهم الأئمة الأعلام، منهم: الإمامُ المجتهد أبو القاسم الفُورَانِي سيدُ فقهاءِ مَرْو [ت: 461هـ]، وإمامُ الحرمين أبو المَعَالِي الجُوَيْنِي [ت: 478هـ]، كما نصُّوا على أنه يقع حينئذٍ أداءً لا قضاءً، انطلاقًا مِن اعتبار وَحدَةِ أيام التشريق الثلاث كوقتٍ لرمي الجمار، ولا ينافي ذلك أن الشرع قد تخيَّر لكلِّ قدرٍ منها وقتًا؛ إذ هي كأقسام الوقت الواحد للصلاة المفروضة، فمنها وقت فضيلةٍ، ووقت اختيارٍ، ووقت جوازٍ، وتتحد هذه الأقسام من الوقت وتتداخل ابتداءً وانتهاءً، كما في "حاشية الإمام الشَّرْوَانِي على تحفة المحتاج" (1/ 418، ط. المكتبة التجارية).

فوقت الرَّمي بأيامه الثلاثة -على هذا القول- يَسَع أداءَ النُّسُك في أيِّ جزءٍ منه، ومع ذلك فإن للشرع اختيارًا وتفضيلًا لبعضه على بعض، "فيكون لرميهِ ثلاثةُ أوقاتٍ: وقت فضيلةٍ، ووقت اختيارٍ، ووقت جوازٍ"، كما قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (1/ 493، ط. دار الكتاب الإسلامي)، فمَن رمى في غير وقت الفضيلة خلال أيام الرَّمي الثلاث، فقد وافَقَ رميُه قَدرًا مِن الوقت المشروع للرمي، ويَقَع حينئذٍ أداءً، ويُجزئه عن نُسُك الرَّمي بلا فدية عليه في ذلك ولا إثم ولا حرج.

قال الإمام أبو القاسم الفُورَانِي في "الإبانة" -فيما نقله الإمام العِمْرَانِي في "البيان" (4/ 353)-: [هل يجوز له تعجيل رمي يوم النَّفر إلى يوم القَرِّ؟ فيه وجهان، بناءً على أنه إذا رمى الفائت في اليوم الأول في اليوم الثاني هل يكون قضاءً أو أداءً؟ فيه وجهان، فإن قلنا: إنه أداءٌ، جاز له التعجيل، وكان رمي الأيام الثلاثة كلها عبادةً واحدةً، فيكون كالرمي في أول الوقت. وإن قلنا: إنه قضاءٌ، فلا يجوز له التعجيل؛ لأن القضاء يكون بعد الفوات ولم يَفُتْه الرَّمي بعدُ] اهـ.

وقال إمام الحرمين أبو المَعَالِي الجُوَيْنِي في "نهاية المطلب" (4/ 323، ط. دار المنهاج): [جملةُ أيامِ منى في حكم الوقت الواحد للرمي، ولكن تخيَّر الشرعُ لكل قدرٍ منها وقتًا، فهو كالأوقات المختارة في الصلوات، وبنى الأئمة على هذا الاختلاف جوازَ تقديم رمي يومٍ إلى يومٍ] اهـ.

وقال الإمام أبو المحاسن الرُّويَانِي في "بحر المذهب" (3/ 538، ط. دار الكتب العلمية): [قال بعض أصحابنا بخراسان: لو عَجَّل رمي يوم النَّفْر إلى يوم القَرِّ، هل يجوز أم لا؟ فإن قلنا: مَن فاته رميُ يومٍ لا يقضي، لا يجوز تعجيلُه، وإن قلنا: يقضي، هل له التعجيل؟ وجهان بناءً على أنه إذا رمى الفائتَ مِن الغد، هل يكون قضاءً أم أداءً؟ فإن قلنا: أداءً، يجوز، وكان رميُ الأيام كلها عبادةً، فيكون كالرمي في أول الوقت، وإن قلنا: قضاءً، فلا يجوز؛ لأن الرميَ بَعْدُ لَمْ يَجِبْ حتى يجوزَ قضاؤه] اهـ.

ويتحصل مما سبق: أن التقديم فِي رمي جمار أيام التشريق في اليوم الأول منها وهو الحادي عشر من شهر ذي الحجة -ممَّا أجازه الشافعية في أحد الوجهين عندهم، وهو مِن المسائل التي يُراعَى التخفيف فيها على المسلمين؛ إذ مِن القواعد المقرَّرةِ شرعًا أنه "لَا يُنْكَرُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ وَإِنَّمَا يُنْكَرُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ"، كما في "الأشباه والنظائر" للإمام الحافظ جلال الدِّين السُّيُوطِي (ص: 158، ط. دار الكتب العلمية)، وأنه يجوز الأخذ بقولِ أيٍّ مِن المجتهدين في مسائل الخلافِ ما دام الخلافُ معتَبَرًا، خاصةً إذا تَحَتَّمَ السفرُ على الحاج في اليوم الأول من أيام التشريق -كأن يكون طبيبًا أو نحوَه تم استدعاؤه- بحيث لا يتمكن معها من الانتظار لرمي الجمار في أوقاتها المختارة المَسْنُونَة أصالةً، والقاعدة المقررة في الشرع أن "الْمَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ"، كما في "الأشباه والنظائر" للإمام تاج الدين السُّبْكِي (1/ 49، ط. دار الكتب العلمية)، والأصل في هذه القاعدة قولُ الله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وقولُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ» أخرجه الإمامان: أحمد في "المسند"، والطبراني في "المعجم الكبير".

قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (2/ 301، ط. دار الكتب المصرية): [الوجه عموم اللفظ في جميع أمور الدِّين] اهـ.

وكذا قولُ الله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78].

قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (12/ 100) في تفسير هذه الآية: [قوله تعالى: ﴿مِنْ حَرَجٍ﴾ أي: مِن ضِيقٍ... وهي مما خصَّ الله بها هذه الأمَّة] اهـ.

كما أنه إذا تَعَلَّق الأمر بحفظِ المُهَج والنفوس مِن الضَّرَرِ والهلاك النَّاتِج عن تزاحم الحجَّاج في أوقاتٍ واحدةٍ على مناسك معيَّنةٍ استلزم ذلك التخفيف والتيسير ما أمكن؛ لِمَا تقرَّر في الشرع مِن أنَّ حِفظَ النَّفس مقصدٌ أساسي مِن مقاصد الشرع الكلِّية، كما أن تيسير النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تلك الفريضة يقتضي رفع الحَرَج في وقت الرمي، وأن التقديم فيه لا يضُر بفاعله ولا يُلحِق به الإثمَ ولا يُنقِص منه الثواب، كما لا يضُر في غيره مِن المناسك التي رُفع الحرجُ عن فاعلها تقديمًا وتأخيرًا ولا يُرَتِّب عليه الإثم ولا يُنقِص من ثوابها ما دام له في الشرع مندوحةٌ، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقَف في حجة الوداع بمنًى للناس يسألونه، فجاءه رجلٌ، فقال: لم أَشْعُرْ فحلقتُ قبل أن أذبح. فقال: «اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ»، فجاء آخَر فقال: لم أَشْعُرْ فنحرتُ قبل أن أرمي. قال: «ارْمِ وَلَا حَرَجَ»، فما سُئِلَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم عن شيءٍ قُدِّمَ ولا أُخِّرَ إلا قال: «افْعَلْ وَلَا حَرَجَ» متفق عليه.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن تقديم رمي جمرات أيام التشريق مُجَمَّعَةً في أول يوم منها وهو الحادي عشر من شهر ذي الحجة لِتَحَتُّمِ السفر الطارئ أو لِاتِّقَاءِ الزِّحام وشدة الحر -أمرٌ جائزٌ شرعًا، ولا إثم فيه ولا حرج.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم من وصل إلى مزدلفة بعد شروق الشمس؟ فقد وفقني الله تعالى لأداء فريضة الحج هذا العام، ولكنني خرجت من عرفة بعد المغرب، وبسبب شدة الزحام، لم أستطع الوصول إلى مزدلفة إلا بعد شروق الشمس؛ فما الحكم؟


ما حكم طواف الوداع؟


يقول السائل: ما حكم إعطاء بنتي مالًا للحجّ أسوة بأخويها؛ فقد حج الابنان من مالي الخاص، وأخاف أن تأخذه وتنفقه على زواج أولادها ولا تحجّ؟


سائل يقول: قامت والدتي بتقديم أوراق الحج قبل وفاة والدي، وبعد الوفاة حصلت على التأشيرة الخاصة بالحج، وقامت بدفع الرسوم، ولن تستطيع استردادها حال عدم ذهابها، مع العلم أنَّ والدي لم يمانع من سفرها إلى الحج؛ فما حكم خروجها لأداء الحج أثناء العدة؟


ما حكم  طهارة ملابس الإحرام إذا وقع عليها دم؟ فأنا كنتُ قد أحرمتُ بالعمرة، وفي أثناء الإحرام فوجئتُ بـجُرحٍ في يدي ووقوع دمٍ على ملابس الإحرام، فهل يَلْزَم غَسْل وإزالة الدَّم الذي وقع على ملابس الإحرام أَو لا؟


ما حكم هدي التمتع إذا خرج المتمع من مكة بعد الانتهاء من مناسك العمرة؟ فقد اعتمرتُ في شهر شوال، ثم تحلَّلتُ وعُدتُ إلى مصر، ثم سافرتُ بعد ذلك وأدَّيتُ فريضة الحج؛ فهل يُعدّ ذلك تمتعًا بالعمرة إلى الحج، ويكون عليَّ هدي التمتع؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 29 مايو 2025 م
الفجر
4 :12
الشروق
5 :55
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 50
العشاء
9 :21