حكم التصرف في التبرع على خلاف ما حدّده المتبرع دون إذن منه

تاريخ الفتوى: 10 مايو 2025 م
رقم الفتوى: 8616
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الوقف
حكم التصرف في التبرع على خلاف ما حدّده المتبرع دون إذن منه

ما حكم التصرف في التبرع على خلاف ما حدّده المتبرع دون إذن منه؟ فإنه يوجد مسجد أهالي يحتاج إلى خزان مياه، ويوجد متبرعان كل منهما يريد التبرع بقدر من الإسمنت، طلب القائمون على المسجد التبرع بالخزان فرفضا، وقالا لو لم تأخذوا الإسمنت فلن نتبرع، فهل يجوز للقائمين على المسجد أخذ الإسمنت ثم بيعه وشراء خزان المياه؟

ما دام المتبرع بالإسمنت قد حدد تبرعه به دون غيره، فلا يجوز للقائمين على المسجد مخالفة ذلك، ولا التصرف في الإسمنت بالبيع أو الاستبدال، بل يجب الالتزام بما تبرع من أجله، ويتم شراء خزان المياه من أموال أخرى كالصدقات أو من مال متبرع آخر يأذن في ذلك.

المحتويات

 

فضل إنفاق الأموال في مصارف الخير ووجوه البر

حثَّ الشرع الشريف في مواطن عدة على إنفاق المال في مصارف الخير ووجوه البرِّ؛ لما فيه من التقرب إلى الله تعالى، وتحصيل الأجر والثواب، وتكفير الذنوب والخطايا، وتربية نفس المؤمن على البذل والعطاء، وتطهيرها من الشح والبخل التي جبلت عليه، قال تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [البقرة: 245]، وقال سبحانه: ﴿إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾ [الحديد: 18].

قال الإمام أبو بكر بن العربي في "أحكام القرآن" (1/ 306-307، ط. دار الكتب العلمية): [جاء هذا الكلام في معرض النَّدب والتَّحضيض على إنفاق المال في ذات الله تعالى على الفقراء والمحتاجين، وفي سبيل الله بنصرة الدِّين] اهـ.

فضل بناء المساجد وإعمارها

من المقرر شرعًا أن من أقرب القربات وأرجى الطاعات عند رب البريات بناء المساجد وإعمارها بكل ما يُنتفع به، إذ هو من صفات المؤمن الحق، قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾ [التوبة: 18].

قال الإمام البيضاوي في "أنوار التنزيل" (3/ 75، ط. دار إحياء التراث العربي): [أي: إنما تستقيم عِمَارتها لهؤلاء الجامعين للكمالات العلمية والعملية، ومن عمارتها: تزيينها بالفرش، وتنويرها بالسرج، وإدامة العبادة والذكر ودرس العلم فيها، وصيانتها مما لم تُبن له] اهـ.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ، يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ» أخرجه الأئمة: ابن ماجه في "سننه"، وابن خزيمة في "صحيحه"، والبيهقي في "شعب الإيمان".

ما يتبرع به للمسجد تجري عليه أحكام الوقف

ما يُتَبرع به للمسجد -سواء أكان أموالًا أم أعيانًا- فإنَّه بمجرد تسليمه للقائمين على المسجد يصير وقفًا على هذا المسجد، وتجري عليه أحكام الوقف.

فإن كان المتبرع قد حدد للقائم على هذه التبرعات الجهة التي يصرف فيها تبرعه عند تسليمه إياه، بأن قال له: أعطيتك هذا -المتبرع به- لبناء المسجد أو ترميمه فقط، فالأصل أن يكون صرف هذه التبرعات حسب نية المتبرع وشرطه، ولا تجوز مخالفته ما دام قد حدد الجهة التي يصرف فيها تبرعه؛ لأنَّ المتبرع بمنزلة الواقف، والأصل في شرط الواقف أنَّه يجب اتباعه والالتزام به، فلا يُصرف إلَّا حيث أراد ما أمكن ذلك، وكان فيه تحقيق للمصلحة.

وإن لم يحدد للقائم على هذه التبرعات الجهة التي يصرف فيها تبرعه عند تسليمه إياه، بأن أعطاه إياه إعطاءً مطلقًا دون تحديد لجهة الصرف، كأن جعله لمصلحة المسجد، وما يعود عليه بالنفع، فيجوز له -ناظر الوقف، أو القائم عليه- أن يتصرف فيه بما يعود على الوقف بالمصلحة، سواء أكان هذا التصرف بالبيع أو بالاستبدال بغيره من الأمور التي قد تحتاجها الجهة المتبرع إليها.

والأصل في ذلك ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» أخرجه الأئمة: أبو داود والترمذي والبيهقي والدارقطني في "السنن"، وابن حبَّان في "الصحيح"، والحاكم في "المستدرك".

وقد نص جمهور الفقهاء على أن: "شرط الواقف كنص الشارع"؛ أي: في كونه ملزمًا في العمل به وتنفيذه كما شرطه صاحبه، فيجب اعتباره ومراعاته متى أمكن ذلك؛ لأن الوقف في حقيقته قربة اختيارية يضعها صاحبها حيث شاء. يُنظَر: "رد المحتار على الدر المختار" للعلامة ابن عابدين الحنفي (4/ 433، ط. دار الفكر)، و"الشرح الصغير على أقرب المسالك" لسيدي أحمد الدردير المالكي" (4/ 120 مع "حاشية الصاوي"، ط. دار المعارف)، و"الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع" للخطيب الشربيني الشافعي (2/ 363، ط. دار الفكر)، و"كشاف القناع" للإمام البهوتي الحنبلي (4/ 323، ط. دار الكتب العلمية).

حكم استبدال الوقف أو التبرع لمصلحة راجحة تعود على الشيء الموقوف عليه أو المتبرع إليه

نص الفقهاء أيضًا على جواز استبدال الوقف أو ما في معناه من الصدقة أو التبرع بغيره من أموال أو أعيان، إذا كانت هناك مصلحة راجحة تعود على الشيء الموقوف عليه أو المتبرع إليه، بحيث يكون ذلك الاستبدال أكثر نفعًا للموقوف عليه أو المتبرع إليه؛ وذلك لأنه في بعض الأحيان قد يرد على العين الموقوفة ما يمنع الانتفاع بها أو يقلله، مما يعود على أصل مقصد الوقف بالإبطال أو التعطيل، فحينئذ يجوز استبدال أو بيع الوقف أو التبرع بغيره، تحقيقًا للمصلحة.

قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "العقود الدرية" (1/ 115، ط. دار المعرفة): [في فتاوى "قاري الهداية" سُئل عن استبدال الوقف ما صورته: هل هو على قول أبي حنيفة وأصحابه؟ أجاب: الاستبدال إذا تعين بأن كان الموقوف عليه لا ينتفع فيه، وثمة من يرغب فيه، ويعطي بدله أرضًا، أو دارًا لها ريع يعود نفعه على جهة الوقف، فالاستبدال في هذه الصورة قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى، وإن كان للوقف ريع، ولكن يرغب شخص في استبداله إن أعطي بدله أكثر ريعًا منه في صقع أحسن من صقع الوقف جاز عند القاضي أبي يوسف، والعمل عليه] اهـ.

وقال العلَّامة ابن مازة الحنفي في "المحيط البرهاني" (6/ 233، ط. دار الكتب العلمية): [سُئِلَ شمس الإسلام الحلواني عن أوقاف المسجد إذا تعطلت وتعذر استغلالها هل للمتولي أن يبيعها ويشتري مكانها أخرى؟ قال: نعم] اهـ.

وقال الشيخ الخرشي المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (7/ 94-95، ط. دار الفكر): [(ص) وبيع ما لا ينتفع به من غير عقار في مثله أو شقصه. (ش) يعني: أن الشيء الموقوف على معين أو على غير معين من غير عقار إذا صار لا ينتفع به في الوجه الذي وقف فيه، كالثوب يخلق والفرس يكلب والعبد يعجز وما أشبه ذلك فإنه يباع ويشترى بثمنه مثله مما ينتفع به في الوجه الذي وقف فيه، فإن لم يبلغ ثمنه ما يشترى به مثله فإنه يستعان به في شقص مثله. وقوله: وبيع، أي: وجوبا. وقوله: مما لا ينتفع به، المنفي هو النفع المقصود للواقف، ولكن ينتفع به في الجملة] اهـ.

وقال العلامة جلال الدين المحلي الشافعي في "شرحه على منهاج الطالبين" (3/ 109، مع "حاشية قليوبي وعميرة"، ط. دار الفكر): [(الأصح: جواز بيع حصر المسجد الموقوفة، إذا بليت وجفوا عنه إذا انكسرت، ولم تصلح إلا للإحراق)؛ لئلا تضيع ويصرف ثمنها في مصالح المسجد] اهـ.

وقال الشيخ ابن تيمية الحنبلي في "الفتاوى الكبرى" (4/ 359، ط. دار الكتب العلمية): [وأما إبدال المنذور والموقوف بخيرٍ منه كما في إبدال الهدي: فهذا نوعان: أحدهما: أن الإبدال للحاجة، مثل أن يتعطل فيباع ويشترى بثمنه ما يقوم مقامه، كالفرس الحبيس للغزو إذا لم يمكن الانتفاع به للغزو فإنه يباع ويشترى بثمنه ما يقوم مقامه، والمسجد إذا خرب ما حوله فتنقل آلته إلى مكان آخر، أو يباع ويشترى بثمنه ما يقوم مقامه، أو لا يمكن الانتفاع بالموقوف عليه من مقصود الواقف فيباع ويشترى بثمنه ما يقوم مقامه، وإذا خرب ولم تمكن عمارته فتباع العرصة، ويشترى بثمنها ما يقوم مقامها: فهذا كله جائز، فإن الأصل إذا لم يحصل به المقصود قام بدله مقامه. والثاني: الإبدال لمصلحة راجحة، مثل أن يبدل الهدي بخير منه، ومثل المسجد إذا بني بدله مسجد آخر أصلح لأهل البلد منه] اهـ.

وجواز الاستبدال حينئذ حيث لم يقيد الواقف وقفه لغرض محدد ولولاه ما أوقف، وإلا فلا يجوز الاستبدال.

الخلاصة

بناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فما دام المتبرع بالإسمنت قد حدد تبرعه به دون غيره، فلا يجوز لكم مخالفة ذلك، ولا التصرف في الإسمنت بالبيع أو الاستبدال، بل يجب الالتزام بما تبرع من أجله، ولكم شراء خزان المياه من أموال أخرى كالصدقات أو من مال متبرع آخر يأذن لكم في ذلك.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم الوقف على الذرية؛ فنحن نفيد فضيلتكم علمًا أن أحد أصحاب السمو من الأمراء قد أوقف نخلًا وسوقًا على جميع أبنائه وبناته، عدا أحد أبنائه، نسلًا بعد نسل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، على أن يكون الوقف تحت يده مدة حياته؛ مقلدًا في ذلك الإمام الشافعي رضي الله عنه في عدم التخلية.
لذا نأمل من فضيلتكم بيان حكم الشرع في المسائل الآتية:
1- هل يعد هذا الوقف الذري وقفًا باطلًا؛ تأسيسًا على أنه لا يوجد شيء من ريعه في عمل البر والقربة؟
2- إن مات أحد من الموقوف لهم فنصيبه من الوقف لورثته ينزلون منزلته أم للموقوف لهم؟
3- هل يجوز أن يخص الوقف جميع أبنائه وبناته عدا ابنًا واحدًا؟ وإن كان لا يجوز ذلك هل يلغى الوقف ويعود الموقوف ملكًا للورثة أو يصحح بإدخال الابن المحروم؟


ما قولكم دام فضلكم في شخص محجور عليه للغفلة؛ فهل له أن يقف أملاكه على نفسه، ثم على أولاده من بعده؟ نرجو التفضل بإجابتنا عن هذا.


ما حكم تحويل جزء من المسجد لدار مناسبات؟ حيث يوجد مسجد مَبنِيٌّ منذ مائة عام تمَّت إزالته وإعادة بنائه بالجهود الذاتية، وقد تبرع المواطنون بأموالهم على أنه مسجد وتم بناء دورين وقام المصلون بإقامة الصلاة في الدور الأرضي لمدة عام كامل وبعد أكثر من عام من إقامة الشعائر بالدور الأرضي تم إنشاء الدور العلوي، فقام أحد القائمين على المسجد بتخصيص الدور الأرضي دار مناسبات للمنطقة والاكتفاء بالدور العلوي فقط كمسجد، مع العلم أن الدور الأرضي يُحَوَّل إلى دار مناسبات في حال وجود حجز مناسبة به ويتم إعادة فرشه كمسجد بعد ذلك.
فهل يجوز تحويل الدور الأرضي إلى دار مناسبات بهذا الشكل، مع العلم أن المتبرعين للمسجد تبرعوا له بصفته مسجدًا؟


هل البناء على الشيء الموقوف يعد من الوقف؟ فقد أنشأ رجلٌ من الناس وقفًا شرعيًّا عبارة عن منزلٍ مكون من عددٍ معينٍ من الأدوار على واحدٍ من أولاده، وجعل هذا الوقف على ابنه الموقوف عليه، ومن بعده على أولاد هذا الموقوف عليه، ثم على أولاد أولاده، ثم على أولاد أولاد أولاده، ثم من بعدهم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم إلى حين انقراضهم، فإذا انقرضوا جميعًا عاد الوقف إلى جهة خيرية عينها الواقف في كتاب وقفه، وجعل الواقف لابنه الموقوف عليه الشروط العشرة بعد وفاة هذا الواقف، وبعد أن صدر الوقف بما يقرب من عام أنشأ الواقف دورًا آخر على المنزل الموقوف زاد به عدد أدوار المنزل الموقوف، وبعد أن تم بناء الدور وأصبح صالحًا للاستغلال من حيث السُّكنى والريع واستغل بالفعل توفي الواقف قبل أن يلحقه بالوقف، وفي وقت صدور الوقف من الواقف على ابنه الموقوف عليه كان له أولاد آخرون في قيد الحياة، وما يزال بعضهم حيًّا إلى الآن، ولكنَّه لم يجعل لهم أي نصيب في المنزل الموقوف، وقد كان جميعهم أحياء وقت أن أنشأ الدور الأخير، ففي هذه الحالة ماذا يكون حكم الدور الذي أنشأه الواقف على المنزل الذي أوقفه على ولده واختصه به من سائر أولاده الآخرين، هل يكون تابعًا للمنزل الموقوف؟ وهل يكون من حق ابنه الموقوف عليه استغلال ريعه لنفسه، ثم من بعده لأولاده بالتداول بينهم؟ وهل للموقوف عليه أن يلحق الدور بالوقف وقد عاد الوقف إليه بعد أن توفي الواقف؟


تسأل جامعة الإمام أبي الحسن الأشعري بداغستان -بعد شرح موجز لأحوال المسلمين هناك- عن حكم بناء مسجدٍ في جزءٍ من أرض حريم القرية، والذي وزعت الحكومة السابقة الكثير من أرض هذا الحريم على الناس -وقد يكونون من أهل القرية الأصليين أو ممن جاء مهاجرًا من قريةٍ أخرى لأن له وظيفةً في هذه القرية أو لغير ذلك من الأسباب- لبناء البيوت لأنفسهم، وقد بنوها وسكنوها وصارت كبلدةٍ مستقلة، مع العلم بأن الحكومة لم تكن قد خصصت للمسجد أرضًا يُقام عليها، والآن لما صار الأمر في بلادنا حكمًا ذاتيًّا لم يسمح إمام القرية لهم ببناء المسجد؛ قائلًا: إن الحريم حرام، ولا يجوز فيه حتى بناء المسجد.
والمسجد الذي بني على أرضٍ من حريم القرية؛ فهل لإمام القرية أن يقوم بوقفه لله تعالى لتصح فيه صلاة تحية المسجد والاعتكاف؟


سئل في تاجر اقترض مبلغًا، ورهن عليه عند دائنه بضاعة -منقولات- تساوي أكثر من قيمة الدين وقت الرهن بكثير كما هي العادة المتبعة في مثل ذلك، وقد اتفق المدين مع الدائن المرتهن على أن يرسل الدائن البضاعة المرهونة لخارج القُطر لأجل بيعها هنالك، وفعلًا شُحِنت البضاعة بعد أن ضمنت إحدى شركات التأمين أخطار البحر كما جرت العادة بذلك، وبعد هذا حصلت عوارض بحرية للبضاعة المرهونة لم تنقص بها قيمة البضاعة عن مقدار الدين، بل ظلت زائدة عليه، وعلم بذلك التاجر، فطالب شركة التأمين بالتعويض عن الضرر الذي نتج من العوارض المذكورة، وقد حصل في أثناء المطالبة أن المدين مالك البضاعة وقف ما كان يملكه من العقارات التي لا علاقة لها بالدين مباشرة، وفي وقت الوقف كانت قيمة البضاعة لا تزال أكثر من مقدار الدين، ثم إنه قد ظهر أخيرًا بعد مضي مدة تغيرت فيها الأسعار وحالة البضاعة أن عملت التصفية بين الدائن والمدين، فتبين منها أن قيمة الأشياء المرهونة والتعويض لا يكفي لسداد الدين والمصاريف والملحقات.
فهل والحالة هذه يكون الوقف صحيحًا؛ لأن الدائن كان معتمدًا وقت الإدانة على البضاعة المرهونة وعلى مركز التاجر الذي كان متينًا وقتئذٍ، ولأن الوقف حصل في وقت كانت فيه البضاعة المرهونة أكثر قيمة من الدين خصوصًا إذا ضم إليها التعويض الذي كان مطلوبًا من شركة التأمين، أو أنه يكون باطلًا؟ وإذا كان صحيحًا فهل يمكن إبطاله والعود على أعيانه بما بقي من الدين بعد المحاسبة واستنزال ما تحصل من التعويض وقيمة الدين المرهونة على حسب ما تساويه الآن لا وقت الاستدانة ولا وقت الوقف؟ أرجو أن تفيدونا بالجواب، ولفضيلتكم الثواب.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 01 نوفمبر 2025 م
الفجر
4 :41
الشروق
6 :9
الظهر
11 : 38
العصر
2:45
المغرب
5 : 8
العشاء
6 :26