ما حكم الخلوة بين المرأة والمطلِّق أثناء فترة العدة؟ فقد طَلَّق زوجٌ زوجتَه طلاقًا بائنًا، وعنده منها طفلٌ رضيعٌ يريد رؤيته، فهل يجوز التواجد معها في المنزل لرؤية طفله، أو يشترط وجود مَحْرَمٍ؟
لا مانع شرعًا مِن جلوس الـمُطَلِّق مع مُطلَّقته البائن منه لرؤية طفلهما شريطة عدم الـخَلوة بينهما، إذ هي أجنبية عنه والخَلوة بينهما محرمة، ولا تنقطع الخلوة بالرضيع، على أنَّه ينبغي الترتيب لـمِثْل هذه الزيارات بين الطَّرَفين في جوٍّ يسوده الاحترام المتبادل والبُعْد عن مواطن الشُّبْهة والرِّيبة، كأن يتأكَّد الـمُطلِّق من وجود أحد محارم المرأة معها قبل الزيارة، أو أن تكون الرؤية في مكان عام بخلاف المنزل.
المحتويات
من المقرر شرعًا أنَّه لا يجوز للرجل الـخَلوة بالمرأة الأجنبية، فقد روى الإمام مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أَنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لا يخلون رجل بامرأة إلَّا ومعها ذو مـَحْرَم».
قال الإمام محيي الدين النووي في شرحه على "صحيح مسلم" (9/ 109، ط. دار إحياء التراث): [إذا خَلَا الأجنبي بالأجنبية من غير ثالثٍ معهما فهو حرام باتفاق العلماء، وكذا لو كان معهما مَن لا يستحى منه لصغره كابن سنتين وثلاث ونحو ذلك فإنَّ وجوده كالعدم] اهـ.
والمراد بالأجنبية: هي مَن ليست زوجًا ولا مِن محارم الإنسان، وهو المستفاد من كلام العَلَّامة النَّفرَاوي المالكي؛ حيث قال في "الفواكه الدواني" (2/ 313، ط. دار الفكر): [(ولا) يجوز أن (يخلو رجل بامرأة ليست منه بمحرم) ولا زوجة بل أجنبية] اهـ.
والخلوة المحرمة هي: خلوة الرجل بامرأة أجنبية عنه في مكان يأمنان فيه من اطلاع الناس، كما يتبين من الحديث السابق، وضبطها العلامة الشَّبْرَامَلِّسِي في حاشيته على "نهاية المحتاج" (7/ 163، ط. دار الفكر) بقوله: [اجتماعٌ لا تُؤمَن معه الرِّيبَة عادةً، بخلاف ما لو قُطِع بانتفائها عادةً فلا يُعدُّ خلوة] اهـ.
تنقطع الخلوة المحرمة بـمَن يحتشم مِن جانبه، أو يمنع ما قد يحصل بينهما، كزوج المرأة، أو أحد محارمها، أو امرأة ثقة معهما، فلا تنقطع برضيعٍ؛ لعدم تصور الاحتشام بسببه أو منع ما قد يحصل بين الطرفين، فهو فاقد الأهلية فلا علم له ولا إرادة ولا إدراك.
قال العلامة ابن عابدين الحنفي في حاشيته على "الدر المختار" (6/ 368، ط. دار الفكر): [والذي تحصل من هذا أن الخلوة الـمُحرَّمة تنتفي بالحائل، وبوجود محرم أو امرأة ثقة قادرة] اهـ.
وقال الشيخ عليش في "فتح العلي المالك" (2/ 72، ط. دار الفكر) في سؤالٍ عمَّن أبان زوجته فهل له السكنى معها في بيت هو في محل منه، وهي في محل آخر، ومعهما فيه غيرهما كمحرمه وزوجته، وهل له إسكان زوجته معها برضاهما، وليس لوليها المنع من ذلك؟ فقال مجيبًا: [نعم، له السكنى في بيت جامع لهما ولغيرهما هو في محل منه، وهي في محلها الذي كانت ساكنة فيه معه] اهـ.
وقال الإمام أبو الخير العِمْراني في "البيان" (11/ 54-55، ط. دار المنهاج): [وإن كان معها محرم لها، كالأب، والابن، أو امرأة ثقة معها، ولها موضع تستتر به عن الزوج... جاز أن يسكن معها؛ لأنَّه يؤمن أن يخلو بها] اهـ.
وقال العَّلامة ابن الرفعة في "كفاية النبيه" (15/ 75، ط. دار الكتب العلمية): [وقد ضبط ما تندفع الخلوة به بما إذا كان هناك من يحتشم منه جانبه، أو يخاف بأن يمنع ما يكاد يجري: إما بنفسه، وإمَّا بالاستعانة بغيره] اهـ.
وقال الإمام محيي الدِّين النَّووي في "المجموع" (4/ 278-279، ط. دار الفكر): [واعلم أن المحرم الذي يجوز القعود مع الأجنبية مع وجوده يشترط أن يكون ممن يستحى منه، فإن كان صغيرًا عن ذلك كابن سنتين وثلاث ونحو ذلك فوجوده كالعدم بلا خلاف] اهـ.
وقال العلامة أبو السَّعَادات الـبُـهُوتي في "كشاف القناع" (5/ 434، ط. دار الكتب العلمية): [(وليس له الخلوة مع امرأته البائن)؛ لأنها أجنبية منه، (إلا) إذا خلا بالبائن (مع زوجته أو أمته أو محرم أحدهما) أي المبين أو المبانة؛ كأن خلا بها مع أمه أو أمها] اهـ.
الطلاق إما أن يكون رجعيًّا أو بائنًا، فالطلاق الرجعي: طلاق الرجل امرأتَه المدخول بها طلاقًا دون الثلاث في غير مقابلة مال؛ وأما الطلاق البائن فإما أن يكون بائنًا بينونة صغرى، وهو: الطلاق قبل الدخول، أو على الإبراء، أو ما كان بطلقة أو اثنتين وانقضت العدة، أو بائنًا بينونة كبرى، وهو ما وقعت فيه ثلاث طلقات.
والطلاق البائن يرفع حكم الزوجية، سواء كان بائنًا بينونة صغرى أو كبرى؛ ومِن ثَمَّ تصير الزوجة أجنبية عنه، وتَحْرُم الخلوة بينهما مِن غير قاطعٍ لها.
قال العَلَّامة شمس الأئمة السَّرَخْسِيُّ الحنفي في "المبسوط" (6/ 36، ط. دار المعرفة): [وإذا طَلَّقها طلاقًا بائنًا وليس له إلَّا بيت واحد، فينبغي أن يجعل بينه وبينها سترًا وحجابًا؛ لأنه ممنوع مِن الخلوة بها بعد ارتفاع النكاح فيتخذ بينه وبينها سترة حتى يكون في حكم بيتين] اهـ.
وقال العَلَّامة النفراوي المالكي في "الفواكه الدواني" (2/ 313): [(ولا) يجوز أن (يخلو رجل بامرأة ليست منه بمحرم) ولا زوجة بل أجنبية؛ لأن الشيطان يكون ثالثهما يوسوس لهما في الخلوة بفعل ما لا يحل] اهـ.
وقال العلامة الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (5/ 112، ط. دار الكتب العلمية): [(وليس له) أي: يَحْرُم عليه ولو أعمى (مساكنتها ولا مداخلتها) في الدار التي تعتد فيها؛ لأنه يؤدي إلى الخلوة بها وهي محرم عليه، ولأنَّ في ذلك إضرارًا بها وقد قال تعالى: ﴿وَلَا تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عَلَيۡهِنَّ﴾ [الطلاق: 6] أي: في المسكن، وسواء كان الطلاق بائنًا أم رجعيًّا] اهـ.
وقال العلامة أبو السَّعَادات البُـهُوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (5/ 434): [(وليس له الخلوة مع امرأته البائن)؛ لأنها أجنبية منه (إلَّا) إذا خلا بالبائن (مع زوجته أو أمته أو مَحْرَم أحدهما) أي: الـمَبِين أو المبانة كأن خلا بها مع أمه أو أمها] اهـ.
ومِن ثَمَّ فالمطلقة طلاقًا بائنًا أجنبية عن مُطلِّقها، فيُمْنَع على ذلك حصول الخَلوة بينهما من غير قاطع لها.
بناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فلا مانع شرعًا مِن جلوس الـمُطَلِّق مع مُطلَّقته البائن منه لرؤية طفلهما شريطة عدم الـخَلوة بينهما، إذ هي أجنبية عنه والخَلوة بينهما محرمة، ولا تنقطع الخلوة بالرضيع، على أنَّه ينبغي الترتيب لـمِثْل هذه الزيارات بين الطَّرَفين في جوٍّ يسوده الاحترام المتبادل والبُعْد عن مواطن الشُّبْهة والرِّيبة، كأن يتأكَّد الـمُطلِّق من وجود أحد محارم المرأة معها قبل الزيارة، أو أن تكون الرؤية في مكان عام بخلاف المنزل.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الطلاق في زمن الحيض؟ حيث تسأل امرأة عن واقعة الطلاق الثالثة رسميًّا بينها وبين زوجها؛ حيث أفتاها البعض بأن الطلاق الأخير غير واقع لأنها كانت في حيضٍ وكانت تمرُّ بظروف نفسية حادة بسبب ذلك. فهل هذا صحيح؟
ما هي حقوق المطلقة بعد الدخول؟
ما حكم من يقول: أريد تأويلًا علميًّا للقرآن الكريم؟
ما حكم طلاق المرأة من زوجها الغائب؛ حيث سئل بإفادة من محافظة الإسكندرية؛ مضمونها: أنه بعد الاطلاع على الخمسة والعشرين ورقة المرسلة طيه، الواردة لها بإفادة من مخابرات الجيش المصري، نمرة 8 مخابرات سودان، بخصوص زواج امرأةٍ بآخرَ خلاف زوجها حالة كونها لم تزل على عصمته. يفاد بما يقتضيه الحكم الشرعي في هذا المسألة.
ومن ضمن الأوراق المذكورة: إعلامٌ صادرٌ من نائب خط الخندق السماني؛ مضمونه: أنه حضرت لديه المرأة المذكورة، من ناحية "ملواد" من ملحقات الخط المقال عنه، وأورت له أنها زوجة للمذكور، ومنكوحته بنكاح صحيح شرعي، وحال وقوع العقد في الجهة البحرية ونقلتها للناحية المذكورة من هناك، ورغبتها لقدومه معها، فما كان منه ذلك، ولا بانتظارها له العام (يحلفه)، ولتراكم الضرر القائم بها في جزئيات أحوالها وكلياتها، وخشية من طروء الفساد عليها بعدم المعاشرة، تلتمس فسخ نكاحها منه على إحدى تلك الوجوه. وعملًا بقولها، ونظرًا لرعاية جانب الغائب، طلب منها النائب المذكور البينة المطابقة لدعواها من الزوجية وخلافها، فأحضرت شاهدين شهدا طبق قولها، وقد استحلفها النائبُ المذكورُ اليمينَ كما هو المقتضى شرعًا، ولقبول شهادتهما ثبت عند هذا النائب صحة دعواها، وتأكد ضررها، وعملًا بالنصوص الواردة في هذا الشأن قد فسخ نكاحها من زوجها، وأباح زواجها بمن ترغبه بعد وفاء العدة لبراءة رحمها بقُرء واحد، وصارت بائنة منه بفسخ نكاحها.
ولمعلومية ذلك قد تحرر لها هذا الإعلام بيدها، ومن ضمن الأوراق المذكورة أيضًا: عريضة من الزوج المذكور للحربية، وعريضة أخرى لمحافظة الإسكندرية؛ بزواج امرأته المذكورة بغيره حالة أنها على عصمته، ورغبته الاستفتاء عن هذه المادة من إفتاء الديار المصرية، واتضح من باقي الأوراق أنه صارت التحريات اللازمة بواسطة الحربية، فاتضح أنها كانت زوجة له وتزوجت بغيره بناءً على الإعلام المذكور.
تشاجرت مع عاملٍ تحت يدي، وحلفت وأنا في العمل بقولي: عليَّ الطلاق لم تشتغل معي. وخرج من العمل. فهل إذا رددته للعمل يقع يمين الطلاق، أو لا يقع؟
ما حكم الطلاق المعلق؟ فأنا ذهبت إلى بلدتي، وفي مرة قلت لزوجتي: "إذا ذهبت إلى منزل والدك فأنت طالق"، وقد ذهبت بالفعل.
وفي مرة أخرى حصل خلاف مع شقيقي فانفعلتُ وقلت: "عليَّ الطلاق ما أنا نازل البلد دي تاني"، واضطررت للذهاب إليها للعزاء.
فما حكم الشرع في ذلك؟