ما حكم صوم مَن رأى غروب الشمس وسَمِع المؤذِّن وهو في أرض المطار فأفطر، وبعد إقلاع الطائرة رأى الشمس لم تَغْرُب، وهل يجب عليه أن يُمْسِك مرة أخرى؟
صيام مَن أَفطر بعد غروب الشمس صحيحٌ، ولا يجب عليه الإِمساك لرؤية الشمس في الطائرة بعد ذلك؛ وذلك لأَنَّ الإِفطار المعتبر في حق المسافر عبر الطائرة إِنما يكون برؤيته غروب الشمس بكامل قُرْصها في موضعه الذي هو فيه، فإِذا غابت الشمس وأَفطر الصائم، ثم خرجت مرة أُخرى من جهة الغرب، فلا يجب عليه الإِمساك ولا يلتفت لردِّها وعودتها مرة أُخرى.
المحتويات
من المقرر شرعًا أنَّ الصائم يجب عليه أن يُمْسِك عن كل ما يَحصُل به الفِطْر مِن طلوع الفجر إلى غروب الشمس؛ وذلك لأنَّ حقيقة الصوم هي إمساكُ المكلَّفِ الـمُمَيَّزِ عن المفطرات مِن أَوَّل النهار إلى آخرِه بالنِّيَّة، حال السلامة من الموانع، فإذا غربت الشمس حلَّ للصائم الفِطْر؛ لقوله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: 187].
وما رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» متفقٌ عليه، واللفظ للبخاري.
وقد نَقَل العَلَّامة ابن بطَّال في "شرح صحيح البخاري" (4/ 102، ط. مكتبة الرشد) الإجماعَ على أنَّ غروب الشمس ودخول الليل هو أَمَد الصائم، ووقت إفطاره.
والأَصل -كما يقول المتخصصون بعلوم الفلك- وَفْق آخر دراسة تَمَّ إجراؤها في ديسمبر 2021م: أَنَّ مغرب الشمس يختلف من موضعٍ إلى آخر كما يختلف أيضًا مَطْلَعُها، فيتَغيَّر اتجاه شروق الشمس وغروبها مع تَغيُّر الأشهر طوال العام. (دراسة المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية عن "اتجاه شروق الشمس"، بتاريخ 5 يناير 2022م).
وعلى هذا الأصل في التَّغيُّر غروبًا سيختلف موعد الفِطْر في رمضان في كل ناحيةٍ؛ لذا فالمعتبر في دخول وقت المغرب وحصول الفِطْر هو غروب الشمس في كل موضعٍ على حِدَة، فيعتبر في أَهل كل موضع مَغرِبَه، فإِذا غَربت الشمس في أَرضِ الصائم وموضعِه بَادَر إِلى الفِطْر وإِن لم تَغْرُب في أَرضٍ أَو موضعٍ آخر.
تأسيسًا على ما سبق فالصائم إذا رأى الغروب وتَيقَّن منه في مكانه فعمل بما رأى وأَفْطَر، ثم أَبْصَرها عِلْمًا ويقينًا في مكانٍ آخر غير محل وجوده في نَفْس الوقت فلا يجب عليه الإمساك، وصومه صحيحٌ؛ إذ العبرة في الإفطار بتحقُّق الصائم من غروب الشمس ودخول الظُّلمة؛ إمَّا حِسًّا أو خَبَرًا، فإذا عمل بمقتضى ما تيقَّن لديه وأفطر ثُمَّ حَلَّ في مكانٍ آخر فوجد الشمس لم تَغْرُب فلا عبرة بوجودها حينئذٍ، ولا يجب عليه الإمساك لرؤيتها ثانيةً؛ لأنه قد أتمَّ صومه بالفطر بعد التحقُّق من علامات الغروب أولًا؛ وذلك عملًا بمقتضى حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه السابق.
وهذا هو ما نَصَّ عليه أحد أكابر علماء الحنفية، ففي واقعة سؤال ذَكَرها العلَّامة علاء الدين الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 83، ط. دار الكتب العلمية) عن القاضي أبي عبد الله بن أبي موسى الضرير، حيث استُفْتِي في أَهل إسكندرية أَنَّ الشمس تغرب بها ومَن على منارتها يرى الشمس بعد ذلك بزمان كثير، فنَصَّ على: [يحل لأهل البلد الفِطْر، ولا يحل لـمَن على رأس المنارة إذا كان يرى غروب الشمس] اهـ.
ثم عَلَّل ابن أبي موسى هذا الحكم بأنَّ: [مغرِبَ الشمس يختلف كما يختلف مطلعها، فيُعتَبَرُ في أَهل كل موضعٍ مَغرِبَهُ] اهـ.
فالمفهوم مِن جوابه: أنَّ الشخصَ الـمُتَحقِّقَ من غروب الشمس في موضعه لا يَعْنيه وجودها في موضعٍ آخر لا يراه هو، لذا حَلَّ الفِطْر لأهل البلد المتحقِّق في حقهم الغروب، دون مَن على رأس المنارة الذين لم يُتَحقَّق لديهم الغروب.
ومَن على رأس المنارة يُلْحَق به في زماننا مَن رأى الشمس وهو في الطائرة بعد أَنْ تَحقَّق مِن غروبها وهو في المطار قبل إقلاع الطائرة؛ إذ العبرة في كلٍّ بوجود الشخص في مكان تَغْرُب فيه الشمس مع إمكان رؤيتها في مكانٍ آخر لم تَغرُب فيه.
ومقتضى ذلك: أَنَّ الإِفطار المعتبر في حق المسافر عبر الطائرة إِنما يكون برؤيته غروب الشمس بكامل قُرْصها في موضعه الذي هو فيه، فإِذا غابت الشمس وأَفطر الصائم، ثم خرجت مرة أُخرى من جهة الغرب، فلا يجب عليه الإِمساك ولا يلتفت لردِّها وعودتها مرة أُخرى، وأَوْلَى منه صورة هذه المسألة، وهي رؤية الصائم غروب الشمس وتحقُّقه مِن ذلك بسَمِاع المؤذِّن في أرض المطار فأَفطر، وبعد إقلاع الطائرة رأى الشمس لم تَغْرُب.
بناءً على ما سبق: فصيام مَن أَفطر بعد غروب الشمس صحيحٌ، ولا يجب عليه الإِمساك لرؤية الشمس في الطائرة بعد ذلك.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل يجب تبييت النية في قضاء صيام رمضان؟ فقد أفطرتُ يومًا في رمضان لعذرٍ، وفي أحد الأيام استيقظتُ عند الساعة العاشرة صباحًا ولم أكن قد تناولتُ شيئًا من طعامٍ أو غيره أو فعلتُ أمرًا ينافي الصيام؛ فهل يجوز أن أنوي الصيام في هذا الوقت بنية قضاء اليوم الذي عليَّ وأُكمل بقية اليوم صائمًا؟
ما هو البلوغ الذي تجب به حقوق الله تعالى مِن صلاة وصوم شهر رمضان المبارك ونحوهما؟
ما حكم صيام من كان في بلد غير إسلامي برؤية بلد إسلامي مجاور؟ فأنا أعيش في بلد ذي أقلية مسلمة، ولا أعرف كيفية رؤية الهلال، ولا يوجد عندنا هيئة رسمية لذلك الشأن، لكن هناك بعض الناس يجتهدون في رؤية الهلال، وتختلف أقوالهم كل عام في ثبوت رؤية الهلال وعدم ثبوته، ويجاورنا بلد إسلامي، وبه مؤسسة إفتائية رسمية تقوم باستطلاع هلال شهر رمضان الكريم وتصدر بيانًا بذلك، فهل يجوز لمن يعيشون في مثل بلدنا أن يصوموا بناء على رؤية ذلك البلد الإسلامي المجاور حسمًا للخلاف الموجود في تلك البلد، أو يجب عليهم أن يصوموا برؤية بلدنا؟
ما حكم إفطار الطاقم الطبي من الأطباء والممرضين المباشرين لعلاج المرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد؛ وذلك دفعًا للضرر وخوفًا من الهلاك المترتب على مشقة العمل؟ما حكم إفطار الطاقم الطبي من الأطباء والممرضين المباشرين لعلاج المرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد؛ وذلك دفعًا للضرر وخوفًا من الهلاك المترتب على مشقة العمل؟
ما حكم إفطار مريض السكر في شهر رمضان؟ حيث أبلغ من العمر 59 عامًا، وأعيش في كندا منذ 30 عامًا، وأحافظ على ديني، ولأنني مريض بالسكر أعاني كثيرًا من الصيام، وطبيبي الكندي نصحني بعدم الصيام فتوقفت عن الصيام، لكني أشعر بالأسف. فما هو وضعي؟
ما حكم إفراد يوم الجمعة بالصيام؟