حكم صوم الحامل إذا رأت الدم

تاريخ الفتوى: 11 مارس 2024 م
رقم الفتوى: 8336
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الطهارة
حكم صوم الحامل إذا رأت الدم

ما حكم صوم المرأة الحامل إذا رأت الدم أثناء صيامها؟

الدَّمُ النَّازِلُ على المرَأَةِ الحَامِلِ لا يُعَدُّ حَيضًا، وإِنَّما هو دَمُ فَسَادٍ تجرِي عليه أَحكَامُ الاستِحَاضَةِ، فلا يمنَعها من الصومِ، فإِذا رَأَت الحَامِلُ دَمًا حال صومِها فعليها أَن تُتِمَّ الصومَ ولا تقطعَهُ.

المحتويات

 

 

هل دم الاستحاضة يمنع المرأة من أَن تقوم بالعباداتِ؟

قَرَّر الفقهاء أنَّ الحَيضَ والنِّفاسَ يمنعانِ المرأَةَ من القيامِ ببعضِ العِبادَات، ومِنها: الصومُ والصلاةُ والطوافُ وغيرُ ذلك، وهذا بخلاف دَمِ الاستِحَاضَةِ فإنَّه يصِحُّ معه أَن تقومَ المرأةُ بالعباداتِ التي يَمنعُ مِنهَا الحيض، وإِن سال منها الدَّم؛ لما ثبت عن أمِّ المؤمنين السَّيِّدة عائشة رضي الله عنها قالت: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: "لَا، إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي" متفق عليه.

اختلاف الفقهاء في تكييف الدم الخارج من المرأة أثناء الحمل

اختلف الفقهاء في تكييفِ الدمِ الخارجِ من المرأَةِ أَثناءَ حَملِها فيما إذا كان حيضًا، فتجري عليها أَحكَامُهُ، أو هو استحاضة فلا يَمنَعُهَا من القيامِ بما طُولِبَت به من العبادات.

فيرى جمهور الفقهاء من الحنفية، والحنابلة، والإمام الشافعي في القديم: أَنَّ الدمَ النازلَ من الحاملِ لا يُعَدُّ حيضًا، بل هو استحاضةٌ لا يَمنعُ صَلَاتَها ولا صِيامها ولا وَطأَها.

قال العلامة ابن مودود الموصلي الحنفي في "الاختيار" (1/ 27، ط. الحلبي): [(وما تراهُ الحاملُ: استحاضةٌ) لأَنَّها لا تحيض؛ لأَنَّ بالحملِ يَنسَدُّ فَمُ الرَّحِمِ، ويَصيرُ دَمُ الحيضِ غِذَاءً للجنينِ، فلا يكون حَيضًا] اهـ.

وقال الإمام النَّووي في "روضة الطالبين" (1/ 174، ط. المكتب الإسلامي): [ما تراه الحامل من الدَّم على ترتيب أدوارها فيه قولان، القديم: أنَّه دم فساد] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 261، ط. مكتبة القاهرة): [والحَامِلُ لا تَحِيضُ، إلَّا أَن تَرَاهُ قبل وِلَادَتِهَا بيَومَين أَو ثلاثة، فيكُونُ دَمَ نِفَاسٍ، مَذهبُ أَبِي عبد اللَّهِ رحمه اللَّه أَنَّ الحاملَ لا تَحِيضُ، وما تَرَاهُ مِن الدَّمِ فهو دَمُ فَسَادٍ، وهو قولُ جُمهورِ التَّابِعِين] اهـ.

بينما يرى المالكيةُ، والشافعيةُ في الصحيحِ: أَنَّ الحَامِلَ إذا رَأَت دمًا فهو دَمُ حَيضٍ وإِن كان ذلِكَ على خِلَافِ العادة.

قال الشيخ الدردير المالكي في "الشرح الصغير" (1/ 211، ط. دار المعارف): [واعلَم أَنَّ العادة الغَالِبَةَ في الَحامِلِ عدم نزول الدَّمِ مِنها، ومِن غَيرِ الغَالِب قد يَعتَرِيهَا الدَّمُ، ثم اختُلِفَ في الدَّمِ النَّازِلِ مِنها: هل هو حَيضٌ بالنِّسبَةِ للعبادة؟ فلا تُصلِّي ولا تَصُوم ولا تَدخُل مسجدًا ولا تُوطَأ، وهو مَذهَبُ مَالِك] اهـ.

وقال الإمام الخَرَشي المالكي في "شرح مختصر خليل" (1/ 205، ط. دار الفكر): [لَمَّا كانت الحَامِلُ عِندَنَا تَحِيضُ خِلَافًا للحَنَفِيَّة، ودَلَالَةُ الحَيضِ على بَرَاءَةِ الرَّحِمِ ظَنِّيَّةٌ: اكتَفَى بِهَا الشَّارِعُ رِفقًا بالنِّسَاءِ، وقال مَالِكٌ: لَيْسَ أَوَّلُ الحَملِ كآخِرِهِ؛ ولِذلكَ كَثُرَت الدِّمَاءُ بكَثرَةِ أَشهُرِ الحَملِ؛ لأَنَّهُ كُلَّمَا عَظُمَ الحَملُ كَثُرَ الدَّمُ] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (2/ 521، ط. دار الفكر): [لَو رَأَت الحَامِلُ الدَّمَ على عَادَتِهَا واتَّصَلَت الوِلَادَةُ بِآخِرِهِ وَلَم يَتَخَلَّل طُهرٌ أَصلًا: فَوَجهَانِ: أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ حَيضٌ] اهـ.

حكم صوم الحامل إذا رأت الدم

هذه المسألة من المسائل الطبية التي يُرجع في الفتوى فيها إلى جانب الوجود وهو ما يُظْهِره أهل التَّخصُّص؛ نظرًا للتَّطوُّر المستمر الذي يحصل في الجانب الطبي في الكشف عمَّا يعرض في جسم الإنسان؛ لأن كلام الفقهاء في هذه المسألة إنما كان بناءً على ما وَصَلت إليه تصوراتهم في زمانهم، وإلَّا فالطِّبُّ الحديث وَفْق آخر الأبحاث أثبت أنَّ المرأة الحامل لا تحيض؛ وذلك لأنَّ دمَ الحيض ناتجٌ عن هرمون "البروجستيرون"، وانخفاضه كل شهر يُؤدِّي إلى خروج دم الحيض، وهذا بخلاف الدم الخارج مِن الحامل، فإذا حصل فهو اضطرابٌ في الحمل ويجب مراجعة الطبيب في ذلك، فمن غير الجائز طِبِّيًّا وعِلْميًّا أن يكون الدمُ النازل أثناء الحمل دم حيضٍ؛ لأنَّه بعد تلقيح البويضة يَمْتنع أن يكون الدم لبويضة متفجِّرة أو متفتتة  لم تُلَقَّح، وهذا هو حقيقة دم الحيض الذي يَظْهَر مع كلِّ دورة قمرية متوافقة مع خروج البويضة كل ثمانية وعشرين يومًا، وبعد تلقيح البويضة تبدأ مراحل تكوين الجنين.

ووفق ما قَرَّره أهل التَّخصُّص فإنَّ غالب ما ينزل من دم أثناء الحمل يكون في أَوَّله؛ وذلك نتيجة لوجود الجنين منغمسًا في جزء من جدار الرحم، ويصبح هناك جزء خارج الانغماس، فأحيانًا ينزل أثناء الحمل بعض نقط من الدم أثناء فترة الحمل، حتى يصل الجنين إلى مدة ثلاثة أشهر، فيشمل الرحم كله، ولا ينزل شيء.

وهذا معناه أَنَّ الدَّمَ النَّازِلَ على الَحامِلِ لا يُعَدُّ حَيضًا، بل هو استِحَاضَة، فإِذا رأَت الحَامِل دَمًا حال صَومِها فعليها أَن تُتِمَّ الصَّوم؛ لأَنَّه لا يَمنَعُهَا مِن الصَّلاة ولا الصيام.

ولعل هذا يُؤيده ما وردَ عن أَبي سَعِيدٍ الُخدرِي رضي الله عنه مَرفُوعًا، أَنَّ النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال في سَبَايَا أَوطاس: "لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً" أخرجه أبو داود في "سننه".

فالحديث جَعَلَ الحَيضَ دَلِيلًا على بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، فدَلَّ على أَنَّ الحَامِلَ لا تَحيضُ، كما أفاده الإمام أبو سليمان الخطابي في "معالم السنن" (3/ 225، ط. المطبعة العلمية).

الخلاصة

بِنَاءً على ذلك: فالدَّمُ النَّازِلُ على المرَأَةِ الحَامِلِ لا يُعَدُّ حَيضًا، وإِنَّما هو دَمُ فَسَادٍ تجرِي عليه أَحكَامُ الاستِحَاضَةِ، فلا يمنَعها من الصومِ، فإِذا رَأَت الحَامِلُ دَمًا حال صومِها فعليها أَن تُتِمَّ الصومَ ولا تقطعَهُ.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

سائل يقول: سمعت أن العمل يتضاعف في الأماكن المحرمة ومنها مكة المكرمة لذلك يحرص كثير من الناس على الإكثار من الطاعات وتجنب المعاصي فيها؛ فما مدى صحة ذلك؟


ما حكم صيام القضاء بدون تعيين سَنَة القضاء لمَنْ عليه عدة سنوات؟ فإنَّ عليَّ قضاء رمضانين، كنتُ قد أفطرت فيهما بسبب المرض، لكن لا أتذكَّر في أي سَنَة قد أفطرتُ، فصُمْتُ بنيةِ القضاء ولم أُعيِّن أنِّي صائم عن رمضان سنةَ كذا، فهل صومي مُجزئٌ عن القضاء، أو عدم تعيين السَّنَةِ في القضاءِ يقدحُ في صحةِ صومي؟


يقول السائل: والدي مريض وكبير في السن ولا يستطيع الوضوء، فكيف يقوم بالتيمم بطريقة صحيحة من أجل الصلاة؟ 


نرجو منكم بيان المعنى المراد من قول النبي عليه الصلاة والسلام: "أحب الصيام" في حديث: «إِنَّ أَحَبَّ الصِّيَامِ إِلَى اللهِ، صِيَامُ دَاوُدَ».


ما الفرق بين المفقود من أفراد القوات المسلحة والمفقود من غيرهم؟ فقد تضمن السؤال أن السائلة تزوجت بمدرس بمحافظة سوهاج، وأن زوجها جند بالقوات المسلحة، وأنه فقد في العمليات الحربية بجهة سيناء بتاريخ 8/ 6/ 1967م بمقتضى شهادة دالة على فقده وصلت إلى مديرية التربية والتعليم بسوهاج من وزارة الحربية، وأن مديرية التربية والتعليم المذكورة كانت تصرف للسائلة مرتب زوجها شهريًّا حتى أوقف الصرف بمقتضى حكم صدر ضدها من المحكمة الحسبية ببندر سوهاج في قضية رفعها والد الزوج ضدها، وأنه قد ورد إليها كتاب من وزارة الحربية يفيد بأنه بموجب القرار رقم 72 لسنة 1969م باعتبار الغائبين بالعمليات الحربية بسيناء مفقودين وتسوية حالاتهم وصرف معاش ثابت للمستحقين عنهم، وأن الزوجة -السائلة- لا تجد من يعولها وليس لها مصدر رزق بعد قطع راتب زوجها عنها اعتبارًا من نوفمبر سنة 1969م للآن. وطلبت السائلة بيان الحكم الشرعي فيما إذا كان يحق لها شرعًا أن تتزوج بآخر استنادًا إلى:
أ- القرار السالف الذكر رقم 72 سنة 1969م الخاص باعتبار الغائبين مفقودين وصرف معاش ثابت للمستحقين عنهم.
ب- خطاب ورد إلى والد زوجها من قلم خسائر الحرب يقضي باعتبار الغائبين مفقودين.
ج- أنه مضى على عقد زواجها بالمفقود المذكور خمس سنوات وهي معلقة بين السماء والأرض.
د- أن زوجها المفقود من قبل يونيه سنة 1967م حتى اليوم لم تصل أنباء أو معلومات تفيد بأنه موجود على قيد الحياة.
هـ- أن غياب الزوج المذكور كان غيابًا متصلًا من قبل يونيه سنة 1967م إلى الآن، ولم ينقطع هذا الغياب خلال تلك المدة الطويلة.


ما حكم التيمم للجنابة في البرد الشديد؛ فأحيانًا أستيقظ في الصباح قبل صلاة الفجر وأكتشف أني قد احتلمت أثناء نومي، وأحيانًا يحدث ذلك حين أستيقظ أثناء الليل، وأحيانًا يكون الطقس باردًا جدًّا فلا أستطيع أن أغتسل، فأتيمم وأصلي، وكما قلت أنا لا أغتسل في هذا الطقس البارد لخوفي من أن أمرض، فهل ما أفعله صواب؟ وهل صلاتي صحيحة؟ أرجو الإجابة على سؤالي.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 19 مايو 2025 م
الفجر
4 :19
الشروق
5 :59
الظهر
12 : 51
العصر
4:28
المغرب
7 : 44
العشاء
9 :13