ما حكم طهارة وصلاة العامل في محطات البنزين؟ فأنا أعمل في محطة للوقود وغالبًا يقع على يَديَّ وملابسي شيئًا من البنزين والسولار، ويصعب عليَّ قبل كل وضوء الغَسْل الكامل لها، أو نزع وتغيير الملابس، فهل تصح صلاتي بهذه الحالة؟
البنزين والسولار الأصل فيهما أنهما مِن جملة الطاهرات، فلا تتنجس الملابس أو البدن بما يصيبها من آثارهما، كما أن تلك الآثار لا تمنع من وصول الماء إلى العضو، وعليه تكون الطهارة -وضوء أو غسلًا- صحيحة شرعًا، وكذلك الصلاة، ومع أن الثياب طاهرةٌ فإن أمكن تغييرها عند الصلاة لكان حَسَنًا، فلبس أحسن الثياب عند إرادة الصلاة مِن جملة المندوبات.
المحتويات
الصلاةُ مناجاةٌ لله سبحانه وتعالى، ومقامُ أدبٍ معه جل وعلا؛ لذا أَمَر سبحانه عبادَه في هذا المقام بأن يحسنوا هيئتهم ويظهروا أدبهم، فقال تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: 31]، وقال تعالى: ﴿فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾ [التوبة: 108]، قال أبو البركات النَّسَفي في "مدارك التنزيل وحقائق التأويل" (1/ 564، ط. دار الكلم الطيب): [والسُّنَّة أن يأخذ الرجل أحسن هيآته للصلاة؛ لأنَّ الصلاة مناجاة الرب فيُستحب لها التزين والتعطر كما يجب التستر والتطهر] اهـ.
تحقيقًا لهذا المقصد الأسنى مِن الصلاة - أن الصلاةُ مناجاةٌ لله سبحانه وتعالى- فإنه يراعى فيها جملة من الأمور: كستر العورة، والتَّطهُّر، والتطيب، وكذا لبس أحسن الثياب.
ومما يتصل بذلك: صفةُ اللباس الذي يرتديه المصلي وهو واقفٌ بين يدي الله سبحانه وتعالى، والتي مِن جملتها ما يكون على الملابس مِن مواد بترولية -بنزين أو سولار- ناتجة عن الأعمال اليومية للشخص المصلي، والقول بصحة الصلاة أو فسادها في هذه الحالة فرعٌ عن طهارة هذه المواد أو عدمها، وقد اختلفت أنظار العلماء في نظرية تكوين البترول بين واحدةٍ تُؤيِّد التكوين اللاعضوي، وأخرى تُرجِّح الأصل العضوي للبترول، وهذه الأخيرة هي الأكثر قبولًا، والمقصود بالأصل العضوي، أي: الذي يتكون مـن الأحمـاض الدهنية (Fatty acids) والأحماض الأمينية (Amino Acids) الموجودة في أجسام الكائنات الحية. ينظر: "البترول العربي" لحسين عبد الله (ص: 3، ط. دار النهضة العربية)، و"محاضرات في الاقتصاد البترولي" لمحمد الدُّوري (ص: 16، ط. مطبوعات الجامعة الجزائرية).
وعلى كلا الفرضين: فالموادُّ البتروليَّة في أصلها طاهرة لا نجسة؛ إذ على الفرض الأول وهو تكوينها اللاعضوي، فالأصل في الأشياء الطهارة إلا ما استثناه الشرع الشريف، ولم يرد فيه ما يدل على نجاسة تلك المواد، فتكون طاهرة.
قال العلامة الدردير في "الشرح الصغير ومعه حاشية الصاوي" (1/ 43، ط. دار المعارف): [الأصل في الأشياء الطهارة، فجميع أجزاء الأرض وما تولد منها طاهر، والنجاسة عارضة] اهـ. وينظر أيضًا: "المحيط البرهاني" للعلامة ابن مازة (5/ 261، ط. دار الكتب العلمية)، و"تحفة المحتاج" للعلامة ابن حجر (1/ 297، ط. المكتبة التجارية الكبرى).
وعلى فرض التكوين العضوي لها، فالميتة بتحللها تتحول عينها إلى عين أخرى، مما يجعلها طاهرة كما هو قول الحنفية في المعتمد عندهم، والمالكية، وهو أيضًا رواية عند الحنابلة، إذ إنهم يرون أنَّ لاستحالة الموادّ -أي تحول عينها إلى عين أخرى- أثرًا في طهارتها.
قال العلامة الزيلعي الحنفي في "تبيين الحقائق" (1/ 76، ط. الأميرية): [والأعيان النجسة تطهر بالاستحالة عندنا، وذلك مثل الميتة إذا وقعت في المملحة فاستَحَالت حتى صارت مِلحًا، والعَذِرَة إذا صارت ترابًا أو أحرقت بالنار وصارت رمادًا، فهي نظير الخمر إذا تخللت، أو جلد الميتة إذا دبغت، فإنه يحكم بطهارتها للاستحالة] اهـ.
وقال العلامة الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (1/ 97، ط. دار الفكر) عند كلامه على فأرة المسك -وهي الوعاء الذي يكون فيه المسك، ويسمى أيضًا بالنافجة-: [وإنما حكم لها بالطهارة -والله أعلم-؛ لأنَّها استحالت عن جميع صفات الدم، وخرجت عن اسمه إلى صفاتٍ واسمٍ يختص بها، فطهرت لذلك، كما يستحيل الدم وسائر ما يتغذّى به الحيوان من النجاسات إلى اللحم، فيكون طاهرًا] اهـ.
وقال العلامة الـمَرْدَاوي الحنبلي في "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" (1/ 318، ط. دار إحياء التراث العربي): [قوله -أي: ابن قدامة صاحب "المُقْنِع"-: (ولا يَطْهُر شيء من النجاسات بالاستحالة، ولا بنار أيضًا، إلا الخمرة)، هذا المذهب بلا ريب، وعليه جماهير الأصحاب، ونصروه. وعنه -أي: الإمام أحمد-: بل تطهر، وهي مُخَرَّجَةٌ من الخمرة إذا انقلبت بنفسها، خَرَّجَها المَجْدُ يعني: ابن تيمية الجد-، واختاره الشيخ تقي الدين -يعني: ابن تيمية-، وصاحب "الفائق" -أي: ابن قاضي الجبل-] اهـ.
وعلى ذلك فالملابس التي عليها هذه المواد البترولية -بنزين أو سولار- طاهرة مستكملة لشرط طهارة الثوب اللازمة لـمَن أراد الصلاة الوارد في قوله تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ [المدثر: 4]. ومع كون الملابس التي عليها هذه المواد البترولية طاهرة كما سبق تقريره بحيث لا يجب نَزْعُها عند إرادة الصلاة، إلَّا أنَّ مِن الكمال الـمُرغَّب فيه لبس أحسن الثياب عند إرادة الصلاة للمعنى السابق ذِكْره، وهو ما يجعل نزع تلك الملابس المتسخة بهذه المواد في هذه الحالة أمرًا مستحبًّا. -وبخصوص ما يصيب يد العامل في محطة الوقود أو بدنه من آثار البنزين أو السولار -كما في صورة السؤال- فلا يمنع ذلك من صحة الطهارة -وضوء أو غسلًا-؛ لطهارته كما سبق تقريره، ولأنه ليس حائلًا يمنع مس الماء أعضاء الوضوء أو الاغتسال، إذ الحائل الذي يمنع مس الماء للعضو هو الجرم الكثيف الجامد الذي يُكوِّن طبقةً فوق الجلد، والتي تصير جزءًا من البدن، أما المائعات والموادُّ الرطبة فلا تمنع مس الماء للعضو، حتى وإن جمدت؛ لأنَّ رطوبتها تعود بإيصال الماء إليها، فلا تمنع مس الماء للعضو.
قال العلامة ابن حجر الهيتمي في "تحفة المحتاج" (1/ 187، ط. المكتبة التجارية الكبرى) في بيان شروط صحة الوضوء: [وأن لا يكون على العضو ما يغير الماء تَغيُّرا ضارًّا أو جرم كثيف يمنع وصوله للبشرة لا نحو خضاب ودهن مائع، وقول القفال: تراكم الوسخ على العضو لا يمنع صحة الوضوء ولا النقض بلمسه يتعين فرضه فيما إذا صار جزءا من البدن لا يمكن فصله عنه] اهـ.
وقال العلامة البجيرمي في "حاشيته على الإقناع" (1/ 128، ط. دار الفكر): [قوله: (وعدم الحائل) كدهن جامد. أما المائع فإنه لا يمنع مس الماء للعضو وإن لم يثبت عليه] اهـ.
بناءً على ما سَبَق وفي واقعة السؤال: فالبنزين والسولار الأصل فيهما أنهما مِن جملة الطاهرات، فلا تتنجس الملابس أو البدن بما يصيبها من آثارهما، كما أن تلك الآثار لا تمنع من وصول الماء إلى العضو، ومع ذلك فإن أمكن تغيير الملابس عند الصلاة لكان حَسَنًا، فلبس أحسن الثياب عند إرادة الصلاة مِن جملة المندوبات.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الجمع في المطار للمسافر؟ فقد أَذَّنَ علينا الظهر في مطار القاهرة، ومجموعة منا قامت بصلاة الظهر في المطار ومعه العصر جمع تقديم أربع ركعات، وكانت معنا مجموعة أخرى من دولة إسلامية آسيوية فصلوا معنا الظهر فقط ورفضوا صلاة العصر، وفي الطائرة قام أحدهم برفع أذان العصر وقام كل واحد منهم وصلى إمامًا ومعه آخر في طرقة الطائرة، ويذكر السائل أن الطائرة ستصل إلى البلدة المتوجهة إليها بعد أذان المغرب. ويطلب بيان الحكم الشرعي.
ما حكم الفتح على الإمام ممن هو خارج الصلاة؟ فكنت أجلس في المسجد لقراءة الأذكار بعد المغرب وبجواري جماعة من المصلين جاؤوا متأخرين بعد انتهاء الجماعة الأولى، وأثناء صلاتهم أخطأ الإمام في قراءته وتلعثم ولم يفتح عليه أحد من المأمومين خلفه، فهل يجوز لي تصحيح القراءة له والفتح عليه مع كوني خارج الصلاة؟
ما حكم الشرع في جمع النقود في المسجد ما بين الخطبة الأولى والخطبة الثانية؟
يقول السائل: هل يجوز جمع المسافر صلاة العصر قصرًا مع صلاة الجمعة في وقت أداء الجمعة؟
ما حكم إمامة الجالس للقائم في الصلاة؟ حيث يوجد شخص لا يستطيع الصلاة إلا وهو جالس؛ فهل يجوز له أن يقوم بإمامة أهل بيته، ومَن يكون موجودًا معهم وهو جالس؟
ما حكم الصلاة على الميت الذي عليه دين؟ حيث ورد في كتب الحديث أنّ النبي صلّى الله عليهِ وآله وسلّم ترك صلاة الجنازة على من مات وعليه دين؛ فهل الصلاة على من مات وعليه دين حرام؟ نرجو منكم بيان الحكم الشرعي في ذلك.