التكييف والحكم الشرعي لمذكرة التفاهم

تاريخ الفتوى: 18 يناير 2025 م
رقم الفتوى: 8525
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التكييف والحكم الشرعي لمذكرة التفاهم

ما الحكم الشرعي لمذكرات التفاهم؟ فإنَّ لي أخًا يملك شركة مقاولات وأخبرني بأنه سيكون بينه وبين شركة أخرى -تعمل في تجارة مواد البناء والديكور والتشطيبات- أعمال في الفترة القادمة، ولبيان حسن النية والاستعداد للتعامل قاموا بكتابة ما يسمى بمذكرة تفاهم والتوقيع عليها، فما حكم هذه المذكرة في الشرع، وهل هي من قبيل العقد فيترتب عليها إلزام أو لا؟

إن قيام شركة المقاولات والشركة التي تعمل في تجارة موادّ البناء والديكور والتشطيبات بتوقيع "مذكرة تفاهم" بينهما تشتمل على الاستعداد الكامل للتعامل، والنقاط الرئيسية للأعمال المطلوبة، ولا تتضمن أي التزام لأي طرف تجاه الطرف الآخر، وأنّه عند الرغبة القاطعة في إتمام التعامل يتم إبرام العقد بين الطرفين مشتملًا على بنوده وتفاصيله التي يحتكم إليه الطرفان- هو اتفاق مبدئي يمثل مقدمة من مقدمات العقد، وليست عقدًا، وهي جائزة شرعًا ما دام يتوصل بها إلى مقصد معتبر شرعًا، مع مراعاة الالتزام باللوائح والقوانين المنظمة لهذا الشأن.

المحتويات

 

بيان المراد بمذكرات التفاهم

مذكرات التفاهم أو ما يطلق عليها خطاب النوايا، عبارةٌ عن وثيقةٍ مكتوبةٍ يُنَصُّ فيها غالبًا على أنها غير ملزمة، وتتضمن نوايا كل طرفٍ لاتخاذ إجراءٍ، أو إجراء معاملة تجارية أو تشكيل شراكة جديدة، فتتنوع أشكالها، وتتعدد تصانيفها بتعدد المجالات التي تدخل فيها ما بين تجارية وغيرها، فتُستَخدمُ التجارية لتوضيح النقاط الرئيسية للاتفاق الذي قد يوقع فيما بعد، وتحديد الأدوار والمسؤوليات، والخطوات القادمة، قبل الدخول في اتفاق ملزم، وذلك كما أفاد الخبراء والمختصون.

التكييف والحكم الشرعي لمذكرات التفاهم

الصورة المسؤول عنها من قيام شركتين إحداهما تعمل في المقاولات، والثانية تعمل في تجارة مواد البناء والديكور والتشطيبات -توقيع مذكرة تفاهم بينهما تشتمل على الاستعداد الكامل للتعامل، والنقاط الرئيسية للأعمال المطلوبة، ولا تتضمن أي التزام لأي طرف تجاه الطرف الآخر، وأنّه عند الرغبة القاطعة في إتمام التعامل يتم إبرام العقد بين الطرفين مشتملًا على بنوده وتفاصيله التي يحتكم إليه الطرفان، هي بهذا الوصف توافق رضائي بمثابة مقدمة من مقدمات العقد، ولا تعتبر عقدًا بعدُ؛ لأن الطرفين قد اتفقا مبدئيًّا فيما بينهما على إتمام العقد عند الرغبة في ذلك دون الاعتماد على المذكرة أو التزامٍ بها، وهذا لا يُعد عقدًا تترتب عليه آثاره؛ إذ العقد عبارة عن "ارتباط الإيجاب الصادر من أحد العاقدين بقبول الآخر على وجه يثبت أثره في المعقود عليه"، أو أنه: "توافق إرادتين على إنشاء التزام، أو على نقله، أو على إنهائه"، فهو مصدر من مصادر الالتزام، وعمل إرادي مشترك يقوم على التراضي، ويربط طرفي العقد بأحكامه الشرعية، وهي الحقوق والالتزامات التي ينشئها العقد في موضوع معين. ينظر: "مرشد الحيران" للعلامة قدري باشا (ص: 27، ط. المطبعة الأميرية)، و"نظرية العقد" للعلامة السنهوري (ص: 80-83، ط. منشورات الحلبي الحقوقية).

ومذكرة التفاهم بهذا الوصف نظير المساوَمة أو السَّوم، والتي يقصد بها المجاذبة بين البائع والمشتري على السلعة وفصل ثمنها قبل إتمام عقد البيع، يقال: سام البائع السلعة سوْمًا، أي عرضها للبيع، وسامها المشتري واستامها: طلب بيعها. ينظر: "لسان العرب" للإمام ابن منظور (مادة سوم، 12/ 310، ط. دار صادر). و"المصباح المنير" للإمام الفيومي (مادة سوم، 1/ 297، ط. المكتبة العلمية)، و"البناية شرح الهداية" للإمام بدر الدين العيني (8/ 157، ط. دار الكتب العلمية).

ومن المقرر شرعًا أن الاتفاق المبدئي الحاصل بين أطراف التعاقد -كما في مذكرة التفاهم محل السؤال- لا حرج فيه شرعًا ما دام خاليًا من محظور شرعي، كما أن الأصل في البيع والشراء الإباحة، لقول الله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275]، والعموم في الآية يدل على إباحة البيوع في الجملة والتفصيل ما لم يُخَصَّ بدليل.

قال الإمام الشافعي في "الأم" (3/ 3، ط. دار المعرفة): [فأصل البيوع كلها مباح إذا كانت برضا المتبايعين الجائزي الأمر فيما تبايعا، إلا ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منها، وما كان في معنى ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم محرم بإذنه داخل في المعنى المنهي عنه، وما فارق ذلك أبحناه بما وصفنا من إباحة البيع في كتاب الله تعالى] اهـ.

ولما كانت مذكرة التفاهم إحدى الوسائل التي يتوصل بها إلى التعاقد على كافة المعاملات من نحو البيع والشراء والتعاون التجاري وغير ذلك، فإنها تأخذ حكم المقصد التي يتوصل بها إليه، فإذا كان المقصد مشروعًا كانت مشروعة وإلا فلا؛ وذلك لما تقرر في القواعد أنَّ "الوسائل تأخذ حكم المقاصد"، كما في "الفروق" للإمام القرافي (3/ 3، ط. دار عالم الكتب).

وعلى الرغم من أنها لا تعد عقدًا تترتب عليه آثاره إلا أنه إذا توافق المتعاقدان عند العقد على إتمامه مشتملًا على ما تضمنته مذكرة التفاهم، فإنه يصح العقد وينفذ ما اتفقا عليه.

قال العلامة الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (3/ 14، ط. دار الكتب العلمية) عند الكلام على شرط من شروط السلم وهو "معرفة الأوصاف التي يختلف بها الغرض اختلافًا ظاهرًا": [(و) يشترط (ذكرها في العقد) مقترنة به ليتميز المعقود عليه، فلا يكفي ذكرها قبله ولا بعده، ولو في مجلس العقد، نعم لو توافقا قبل العقد وقالا: أردنا في حالة العقد ما كنا اتفقنا عليه، صح على ما قاله الإسنوي] اهـ.

الخلاصة 

بناء على ما سبق وفي واقعة السؤال: فإن قيام شركة المقاولات والشركة التي تعمل في تجارة موادّ البناء والديكور والتشطيبات بتوقيع "مذكرة تفاهم" بينهما تشتمل على الاستعداد الكامل للتعامل، والنقاط الرئيسية للأعمال المطلوبة، ولا تتضمن أي التزام لأي طرف تجاه الطرف الآخر، وأنّه عند الرغبة القاطعة في إتمام التعامل يتم إبرام العقد بين الطرفين مشتملًا على بنوده وتفاصيله التي يحتكم إليه الطرفان- هو اتفاق مبدئي يمثل مقدمة من مقدمات العقد، وليست عقدًا، وهي جائزة شرعًا ما دام يتوصل بها إلى مقصد معتبر شرعًا، مع مراعاة الالتزام باللوائح والقوانين المنظمة لهذا الشأن.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم مشاركة الكورسات التعليمية؟ فهناك مجموعة من الأشخاص يريدون الاشتراك في أحد كورسات تعلم الفوتوشوب، واتفقوا على أن يشترك واحدٌ منهم فقط، ثم يقومون بتوزيع ثمن الكورس عليهم جميعًا، وعند موعد بدء الكورس يجلسون معًا لمشاهدته، وذلك باعتبار أنهم جميعًا شخص واحد، فما حكم ذلك شرعًا؟


ما الحكم الشرعي لمذكرات التفاهم؟ فإنَّ لي أخًا يملك شركة مقاولات وأخبرني بأنه سيكون بينه وبين شركة أخرى -تعمل في تجارة مواد البناء والديكور والتشطيبات- أعمال في الفترة القادمة، ولبيان حسن النية والاستعداد للتعامل قاموا بكتابة ما يسمى بمذكرة تفاهم والتوقيع عليها، فما حكم هذه المذكرة في الشرع، وهل هي من قبيل العقد فيترتب عليها إلزام أو لا؟


سائل يقول: أعمل في مجال شراء الفواكه، وأقوم بعمل عقد لشراء محصول الموز، وذلك وفق إحدى الصيغتين الآتيتين: الصيغة الأولى: يتفق فيها الطرفان البائع والمشتري على بيع محصول الموز عندما يحين وقت نضجه وحصاده بعد فترة زمنية لا تقل عن أربعة شهور بالشروط الآتية المتفق عليها: يدفع المشتري حين توقيع العقد مبلغًا قدره 30000 جنيهًا لكلِّ فدان كتأمين.

يحق للمشتري دون غيره الاستحواذ على المحصول وشراؤه، والذي يتصف بالسلامة والخلو من العيوب المتعارف عليها؛ مثل: الطفرات أو المتأثرة بالصقيع أو الجراد وما شابه.

يمنح المشتري خصم قدره: جنيه واحد عن كل كيلو من الثمار عند حصاده وبعد وزنه وذلك من سعر الموز المتداول والمتعارف عليه يوم تقطيع السبايط.

تراضى الطرفان عن هذه الشروط وعلى المخالف شرط جزائي قدره 50000 جنيهًا.
  وهذه الصيغة من العقود هي الشائعة والمتداولة حاليًّا بين تجار الموز.

الصيغة الثانية: يتفق فيها الطرفان (أ) البائع والطرف (ب) المشتري على بيع محصول الموز من الطرف (أ) إلى الطرف (ب) والذي يبدأ حصاده بعد مرور أربع شهور، وذلك على الشروط الواردة والمتفق عليها، وهي:

يدفع المشتري (ب) للبائع (أ) مبلغًا قدره 30000 جنيهًا عن كلِّ فدان موز؛ بصيغة مقدم مالي، وتأمين نقدي لغرض الشراء.

يلتزم المشتري (ب) بعدة مهام هي: تقطيع وجمع سبايط الموز وتحمل مصاريف ذلك، وحمل سبايط الموز من الأرض للسيارة وتحمل مصاريف ذلك. وتولي مهمة تسويق وبيع المحصول لنفسه أو للغير. ويحق للبائع (أ) مشاركة المشتري (ب) في مهمة تسويق المحصول وبيعه وتحديد سعر البيع وصفة المشتري؛ لغرض تحقيق أحسن الأسعار، وجودة الأداء والتنفيذ. ويحق للمشتري (ب) ما هو قدره 1 جنيه عن كل كيلو موز يتم وزنه بعد حصاده لجميع المحصول، وذلك مقابل ما تم من عون ومهام من الطرف المشتري للطرف البائع. وعلى المخالف لأي من شروط العقد شرط جزائي قدره 50000 جنيهًا.

فما حكم هذا العقد؟ وهل يوجد هناك فرق مؤثر في الحكم بين الصيغتين؟


السؤال يتضمن الاستفتاء عن حكم التسويق الهرمي الذي تقوم به شركة (Q.net)، علمًا بأن دار الإفتاء المصرية قد أصدرت من نحو ستة أشهر فتوى بجواز هذا النوع من المعاملات، ثم امتنعت عن إصدار حكم بشأنها بعد ذلك لحين الانتهاء من دراستها.


سائل يسأل عن الحكم الشرعي للقروض التي تقدمها الدولة للشباب؛ بحيث تكون فرصة لعمل مشروعات إنتاجية، علمًا بأن عليها فائدة؟


ما حكم الشراكة بين شخصين أحدهما بالمال والآخر بمنصبه الوظيفي ونفوذه؟ فهناك رجلٌ ذو مال يَتَّجِرُ في مواد البناء، ويريد إبرام اتفاقِ شراكةٍ مع صَاحبٍ لا مال له، غير أن هذا الصاحب ذو مَنْصِبٍ وظيفيٍّ ومكانةٍ ونفوذ، مما يُمكِّنه مِن تسهيل وتيسير الصفقات وإسنادها بيعًا وشراءً، بالآجل أو نقدًا، في حين أن التاجر صاحب المال هو مَن يقوم بالتعاقد مع الجهات (بنفوذ هذا الصاحب ومَنصِبِه الوظيفي) ودفع الأثمان (لأجَلٍ كانت أو حالَّةً)، وما ينشأ بعد ذلك مِن مصاريفٍ ونحوها، وعلى هذا الاتفاق تكون الشراكةُ مِن أحدهما بالمال، ومِن الثاني بالمَنصِب الوظيفي والنفوذ وما يترتب على ذلك مِن تسهيل الصفقات وإسنادها إلى الأول (التاجر)، ثم بعد البيع وخصم المصروفات تقسم الأرباح بين الشريكين بالتساوي، فما الحكم في ذلك شرعًا؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 28 يونيو 2025 م
الفجر
4 :10
الشروق
5 :56
الظهر
12 : 58
العصر
4:34
المغرب
8 : 0
العشاء
9 :34