حكم صلاة الجنازة على الجثث المفقود بعض أجزائها في الكوارث والنوازل

تاريخ الفتوى: 13 أكتوبر 2024 م
رقم الفتوى: 8457
من فتاوى: فضيلة أ. د/ نظير محمد عياد - مفتي الجمهورية
التصنيف: الصلاة
حكم صلاة الجنازة على الجثث المفقود بعض أجزائها في الكوارث والنوازل

ما حكم صلاة الجنازة على الجثث المفقود بعض أجزائها في الكوارث والنوازل؟ فقد حدث إعصارٌ في إحدى البلاد الإسلامية، وعلى إثره مات الكثير، وقد أسرعَت الجهاتُ المعنية في انتشال جثث الضحايا من تحت الأنقاض، فبعض الجثث انتُشِلَت كاملةً، وبعض الجثث عُثِر على أجزاء منها ولم يُعثَر على باقيها، فهل يُغَسَّل ما عُثر عليه من أجزاء الجثث التي لم يُعثَر على باقيها، ويُصلَّى عليه؟

مواراة أجساد موتى المسلمين الذين وافَتْهُم المَنِيَّة في إعصار ونحوه بعد تغسيلهم والصلاة عليهم واجبةٌ شرعًا بالإجماع، لما تقرَّر أنَّ حُرمةَ الإنسان ميِّتًا كحرمته حيًّا، فإن لم يُعثَر إلا على بعضِ الأجزاء من الأجساد، فيُفعَل بتلك الأجزاء مثل ما يُفعَل بالجسد الكامل، بأن تُغَسَّل ويُصلَّى عليها، قَلَّت هذه الأجزاء أو كَثُرَت، ما دام قد ثَبَتَ بيقينٍ موتُ صاحبها، لما رُوي أنَّ طائرًا ألقَى يدًا بمكة من واقعة الجمل، فعُرِفَت بالخاتَم، وكانت يد عبد الرحمن بن عتاب بن أَسِيد رضي الله عنه، فصَلَّى عليها أهل مكة، وكان ذلك بمحضرٍ من الصحابة رضي الله عنهم.

ويُنوَى حينئذٍ بالصلاة عليها الصلاةُ على جُملةِ جسد المتوفى.

المحتويات

 

من مظاهر تكريم الشريعة الإسلامية للإنسان

كرَّمت الشريعةُ الإسلاميةُ الإنسانَ في كلِّ أحواله، فقال الله تعالى في محكم التنزيل: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء: 70].

ومن مظاهر هذا التكريم ما تقرَّر في الشرع الشريف من وجوب تغسيل الميت وتكفينه والصلاة عليه ودفنه؛ تكريمًا له، وسترًا لجسده، وصيانةً لحرمته، فقد اتَّفَق الفقهاءُ "عَلَى أنَّ مُوَارَاةَ المُسلِم فَرضٌ"، كما قال الإمام ابن حَزْم في "مراتب الإجماع" (ص: 34، ط. دار الكتب العلمية).

ومن المقرَّر شرعًا أنَّ حُرمةَ الإنسان ميتًا كحرمته حيًّا؛ لحديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا» أخرجه الإمام أبو داود في "السنن". فأفاد "أنَّ حُرمةَ المؤمن بعد موته باقيةٌ كما كانت في حياته"، كما قال الحافظ ابن حَجَرٍ العَسْقَلَانِي في "فتح الباري" (9/ 113، ط. دار المعرفة).

بيان ما يجب فعله تجاه الجثث المنتشلة من المناطق التي تعرضت للكوارث

إذا هَلَك عددٌ كبيرٌ من سكان المناطق التي تتعرض للكوارث الطبيعية كالزلازل والأعاصير، َوجَبَ شرعًا على الجهات المعنية أن تبذل وُسعَها لانتشال تلك الجثث مِن تحت الأنقاض، كما يجب وجوبًا كفائيًّا على أهل الإسلام -إذا قام به بعضُ الناس سقط الإثم عن باقيهم، ولا يَسَعُهُم تركُه، وإلَّا أثِموا جميعًا- تغسيلُ ما انتُشِلَ كاملًا من الجثث التي عُثِر عليها، وتكفينُها، والصلاة عليها، قبل دفنها، ما أمكنهم ذلك، وغَلَب على الظن أنهم من المسلمين. ينظر: "روضة الطالبين" للإمام النَّوَوِي (2/ 98، ط. المكتب الإسلامي)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامَة (2/ 400-402، ط. مكتبة القاهرة).

بيان كيفية التصرف الشرعي إذا تم العثور على جزءٍ من جَسد الإنسان أو عضوٍ من أعضائه

من فُقِدت منه بعض أجزائه مِن الجثامين المنتَشَلة -كما هي مسألتنا- فالمختار للفتوى أنه يُغَسَّل ويُصَلَّى عليه قبل أن يدفن، ولو كان عضوًا واحدًا، ما دام أنَّ موت صاحب هذه الأجزاء البشرية متحققٌ بلا أدنى شكٍّ؛ حيث إنَّ الجسد وأعضاء الجسد في الحرمة سواء، ولأن قليل الأجزاء بعضٌ مِن جُملة الجسد الذي تجب الصلاة عليه شرعًا، فيأخذ الأقلُّ حكم الأكثرِ، بأن يُغَسَّل ويُصلَّى عليه، ويُنْوَى بذلك الصلاة على الجسد كلِّه، سواء ما وُجد منه أو ما فُقد؛ وذلك لِمَا ورد عن بعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أنهم صلَّوا على أعضاءٍ من جسدٍ ميتٍ وجدوها بعد موت أصحابها، ومنها:

ما أخرجه الإمام ابن أبي شيبة في "المصنف" أنَّ أبا أيوبٍ الأنصاري رضي الله عنه صَلَّى على رِجْلٍ، وصَلَّى عمر رضي الله عنه على عِظَامٍ بالشام، وصَلَّى أبو عبيدة رضي الله عنه على رُؤوسٍ بالشام. كما رُوي أن طائرًا ألقَى يدًا بمكة من واقعة الجمل، فعُرِفَت بالخاتَم، وكانت يد عبد الرحمن بن عتاب بن أَسِيد، فصَلَّى عليها أهل مكة، وكان ذلك بمحضرٍ من الصحابة. يُنظر: "التلخيص الحبير" للحافظ ابن حَجَرٍ العَسْقَلَانِي (2/ 329، ط. دار الكتب العلمية).

بل حكى الإمام موفَّق الدِّين ابن قُدَامَة إجماع الصحابة على تغسيل ما وُجِدَ مِن أجزاء الميت والصلاة عليه، كما في "المغني" (2/ 401).

وللتحقُّق مِن وفاة صاحب ما وُجِد من الأعضاء أمَارَاتٌ، منها: أن يكون ما عثروا عليه عضوًا حيويًّا لا تستقيم حياةُ الإنسان بدونه، أو كان الموجودُ أكثر مِن المفقود، أو به أمَارَةٌ تدل على إنسانٍ عُلِمَ أنه قد مات كما عَلِم أهل مكَّة في الأثر المذكور مِن الخاتَم أن اليد لعبد الرحمن بن عتَّابٍ، ومنها أيضًا: أن يُعثر عليها في موقعِ حادثة مفجعةٍ كالانفجار والإعصار كما هي مسألتنا، إلى غير ذلك مِن الأمَارَات.

والقول بالصلاة على ما وُجِدَ من أجزاء الميت هو ما ذهب إليه أكثر الفقهاء مِن الشافعية، والحنابلة في المذهب، والأئمة: ابن حبيب، وابن مسلمة، وابن الماجشون من المالكية، حيث نَصُّوا على أنَّ الميت إذا فُقِدَ بعض أجزائه فإن ما وُجِدَ منه -ولو كان عضوًا واحدًا- يُغَسَّل ويُكفَّن ويُصَلَّى عليه، لا فرق في ذلك بين قليل الجسد وكثيره، إلا أنَّ الحنابلة استثنوا من ذلِك الشَّعْرَ، والسِّنَّ، والظُّفر، فلا يُفعل بها ذلك؛ لانعدام الحياة فيها.

قال الإمام ابن ناجي التَّنُوخِي المالكي في "شرح متن الرسالة" (1/ 268، ط. دار الكتب العلمية) في ذكر الصلاة على ما وجد من أعضاء الميت كاليد والرجل إن فُقد باقي الجسد: [قيل: يُصلَّى على ما وُجِد منه وإن قَلَّ، قاله ابن حبيب، وابن أبي مسلمة، وابن الماجشون] اهـ.

وقال الإمام النَّوَوِي الشافعي في "المجموع" (5/ 253-254، ط. دار الفكر): [واتفقت نصوصُ الشافعيِّ رحمه الله والأصحابِ على أنه إذا وُجد بعضُ مَن تَيَقَّنَّا موتَه غُسِّل وصُلِّي عليه... وعندنا: لا فرق بين القليل والكثير... قال أصحابنا رحمهم الله: ومتى صَلَّى على عضو الميت نوى الصلاة على جُملة الميت لا على العضو وحده] اهـ.

وقال الإمام أبو السعادات البُهُوتِي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 146، ط. دار الكتب العلمية): [(وإن وُجد بعض ميتٍ تحقيقًا) أي: يقينًا أنه من ميتٍ (غير شعرٍ وظفرٍ وسنٍّ، غُسِّل وكُفِّن، وصُلِّي عليه، ودفن وجوبًا)... واستثنى الشعرَ والظفرَ والسِّنَّ؛ لأنه لا حياة فيها] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ مواراة أجساد موتى المسلمين الذين وافَتْهُم المَنِيَّة في إعصارٍ بعد تغسيلهم والصلاة عليهم واجبةٌ شرعًا بالإجماع، فإن لم يُعثَر إلا على بعضِ الأجزاء من الأجساد، فيُفعَل بتلك الأجزاء مثل ما يُفعَل بالجسد الكامل، بأن تُغَسَّل ويُصلَّى عليها، قَلَّت هذه الأجزاء أو كَثُرَت، ما دام قد ثَبَتَ بيقينٍ موتُ صاحبها، ويُنوَى حينئذٍ بالصلاة عليها الصلاةُ على جُملةِ جسد المتوفى.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم الدعاء للميت عند القبر جماعة بصوتٍ عالٍ؛ بأن يقول رجلٌ: إني داعٍ فأمِّنوا، فيدعو ويؤمِّن الناس على دعائه، هل هذا الفعل من السنة؟ فهناك مَن يقول إنها بدعة، ويزعم أنها لم تحدث في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا الخلفاء الراشدين ولم يجزه أحدٌ من الأئمة.


ما حكم صلاة التسابيح وكيفيتها؟ ومدى صحة الحديث الوارد فيها؛ حيث اعتدنا أن نصلي صلاة التسابيح جماعةً بعد صلاة العشاء ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان كل عام، لكن رأينا بعض الشباب ينشقون عن الجماعة، ويقولون: إن صلاة التسابيح بدعة، مما نتج عنه تشتيت الناس واختلافهم.


نرجو منكم تحديد ضابط مسافة بداية القصر للصلاة في ظل الاتساع العمراني؟ حيث أسكن في إحدى المدن الجديدة، وأسافر في إجازاتي الأسبوعية للزيارات العائلية، وأقطع خلال ذلك مسافة تتجاوز 200 كيلو متر، مع العلم بأني أقطع من العمارة التي أسكن فيها مسافة 20 كيلو مترًا تقريبًا حتى الخروج إلى آخر حدود المدينة السكنية، وعندما أصِلُ إلى بوابة المدينة أو الكارتة أكون قد قطعت مسافة 50 كيلو مترًا تقريبًا، فمن أين أقصر الصلاة الرباعية كرخصة من رخص السفر؟


هل تأخير الصلاة بغير عذر ذنب؟


ما حكم الصلاة في الأماكن المخصصة للألعاب والاستحمام وغرف تغيير الملابس؟ فبعض أعضاء أحد الأندية الرياضية يقومون بأداء صلاة الجماعة في بعض الأماكن المخصصة للألعاب والاستحمام وغرف تغيير الملابس، مما دفع البعض للسؤال عن جواز صلاة الجماعة في هذه الأماكن، علمًا بأن مرتادي هذه الأماكن يقومون بارتداء الملابس الرياضية وملابس الاستحمام، ويقوم البعض الآخر بالثرثرة وتبادل الأحاديث غير الملائمة لجلال الصلاة، علمًا بأن للنادي مسجدًا كبيرًا للصلاة وزاويتين مجهزتين على مستوًى عالٍ، ولا تبعد أي منهما عن أي مكان في النادي سوى القليل من الأمتار.
برجاء الإفادة عن جواز صلاة الجماعة في هذه الأماكن درءًا للخلافات ونبذًا للفتنة داخل النادي.


امتازت الشريعة الإسلامية السمحة بمبادئ والتزامات حياتية أوجدها الله سبحانه وتعالى لتيسير أمور البشر وتنظيم أحوالهم، ومعروف لدى الجميع مدى صرامة الإسلام بكل ما يتعلق بحفظ واحترام حقوق المسلم، وقد جاءت النصوص القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة بتحريم جريمة السرقة وتجريم مرتكبها، وتضمنت عقوبات رادعة في حق السارق.
وبهذا الصدد لا يخفى أن سرقة الملكية الفردية، والعلامات التجارية الأصلية المسجلة، أو الاحتيال عليها لا تقل خطورة عن السرقة بالأساليب والأنماط التي اعتدنا رؤيتها؛ فهي تضر بمصالح أصحابها، وتفوت عليهم فرصة النمو والتطور، فضلًا عن الأضرار التي تلحق بسمعتهم مِن جراء قيام سارقها بخداع المستهلك مع سابق نية.
فما هو الحكم الشرعي في سرقة الملكية الفكرية والعلامات التجارية الأصلية المسجلة من أصحابها؟
وما حكم فتح محلات تجارية والمتاجرة بها، وخداع المواطنين والمستهلكين بأنها العلامة الأصلية؟
وما حكم العمل في تلك المحلات بالنسبة للموظفين؟
وما هو الحكم الشرعي للذين يتعاملون مع سارقي العلامات التجارية؟
وما هي العقوبات التي ترون وجوب اتخاذها بحق سارقها؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 09 أكتوبر 2025 م
الفجر
5 :27
الشروق
6 :53
الظهر
12 : 42
العصر
4:1
المغرب
6 : 31
العشاء
7 :48