ما حكم عدة المرأة التي توفي عنها زوجها قبل الدخول؟ فقد عقد رجل على امرأة، ومات عنها قبل الدخول بها، وقبل حصول خلوة شرعية معتبرة، فهل يجب عليها أن تعتد؟ وكيف تكون عدتها؟
الواجبُ على المرأة التي توفي عنها زوجها قبل الدخول بها هو أن تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام بالتاريخ الهجري؛ لعموم قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: 234]، وتبدأ في حساب هذه العدة من يوم وفاة زوجها، والحكمة من ذلك أن تظهر الحزن بفوت نعمة النكاح.
المحتويات
الأصل في عقد النكاح أنْ يُعقد للعُمر، فإذا انتهى عمر أحد الزوجين بالموت، انتهى معه عقد النكاح، والشيء إذا انتهى تقررت أحكامه، كتقرُّر أحكام الصيام بدخول الليل، وأحكام الإجارة بانقضائها، والعدَّةُ من أحكام عقد النكاح فتتقرَّر بانتهائه، ويقصد بها: المدة التي تتربص فيها المرأة عند حصول أحد أسباب زوال النكاح، سواء كان السبب طلاقًا، أو فسخًا، أو موتًا. ينظر: "المبسوط" للعلامة السرخسي (6/ 30، ط. دار المعرفة)، و"المغني" للعلامة ابن قدامة (8/ 115، ط. مكتبة القاهرة)، و"كنز الدقائق" للعلامة أبي البركات النسفي (ص: 304، ط. دار البشائر الإسلامية).
وقد أوجب الشرع الشريف على المرأة التي توفي عنها زوجها إن كانت من غير ذوات الحمل أن تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام، يستوي في ذلك المدخول بها وغير المدخول، والصغيرة والكبيرة، ومن تحيض ومن لا تحيض، فكلهنَّ داخلات في عموم قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: 234].
قال الإمام القرطبي في "تفسيره" (3/ 183، ط. دار الكتب المصرية) عند قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾: [عدة الوفاة تلزم الحرة والأمة والصغيرة والكبيرة والتي لم تبلغ المحيض، والتي حاضت واليائسة من المحيض والكتابية دخل بها أو لم يدخل بها إذا كانت غير حامل، وعدة جميعهن إلا الأمة أربعة أشهر وعشرة أيام، لعموم الآية في قوله تعالى: ﴿يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾] اهـ.
وقد ثبت حكم العدة أيضًا بالسُّنَّة المطهرة، ففي حديث زينب بنت أبي سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» متفقٌ عليه.
وعلى ذلك تواردت نصوص فقهاء المذاهب الأربعة، وحُكي إجماعًا. ينظر: "المبسوط" للعلَّامة السرخسي الحنفي (6/ 30)، و"مِنَح الجليل" للعلَّامة عليش المالكي (4/ 311، ط. دار الفكر)، و"منهاج الطالبين" للعلَّامة النووي الشَّافعي (ص: 255، ط. دار الفكر)، و"المغني" للعلَّامة ابن قُدامة الحنبلي (8/ 115)، و"الإقناع في مسائل الإجماع" للعلَّامة ابن القطان (2/ 44، ط. الفاروق الحديثة).
اتفق الفقهاء على أن المغلب في عدة المتوفى عنها زوجها عمومًا: التعبد، وفي عدة المتوفى عنها زوجها ولم يدخل بها زوجها خصوصًا: التعبد المحض.
قال العلامة ابنُ عابدين في حاشيته على "البحر الرائق" (4/ 146، ط. دار الكتاب الإسلامي) في خصوص معتدة الوفاة: [لا يُعقل تأثير كون المرأة متوفى عنها زوجها في تربُّصها أربعة أشهر وعشرًا، وإنما هو تعبُّدي] اهـ.
وقال الإمام الماوردي في "الحاوي الكبير" (11/ 163، ط. دار الكتب العلمية): [.. وإن كانت في غير مدخول بها من وفاة كانت تعبدًا محضًا] اهـ.
وقال الإمام السيوطي في "الأشباه والنظائر" (2/ 815، ط. دار السلام) عند ذكره لأقسام العدد: [الثاني: تعبد محض، وهي عدة المتوفى عنها زوجها ولم يدخل بها] اهـ.
ومن الحكم التي ذكرها الفقهاء لهذا النوع من العدة: أنَّها تظهر الحزن بفوت نعمة النكاح؛ إذ النكاح كان نعمة عظيمة في حقها، فإنَّ الزوج كان سبب صيانتها، وعفافها، وإيفائها بالنفقة، والكسوة، والمسكن، فوجب عليها العدة إظهارًا للحزن بفوت النعمة، وتعريفًا لقدرها. يُنظر: "بدائع الصنائع" للإمام الكاساني الحنفي (3/ 192، ط. دار الكتب العلمية).
هذا وتبدأ عدة من توفي عنها زوجها عقيب الوفاة مباشرة؛ لأنَّ سبب وجوب العدة الوفاة، فيُعتبر ابتداؤها من وقت وجود السبب، فإن لم تعلم بالوفاة حتى مضت العدة فقد انقضت عدتها.
قال العلامة أكمل الدين البابرتي الحنفي في "العناية شرح الهداية" (4/ 329، ط. دار الفكر): [ابتداء العدة في الطلاق عقيب الطلاق (وفي الوفاة عقيب الوفاة)؛ لأن سبب وجوب العدة الطلاق أو الوفاة (فيعتبر ابتداؤها من وقت وجود السبب)، فإن لم تعلم بالطلاق أو الوفاة حتى مضت مدة العدة فقد انقضت عدتها] اهـ.
وقال الشيخ محمد عليش المالكي في "منح الجليل" (1/ 174): [وأما عدة الوفاة فتحسب من يوم الموت] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "منهاج الطالبين" (ص: 256): [وعدة الوفاة: من الموت] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (8/ 106) في عدة الوفاة: [فصل: وتحسب العدة من الساعة التي فارقها زوجها فيها، فلو فارقها نصف الليل، أو نصف النهار، اعتدت من ذلك الوقت إلى مثله، في قول أكثر أهل العلم] اهـ.
بناءً على ما سبق، وفي واقعة السؤال: فالواجبُ على المرأة التي توفي عنها زوجها قبل الدخول بها هو أن تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام بالتاريخ الهجري، وتبدأ في حساب هذه العدة من يوم وفاة زوجها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل إزالة الشعر بالليزر للمرأة الصائمة يؤثر على صحة صيامها؟
ما هي حدود مسؤولية الزوج عن حجاب زوجته؟ وإذا كانت الزوجة ترفض لبس الحجاب فهل يجب على الزوج ضربها أو تعنيفها لإجبارها عليه، وهل يقع عليه إثم عدم حجابها؟
سأل في صديق له تزوج وأنجب أولادًا، ثم أصيب بارتخاء أحرجه أمام زوجته، وهداه تفكيره السقيم إلى إيقاظ دوافعه الجنسية بالاحتكاك بدبر زوجته، ولكنه وقع من حيث لا يشعر في المحظور؛ إذ إنه كان أحيانًا قليلة يأتي امرأته في دبرها.
وطلب السائل الإفادة عما إذا كان إتيان صديقه زوجته في دبرها يحرمها عليه أو لا، علمًا أنه ندم على ما فعل، واستغفر وعزم مصمِّمًا على عدم العودة إلى ذلك مستقبلًا.
هل يعطي الشارع الحكيم للزوجة الغنية عن زوجها التي تساعده في المعيشة حق عدم إطاعة الزوج وأن تتصرف في المنزل كما تشاء بسبب هذه المساعدة في المعيشة؟
وهل يجوز للزوجة أن تقيم في منزل الزوجية بعض أقاربها وتنفق عليهم بسعة مخالفةً بذلك إرادة الزوج الذي لا يرغب في وجود أحد معه في منزل الزوجية؛ لأن هذا يضايقه ويجعله فاقد الحرية مع زوجته مع ملاحظة أن من تقيمهم أغنياء ولكنهم يستغلونها؟
قال السائل: إحدى قريباتي متزوجة، وبعد زواجها حدث لها خللٌ في عادتها الشهرية، فأحيانًا تزيد فترة الحيض وتارة تنقص، وأحيانًا تأتي الدورة مبكرًا بضعة أيام عن عادتها وتارة تتأخر عنها بضعة أيام؛ فكيف لها أنْ تتطهر لتصلي وتصوم؟
ما حكم ختان الإناث؛ فقد ورد للجمعية المصرية للدفاع عن حقوق الإنسان والبيئة استفسارات عديدة عن حكم ختان الإناث، ولما كان هناك تضارب وتمويل من جهات مانحة عديدة عملت في الفترة السابقة على الترويج لتحريم ختان الإناث، وهناك بعض السادة المشايخ يقرون بعكس ذلك؛ مما يجعلنا غير قادرين على إبداء الرأي الشرعي، لذلك نأمل التفضل من فضيلتكم إفادتنا بالفتوى تجاه هذا الموضوع.