معنى النهي الوارد في السُّنَّة عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام

تاريخ الفتوى: 27 يونيو 2024 م
رقم الفتوى: 8401
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الذبائح
معنى النهي الوارد في السُّنَّة عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام

ما معنى النهي الوارد في السُّنَّة النبوية المطهرة عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام؟ وهل يُفهم من هذا أنه لا يجوز ادخار لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام؟

النهي الوارد في السُّنَّة النبوية المطهرة عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيامٍ كان مخصوصًا بِسَنَةٍ مُعيَّنةٍ أصاب الناسَ فيها جهد شديد، وبحال مخصوصة ظهرت فيها الشِّدة والاحتياج، وحينما زال ذلك أَذِنَ صلى الله عليه وآله وسلم في الأكل والادخار من لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام؛ ولذلك فالادخار فوق ثلاثة أيام جائزٌ شرعًا ولا حرج فيه.

المحتويات

 

معنى النهي الوارد في السُّنَّة عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام

من المعلوم أن مقصود الشرع الشريف هو تحقيق مصالح الناس مع مراعاة أحوالهم المختلفة، ومن هذا المنطلق جاء النهي عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام، فقد ورد في حديث عبد الله بن بُرَيْدة، عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، فَزُورُوهَا، وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ، فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ» أخرجه مسلم في "صحيحه".

ولكنَّ هذا النهي ليس مطلقًا، وإنما كانت مصلحةُ الناس في هذا العام تقتضي ذلك؛ إذ حال الفاقة والحاجة التي كان الناس عليها حينما وقع القحط بالبادية ودخل أهلها المدينة، يقتضي توزيع اللحوم لسد تلك الحاجة وتقليل هذه الفاقة، ولَمَّا ارتفع هذا الحال جاء الأمر الشرعي بجواز الادخار، فقد جاء عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما سُئل عن نهيه عن أكل أو ادخار الأضاحي بعد ثلاثة أيام قال: «إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ، فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا» أخرجه مسلم في "صحيحه".

وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ فَلاَ يُصْبِحَنَّ بَعْدَ ثَالِثَةٍ وَبَقِيَ فِي بَيْتِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» فَلَمَّا كان العامُ المُقْبِلُ، قَالُوا: يا رسول الله، نَفْعَلُ كما فَعَلْنَا عَامَ المَاضِي؟ قَالَ: «كُلُوا وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا، فَإِنَّ ذَلِكَ العَامَ كَانَ بِالنَّاسِ جَهْدٌ، فَأَرَدْتُ أَنْ تُعِينُوا فِيهَا» أخرجه البخاري في "صحيحه".

فهذان الحديثان يدلان على أن النهي كان مخصوصًا بحال معينة وظروف خاصة، وأن الأصل في لحوم الأضاحي جواز ادخارها والأكل منها بعد ثلاثة أيام.

قال الإمام ابن بَطَّال في "شرح صحيح البخاري" (6/ 32، ط. مكتبة الرشد): [فدلَّ هذا القول أنَّ النهي من رسول الله للعارض المذكور؛ فلما ارتفع ذلك العارض أباح لهم رسول الله ما كان حظر عليهم] اهـ.

وقد علَّل صلى الله عليه وآله وسلم رَفْعَه هذا النهي بما يقرر هذا الأصل -جواز ادخارها-، وهو ما استقر بين الناس من أوجه الانتفاع المتنوعة بلحوم الأضاحي، وذلك فيما جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ، ثُمَّ بَدَا لِي أَنَّ النَّاسَ يَبْتَغُونَ أَدَمَهُمْ، وَيُتْحِفُونَ ضَيْفَهُمْ، وَيَرْفَعُونَ لِغَائِبِهِمْ، فَكُلُوا وَأَمْسِكُوا مَا شِئْتُمْ» أخرجه الإمام أحمد وأبو يعلى في "مسنديهما"، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة".

ومما ذكرنا يظهر أن النهي الوارد في السُّنَّة النبوية المطهرة عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيامٍ إنما هو وَجْهٌ من أوجه الحكمة في الشرع الشريف، ودليلٌ من أدلة يسر الشريعة الإسلامية ومرونة أحكامها وتشريعاتها التي ترفق بالناس وأحوالهم، وترفع المشقة وتزيل العنت عنهم، ولَمَّا أنْ تغير هذا الواقع ولم يَعُدْ بالناس جهد زال هذا النهي وعاد الأمر إلى أصله، أي: من جواز أكل وادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام، فهذا من السنة، وليس مخالفًا لها.

نصوص الفقهاء الواردة في هذه المسألة

هذا ما قرره فقهاء وأئمة المذاهب الفقهية الأربعة المتبوعة.

قال الإمام السَّرَخْسِي الحنفي في "المبسوط" (24/ 10، ط. دار المعرفة): [والنهي عن إمساك لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام قد انتسخ بقوله عليه الصلاة والسلام: «فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ وتَزَوَّدُوا»؛ فإن القُربة تنادي بإراقة الدم، والتدبيرُ في اللحم بعد ذلك -من الأكل والإمساك والإطعام- إلى صاحبه، إلا أنه للضيق والشدة في الابتداء نهاهم عن الإمساك على وجه النظر والشفقة ليتبع موسرهم على معسرهم، ولَمَّا انعدم ذلك التضييق أذن لهم في الإمساك] اهـ.

وقال الإمام اللَّخْمِي المالكي في "التبصرة" (4/ 1566، ط. وزارة أوقاف قطر): [أمر الله سبحانه وتعالى في الهدايا أن يُؤكَل منها ويُتصدَّق، فقال عز وجل: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ [الحج: 28]، وقال: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ﴾ [الحج: 36]، وأبان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن الضحايا كذلك، فقال: «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ أَنْ تُمْسِكُوا مِنْ لحُومِ نُسُكِكُمْ بَعْدَ ثَلَاثٍ، فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا»، فأباح الإمساك بعد ثلاث، وأثبت الصدقة فلم ينسخها، فقال: «ادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا»] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (8/ 418، ط. دار الفكر): [يجوز أن يدخر من لحم الأضحية، وكان ادخارها فوق ثلاثة أيام منهيًّا عنه، ثم أذن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيه، وذلك ثابت في الأحاديث الصحيحة المشهورة. قال جمهور أصحابنا: كان النهيُ نهيَ تحريمٍ، وقال أبو علي الطبري: يحتمل التنزيه، وذكر الأصحاب على التحريم وجهين: في أن النهي كان عامًّا ثم نسخ، أم كان مخصوصًا بحالة الضيق الواقع تلك السَّنَة فلما زالت انتهى التحريم؟ وجهين، على الثاني: في أنه لو حدث مثل ذلك في زماننا هل يُحكم به؟ والصواب المعروف: أنه لا يحرم الادخارُ اليومَ بحالٍ] اهـ.

وقال الإمام ابن قُدَامة الحنبلي في "المغني" (9/ 449، ط. مكتبة القاهرة): [ويجوز ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث في قول عامة أهل العلم] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن النهي الوارد في السُّنَّة النبوية المطهرة عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيامٍ كان مخصوصًا بِسَنَةٍ مُعيَّنةٍ أصاب الناسَ فيها جهد شديد، وبحال مخصوصة ظهرت فيها الشِّدة والاحتياج، وحينما زال ذلك أَذِنَ صلى الله عليه وآله وسلم في الأكل والادخار من لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام؛ ولذلك فالادخار فوق ثلاثة أيام جائزٌ شرعًا ولا حرج فيه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما الذي يجب على المضحي إذا ضاعت أو ماتت الأضحية قبل يوم العيد؟ فقد اشترى والدي قبل عيد الأضحى بأسبوع خروفًا لنذبحه كأضحية، وحافظنا عليه في مكان مغلق داخل فناء المنزل، لكن الخروف هرب من المنزل قبل يوم العيد، وأخذنا نبحث عنه فلم نجده، حتى تبين لنا في اليوم الثاني من عيد الأضحى أنه اصطدم بسيارة في طريق سريع فمات على إثر ذلك، فهل يجب علينا أن نضحي بغيره؟ علمًا بأن ظروف والدي المادية لا تسمح بذلك الآن.


نود إحاطتكم علمًا بأننا -نحن المسلمين- في بولندا نجد صعوبات في مسألة الذبائح وشرعيتها سواء أكانت الدواجن أم الأبقار والعجول؛ ولذلك وجدنا شركة بولندية تود التعاون معنا في هذا الأمر.
وسؤالنا: هل يكفي أن نذكر اسم الله مع بداية السلخ مع صباح كل يوم بنية جميع الذبائح؟ كما نود إفادتكم بأن الدواجن بعد الصعقة الكهربائية تستيقظ ولا تموت، وقد رأينا هذا بأم أعيننا، وذلك بعد مرورها بالحوض المائي المكهرب. وحتى يطمئن جميع المسلمين على هذا الأمر نود كتابة كلمة "حلال" على التعبئة من الخارج، وذلك بعد حصولنا منكم على الفتوى الرسمية.


رجلٌ يملك بقرة، ونذر أنه إذا شفا اللهُ تعالى ابنَه المريض فسوف يذبحها لله تعالى ويوزعها على الفقراء والمحتاجين، وحين أكرمه الله بشفاء ولده وَفَّى بالنذر، فذبحها ووزعها على الفقراء والمحتاجين، لكنه أكل منها؛ فما حكم ما أكله من هذا النذر؟ وهل يجب عليه شيء؟


ما الوقت الذي تُذْبَحُ فيه عقيقةُ المولود؟ وما الحكم لو فات هذا الوقت ولم يتم الذبح؟


يقوم بعض الناس بعمل وليمة الفرح بصورة فيها مبالغة؛ فما حكم ذلك شرعًا؟ وما حدّ الإسراف وعدم الإسراف في هذا الأمر؟


ما حكم الدعاء عند الذبح؟ فعند ذبح أيّ ذبيحة نقول: اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، اللهم تقبَّله منا كما تقبلت فدو سيدنا إسماعيل من سيدنا إبراهيم عليهما السلام، اللهم اجعل هذا العمل وكلَّ شيءٍ عندنا ومنَّا خالصًا لوجهك الكريم، واجعله مفتاحًا لكل أبواب الخير ومغلاقًا لكل أبواب الشر، ثم نقول: لنا ولهم مثلنا من الأجر والثواب من له حق علينا ومن لنا حق عليه وللمنسين والمحرومين، وأهل الله أجمعين ولروح الوالدين أجمعين ولروح جدي على الدوام منذ خلق الله الدنيا إلى يوم التلاقي، بسم الله، والله أكبر، سبحان من حلل عليك الذبح. فما حكم الشرع فيما نقول؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 11 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :8
الشروق
6 :41
الظهر
11 : 48
العصر
2:37
المغرب
4 : 56
العشاء
6 :18