ما حكم قراءة سورة بعد الفاتحة في الركعتين الثالثة والرابعة؟ فقد سمعت في بعض دروس العلم أن قراءة السورة بعد الفاتحة في غير الركعتين الأُوليَيْن؛ كالركعة الثالثة في المغرب، أو الركعتين الأخيرتين في الصلوات الرباعية لا يُؤثر على صحة الصلاة، فما مدى صحة هذا الكلام؟
قراءةَ السورة بعد الفاتحة في غير الركعتين الْأُولَيَيْنِ؛ كالركعة الثالثة في المغرب، والثالثة والرابعة من الصلوات الرباعية غير مطلوبة، وذلك بالنسبة للإمام أو المنفرد، وهو قول جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة، ولو قرأ فلا كراهة، ومع قول المالكية بالكراهة إلا أن ذلك لا يعني بطلان صلاة من قرأ، بل صلاته صحيحة ولا يلزمه إعادتها.
المحتويات
اتفق الفقهاء على أنَّه يُستحبُّ قراءة شيء من القرآن بعد الفاتحة في الصلاة في الركعتين الأُوليَيْنِ؛ وذلك لما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّه قال: «فِي كُلِّ صَلَاةٍ قِرَاءَةٌ، فَمَا أَسْمَعَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَسْمَعْنَاكُمْ، وَمَا أَخْفَى مِنَّا أَخْفَيْنَاهُ مِنْكُمْ، وَمَنْ قَرَأَ بِأُمِّ الْكِتَابِ فَقَدْ أَجْزَأَتْ عَنْهُ، وَمَنْ زَادَ فَهُوَ أَفْضَلُ» أخرجه الشيخان في "صحيحيهما".
قال الإمام النَّوويُّ في "شرحه على صحيح مسلم" (4/ 105، ط. دار إحياء التراث العربي): [فيه دليلٌ لوجوب الفاتحة، وأنَّه لا يُجزِي غيرها، وفيه استحبابُ السورة بعدها، وهذا مُجمَعٌ عليه في الصبح والجمعة والأُوليَيْنِ مِن كلِّ الصلوات، وهو سُنَّةٌ عند جميع العلماء] اهـ.
كما نقل الإمام ابن قُدَامة الإجماع على ذلك؛ فقال في "المغني" (1/ 354، ط. مكتبة القاهرة): [لا نعلم بين أهل العلم خِلافًا في أنَّه يُسنُّ قراءةُ سورة مع الفاتحة في الركعتين الْأُولَيَيْنِ من كلِّ صلاة] اهـ.
ثم اختلفوا بعد ذلك في حكم قراءة السورة بعد الفاتحة في الركعتين الثالثة والرابعة، فذهب الجمهور من الحنفية والشافعية في القديم -وهو المعتمد عندهم- والحنابلة إلى أن قراءةَ السورة بعد الفاتحة في الركعتين الْأُخْرَيَيْنِ غيرُ مطلوبة شرعًا، فإن قرأ فيهما جاز بلا كراهة، وذلك مستفادٌ من عباراتهم على اختلافها.
واستدلوا على ذلك بما جاء عن سيدنا أبي قتادة رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ وَيُسْمِعُنَا الْآيَةَ أَحْيَانًا، وَيَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحيهما".
قال الإمام البدر العَيْنِي الحنفي في "البناية" (2/ 272، ط. دار الكتب العلمية): [(قال) ش: أي القدوري م: (ويقرأ في الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب وحدها) ش: ولا يضم السورة معها فيهما... م: (لحديث أبي قتادة...)] اهـ.
وقال العلامة الحَصْكَفِي الحنفي في "الدر المختار شرح تنوير الأبصار" (ص: 64، ط. دار الكتب العلمية) عند ذكر واجبات الصلاة: [(وضم) أقصر (سورة) كالكوثر أو ما قام مقامها، وهو ثلاثة آيات قصار... (في الأُوليين من الفرض) وهل يكره في الأُخريين؟ المختار: لا] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (3/ 386-387، ط. دار الفكر) بعد ذكر القولين في المسألة: [وصحَّحت طائفة عدم الاستحباب، وهو الأصح، وبه أفتى الأكثرون، وجعلوا المسألة من المسائل التي يُفتى فيها على القديم] اهـ.
وقال العلامة الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (1/ 361، ط. دار الكتب العلمية): [(وتُسنُّ) للإمام والمنفرد (سورةٌ) يقرؤها في الصلاة (بعد الفاتحة) ولو كانت الصلاة سرية (إلا في الثالثة) من المغرب وغيرها (والرابعة) من الرباعية (في الأظهر)] اهـ.
وقال العلامة البُهُوتي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 202، ط. عالم الكتب): [(ويُصلِّي الباقي) من صلاته وهو ركعة من مغرب وركعتان من رباعية (كذلك) أي: كالركعة الثانية (إلا أنه يُسِرُّ) القراءة إجماعًا (ولا يزيد على الفاتحة)؛ لحديث أبي قتادة] اهـ.
وقال العلامة الخَلْوَتِي في "حاشيته على شرح منتهى الإرادات" (1/ 305، ط. دار النوادر): [ (ولا يزيد... إلخ)؛ أيْ: لا يُسَن أن يزيد، لا أنه يكره] اهـ.
قال المالكية بكراهة قراءة السورة بعد الفاتحة في ثالثة المغرب وأخيرتي الصلاة الرباعية.
قال الإمام الدردير في "الشرح الصغير" بحاشية الصاوي (1/ 342، ط. دار المعارف): [(و) كُرِهَ (سُورَةٌ) أو آية أي: قراءتُها (فِي أَخِيرَتَيْهِ) أي: في الركعتين الأخِيرَتَيْنِ] اهـ. وينظر معه: "شرح الإمام عبد الباقي الزُّرْقَاني على مختصر خليل" بحاشية البُنَاني (1/ 359، ط. دار الكتب العلمية).
وذهب الإمامُ الشافعيُّ في القول الجديد إلى استحباب قراءة السورة بعد الفاتحة في غير الأُوليَيْن. واستدل على ذلك بما جاء عن سيدنا أبي سعيد الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَدْرَ ثَلَاثِينَ آيَةً، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ خَمْسَ عَشْرَةَ آيَةً -أَوْ قَالَ نِصْفَ ذَلِكَ-، وَفِي الْعَصْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَدْرَ قِرَاءَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ آيَةً وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ نِصْفِ ذَلِكَ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
فقد أفاد ذلك وقوع القراءة في الركعتين الأخيرتين في الظهر والعصر، وأنها على النصف في القدر من القراءة في الأُوليين منهما، مما يدل على استحبابها فيهما.
وقد ذكر تحقيقَ القولين في مذهب الشافعية إمامُ الحرمين الجُوَيْنِي في "نهاية المطلب" (2/ 153-154، ط. دار المنهاج) حيث قال: [ثم قراءة السورة بعد الفاتحة مسنونة في حق المنفرد والإمام في الركعتين الأُولَيَيْن، وفي ركعتي الصبح، وهل تستحب قراءة السورة في الثالثة من المغرب، والركعتين الأخريين من الصلوات الرباعية؟ فعَلى قولين منصوصين: أحدهما -وإليه ميل النصوص الجديدة- أنها مستحبة في كل ركعة على إثر الفاتحة...، والقول الثاني -وعليه العمل- أن قراءة السورة لا تستحب بعد الركعتين الأُوليين] اهـ.
هذا، وقد نحا بعض العلماء منحى الجمع والتوفيق بين حَدِيثَيْ أبي قتادة وأبي سعيد الْخُدْرِيِّ رضي الله عنهما، بأن حملوا حديث سيدنا أبي قتادة رضي الله عنه على الغالبِ والأكثرِ من فعل الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، وحديث سيدنا أبي سعيد الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه على أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يزيدُ على الفاتحة في الركعتين الْأُخْرَيَيْنِ أحيانًا.
قال الإمام ابن دقيق العيد في "إحكام الأحكام" (1/ 266، ط. دار عالم الكتب) مُعَلِّقًا على حديث أبي قتادة رضي الله عنه: [وقد يُسْتَدَلُّ بهذا الحديث على اختصاص القراءة بِالْأُولَيَيْنِ فإنه ظاهر الحديث، حيث فَرَّقَ بَيْنَ الْأُولَيَيْنِ وَالْأُخْرَيَيْنِ فيما ذكره من قراءة السورة وعدم قراءتها، وقد يَحْتَمِلُ غير ذلك، لاحتمال اللفظ لأن يكون أراد تخصيص الْأُولَيَيْنِ بالقراءة الموصوفة بهذه الصفة، أعني التطويل في الأُولى والتقصير في الثانية] اهـ.
بناءً على ذلك: فإنَّ قراءةَ السورة بعد الفاتحة في غير الركعتين الْأُولَيَيْنِ؛ كالركعة الثالثة في المغرب، والثالثة والرابعة من الصلوات الرباعية غير مطلوبة، وذلك بالنسبة للإمام أو المنفرد، وهو قول جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة، ولو قرأ فلا كراهة، ومع قول المالكية بالكراهة إلا أن ذلك لا يعني بطلان صلاة من قرأ، بل صلاته صحيحة ولا يلزمه إعادتها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم استعمال غير المسلمين لفظ الجلالة (الله) في كتبهم المكتوبة باللغة الماليزية؟ مع أنهم يعتقدون عقيدة التثليث، ويَدَّعون مع ذلك أن كلًّا من دين الإسلام ودينهم من عند الله، وأن إلهنا وإلههم واحد، وهذا التلبيس سيضلل كثيرًا من المسلمين، وخاصة في بلاد ماليزيا.
ما حكم صلاة الجمعة مرتين بإمام واحد في مسجد واحد؟ فإنه يوجد في مدينة تمبي في ولاية أريزونا في الولايات المتحدة الأمريكية مسجد باسم (المركز الإسلامي)، وتقام فيه الصلوات الخمس والجمع وبعض الدروس العلمية، كما تقام في نفس المسجد يوم الجمعة صلاة الجمعة مرتين أو ثلاث مرات أحيانًا والفرق ساعة بين كل صلاة جمعة، وفي يوم من أيام الجمعة حضرت صلاة الجمعة الأولى حيث خطب الجمعة وصلى الصلاة أحد الأئمة وبعد انتهاء الصلاة وانصراف الناس المتواجدين، بدأ وقت صلاة الجمعة الثانية بنصف ساعة تقريبًا، رجع نفس الإمام الذي صلى بنا الجمعة الأولى، واعتلى المنبر وبدأ خطبته، وبعد الانتهاء من الخطبة ظننت أنه قد يقدم شخصًا آخر مكانه ليصلي بالناس، ولكنني تفاجأت به هو نفسه الذي صلى بنا الجمعة الأولى يصلي بالجماعة الثانية ويؤمهم للصلاة، فتعجبت كثيرًا كيف لإمام أن يصلي صلاتي جمعة، بالجماعة الأولى والجماعة الثانية! فالصلاة الأولى صليناها في وقتها بعد الزوال على الساعة الواحدة ظهرًا، والصلاة الثانية على الساعة الثانية ظهرًا، هم في العادة كل جمعة يصلونها بإمام غير الجمعة الأخرى، ولكن الذي حدث ذلك اليوم كان أمرًا غريبًا عليَّ وتعجبت منه كثيرًا. فما حكم الصلاة الثانية للإمام والجماعة التي صلت معه؟
ما حكم صلاة المسلمين في الكنائس؟
أولًا: هل يجوز صلاة الابن عن أبيه؛ حيًّا كان الأب أو ميتًا؟
ثانيًا: هل يصح حج الابن عن أبيه إذا كان قد مات منتحرًا؟
كنت أصلي وابني الصغير يلعب أمامي وتركت شيئًا على موقد النار (البوتاجاز) فذهب ابني ناحيته فخشيت عليه من الخطر، فقطعت صلاتي لإنقاذه؛ فما حكم ذلك؟
نرجو منكم بيان الدليل على جواز قراءة الفاتحة لقضاء الحوائج.