حكم الهدي لمن صام ثلاثة أيام في الحج ثم قدر عليه

تاريخ الفتوى: 12 أغسطس 2023 م
رقم الفتوى: 7892
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الحج والعمرة
حكم الهدي لمن صام ثلاثة أيام في الحج ثم قدر عليه

ما حكم الهدي لمن صام ثلاثة أيام في الحج ثم قدر عليه؟ فهناك رجلٌ أحرم بالحج متمتعًا، ولم تكن لديه القدرة المالية على شراء الهدي، فصام ثلاثة أيامٍ في الحج، ثم تيسَّرت حالُه، فهل يجب عليه الهدي؟

لا يجب على الرجل المذكور الهديُ بعدما صام ثلاثةَ أيامٍ في الحج بَدَلًا عنه حيث لَم تكن لديه القدرة المالية على شرائه، حتى وإنْ تيسَّرت حالُه، فإن أراد الرجوع إلى الهدي جاز له ذلك.

المحتويات

 

مفهوم حج التمتع

التمتع: هو أنْ يُحرم الحاجُّ بالعمرة في أشهر الحج مِن ميقات بلده أو مِن غيره مِن المواقيت المكانية التي يمر بها أو مما يحاذيها، ثم يؤديها وَيَفْرُغَ منها، ثم يُنْشِئَ حجًّا مِن عامه دون أنْ يرجع إلى الميقات للإحرام بالحج، وإنما سمي بـ"التمتع"؛ لتمتع صاحبه بإحلال محظورات الإحرام له في فترةِ ما بين تَحَلُّلِهِ مِن العمرة وإحرامه بالحج، وقيل: لتمتعه بسقوط العَوْدة في حَقِّه إلى الميقات ليُحرِمَ منه بالحج، وقيل: لهذين السببين معًا. ينظر: "تبيين الحقائق" لفخر الدين الزَّيْلَعِي الحنفي (2/ 45، ط. الأميرية)، و"الفواكه الدواني" لشهاب الدين النَّفَرَاوِي المالكي (1/ 371، ط. دار الفكر)، و"مغني المحتاج" لشمس الدين الخطيب الشِّرْبِينِي الشافعي (2/ 287، ط. دار الكتب العلمية)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامَة الحنبلي (3/ 260، ط. مكتبة القاهرة).

حكم الهدي لمن صام ثلاثة أيام في الحج ثم قدر عليه

إذا وُفِّقَ القادمُ مِن الآفاق -وهي: الأماكن الخارجة عن حدود المواقيت المكانية- وأتى بأعمال العمرة في أشهر الحج، ثم مكث في مكة حتى أدَّى مناسك الحج في نفس العام -على النحو المذكور سابقًا-: فإنه يصير بذلك متمتعًا بإجماع الفقهاء، ويجب عليه حينئذ أنْ يُهدي دمًا ما دام مستطيعًا؛ ويسمى "هدي التمتع"، وإلا فعليه الصيام عشرة أيام؛ كما في "الإجماع" للإمام ابن المُنْذِر (ص: 56، ط. دار المسلم).

والأصل في ذلك: أن يصوم الحاجُّ ثلاثةَ أيام في الحج، وسَبْعَةً بعد رجوعه إلى أهله؛ لقول الله تعالى في مُحْكَم التنزيل: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: 196].

قال الإمام ابن رشد في "بداية المجتهد" (2/ 132، ط. دار الحديث): [وأجمعوا أن هذه الكفارة على الترتيب، وأنَّ مَن لَم يجد الهدي فعليه الصيام] اهـ.

ومِن ثَمَّ، فإذا صام المتمتعُ الأيامَ الثلاثة التي وَجَبَت عليه في الحج -كما هي مسألتنا- فليس عليه هديٌ ولو استطاع وأَيْسَرَ بعد ذلك، ويُكمِل ما عليه مِن صيام سبعة أيام إذا رَجَع مِن حَجِّهِ؛ لأنه لَمَّا عجز عن الهدي انتَقَل إلى البَدَل عنه وهو الصيام، فلا يكون بذلك مطالَبًا بالهدي، ولا يلزمه الرجوع إليه، ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج، وهذا ما عليه جمهور الفقهاء مِن المالكية والشافعية والحنابلة، فإن عاد للهدي جاز له ذلك، واستحبه الشافعية.

ووافَقَ الحنفيةُ الجمهورَ في عدم الانتقال إلى الهدي بعد صيام الأيام الثلاثة، إلا أنهم اشترطوا أن يكون ذلك بعد التحلُّل بالحَلْق أو التقصير، بحيث لو وَجَد الهديَ قبل أن يَحْلِقَ أو يُقَصِّرَ وَجَبَ عليه الهدي، وبطل حُكمُ الصوم في حَقِّهِ.

قال الإمام علاء الدين الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 174، ط. دار الكتب العلمية): [ولو وجد الهدي قبل أن يشرع في صوم ثلاثة أيامٍ، أو في خلال الصوم، أو بعدما صام، فوجده في أيام النحر قبل أن يَحْلِقَ أو يُقَصِّرَ، يَلزمه الهدي، ويسقط حُكم الصوم عندنا... ولو وجد الهدي في أيام الذبح أو بعدما حَلَقَ أو قَصَّرَ، فَحَلَّ قبل أن يصوم السبعة، صَحَّ صومه، ولا يجب عليه الهدي] اهـ.

وقال العلامة برهان الدين ابن مَازَه الحنفي في "المحيط البرهاني" (2/ 469، ط. دار الكتب العلمية): [ولو قدر على الهدي في خلال الصوم الثلاث أو بعدها قبل يوم النحر، لزمه الهدي، وسقط حُكمه؛ لأنه قدر على الأصل قبل حصول المقصود بالبدل؛ لأن المقصود هو التحلل، ولم يحصل، فسقط حكم البدل، كالمُقِيم إذا وجد الماء قبل الفراغ مِن الصلاة، ولو وجد الهدي بعدما حَلَقَ قبل أن يصوم السبعة، فلا هدي عليه؛ لأن المقصود قد حصل بالحَلْق وهو التحلل، فيسقط حكم البَدَل، وفي "المنتقى": رواية البشر عن أبي يوسف: إذا صام المتمتع ثلاثة أيام، ثم وجد هديًا قبل أن يَحِلَّ، انتقض صومه، وإن وجد الهدي بعدما حَلَّ، جاز صومه، ولا هدي عليه] اهـ.

وقال الإمام ابن رشد المالكي في "بداية المجتهد" (2/ 132): [قال مالك: إذا شَرَعَ في الصوم فقد انتَقَل واجبُه إلى الصوم وإن وجد الهدي في أثناء الصوم] اهـ.

وقال العلامة أبو البَرَكَات الدَّرْدِير المالكي في "الشرح الكبير" (2/ 85، ط. دار الفكر، ومعه "حاشية العلامة الدسوقي"): [(وندب الرجوع له) أي: للهدي إن أَيْسَرَ (بعد) صومِ يومٍ أو (يومين) وكذا في اليوم الثالث قبل إكماله، وأما بعد إكماله فلا يندب له الرجوع؛ لأنها قسيمة، فكانت كالنصف] اهـ.

قال العلامة الدسوقي في "حاشيته عليه": [وأما إنْ أَيْسَرَ بعد كمال الثالث فإنه لا يندب له الرجوع له، لكن لو رجع له جاز؛ لأنه الأصل] اهـ.

وقال الإمام الرَّافِعِي الشافعي في "فتح العزيز" (7/ 191، ط. دار الفكر): [إذا شَرَعَ في الصوم ثم وجد الهدي، استُحِبَّ له أن يهدي، ولا يلزمه، سواء شَرَعَ في صوم الثلاثة أو في صوم السبعة] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (7/ 190، ط. دار الفكر): [قال الشافعي والأصحاب: إذا شَرَعَ في صوم التمتع الثلاثة أو السبعة ثم وجد الهدي، لم يلزمه، لكن يستحب أن يهدي] اهـ.

وقال الإمام ابن قُدَامَة الحنبلي في "المغني" (3/ 420، ط. مكتبة القاهرة): [(ومَن دخل في الصيام، ثم قدر على الهدي، لم يكن عليه الخروج مِن الصوم إلى الهدي، إلا أن يشاء)... ولنا: أنه صوم دخل فيه لعدم الهدي، لم يلزمه الخروج إليه، كصوم السبعة، وعلى هذا يخرج الأصل الذي قاسوا عليه، وإنه ما شرع في الصيام] اهـ.

وقال العلامة علاء الدين المَرْدَاوِي الحنبلي في "الإنصاف" (3/ 516، ط. دار إحياء التراث العربي): [قوله (ومتى وجب عليه الصوم، فشرع فيهن، ثم قدر على الهدي، لم يلزمه الانتقال إليه إلا أن يشاء) هذا المذهب، وعليه الأصحاب] اهـ.

فأفادت هذه النصوص أنَّ مَن أَكمَل صيامَ الأيامِ الثلاثةِ فإنه لا يجب عليه الرجوع إلى الهدي إذا قدر عليه.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه لا يجب على الرجل المذكور الهديُ بعدما صام ثلاثةَ أيامٍ في الحج بَدَلًا عنه حيث لَم تكن لديه القدرة المالية على شرائه، حتى وإنْ تيسَّرت حالُه، فإن أراد الرجوع إلى الهدي جاز له ذلك.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم الفطر لطالب كلية الطب بسبب مشقة التدريب والعمل؟ فأنا طالب بالسنة النهائية بكلية الطب، وأعمل من الساعة السابعة صباحًا بدون رفق أو هوادة إلى ما بعد الساعة الرابعة بعد الظهر في التمرين بأقسام المستشفى وتلقى المحاضرات بالكلية، وذلك يستلزم منا الاستذكار بعد ذلك حوالي سبعة ساعات على الأقل فيكون مجموع ساعات العمل اليومي ست عشرة ساعة، ولا أستطيع أداءه إذا ما كنت صائمًا، ومن ناحية أخرى فلو لم أبذل هذا المجهود -ولا أستطيع ذلك وأنا صائم- فسوف تكون العاقبة وخيمة، وبما أني أؤدي واجباتي الدينية على قدر ما أستطيع ولم يسبق لي أن أفطرت في رمضان فلا أستطيع أن أقرر بنفسي ما يجب علي اتخاذه بحيث أن تكون الناحية الدينية سليمة، وأعتقد أن هذا الإشكال يواجه الكثيرين من زملائي، فأرجو فضيلتكم الاهتمام بإفتائنا سريعًا في هذا الموضوع.


ما حكم الصوم للمرأة التي يأتيها دم الحيض مرتين في الشهر؟ فقد نزل الحيض لامرأة في شهر رمضان، وطَهُرَت منه، ثم نزل عليها الدم مرة أخرى لعدة أيام في نفس الشهر، فهل تترك الصيام في هذه الأيام أو يجب عليها الصوم؟


ما حكم الدم النازل على المرأة الكبيرة بعد انقطاع الحيض عنها؟ وهل يمنع من الصلاة والصيام؟ فقد تجاوزت سني السادسة والخمسين سنة، وقد انقطع عني دم الحيض منذ عام، ولكن فوجئت منذ أيام بنزول الدم مرة أخرى بنفس ألوان دم الحيض المعروفة لمدة خمسة أيام، فما حكم ذلك شرعًا؟ وهل يعتبر دم حيض يمنع من الصلاة والصيام؟


ما حكم الإفطار في رمضان لمَن يداوم على السفر نظرًا لطبيعة عمله؟


ما سنن العمرة؟ وما الحكم لو ترك المعتمر شيئًا من هذه السنن؟


ما حكم تأخير زكاة الفطر عن صلاة العيد؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 31 مايو 2025 م
الفجر
4 :11
الشروق
5 :54
الظهر
12 : 53
العصر
4:29
المغرب
7 : 51
العشاء
9 :23