ما حكم ذبح الأضحية ليلًا في أيام التشريق؟ حيث اعترض عليَّ بعض الأصدقاء في العام الماضي، وقال لي بأنه لا يصح ذبح الأضحية ليلًا، فهل هذا صحيح أو لا؟ بحيث أتمكن من فعل ما هو موافق لأحكام الشرع الحنيف في هذا العام، علمًا بأن هذا الوقت هو الذي يكون مناسبًا لي في الأغلب.
يجوز ذبح الأضحية ليلًا أو نهارًا ولا حرج في ذلك شرعًا.
المحتويات
الأضحية مشروعة في حق القادر عليها؛ شكرًا لله تعالى على نعمه، ومن تمام ذلك مراعاة مقاصدها وأحكامها، ومن أحكامها تقيدها بوقتٍ لا تجزئ إلا فيه؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «كُلُّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، والبيهقي في "السنن الكبرى".
ويبدأ وقت ذبح الأضحية من صلاة عيد يوم النحر، ويمتد إلى غروب شمس آخر يوم الثالث من أيام التشريق -أي من اليوم العاشر إلى الثالث عشر من شهر ذي الحجة-، والأصل في الذبح أن يكون في نهار هذه الأيام عامة؛ إظهارًا لهذه الشعيرة المباركة، ولكونه أضبط في الذبح، وأنفع للفقير من إعطائه اللحم طازجًا طريًّا.
أما عن ذبح الأضحية ليلًا؛ فقد ذهب جمهور الفقهاء -من الحنفية والمالكية في قولٍ والشافعية والإمام أحمد في أصح الروايتين وعليها اختيار المتأخرين من الحنابلة- إلى جوازه مع الكراهة التنزيهية.
قال العلامة شيخي زاده الحنفي في "مجمع الأنهر" (2/ 519، ط. دار إحياء التراث العربي): [(وكره الذبح ليلًا) وإن جاز؛ لاحتمال الغلط في ظلمة الليل، وفي "المنح": الظاهر أن هذه الكراهة للتنزيه، ومرجعها إلى خلاف الأولى؛ إذ احتمال الغلط لا يصلح دليلًا على كراهة التحريم] اهـ.
وقال العلامة ابن بزيزة المالكي في "روضة المستبين في شرح كتاب التلقين" (1/ 682-683، ط. دار ابن حزم): [واختلفوا هل يجزئ الذبح ليلًا أم لا؟ فيه قولان في المذهب، ومبنى المسألة على الاختلاف في مفهوم اللقب هل هو حجة أم لا؟ وقال به مالك والدقاق، والجمهور على خلافه] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (8/ 388، ط. دار الفكر): [واتفقوا -أي: الأصحاب- على أنه يجوز ذبحها في هذا الزمان ليلًا ونهارًا؛ لكن يكره عندنا الذبح ليلًا في غير الأضحية، وفي الأضحية أشد كراهة] اهـ.
وقال أيضًا (8/ 391): [مذهبنا: جواز الذبح ليلًا ونهارًا، في هذه الأيام جائز، لكن يكره ليلًا، وبه قال أبو حنيفة وإسحاق وأبو ثور والجمهور وهو الأصح عن أحمد] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (9/ 454، ط. مكتبة القاهرة): [وحكي عن أحمد رواية أخرى، أن الذبح يجوز ليلًا. وهو اختيار أصحابنا المتأخرين، وقول الشافعي، وإسحاق، وأبي حنيفة وأصحابه؛ لأن الليل زمن يصح فيه الرمي، فأشبه النهار] اهـ.
ذهب المالكية في المشهور، والإمام أحمد في إحدى الروايتين (اختارها الخرقي) إلى أنه لا تجزئ التضحية ليلًا؛ لاشتراط وقوعها بالنهار.
قال الإمام الخرشي المالكي في "شرح مختصر خليل" (3/ 37-38، ط. دار الفكر): [والنهار شرط (ش) أي: والنهار في الضحايا والهدايا شرط، فلا يجزئ ما وقع منهما ليلًا على المشهور، وأول النهار طلوع الفجر] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (9/ 454): [الثالث في زمن الذبح، وهو النهار دون الليل، نص عليه أحمد، في رواية الأثرم. وهو قول مالك. وروي عن عطاء ما يدل عليه] اهـ.
وإنما لا يذبح ليلًا -عندهم- مظنة احتمال الخطأ في محل الذبح بسبب ظلمة الليل، ولأن الليل أيضًا يتعذر فيه تفرقة اللحم في الغالب، فلا يفرق طريًّا، وربما تغير إذا استُبقِي إلى النهار؛ فضلًا عن أنه بالذبح ليلًا يصير المضحي مستترًا بأضحيته والمظاهرة بها أولى؛ فكره لذلك الذبح ليلًا لتفويت بعض هذه المقاصد. ينظر: "مجمع الأنهر" لشيخي زاده الحنفي (2/ 519)، و"الفواكه الدواني" للإمام النفراوي المالكي (1/ 381، ط. دار الفكر)، و"الحاوي الكبير" للإمام الماوردي الشافعي (15/ 114، ط. دار الكتب العلمية). و"المغني" للإمام ابن قدامة الحنبلي (9/ 454).
فإذا أمن من هذه الأسباب ونحوها وغدت عملية الذبح واضحة ليلًا كالنهار -كما في زماننا الذي وجدت فيه المجازر المتخصصة والإضاءات الحديثة-، وأمكن توزيع اللحم طريًّا أو تخزينه بطرق تحفظ جودته، أو كانت المصلحة في الذبح ليلًا؛ لكثرة عدد من يقومون بذلك: فقد زالت علةُ الكراهة؛ لأن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، ولما تقرر في قواعد الفقه أن الكراهة تزول بأدنى حاجة.
قال الإمام ابن حجر الهيتمي في "تحفة المحتاج" (9/ 354، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [(ويبقى) وقت التضحية وإن كره الذبح ليلًا إلا لحاجة أو مصلحة] اهـ.
وقال العلامة البجيرمي في "حاشيته على شرح المنهج" (4/ 297، ط. الحلبي): [ويكره الذبح ليلًا إلا لحاجة كاشتغاله نهارًا بما يمنعه من التضحية أو مصلحة؛ كتيَسُّر الفقراء ليلًا أو سهولة حضورهم] اهـ.
بناء على ذلك: فإن ذبح الأضحية جائز ليلًا أو نهارًا ولا حرج في ذلك شرعًا؛ لما سبق بيانه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل اصطياد الضفادع وتصديرها مذبوحةً للدول التي تأكلها جائز؟
ما حكم العقيقة عن المولود الذي مات قبل السابع؛ حيث يوجد رجلٌ رزقه الله تعالى بمولود، ثم قدَّر الله أن مات هذا المولود بعد ولادته بيومين؛ فهل على أبيه أن يعق عنه؟
ما حكم قصّ الأظافر وحلق الشعر في الأيام العشر الأولى من ذي الحجة لمَن نوى الأضحية وعزم على فعلها؟
كيف تقسم الأضحية؟ هل هي ثلث من كل شيء؛ ثلث من الكبد، وثلث من الرأس وهكذا، أو كيف تقسم بالثلث؟
تقوم إحدى الجمعيات بعرض صكوك الأضاحي على المتبرعين في كافة أنحاء الجمهورية، ونقوم بالذبح والتوزيع نيابة عنهم، وجزء من هذه الأضاحي يتم ذبحه داخل جمهورية مصر العربية أيام التشريق، ويتم التوزيع فور الذبح، والجزء الآخر من الأضاحي يتم ذبحه خارج مصر في أيام التشريق، ثم يتم نقلها بعد أيام التشريق إلى مصر وتوزيعها على فقراء المسلمين؛ لأن تكلفة نقلها حيةً أكبرُ من تكلفة نقلها لحمًا بعد ذبحها، مما يعود بالفائدة على زيادة أعداد الأضاحي، فتزداد نسبة المستفيدين منها من الفقراء والمحتاجين. فهل يجوز توزيع لحوم الأضاحي التي تم ذبحها أيام التشريق خارج مصر بعد انقضاء أيام التشريق ووصولها إلى مصر؟
ما هو الحد الفاصل بين القليل والكثير في عيوب الأضحية؟ فقد اشتريت خروفين لأضحي بهما، لكني اكتشفت بعد الذهاب إلى المنزل أن أحدهما به عرج يسير، لكن هذا العرج لا يعيق حركة مشيه، فأخبرني أحد إخوتي أن هذا الخروف الأعرج لا يجزئ في الأضحية، فلما رجعت به إلى التاجر لأستبدله أو أسترجع ثمنه وجدته قد غادر مكانه، وأخبرني جيرانه أنه باع المواشي التي عنده كلها وسافر إلى بلده، فهل يجوز لي أن أضحي بهذا الخروف الذي به عرج يسير؟ وما الحكم الشرعي تجاه عيوب الأضحية؟ وكيف نفرق بين اليسير والكثير؟