مدى اشتراط النية عند ذبح الأضحية وموقف من لم يعقد النية لها من أول ذي الحجة

تاريخ الفتوى: 12 يوليو 2023 م
رقم الفتوى: 7813
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الذبائح
مدى اشتراط النية عند ذبح الأضحية وموقف من لم يعقد النية لها من أول ذي الحجة

ما موقف من لم يعقد نية الأضحية؟ فقد تعوَّدتُ منذ أمدٍ بعيد أن أضحِّيَ كلَّ عام، ولكنِّي هذا العام أَمُرُّ بضائقة مادِّيَّة تحول -حتى الآن- بيني وبين التضحية، وربَّما تيسَّر لي الأمر أيام الذبح؛ فهل تجزئ التضحية حينئذٍ وأنا لم أعقد النية من قبل؟ وكذلك لم أمسك عن شعري وأظفاري من أول ذي الحجة.

تجزئ الأضحية ما دام المضحي مستحضرًا النية حال الذبح، ولا يشترط لها أن يعقد النية عليها من أول ذي الحجة، ولا يندب في حقِّه الإمساك عن الشعر والأظفار؛ لأنه لم يرَ الهلال وهو مريد التضحية.

المحتويات

 

المراد بالأضحية وبيان حكمها

الضَّحيَّة: الأُضْحية، والجميع: الضَّحايا والأضاحي، وهي الشَّاة يُضَحَّى بها يوم الأَضْحَى بمِنًى وغيره، كما في "العين" للخليل بن أحمد (3/ 266، ط. دار الهلال).

وهي في اصطلاح الفقهاء: ما يذبح من النَّعَم تقرُّبًا إلى الله تعالى بشروط مخصوصة. ينظر: "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (6/ 122، ط. دار الكتب العلمية).

وهي سنة مؤكدة في حقِّ القادر عليها عند جمهور الفقهاء؛ من المالكية في المشهور والشافعية والحنابلة والظاهرية. ينظر: "مواهب الجليل" للإمام الحطاب (3/ 238، ط. دار الفكر)، و"روضة الطالبين" للإمام النووي (3/ 228، ط. المكتب الإسلامي)، و"المغني" للإمام ابن قدامة (9/ 435، ط. مكتبة القاهرة)، و"المحلى" للإمام ابن حزم (6/ 3، ط. دار الفكر).

مدى اشتراط النية عند ذبح الأضحية وموقف من لم يعقد النية لها

قد اشترط الفقهاء لصحة التضحية شروطًا؛ منها: أن ينوي المضحي التضحية حال الذبح، ولا يشترط تقدمها عليه؛ لأن "النية المعتبرة ما قاربت الفعل" كما قال الإمام القرافي في "الذخيرة" (4/ 156، ط. دار الغرب الإسلامي).

قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (5/ 71-72، ط. دار الكتب العلمية) عند تعداده شرائط الجواز: [أما الذي يرجع إلى مَن عليه التضحية، فمنها: نية الأضحية، لا تجزي الأضحية بدونها؛ لأن الذبح قد يكون للحم وقد يكون للقربة، والفعل لا يقع قربة بدون النية... ويكفيه أن ينوي بقلبه ولا يشترط أن يقول بلسانه ما نوى بقلبه كما في الصلاة؛ لأن النية عمل القلب، والذكر باللسان دليل عليها... (ومنها) أن تكون نية الأضحية مقارنة للتضحية كما في باب الصلاة؛ لأن النية معتبرة في الأصل، فلا يسقط اعتبار القِران إلا لضرورة كما في باب الصوم؛ لتعذر قِران النية لوقت الشروع لما فيه من الحرج] اهـ.

وجاء في "الفتاوى الهندية" (5/ 291، ط. دار الفكر): [(وأمَّا) (ركنها): فذبح ما يجوز ذبحه في الأضحية بنية الأضحية في أيامها؛ لأن ركن الشيء ما يقوم به ذلك الشيء، والأضحية إنما تقوم بهذا الفعل، فكان ركنًا] اهـ.

وقال الإمام التنوخي المالكي في "التنبيه على مبادئ التوجيه -قسم العبادات" (2/ 837، ط. دار ابن حزم): [أما الأضحية، فسبب الخلاف في هذا هل تتعين الأضحية بالشراء أو بالنية؟ فتكون كالهدي لا يفتقر إلى النية عند الذبح، أو لا تتعين إلا بالذبح فتفتقر إلى النية] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "منهاج الطالبين" (ص: 321، ط. دار الفكر): [وتشترط النية عند الذبح إن لم يسبق تعيين] اهـ.

وقال الإمام السيوطي الشافعي في "الأشباه والنظائر" (ص: 24، ط. دار الكتب العلمية) في أحكام النية: [نية الأضحية يجوز تقديمها على الذبح، ولا يجب اقترانها في الأصح] اهـ.

وقال الإمام المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (4/ 95، ط. دار إحياء التراث العربي): [يشترط لها نية المالك عند الذبح، فلا يجزئ ذبح غيره بغير إذنه] اهـ.

ومقتضى هذه النصوص أنَّه لا يجب عقد النية على التضحية من أول ذي الحجة، فتقع مجزئة متى قارنت النية الذبح وإن لم ينوها قَبْلَه.

الإمساك عن الأخذ من الشعر والأظفار لمن يريد أن يضحي

أمَّا الإمساك عن الأخذ من الشعر والأظفار، فيُندب في حقِّ مَن رأى هلال ذي الحجة وهو مريد التضحية، فإن رآه غير مريد التضحية فليس مطالبًا بالإمساك حينئذٍ؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «إذا رأيتم هلال ذي الحجة، وأراد أحدكم أن يضحِّي، فليمسك عن شعره وأظفاره» أخرجه مسلم.

قال الإمام الخرشي المالكي في "شرح مختصر خليل" (3/ 39، ط. دار الفكر): [يندب لمن أراد الأضحية أن لا يقلم أظفاره ولا يحلق شيئًا من شعره ولا يقص من سائر جسده شيئًا تشبيهًا بالمحرم، ويستمر على ذلك حتى يضحي] اهـ.

وقال الإمام ابن جزي المالكي في "القوانين الفقهية" (ص: 128، بدون طبعة): [يستحب لمن أراد أن يضحي أن لا يقص من شعره ولا من أظفاره إذا دخل ذو الحجة حتى يضحي] اهـ.

وقال الإمام الرملي الشافعي في "نهاية المحتاج" (8/ 132، ط. دار الفكر): [(ويسن لمريدها) غير المحرم -أي التضحية- (أن لا يزيل شعره ولا ظفره) أي شيئًا من ذلك (في عشر ذي الحجة حتى يضحي)] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فتجزئ أضحية مَن لم يعقد النية عليها من أول ذي الحجة ما دام مستحضرًا النية حال الذبح، ولا يندب في حقِّه الإمساك عن الشعر والأظفار؛ إذ لم يرَ الهلال وهو مريد التضحية.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما الحكم لو فات وقت ذبح العقيقة في اليوم السابع؟


ما حكم أكل الحيوانات البحرية من غير الأسماك؟


ما حكم الذبح صدقةً على روح المتوفى؟ مع العلم بأن الذبح قد تم أثناء العزاء. 


ما حكم إطعام غير المسلم من لحم الأضحية؟ حيث اعتاد والدي كل عام في عيد الأضحى أن يهدي جارنا غير المسلم شيئًا من لحم الأضحية، وظل على ذلك إلى وقتنا الحالي، ثم اعترض عليه بعض الناس بعدم جواز إطعام غير المسلمين من الأضحية. فما حكم الشرع في هذه المسألة؟


ما حكم الاشراك في النية في ذبيحة واحدة بين الأضحية وعمل الوليمة ودعوة الناس إليها بمناسبة بناء منزلٍ جديدٍ وهي التي تُسمَّى بالوكيرة، أو أن الأولى عمل هذه الوكيرة من الثلث الخاص بي وبأهل بيتي في الأضحية؟


السؤال من وزارة التجارة والصناعة شؤون التموين أن الاتحاد العام للقصَّابين بالقاهرة قد شكا للوزارة من أنه بسبب قفل الأسواق في الأقاليم الموبوءة بالكوليرا تعذَّر جلب الحيوانات المعدَّة للذبح بالعدد الكافي للوفاء بحاجة المستهلكين، وطالب بالعودة إلى حظر الذبح ثلاثة أيام في الأسبوع؛ للموازنة بين العرض والطلب، ولإزالة عوامل ارتفاع الأسعار؛ ونظرًا لما تعلقه هذه الوزارة من الأهمية على موازنة العرض والطلب بقدر الإمكان، فإنه قد يكون من المفيد أن يصرف الناس عن الإسراف في ذبح الأضحيات إذا كان يجوز شرعًا الاستعاضة عنها بما يساوي ثمنها من الصدقات الأخرى، وفي ذلك ما فيه من العمل على خفض الأسعار تيسيرًا على الطبقات الفقيرة؛ لذلك أكون شاكرًا لو تفضلتم بإفتاء الوزارة فيما إذا كان من الجائز استبدال الأضحية عينًا بالصدقة بما يوازي ثمنها في أقرب وقت؛ ليتسنى للوزارة إذاعتها على عامة المسلمين بكافة الوسائل الممكنة.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 08 مايو 2025 م
الفجر
4 :29
الشروق
6 :6
الظهر
12 : 51
العصر
4:28
المغرب
7 : 37
العشاء
9 :3