ما الفرق بين التحلل الأصغر والتحلل الأكبر في أعمال الحج؟ فهناك شخصٌ عزم على الحج هذا العام، ويعرف أن للحج تحللًا أصغر وتحللًا أكبر، ويسأل: ما الفرق بينهما؟
المحتويات
التحلل يراد به: خروج المُحرِم مِن الإحرام، وحِلُّ ما كان محظورًا عليه بسبب إحرامه. ينظر: "البناية شرح الهداية" للإمام بدر الدين العَيْنِي (4/ 443، ط. دار الكتب العلمية)، و"اللباب في شرح الكتاب" للعلامة الميداني (1/ 218، ط. المكتبة العلمية)، و"تحفة الحبيب على شرح الخطيب" للعلامة البُجَيْرِمِي (2/ 467، ط. دار الفكر).
وقد اتفق الفقهاء على أنَّ للإحرام عدَّة محظوراتٍ يجب على المسلم اجتنابُ فعلها إذا كان محرمًا، كتغطية الرأس، وحَلْق الشَّعر أو شدِّه مِن أيِّ جزءٍ مِن الجسد، وقَصِّ الأظافر، ولا يَستخدم الطِّيب، ولا يُخالِط زوجتَه أو يَفعل معها دواعي المخالطة، كاللمس والتقبيل بشهوة، ولا يَلبس المَخِيطَ المُحِيطَ -وهو المُفَصَّل على أيِّ عضوٍ مِن أعضاء الجسم-، ولا يَتعرض لصيد البَرِّ الوَحْشِي ولا لِشَجَرِ الحَرَم. ينظر: "تحفة الفقهاء" للإمام علاء الدين السَّمَرْقَنْدِي الحنفي (1/ 391، ط. دار الكتب العلمية)، و"الذخيرة" للإمام شهاب الدين القَرَافِي المالكي (3/ 301، ط. دار الغرب الإسلامي)، و"التنبيه" للإمام الشِّيرَازِي الشافعي (ص: 72، ط. عالم الكتب)، و"عمدة الفقه" للإمام ابن قُدَامَة الحنبلي (ص: 46، ط. المكتبة العصرية).
الحج عبادةٌ لها تحلُّلَان: أول وثان، أو: أصغر وأكبر، على اختلاف عبارات الفقهاء، وكلاهما متعلِّقٌ بأداءِ الحاجِّ أعمالَ يوم النحر الثلاثة، وهي: رمي جمرة العقبة الكبرى، والحَلْق أو التقصير، وطواف الإفاضة متبوعًا بسعي الحج إن لَم يكن قد أدَّاه -على تفصيل بين الفقهاء في حكمه-.
فأما التحلل الأول أو الأصغر: فإنه يحصل برمي جمرة العقبة الكبرى كما هو مذهب المالكية، أو الحَلْق -ومثله التقصير- كما هو مذهب الحنفية، أو بفِعل اثنَيْن مِن أعمال يوم النحر الثلاثة السابق ذِكرُها كما هو مذهب الشافعية في المشهور والحنابلة في الصحيح، أو بفِعل واحدٍ منها وهو وجهٌ عند الشافعية والرواية الثانية عن الإمام أحمد.
وأما التحلل الثاني أو الأكبر: فإنه يحصل بأداء أعمال يوم النحر الثلاثة كلِّها. ينظر: "العناية شرح الهداية" للعلامة أَكْمَل الدين البَابَرْتِي الحنفي (2/ 492-493، ط. دار الفكر)، و"الشرح الصغير" للعلامة أبي البَرَكَات الدَّرْدِير المالكي (2/ 58-59، ط. دار المعارف)، و"روضة الطالبين" للإمام النووي الشافعي (3/ 103، ط. المكتب الإسلامي)، و"كشاف القناع" للعلامة أبي السعادات البُهُوتِي الحنبلي (2/ 585، ط. دار الكتب العلمية).
وبحصول التحلل الأول يَحِلُّ للمُحرِم كلُّ ما كان قد حَرُمَ عليه بسبب الإحرام إلا النساء وما يتعلق بهنَّ مِن عقد نكاحٍ أو جماعٍ أو مقدماتٍ لذلك مِن المباشرة ونحوها، وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء مِن الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، وزاد المالكية إلى ذلك: تحريمَ الصيد، وكراهةَ استعمال الطيب حتى يتحلل المُحرِمُ التحللَ الأكبر.
قال الإمام علاء الدين السَّمَرْقَنْدِي الحنفي في "تحفة الفقهاء" (1/ 408): [إذا حَلَقَ حلَّ له كلُّ شيءٍ إلا النساء] اهـ.
وقال الإمام علاء الدين الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 142، ط. دار الكتب العلمية): [وأما حُكم الحَلْق: فحُكمُه حصول التحلل، وهو صيرورتُهُ حلالًا يُباح له جميعُ ما حَظر عليه الإحرامُ إلا النساء] اهـ.
وقال العلامة أبو البَرَكَات الدَّرْدِير المالكي في "الشرح الصغير" (2/ 58-59): [(وحَلَّ بها) أي: بالعقبة، أي: برمي جمرتها، كلُّ شيءٍ يَحرُم على المُحرِم (غير نساء وصَيْد، وكُرِهَ) له (الطِّيب) حتى يطوف طواف الإفاضة، وهذا هو التحلل الأصغر] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع شرح المهذب" (8/ 225، ط. دار الفكر): [يَحِلُّ بالأول جميعُ المحظورات إلا الوطء، وبالثاني يَحِلُّ الوطءُ] اهـ.
وقال العلامة أبو السعادات البُهُوتِي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 586، ط. عالم الكتب): [(ثُمَّ) بعدَ رَمْيٍ وحَلْقٍ أو تَقْصِيرٍ (قد حَلَّ لَهُ كلُّ شيءٍ) حُرِّمَ بِالْإِحْرَامِ (إلَّا النِّسَاءُ) نَصًّا، وَطْئًا وَمُبَاشَرَةً وَقُبْلَةً وَلَمْسًا لِشَهْوَةٍ وَعَقْدَ نِكَاحٍ] اهـ.
فإذا أكمل المُحْرِمُ أفعال الحج بعد التحلل الأول ثم أتى بما بقي مِن الأعمال الثلاثة، فإنه يَحصل له التحلل الثاني، ويَحِلُّ له بذلك التحلل ما بقي مِن المحظورات وهو النساء إجماعًا، ونقل هذا الإجماعَ غيرُ واحدٍ مِن العلماء.
قال الإمام ابن حزم في "مراتب الإجماع" (ص: 45، ط. دار الكتب العلمية): [اتَّفَقُوا على أنَّ من طَاف طواف الإفاضة يَوْم النَّحْر أَو بعده، وكَانَ قد أكمل مَنَاسِك حجه وَرمى، فقد حَلَّ لَهُ الصَّيْد، وَالنِّسَاء، وَالطِّيب، والمخيط، وَالنِّكَاح، والإنكاح، وكلُّ مَا كَانَ امْتنع بالإحرام] اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن حَجَر الهَيْتَمِي في "تحفة المحتاج في شرح المنهاج" (4/ 124، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [(وإذا فعل الثالث) الباقي من أسباب التحلل: (حصل التحلل الثاني، وحلَّ به باقي المحرمات) إجماعًا] اهـ.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: يحلُّ للمحرم بالتحلل الأول كلُّ ما كان قد حَرُمَ عليه بسبب الإحرام إلا النساء وما يتعلق بهن من نكاح أو جماع أو مقدمات لذلك، كما ذهب إليه جمهور الفقهاء، وزاد المالكيةُ إلى ذلك: الصيدَ، وكراهةَ استعمال الطِّيب، ويحصل بالتحلل الثاني حِلُّ كلِّ ما كان محظورًا عليه أثناء إحرامه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الكلام في الهاتف المحمول أثناء الطواف؟ حيث إن هناك من تأتي إليهم مكالمات على هواتفهم المحمولة أثناء الطواف بالبيت فيقومون بالرَّدِّ عليها؛ فهل هذا جائز شرعًا؟
ما حكم الحج عن الوالدين؟ حيث سأل رجل وقال: إن والديه توفيا ولم يؤدِّيا فريضة الحج، ويريد أن يؤدي عنهما هذه الفريضة بنفسه، علمًا بأنه سبق أن أدَّى فريضة الحج، وطلب السائل الإفادة عن الحكم الشرعي في ذلك، وإذا كان ذلك السائل يبدأ بالحج عن والده أو والدته، وهل يصح أن يحج عنهما في عام واحد؟
أيهما أفضل: القيام بعمرة التطوع أو الإنفاق على الفقراء والمحتاجين؟
تقول السائلة: هل يجوز لي السفر للحج أو العمرة بصحبة ابن زوجي، وهل يُعَدّ مَحرَمًا لي؟
ما حكم استعمال المحرم للشمسية؟ فقد كنت محرمًا، ومن شدة الحرِّ كنت استخدم شمسية أثناء المناسك، فاعترض عليَّ أحد الأشخاص بقوله: إن ذلك لا يجوز؛ لأن فيه تغطية للرأس، وهو ممَّا لا ينبغي للمُحرم فعله. فما صحّة هذا الكلام؟
ما حكم من اقترض للحج والعمرة ولم يسدد ولم يزر قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقد قام شخص بأداء مناسك الحج عام 1991م، إلا أنه اقترض من أخيه المقيم بالسعودية مبلغ خمسمائة ريال في هذه الأثناء ولم يسددها حتى الآن، وأخوه قد توفي وله أولاد، فهل حجه صحيح؟ واقترض أيضًا من أخيه المقيم بالسعودية مبلغ ثمانمائة ريال سنة 1988م لأداء مناسك العمرة ولم يسددها حتى الآن، فهل عمرته صحيحة؟ وفي أثناء حجه لم يزر قبر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.