ما حكم اشتراط تحمل الخسارة مناصفة بين الشريكين مع الاختلاف في قدر رأس المال؟ فهناك رجلٌ يعمل تاجرًا للمواشي، فاتفق مع أحد أصدقائه من التجار على أن يدفع كلُّ واحد منهما مبلغًا معينًا من المال، فدفع الأول الثلث، ودفع الثاني الثلثين من قيمة المبلغ المتفق عليه، ثم إذا كانَا في السوق اشترى وباعَ كلاهما ما يراه مناسبًا أو مُربِحًا من المواشي بمشاوَرَة صاحبه، إلا أن صاحب الثلثين اشترط على الآخر أن تكون الخسارة بينهما مناصفة، فهل يجوز ذلك شرعًا؟
صورة الشركة المذكورة بين الرجلين محل السؤال جائزة شرعًا بالإجماع، إلا أنه لا يجوز فيها اشتراط تحمُّل الخسارة مناصفةً بين الشريكين؛ لأن الخسارة إنما تكون على قدر رأس المال المقدَّم مِن كلٍّ منهما، وهذا باتفاق أهل العلم، فإن صُحِّحَت المعاملة واتَّفَقَا على جَعْل الخسارة بينهما على قدر رأس المال صَحَّت الشركة، وإلا فلا.
المحتويات
الشَّرِكَةُ: عقدٌ بمقتضاه يلتزم شخصان أو أكثر بأن يساهم كلٌّ منهم في مشروع مالي، بتقديم حصة من مالٍ أو من عملٍ، لاقتسام ما قد ينشأ عن هذا المشروع من ربح أو خسارة، كما عرفها القانون المدني المصري الصادر برقم (131) لسنة (1948م) في مادته (505).
ومن المقرر شرعًا أن الشركة جائزة في الجملة بإجماع العلماء سلفًا وخلفًا، جيلًا بعد جيلٍ، مِن غير نَكِيرٍ بين أحدٍ مِن المسلمين، وإنما وقع الخلاف في بعض أنواع الشركة وصُوَرها، كما في "المغني" للإمام ابن قُدَامَة (5/ 3، ط. مكتبة القاهرة)، و"الاختيار لتعليل المختار" للإمام مجد الدين ابن مَوْدُود المَوْصِلِي (3/ 11-12، ط. مطبعة الحلبي).
والأصل في ذلك قولُ الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ﴾ [ص: 24]، والخلطاء: الشركاء، كما قال الإمام فخر الدين الرَّازِي في "مفاتيح الغيب" (26/ 384، ط. دار إحياء التراث العربي)، نقلًا عن الإمام الزَّجَّاج.
وفي الحديث المرفوع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إِنَّ اللهَ يَقُولُ: أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَإِذَا خَانَهُ خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِهِمَا» أخرجه الأئمة: أبو داود -واللفظ له- والدارقطني والبيهقي في "السنن"، والحاكم في "المستدرك" وصححه، من حديث أَبِي هريرة رضي الله عنه.
من جملة أنواع الشركة ما يُعرف بـ"شركة العِنَان" -كما في مسألتنا-، وقد عبَّر عنها الفقهاء بعِدة تعريفات يمكن أن تُجْمَلَ في أن شركة العِنَان هي أن يَشترك الرجلان برأسِ مالٍ يُحضره كلُّ واحدٍ منهما، بعد خلطه بحيث لا يتميز عن غيره، إما عند العقد أو عند الشراء، ثم يَتَّجِرَا به معًا مِن غير استبدادِ أحدِهما به دون الآخَر، ثم يكون الربح والخسارة بينهما. ينظر: "المبسوط" لشمس الأئمة السَّرَخْسِي الحنفي (11/ 152، ط. دار المعرفة)، و"القوانين الفقهية" للإمام ابن جُزَي المالكي (ص: 474، ط. دار ابن حزم)، و"الحاوي الكبير" للإمام المَاوَرْدِي الشافعي (6/ 473، ط. دار الكتب العلمية)، و"الإقناع" للإمام شرف الدين أبي النَّجَا الحِجَّاوِي الحنبلي (2/ 252، ط. دار المعرفة).
وقد أجمع الفقهاء على أنَّ شركةَ العِنَان جائزةٌ بالإجماع -على تفصيل بينهم في شروطها-.
قال الإمام علاء الدين الكَاسَاني في "بدائع الصنائع" (6/ 58، ط. دار الكتب العلمية): [فأما العِنَان فجائز بإجماع فقهاء الأمصار، ولِتَعَامُلِ الناس ذلك في كلِّ عصرٍ مِن غير نَكير] اهـ.
أما عن اشتراط أحد الشريكين تَحَمُّلَ الخسارة مناصفةً مع اختلافهما في قدر رأس المال بينهما، فلا يصح هذا الشرط شرعًا؛ لأن الفقهاء قد اتفقوا على أن الخسارة بين الشركاء إنما تكون بقدر رأس المال، فإن تساوَوْا في رأس المال كانت المساواةُ في الخسارة، وإن زادت حصةُ أحدهما أو قَلَّت فإن خسارته تكون بقدر نسبته في رأس ماله.
قال الإمام ابن حَزْم في "مراتب الإجماع" (ص: 91، ط. دار الكتب العلمية): [واتفقوا أن لهما أو لهم التجارة فيما أخرجوه من ذلك، وأن الربح بينهم على السواء والخسارة بينهم على السواء] اهـ، وهذا في حالة إذا تساووا في رأس المال، فحينئذ تكون المساواة في الخسارة.
وقال الإمام ابن قُدَامَة في "المغني" (5/ 27-28): [قال: (والوضيعة على قدر المال) يعني: الخسران في الشركة على كلِّ واحد منهما بقدر ماله، فإن كان مالُهما متساويًا في القدر فالخسران بينهما نصفين، وإن كان أثلاثًا فالوضيعة أثلاثًا، لا نعلم في هذا خلافًا بين أهل العلم] اهـ.
وقال الشيخ ابن القَيِّم في "إغاثة اللهفان" (2/ 20، ط. مكتبة المعارف): [والخسران على قدر المال اتفاقًا] اهـ.
ولَمَّا كان الأمر كذلك، وكان مِن المقرر شرعًا أن "تصحيح العقود واجبٌ ما أمكن"، كما في "المحيط البرهاني" للإمام برهان الدين ابن مَازَه (7/ 426، ط. دار الكتب العلمية)، فإن تصحيحَ الشراكة المذكورة أَوْلَى مِن إبطالها، وتصحيحُها يَكمُن في إبطال شرط تحمُّل الخسارة مناصفةً مع تفاوُت الشريكين في قَدْر رأس المال المقدَّم مِن كلٍّ منهما، ومِن ثَمَّ يَبطل هذا الشرطُ وتَصح المعاملةُ بتحمُّل الشريكين الخسارةَ على قدر رأسِ مالِ كلٍّ منهما، وإلا فلا تَصح.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن صورة الشركة المذكورة بين الرجلين محل السؤال جائزة شرعًا بالإجماع، إلا أنه لا يجوز فيها اشتراط تحمُّل الخسارة مناصفةً بين الشريكين؛ لأن الخسارة إنما تكون على قدر رأس المال المقدَّم مِن كلٍّ منهما، وهذا باتفاق أهل العلم، فإن صُحِّحَت المعاملة واتَّفَقَا على جَعْل الخسارة بينهما على قدر رأس المال صَحَّت الشركة، وإلا فلا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
جاء في دعوى قضائية: [استنادًا إلى نص المادة 45 من قانون المرافعات: حيث لا مساس بأصل الحق ولا دخول في سبب طلب الحظر، وإنما حماية الحق الذي يجد الطالب له فيه مصلحة؛ فالطالب له من الصفة والمصلحة في حظر شراء شهادات استثمارات قناة السويس؛ نظرًا لكون قناة السويس مرفق عام (كذا) تخص كل المواطنين، ومنهم الطالب، وهي ملك للشعب، فلا يجوز التعامل معها كملْكٍ خاص، وإلا كان تهديدًا للأمن القومي.
لا شك أن الدستور المصري أقرَّ واستقر أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، وهذا يعني بعدم مشروعية أي نص يخالف الشريعة الإسلامية وفقًا لأحكام الدستور، ولما كان وهو الثابت من خلال الأبحاث والدراسات الإسلامية في شأن مدى شرعية شهادات الاستثمار من الناحية الإسلامية؛ حيث انتهت الأبحاث واستقرت على حرمية (كذا) التعامل مع شهادات الاستثمار ذات الفائدة الثابتة، وقد أكد ذلك رئيس الجمهورية في كثير من خطاباته حين أقر بأنه لا تخرج منه كلمة إلا وتمرُّ على مجموعة من الفلاتر، والتي تنتهي بأن هذا الأمر يرضي الله فيفعله أو لا يفعله، ولما كان -وهو الثابت شرعًا وتشريعًا- أن شهادات استثمار قناة السويس لا ترضي الله؛ لأنها ربًا فعليه يكون لزامًا حظر شراء هذه الشهادات خضوعًا لما يرضي الله وهو ما أقره رئيس الجمهورية.
هذا جانب، والجانب الآخر، لما كان الهدف من بيع وشراء شهادات استثمار قناة السويس هو توفير الموارد المالية اللازمة لإتمام مشروع حفر قناة السويس، وهذا يعني في حال فشل جمع المال المطلوب ستكون المخاطرة، وهذا العمل؛ كالمقامرة، وهو ما يهدد المشروع الأساسي (مشروع تنمية قناة السويس)؛ إذ كيف تقوم دراسة مشروع دون بيان الجهة الضامنة لتمويل المشروع، إذ إن الثابت من قرار بقانون شهادات استثمار قناة السويس أن الضامن المالي لشهادات الاستثمار هيئة قناة السويس بضمان وزارة المالية، كيف وأن الهيئة نفسها لا تملك مالًا (كذا) يضمن شهادات الاستثمار، وإلا قامت بالمشروع دون حاجة إلى الشهادات.
ولما كان إصدار شهادات الاستثمار على اعتبار أنها نقود قانونية هي من وظيفة البنك المركزي، إذ لا يجوز لغيره من البنوك أو المؤسسات حق إصدار هذه النقود، فهو محتكرها قانون (كذا)، مما يعني إصدارها من جهة أخرى غير البنك المركزي معدوم ولا يجوز اعتمادها؛ وذلك لعدم وجود رصيد لها؛ لأنها تستمد قوتها من قوة القانون وقبول الأفراد لها قبولًا عامًّا؛ نظرًا لاحتكار البنك المركزي حق إصدارها، وتمثل هذه النقود دَينًا على الدولة تجاه القطاع الخاص، ويتحتم على البنك المركزي الاحتفاظ بأصول مساوية في قيمتها لقيمة ما أصدره من نقود، وتسمى هذه الأصول بالغطاء النقدي، وحيث أن جاء إصدار هذه النقود على خلاف ذلك فيكون التحفظ عليها وحظرها واجبًا حفاظًا على سيادة القانون] اهـ.
فحاصل ما ادعته الدعوى:
- أن الأبحاث الإسلامية قد استقرت على حرمة شهادات الاستثمار ذات الفائدة الثابتة.
- أن المشروع كالمقامرة؛ لأن الضامن وزارة المالية، وهي لا تملك مثل المال المضمون.
- أن إصدار هذه الشهادات من وظيفة البنك المركزي وحده، فإصدارها من غيره معدوم.
- أن هذه الشهادات لا يجوز اعتمادها؛ لأن البنك المركزي لا يملك الغطاء النقدي لها.
كانت والدتي رحمها الله تحصل على معاش ثابت بعد إحالتها إلى التقاعد، وكانت تحصل عليه من البنك عن طريق ماكينة الصراف الآلي بواسطة البطاقة الممغنطة، وعندما توفيت قمت بإخطار هيئة التأمين والمعاشات وذلك بإرسال صورة من شهادة الوفاة إلى الهيئة، وبعد ذلك بفترة اكتشفت أن مبلغ المعاش ما زال يصرف ويوضع في حساب والدتي في البنك، فقمت بسحب المبلغ الموجود. فهل من حقي أخذ هذه النقود مع العلم بأني أمر بضائقة مالية وفي أمسِّ الحاجة إلى هذا المال؟ وما حكم المبالغ التي حصلت عليها من قبل وقمت بالتصرف فيها؟
ما حكم الشرع في الاستثمار في "صندوق وثائق الاستثمار في الأوراق المالية"؟ مع العلم أن هدف الصندوق استثمار الأموال في أسهم البنوك، وسيتمّ إدارة هذه الاستثمارات بمعرفة أحد خبراء الاستثمار في أسواق المال المحلية والعالمية.
هل الرهان والمقامرة، والرهان على الخيول المتسابقة، يتفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية، أو لا؟
ما الحكم الشرعي في بيع الذهب بالقسط؟
ما حكم أخذ الأجرة على كتابة الديون أو توثيقها؟ وهل هذا له علاقة بالربا؟