ما حكم صيام من عدَّ نفسه مفطرًا؟ فقد حدث لشخص موقف في أثناء صيامه فأخرجه عن هدوئه وتلفظ بأنه قد اعتبر نفسه مفطرًا هذا اليوم، فما حكم الصيام في هذه الحالة؟
من عدَّ نفسه مفطرًا وأتى بما يُفَطِّرُ فقد فَسَدَ صومه، وإن لم يأت بما يُفَطِّرُ فصومه صحيح، سواء نوى الإفطار أو لم ينو؛ فقد أتى بالعبادة مستوفية أركانها وشروطها؛ وذلك عملًا برأي جمهور الفقهاء، وهو ما عليه الفتوى.
المحتويات
ورد في السُّنَّة النبوية المطهَّرة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّم يَقُولُ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» متفقٌ عليه، واللَّفظ للبخاري.
وهذا يوضِّح أهمية النِّية وأن بها يتحدد كون العمل مُعتدًّا به في الشرع أو لا.
والصيام إذا تم بأركانه وشروطه وخلا عما يفسده فإنه يكون صحيحًا؛ لأنه من المقرر شرعًا أن العبادة إذا وقعت على الهيئة المطلوبة، ومستوفية للأركان والشروط، فإنها تكون صحيحة ومجزئة.
قال العلامة الزركشي في "تشنيف المسامع" (1/ 179، ط. مكتبة قرطبة): [العبادة إن وقعت مستجمعة الأركان والشروط كانت صحيحة، وإلا ففاسدة] اهـ.
وقال العلامة علاء الدين السمرقندي في "تحفة الفقهاء" (1/ 351، ط. دار الكتب العلمية): [متى وجد الركن مع وجود ما ذكرنا من الشرائط من الأهلية، والوقت، وغير ذلك: يكون صومًا شرعيًّا] اهـ.
إذا عدَّ الإنسان نفسه مُفطرًا فهو إما أن يكون قد فعل ما يُفَطِّرُ أو لا، فإن فعل ما يُفَطِّرُ فلا خلاف في بطلان صومه، وإن لم يفعل، فهو إما أن يكون قد نوى قطع الصوم، أو لا، فإن لم ينو قطع الصوم فصومه صحيح سواء عدَّ نفسه صائمًا أم لا؛ لأن هذا ليس من المفطرات في شيء، أما إن نوى قطع الصيام أثناء النهار، فقد اختلف الفقهاء في صحة صومه حينئذٍ، فجمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية في الأصح أنَّ صومه صحيح؛ لأن نية الإفطار لم يتصل بها فعلٌ مُفطِّر، وهو المختار في الفتوى.
قال العلامة الحصكفي الحنفي في "الدر المختار" (2/ 431، ط. دار الفكر): [ولو نوى الصائم الفطر لم يكن مفطرًا كما مر (كما لو نوى التكلم في صلاته ولم يتكلم)] اهـ.
وقال العلامة الصاوي المالكي في "حاشيته على الشرح الصغير" (1/ 708، ط. دار المعارف): [معنى رفع النية: الفطر بالنية لا نية الفطر، فلا يضر إذا لم يفطر بالفعل] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (1/ 225، ط. المكتب الإسلامي): [ولو تردد الصائم في الخروج من صومه، أو علقه على دخول شخص ونحوه، لم يبطُل على المذهب الذي قطع به الجماهير، وقيل: وجهان، ولو جزم نية الخروج منه، لم يبطُل على الأصح، كالحج، فإنه لا يبطُل قطعًا] اهـ.
ومما يؤكد صحة الصوم في هذه الصورة، وعدم الاعتداد بنية الإفطار: قاعدة استصحاب الأصل، وما يندرج تحتها مِن قواعد، كقاعدة: "الْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ"، كما في "الأشباه والنظائر" للإمام السيوطي (ص: 51، ط. دار الكتب العلمية).
بناءً على ذلك: فإن من عدَّ نفسه مفطرًا وأتى بما يُفَطِّرُ فقد فَسَدَ صومه، وإن لم يأت بما يُفَطِّرُ فصومه صحيح، سواء نوى الإفطار أو لم ينو؛ فقد أتى بالعبادة مستوفية أركانها وشروطها؛ وذلك عملًا برأي جمهور الفقهاء، وهو ما عليه الفتوى.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم استعمال السواك أو المعجون وفرشاة الأسنان أثناء الصيام؟
ما الحكم إذا تأخر المسلم في قضاء ما فات من رمضان حتى دخل رمضان آخر؟
ما حكم تعرض الصائم لدخان السجائر من غير قصد؟ فكثيرًا ما أتعرض لدخان السجائر من قِبَلِ المدخنين من غير قصد عند صيام بعض الأيام تطوعًا، فهل يُعَدُّ تعرضي لذلك الدخان مفطِّرًا لي؟
ما حكم الاكتفاء في السحور بتناول الماء فقط؟ وهل يحصُل بذلك الأجر والثواب؟يحصل تمام السحور وفضيلته وسنته بتناول شيء من الطعام أو الشراب ومما يحصل به التقوي على أداء العبادة وكان مباحًا شرعًا، فيجوز السحور والاكتفاء بالماء، ويحصل بذلك فضيلته وبركته وتمام الأجر، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «السَّحُورُ أَكْلُهُ بَرَكَةٌ، فَلَا تَدَعُوهُ وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جَرْعَةً مِنْ مَاءٍ؛ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ» رواه الإمام أحمد في "المسند".
ما حكم استخدام حقنة صبغة الباريوم الشرجية لفحص القولون أثناء الصيام؟ حيث يعاني أحد الأشخاص من إمساك مزمن، وطلب منه الطبيب القيام بعمل أشعة سينية على القولون لمعرفة سبب الإمساك، وتتطلب هذه الأشعة الحقن بصبغة الباريوم عن طريق الشرج؛ فهل الحقن بها أثناء الصيام يؤثر في صحة الصوم؟
ما حكم صيام مريض القلب؟ فإني أبلغ من العمر 79 عامًا، وأنا مريضٌ بالقلب، وأُعالَج مِنْه منذ أكثرِ من خمس سنوات، وأتعاطى علاج القلب بناءً على طلب الطبيب، ولا أستطيع الصيام؛ فهل يجوز لي الإفطار؟ وما مقدار الفدية في هذه الحالة؟