حكم لف المحرم الرباط الضاغط على الفخذ للحماية من التسلخات

تاريخ الفتوى: 08 يناير 2024 م
رقم الفتوى: 8245
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الحج والعمرة
حكم لف المحرم الرباط الضاغط على الفخذ للحماية من التسلخات

ما حكم لف المُحرِم الرباط الضاغط على الفخذ للحماية من التسلخات؟ فأنا أحتاج لاستعمال رباط ضاغط للفخذ؛ لحماية الفخذين من التسلخ الناتج عن المشي، فأرجو منكم بيان الحكم الشرعي في استعمال هذا الرباط أثناء الإحرام.

لا حرج على السَّائل في استعمالِ الرباط الضَّاغِط؛ لحماية الفخِذ من التسلخاتِ أثناء الإحرام؛ للحاجة، ولأنَّ الممنوع هو لبسُ المخيط على جهةِ المُعتاد، وهذا الرباط ليس مِن قبيل ذلك.

المحتويات

 

صفة ملابس الإحرام والأصل في ذلك

من المقرَّر أن المكلَّف إذا أحرَم بالنُّسكِ فإنه يحرُم عليه شرعًا أن يستر جسمَه كلَّه أو بعضه أو عضوًا منه بشيء من اللِّباس المخيط المُحيط، وإنما يجوز له أن يستر جسمَه بما سوى ذلك؛ فيلبس رداءً يلفُّه على نصفه العلويّ، وإزارًا يلفه على باقي جسمه.

والأصلُ في ذلك: ما جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما يلبس المحرِمُ من الثياب؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لاَ تَلْبَسُوا القُمُصَ، وَلاَ العَمَائِمَ، وَلاَ السَّرَاوِيلاَتِ، وَلاَ البَرَانِسَ، وَلاَ الخِفَافَ» متفق عليه.

حكم لف المحرم الرباط الضاغط على الفخذ للحماية من التسلخات

أمَّا استعمالُ الرجل المُحرِم رباطًا ضاغطًا للفخِذ بهدف الحماية من التسلُّخ الناتِج عن المشي -وهو المسؤولُ عنه- فلا مانع من ذلك شرعًا؛ للحاجة إليه، ولأنَّ الممنوع هو لبسُ المخيط على جهةِ المُعتاد، والمقصود بذلك أن يكون المَلبوس مُحِيطًا مُفَصَّلًا على العُضو؛ إذ العِلَّة في التحريم مَنْعُ الرفاهية باللباس، وهذا الرباط ليس مِن قبيل ذلك؛ فالرباط أو الضِّمادة (Bandage) تُعرف طبيًّا بأنها: شريطٌ مِن الشَّاش أو غيره، يُستعمل للفِّ جزء مِن الجسم أو ربْطِهِ، والرباط الضاغط (Pressure): هو المُستعمل للضَّغطِ على ما تحته. ينظر: "معجم المصطلحات الطبية" (1/ 73، ط. مجمع اللغة العربية-القاهرة).

نصوص فقهاء المذاهب في هذه المسألة وبيان المقصود بلبس المخيط

قد تواردت نصوصُ فقهاء المذاهب المتبوعة على أن المقصود من لبس المخيط هو أن يكون على جهةِ المُعتاد بأن يكون المَلبوس مُحِيطًا مُفَصَّلًا على العُضو؛ إذ العِلَّة في التحريم مَنْعُ الرفاهية باللباس.

قال العلامة ابن مازه الحنفي في "المحيط البرهاني" (2/ 446، ط. دار الكتب العلمية): [الأصل أن المُحْرِم ممنوعٌ عن لبس المخيط على وجه المعتاد حتى لو اتزر بالسراويل وارتدى بالقميص إذا فسخ به فلا بأس به؛ لأنَّ المنع عن لبس المخيط في حقِّ المُحْرِم لما فيه من معنى الترفيه، وذلك في اللبس المعتاد لا في غيره؛ لأنَّ غير المعتاد يحتاج إلى تكلفِ حفظه عند استعماله كما يحتاج إلى تكلفِ حفظ الأزرار، ويكره له أن يزر ليس أن يعقده على إزاره بحبل أو نحوه؛ لأنه لا يحتاج في حفظه إلى تكلف، فيشبه المخيط، مع هذا لو فعل لا شيء عليه؛ لأن الُمحَرَّم عليه لبس المخيط ولم يوجد] اهـ.

وقال العلامة ابنُ عابدين الحنفي في "رد المحتار" (2/ 489، ط. دار الفكر): [الممنوعُ عنه: لبس المخيطِ اللُّبس المعتاد] اهـ.

وقال الإمام شهاب الدين ابنُ عسكر البغدادي المالكي في "إرشاد السالك" (ص: 46، ط. الحلبي): [تلزم المحرمَ الفديةُ بلبس المخيط لبسًا معتادًا؛ ولو بإدخالِ كتفيه القَبَاء] اهـ.

وقال الإمام شهاب الدين القرافي المالكي في "الذخيرة" (3/ 303، ط. دار الغرب الإسلامي) في بيان أنواع المحظورات في الإحرام: [لُبس المخيط، وليس المراد خصوص المخيط بل ما أوجب رفاهية للجسد كان مخيطًا أو محيطًا] اهـ.

وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" (1/ 505، ط. دار الكتاب الإسلامي): [الاعتبار في كلِّ ملبوس بما يُعتاد؛ إذ به يحصل الترفُّه] اهـ.

وقال الإمام ابنُ قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 257، ط. مكتبة القاهرة): [المحرم ممنوعٌ من لُبس المخيط في شيء مِن بدنِهِ، يعني بذلك: ما يُخاط على قدْرِ الملبُوس عليه، كالقميص والسَّراويل] اهـ.

فأفادت هذه النقول أنَّ الممنوع على المحرم الذي تجب به الفدية هو لُبس المخيط المحيط الملبوس على الهيئة المعتادة وتحصل به الرفاهية، والرباط المسؤول عنه ليس مما يُلبس على هذه الهيئة.

ويعضد ذلك ما ورد أنَّ ابن جريج سأل ابن عمر رضي الله عنهما عند إهلاله، فقال: رأيتُك تصنع أربعًا لم أر أحدًا مِن أصحابك يصنعُها، وذكر منها: "رأيتك تلبس النعال السِّبتية"؛ فقال ابن عمر: «رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يلبس النعل التي ليس فيها شعرٌ ويتوضَّأ فيها»، فأنا أحِبُّ أن ألبسها. متفقٌ عليه.

ووجهُ دلالةِ الخبر على المطلوب: أن السِّبت من لباس أهل الترفُّه والتنعُّم، والأصل في المحرم اجتنابُ ذلك، ولذا اعترض بعضُ الصحابة بأنَّ هذا غير معتاد في الإحرام؛ لأنه ملبوس عرفًا؛ كالثياب، فدلَّ ذلك على جواز لبس المحرِم للرباط الضاغط ونحوه؛ لأنه ليس ملبوسًا عرفًا.

كما أنَّه قد نصَّ فقهاء الشافعية على أن المُحرِم إذا شدَّ خرقة على جراحةٍ كانت به، وكان محلُّ ذلك في غير الرأس فلا شيء عليه، وعلَّلوا ذلك بالفرق بين الشدِّ -كما هو الحاصل في الضِّمادة، ونحوها كالرباط الضاغط- وبين العقد للخِرقة نفسها.

قال الإمام النووي في "المجموع" (7/ 259، ط. دار الفكر): [قال أصحابُنا: لو كان على الُمحرِم جراحةً فشدَّ عليها خِرقة: فإن كانت في غيرِ الرأس فلا فدية، وإن كانت في الرأس لزِمَه الفديةُ؛ لأنه يمنع في الرأس المخيط وغيره، لكن لا إِثم عليه؛ للعُذر] اهـ.

وقال الإمام ابنُ حجر الهيتمي في "الفتاوى الكبرى" (2/ 128، ط. المكتبة الإسلامية): [الفرق بينه وبين العقد أنَّ العقد يصير المعقود مستمسكًا بنفسه، فوجد فيه حقيقةُ الإحاطة الممتنعة، ولا كذلك المشدود عليه خيط؛ لأنه غيرُ مستمسك بنفسه، فلا يُسمى محيطًا، ويؤيِّد ذلك: قولهم يحرُم عليه شقُّ إزاره ولف كلِّ نصف على ساق إن عقَدَه كما في "الروضة" وأصلها] اهـ.

الخلاصة

بناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فلا حرج على السَّائل في استعمالِ الرباط الضَّاغِط؛ لحماية الفخِذ من التسلخاتِ أثناء الإحرام؛ للحاجة، ولأنَّ الممنوع هو لبسُ المخيط على جهةِ المُعتاد، وهذا الرباط ليس مِن قبيل ذلك.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما مدى إجزاء السعي بين الصفا والمروة إلى انتهاء السياج المخصص لسير العربات؟ فكان هناك رجلٌ يسعى بين الصفا والمروة، وقد لاحَظَ في أثناء سَعْيه أن السياج المخصص لسَيْر العَرَبات ينتهي عند بداية الصعود قبل الوصول إلى حجارة الجَبَلَين الموجودة حاليًّا، فهل يجزئه أن يستدير عند نهاية هذا السياج مستأنفًا الشوط التالي، سواء عند جبل الصفا أو جبل المروة؟


سئل فيمن أُمر بالحج عن الغير، فقصد الحج، حتى إذا قارب الوصول إلى أرض الحجاز حصل له مانع سماوي، مثل: اصطدام السفينة بشعب في البحر، بحيث أُحصر مدَّة، إلى أن نُقل إلى سفينة أخرى أوصلته إلى أرض الحجاز، وعند وصوله قبل إحرامه وجد الحج قد فاته، ثم رجع إلى وطنه الذي خرج منه. فهل -والحالة هذه- يضمن ما صرفه في الرجوع، أم يحسب من بدل الحج المأمور به؛ لداعي إحصاره بالعارض السماوي، أم كيف الحال؟ أفيدوا الجواب.


ما حكم ذبح دم الفدية خارج الحرم؟ حيث عزم أحدُ الأشخاص على الحجَّ هذا العام، والسؤال: إذا وجب عليه دمُ الفدية بسبب ارتكاب محظورٍ من محظورات الإحرام، أو ترك واجب من واجبات الحج؛ هل يجوز ذبحه خارج الحرم، وفي بلده تحديدًا؟


حججت مرة واحدة عن نفسي، ثم حججت مرة واحدة عن جدتي المتوفاة. فهل يجوز أن أحج عنها مرة أخرى؟


ما حكم لبس قناع الوجه الطبي (Face Shield) للرجل المُحرم؛ توقيًا من الإصابة بالأوبئة والأمراض، خصوصًا إذا ثبت خطرها وإمكان انتقالها عن طريق العدوى؟ علمًا بأن هذا القناع شفافٌ، ويُثَبَّتُ بحاملٍ أعلى الجبهة وعلى جانبي الرأس، ولا يكون ملاصقًا للوجه.


نحيطكم عِلمًا بأن صندوق خاص بإحدى الجهات الرسمية يقوم بتنظيم بعثة سنوية للحج، وذلك حسب البرنامج التالي ذكره، فبرجاء التفضل بإبداء الرأي في مدى صحة هذا البرنامج من الناحية الشرعية:
تقوم البعثة بالسفر بالملابس العادية إلى المدينة أولًا، وتمكث البعثة بالمدينة لمدة خمسة أيام، قبل التوجه إلى مكة لأداء مناسك الحج، ونقوم بشراء صكوك الهدي من المدينة، والإحرام من فندق الإقامة بنية القران بين الحج والعمرة.
ثم نقوم بعد ذلك بالتوجه إلى الحرم المكي لأداء طواف القدوم والسعي بعده، فهل يجزئ هذا السعي عن سعي الحج؟
في يوم التروية نذهب ليلًا مباشرة إلى عرفة، ولا نبيت بمِنى ولا ندخلها، ونبيت ليلة عرفة بمقر البعثة بعرفة والذي يكون داخل حدود عرفة، ونمكث بالمخيَّم داخل عرفة دون الذهاب إلى جبل الرحمة، وعند غروب الشمس نبدأ في التحرك إلى المزدلفة، فنصل إليها ليلًا، ونصلي المغرب والعشاء جمع تأخير مع قصر العشاء، ونسرع بجمع الحصى من المزدلفة، ثم نبادر بعد ذلك وفي منتصف الليل بمغادرة المزدلفة إلى منى لرمي جمرة العقبة الكبرى، ويمكن لكبار السن والسيدات التوكيل في رمي الجمرات، ثم نتوجه إلى مكة المكرمة لطواف الإفاضة، وبعدها نتوجه إلى الفندق لأخذ قسط من الراحة.
ثم نتوجه في ظهيرة يوم النحر من مكة إلى منى للمبيت بها حتى الساعة 12 صباحًا، ثم نقوم برمي الجمرات ليلة أول أيام التشريق وثاني أيام العيد، ثم التوجه إلى فندق الإقامة لمَن يرغب. وفي ظهر أول أيام التشريق وثاني أيام العيد نتوجه إلى منى ونقيم بها حتى نرمي جمرات اليوم الثاني من أيام التشريق في حدود الساعة 12 صباحًا، ونتعجل اليوم الثالث، ونقوم بمغادرة مِنى إلى مكة ليلة ثاني أيام التشريق بعد رمي الجمرات.
ننصح الكثير من أعضاء البعثة وخاصة كبار السن بالذهاب بعد العشاء بساعة أو ساعتين ليلة 12 من ذي الحجة بالذهاب إلى الجمرات ورمي جمرات اليوم الأول، ثم يمكثون إلى أن ينتصف الليل ويرمون لليوم الثاني. كما ننصح كبار السن والنساء ومن لا يستطع الذهاب إلى منى أن يبقى بمكة ويوكِّلَ من يرمي عنه الجمرات. ويمكن لمن أحب عمل أكثر من عمرة أن يقوم بذلك بعد الرجوع إلى مكة والتحلّل الأكبر، ويقوم أعضاء البعثة بطواف الوداع في يوم 13 من ذي الحجة، أي: قبل المغادرة بيوم.
كما ننصح كبار السن والمرضى أن يجمعوا في طواف الإفاضة بين نية الإفاضة ونية الوداع.
وتفضلوا سيادتكم بقبول فائق الاحترام
 


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 06 مايو 2025 م
الفجر
4 :31
الشروق
6 :8
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 36
العشاء
9 :1