ما حكم الصيام لمن جاءها الحيض في سن صغيرة وأمها تمنعها من الصيام؟ فقد بَلَغت بنت سن التكليف بنزول دم الحيض وفق ما قررته الطبيبة المختصة، وتستطيع الصوم في رمضان مِن غير مشقة زائدة، وأمُّها تَمنعها مِن الصوم باعتبارها لا تزال صغيرةَ السِّنِّ في نظرها، فما حكم ذلك شرعًا؟
مَن تأكد بلوغُها المحيضَ تَصير مكلَّفةً شرعًا، ويجب عليها تبعًا لهذا التكليف أن تصوم شهر رمضان، ما لَم تكن بها علةٌ أو سببٌ مُرَخِّصٌ للفِطر شرعًا؛ فيَحرُم منعُ البنت المذكورة مِن الصيام لغير علةٍ أو رخصةٍ تُبيح الفطر ما دامت قد بَلَغَت المحيضَ.
المحتويات
صيام شهر رمضان فَرَضَه اللهُ على المكلَّفين، وجعله ركنًا في الدِّين، فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183].
قال الإمام الطبري في "جامع البيان" (3/ 409، ط. مؤسسة الرسالة): [ويعني بقوله: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ فرض عليكم الصيام] اهـ.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» أخرجه الشيخان.
الصيام في اللغة: مطلق الإمساك، كما في "المصباح المنير" للعلامة الفيومي (1/ 352، ط. المكتبة العلمية).
وفي الشرع: إمساك المكلف عن قضاء الشهوتين: شهوة البطن وشهوة الفرج، مِن طلوع الفجر إلى غروب الشمس. كما في "المبسوط" لشمس الأئمة السَّرَخْسِي (3/ 54، ط. دار المعرفة).
البلوغ شرطٌ من شروط التكليف بالصيام، فمتى حَصَلَ البلوغُ للفَردِ مع كونه مسلمًا عاقلًا خاليًا مِن موانع الصيام، أو أسباب الترخُّص، كان مكلفًا يجب عليه الصوم رجلًا كان أو امرأةً بإجماع الفقهاء.
قال الإمام ابن حزم في "مراتب الإجماع" (ص: 39، ط. دار الكتب العلمية): [اتفقوا على أن صيام نهار رمضان على الصحيح، المقيم، العاقل، البالغ، الذي يعلم أنه رمضان، وقد بلغه وجوب صيامه، وهو مسلمٌ.. فَرضٌ] اهـ.
وقال العلامة ابن رشد في "بداية المجتهد" (2/ 46، ط. دار الحديث) في كتاب الصيام: [وأمَّا على مَن يجب وجوبًا غير مخير؟ فهو البالغ، العاقل، الحاضر، الصحيح، إذا لم تكن فيه الصفة المانعة مِن الصوم.. وهذا لا خلاف فيه] اهـ.
قد اتفق الفقهاء على أن نزول دمِ الحيض مِن المرأةِ علامةٌ ظاهرةٌ على بلوغها، كما في "الهداية" لبرهان الدين المَرْغِينَانِي الحنفي (3/ 281، ط. دار إحياء التراث العربي)، و"التاج والإكليل" للإمام أبي عبد الله المَوَّاق المالكي (6/ 633، ط. دار الكتب العلمية)، و"المجموع" للإمام النووي الشافعي (13/ 359، ط. دار الفكر)، و"كشاف القناع" لأبي السعادات البُهُوتي الحنبلي (1/ 199، ط. دار الكتب العلمية).
فإذا رأت الفتاةُ الدمَ وتأكَّدَ في حقِّها أنه الحيض، فإن "الحيض علامةُ البلوغ"، كما قال العلامة الدسوقي في "حاشيته على الشرح الكبير" (2/ 473، ط. دار الفكر).
وإذا كانت كذلك، فإنها تَصيرُ مكلَّفةً شرعًا، وتجب عليها تبعًا لذلك الفرائضُ بما فيها صيام شهر رمضان المعظَّم بإجماع الفقهاء -كما في "الإقناع" للإمام ابن القَطَّان (1/ 125، ط. الفاروق الحديثة)-، ولا يجوز لأحدٍ مِن أوليائها حينئذٍ أن يَمنَعَها مِن الصيام ما دامت قادرةً عليه مِن غير مشقةٍ زائدةٍ أو عذرٍ يُبيح لها الفطر؛ لأنَّ هذا المَنْع يَعني الأَمْرَ بتَرْك الفريضة، وقد انعقد الإجماع على أنَّ تَرْك صيام يوم من شهر رمضان من غير عذرٍ حرامٌ شرعًا، كما في "مراتب الإجماع" للإمام ابن حزم (ص: 39).
ويدُلُّ على ذلك: ما وَرَدَ عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَا مَرَضٍ، لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِنْ صَامَهُ» أخرجه الأئمة: البخاري في "صحيحه"، وأحمد في "مسنده"، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه في "السنن"، وابن خزيمة في "صحيحه".
بناءً على ذلك: فإنَّ مَن تأكد بلوغُها المحيضَ تَصير مكلَّفةً شرعًا، ويجب عليها تبعًا لهذا التكليف أن تصوم شهر رمضان، ما لَم تكن بها علةٌ أو سببٌ مُرَخِّصٌ للفِطر شرعًا.
وفي واقعة السؤال: يَحرُم على الأم المذكورة منعُ بنتها مِن الصيام لغير علةٍ أو رخصةٍ تُبيح الفطر ما دامت قد بَلَغَت المحيضَ.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم قضاء صيام يوم عاشوراء؟ فقد اعتاد رجلٌ صيامَ عاشوراء عملًا بالسُّنة، وابتغاءً للأجر والفضل، غير أنه عرَض له سفرٌ في اليوم العاشر من شهر الله المُحرَّم، ففاتَه الصيام، فهل يُشرَع له قضاء صيام يوم عاشوراء؟
هل لا بد في صيام الستة أيام من شوال أن تكون متتابعة بعد يوم العيد؟ أو أن هناك سعة في ذلك؟ وما حقيقة إنكار المالكية لصيام هذه الأيام مع ثبوت الحديث في ذلك؟
هل يجب الغُسل على من احتلم في نهار رمضان ورأى أنه يجامع وأنزل تبعًا لذلك؟ وهل لذلك أثر على صيامه؟ علمًا بأنه لم ير بَلَلًا أو أثرًا لذلك في ثيابه بعد استيقاظه من نومه.
ما حكم إهداء ثواب الصيام للأحياء؟
ما حكم وضع الكريم المرطب المغذي للجلد والزيت المغذي للشعر أثناء الصيام؟ حيث يمتصه الجلد وفروة الرأس.
ما مدى تأثير ارتجاع السوائل إلى المريء على الصيام، وهل هو من المفطرات؟ حيث هناك رجلٌ يعاني مِن ارتجاع المريء، وأثناء الصيام خرجَت بعضُ السوائل الحمضية مِن المعدة، وَوَجَد طَعمَها في حَلْقِهِ، لكنها لَم تَصِلْ إلى الفم حتى يتمكن مِن إخراجها، ويسأل: هل يؤثر ذلك في صحة الصوم ويلزمه تبعًا لذلك قضاء هذا اليوم؟