حكم إمامة المرأة للنساء ومكان وقوفها معهن

تاريخ الفتوى: 02 يناير 2024 م
رقم الفتوى: 8210
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصلاة
حكم إمامة المرأة للنساء ومكان وقوفها معهن

مجموعة مِن النساء يجتمعن كلَّ فترة، وتسأل إحداهن: هل يجوز أن تَؤُمَّ المرأة غيرها من النساء في صلاة الفرض؟ وما مكان وقوفها للإمامة إن جاز لها أن تَؤُمَّهُنَّ؟

يجوز للمرأة أنْ تَؤُمَّ غيرَها مِن النساء في صلاة الفرض، ويكون وقوفها للإمامة معهنَّ في وسط الصف، فإنْ تقدَّمَت عليهنَّ صَحَّت صلاتهنَّ مع الكراهة.

المحتويات

 

بيان فضل الإمامة في الصلاة

إمامة الصلاة في الإسلام لها شأنٌ عظيمٌ ومنزلةٌ رفيعة؛ إذ بها تُقام جماعة المسلمين فتفضل صلاتهم وترتفع درجاتها عن صلاتهم منفردين، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «صَلَاةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» متفق عليه.

حكم إمامة المرأة للنساء ومكان وقوفها معهن

الإمام في الصلاة المكتوبة إما أن يكون رجلًا أو امرأة، فإن كان رجلًا فلا خلاف في جواز إمامته -بشروطها عند العلماء-، سواء كان المؤتمون به رجالًا أو نساءً أو أطفالًا.

أما إن كان الإمامُ امرأةً فيختلف الحكم في إمامتها باختلاف المؤتمين بها، فإن كانوا رجالًا فلا خلاف في عدم جواز إمامتها لهم، ولا تصح صلاتهم، كما في "اختلاف الأئمة العلماء" للإمام عون الدين ابن هُبَيْرَة (1/ 133، ط. دار الكتب العلمية).

أما إن كان المؤتمون بها نساءً، فتُشرع إمامتها لهنَّ في الفريضة -كما هي مسألتنا-، وتقف معهنَّ في وسط الصف عند إمامتها، فإن وقفت أمامهنَّ جاز ذلك مع الكراهة؛ لأنَّ في التوسط سترًا لها، وهو أَوْلَى مِن وقوفها أمامهنَّ، وقد نص على جواز ذلك جمهورُ الفقهاء مِن الحنفيةِ -مع الكراهة-، وبعضِ فقهاء المالكية -وقيَّده الإمامُ اللَّخْمِي بما إذا لَم يُوجَد مَن يَؤُمُّهُنَّ مِن الرجال، وإلا كُرِهَ-، والشافعيةِ والحنابلةِ، وهو المروي عن جماعة مِن الصحابة والتابعين ومَن بعدهم مِن الأئمة المجتهدين، فنُقل ذلك عن أم المؤمنين السيدة عائشة، وأم المؤمنين السيدة أم سلمة، وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم أجمعين، وعطاء، ومجاهد، والحسن البصري، وسفيان الثوري، والأوزاعي، وإسحاق بن راهويه، وأبي ثور، وابن حزم، رحمهم الله جميعًا.

فعن عطاءٍ عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها "أَنَّهَا كَانَتْ تَؤُمُّ النِّسَاءَ، تَقُومُ مَعَهُنَّ فِي الصَّفِّ" أخرجه الأئمة: عبد الرزاق وابن أبي شيبة في "المصنف"، والبيهقي في "السنن الكبرى".

وعن حجيرة بنت حُصَيْن رضي الله عنها قالت: "أَمَّتْنَا أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ، قَامَتْ بَيْنَنَا" أخرجه الأئمة: عبد الرزاق وابن أبي شيبة في "المصنف"، والدارقطني والبيهقي في "السنن" وغيرهم.

وعن أُمِّ وَرَقَةَ رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «أَذِنَ لَهَا أَنْ يُؤَذَّنَ لَهَا وَيُقَامَ وَتَؤُمَّ نِسَاءَهَا» أخرجه الأئمة: ابن راهويه وأحمد -واللفظ له- في "المسند"، وأبو داود والدارقطني والبيهقي في "السنن" وغيرهم.

نصوص الفقهاء في إمامة المرأة للنساء ومكان وقوفها معهن

قال الإمام برهان الدين المَرْغِينَانِي الحنفي في "بداية المبتدي" (ص: 16، مكتبة علي صبيح): [ويكره للنساء أن يُصَلِّين وَحْدَهُنَّ الجماعة، وإن فعلن قامت الإمام وَسْطَهُنَّ] اهـ.

وقال الإمام أبو بكر الحَدَّاد الحنفي في "الجوهرة النيرة" (1/ 60، ط. المطبعة الخيرية): [قوله: (ويكره للنساء أن يُصَلِّين وَحْدَهُنَّ جماعة) يعني بغير رجال، وسواء في ذلك الفرائض والنوافل والتراويح.. قوله: (فإن فعلن وقفت الإمامة وسطهنَّ) وبقيامها وسطهنَّ لا تزول الكراهة؛ لأن في التوسط ترك مقام الإمام، وإنما أرشد الشيخ إلى ذلك لأنه أقل كراهة من التقدم إذ هو أستر لها، ولأن الاحتراز عن ترك الستر فرض، والاحتراز عن ترك مقام الإمام سُنَّة، فكان مراعاة الستر أَوْلَى.. وإنْ تقدَّمَت عليهنَّ إمامتُهنَّ لم تفسد صلاتُهنَّ] اهـ.

وقال الإمام اللَّخْمِي المالكي في "التبصرة" (1/ 328، ط. أوقاف قطر): [فأما إمامتها النساءَ فالصوابُ جوازُها ابتداءً عند عدم مَن يَؤُمُّهُنَّ مِن الرجال، وذلك أحسَنُ مِن صلاتهنَّ أفذاذًا، ويُكره مع وجود مَن يَؤُمُّهُنَّ مِن الرجال، فإن فَعَلْنَ أجزأَت صلاتُهنَّ؛ لِتساوي حالِهِنَّ، ولأنه لم يأت أثرٌ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بِمَنْعِ إمامتهنَّ] اهـ.

وقال الإمام ابن ناجي التَّنُوخِي المالكي في "شرحه على متن الرسالة" (1/ 172، ط. دار الكتب العلمية) في ذكر جواز إمامة المرأة للنساء: [قال عياض في "الإكمال": واختاره بعضُ شيوخنا.. وحيث تَؤُمُّ فإنها تَقِفُ في الصف، قاله ابنُ هارون. قلتُ: وكان بعضُ مَن لَقيناه يذهب إلى أنها تَقِفُ آخِرَهُنَّ وَحْدَها وهُنَّ أمامها؛ لقوله عليه السلام: «أَخِّرُوهُنَّ حَيْثُ أَخَّرَهُنَّ اللهُ»، وكنتُ أُجيبُه بأن معنى الحديث إنما هو حيث تكون مأمومةً، وأما إذا أَمَّتِ النساءَ على القول به فتصير كرجلٍ مع رجال، والله أعلم] اهـ.

وقال الإمام العِمْرَانِي الشافعي في "البيان" (2/ 429، ط. دار المنهاج): [فالسُّنَّة أن تقف إمامتُهنَّ وسطهنَّ، قال ابن الصَّبَّاغ: ولا يُعرف فيه خلاف.. فإن تقدمت عليهنَّ وصلَّت بهنَّ كُره، وصحت صلاتهنَّ] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (4/ 255، ط. دار الفكر): [وأما صلاتها وصلاة مَن وراءها مِن النساء فصحيحة في جميع الصلوات] اهـ.

وقال الإمام ابن قُدَامَة الحنبلي في "المغني" (2/ 148-149، ط. مكتبة القاهرة): [وممن روي عنه أن المرأة تؤم النساء: عائشة، وأم سلمة رضي الله عنهما، وعطاء، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور.. إذا ثبت هذا، فإنها إذا صلت بهنَّ قامت في وسطهنَّ، لا نعلم فيه خلافًا بين من رأى لها أن تؤمهنَّ، ولأن المرأة يستحب لها التستر، ولذلك لا يستحب لها التجافي، وكونها في وسط الصف أستر لها؛ لأنها تستتر بهنَّ من جانبيها، فاستحب لها ذلك كالعريان] اهـ.

وقال الإمام علاء الدين المَرْدَاوِي الحنبلي في "الإنصاف" (2/ 299، ط. دار إحياء التراث العربي): [قوله: (وإذا صلَّت امرأةٌ بنساءٍ قامت وسطهنَّ) هذا مما لا نزاع فيه] اهـ.

وقال الإمام ابن حزم في "المحلى" (3/ 137، ط. دار الفكر): [وعن ابن عباس رضي الله عنهما: "تَؤُمُّ الْمَرْأةُ النِّسَاءَ، وَتَقُومُ وَسَطَهُنَّ". وعن ابن عمر رضي الله عنهما "أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ جَارِيَةً لَهُ تَؤُمُّ نِسَاءَهُ فِي رَمَضَان". وعن عطاءٍ ومجاهدٍ والحسن: جواز إمامة المرأة للنساء في الفريضة والتطوع، وتقوم وسطهنَّ في الصف.. وحكمها عندنا: التقدم أمام النساء] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه لا مانع شرعًا مِن أنْ تَؤُمَّ المرأةُ غيرَها مِن النساء في صلاة الفرض، ويكون وقوفها للإمامة معهنَّ في وسط الصف، فإنْ تقدَّمَت عليهنَّ صَحَّت صلاتهنَّ مع الكراهة.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

قد بلغتُ من العمر خمسين عامًا؛ ودم الحيض في طريقه للانقطاع تمامًا، فهل يجوز أن آخذ دواء حتى يتأخر انقطاعه؟


ما حكم مشاركة الأعمام بنت الأخ في الوصية الواجبة؟ فقد ورد سؤال نصه كالتالي: تُوفّي رجل وترك أولادًا وبنات، وترك ابنة ابن توفي حال حياته، فورثت البنت في جدها بطريق الوصية الواجبة.
فهل يرث أعمام البنت معها في نصيبها الذي ورثته بطريق الوصية الواجبة؛ لعدم وجود ولد يحجبهما؟


سأل في صديق له تزوج وأنجب أولادًا، ثم أصيب بارتخاء أحرجه أمام زوجته، وهداه تفكيره السقيم إلى إيقاظ دوافعه الجنسية بالاحتكاك بدبر زوجته، ولكنه وقع من حيث لا يشعر في المحظور؛ إذ إنه كان أحيانًا قليلة يأتي امرأته في دبرها.
وطلب السائل الإفادة عما إذا كان إتيان صديقه زوجته في دبرها يحرمها عليه أو لا، علمًا أنه ندم على ما فعل، واستغفر وعزم مصمِّمًا على عدم العودة إلى ذلك مستقبلًا.


ما حكم ترك طواف الوداع للحائض؟ فهناك سائلة تسأل وتقول: جاءتني العادة الشهرية بعد الوقوف بعرفة وطواف الزيارة، ولم أتمكن من طواف الوداع؛ لعذر الحيض، فهل عليَّ شيء؟ حيث أخبرني بعض الحجاج بضرورة توديع البيت، وبأن ترك طواف الوداع يلزمه دم، فهل هذا صحيح؟


طلبت وزارة التعليم العالي -المراكز الخارجية- الإدارة العامة للتمثيل الثقافي بكتابها المتضمن أن الإدارة تلقت من السيد مدير المركز الثقافي العربي بنواكشوط أن الكثير من رجالات موريتانيا العاملين في شتى المجالات الثقافية الذين تقدمت بهم السن ولا يستطيعون الذهاب إلى المساجد يسألون عن إمكانية متابعة صلاة الجماعة بالمسجد -الجمعة وغيرها- عن طريق المذيع عبر الأثير، وإذا كانت هذه المتابعة جائزة شرعًا فعلى أي مذهب، وعندئذٍ فهل الأفضل الصلاة بهذه الطريقة أم الصلاة الفردية، وتطلب الإدارة العامة بيان حكم الشرع في هذا الموضوع؛ حتى يمكنها الرد على السيد مدير المركز الثقافي ليتولى بدوره إفادة المستفتين في هذا الموضوع.


ما حكم صلاة الفريضة على الكرسي؟ حيث يقول السائل: إن ظاهرة صلاة الفريضة جماعة في المسجد على الكرسي هي من الأمور المحدثة التي تفتقد الشرط الثاني للعبادة، وهو الموافقة للشرع وسنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وإن ظهور بعض الفتاوى بصحَّة صلاة الجماعة على الكرسي، مستندةً إلى حديث صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مسافرًا على الدابة لصلاة النافلة، وليس الفريضة، في حين أن هذا لا ينطبق على صفة صلاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا نفلًا ولا فرضًا ولا مقيمًا ولا مسافرًا، فلم يثبت عنه ذلك الأمر ألبتة، كل ذلك دفعني إلى أن أبيِّن أدلة عدم صحة الصلاة للجالس على الكرسي؛ فالكرسي كان موجودًا فعلًا في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كرسي يستعمله في غير الصلاة، ولم يستعملْه ألبتة هو وأصحابه في الصلاة حال الصحَّة أو المرض ولا في الفريضة ولا في النافلة ولا في السفر ولا في الحضر، وحين مرض الرسول مرضًا شديدًا أعجزه عن الصلاة قائمًا قَعَدَ على الأرض ولم يجلسْ على كرسي أو غيره، وثبت أنه صلى الله عليه وآله وسلم صلى النافلة مسافرًا على الدابة، فإذا حضرت الفريضة نَزَلَ واستقبل القبلة وصلَّى قائمًا، ولم يستعمل كرسيًّا ولا غيره. كما أن الصلاة بالجلوس على الكرسي تؤدِّي إلى مفاسدَ كثيرةٍ، منها:
إسراف العوام والمقلدين من الأمة في استعمال الكرسي في الصلاة دون ضوابطَ شرعيةٍ.
عدم استواء الصف وما له من أثر في قبول الصلاة.
تضييق المجال على الصف خلف الكرسي في السجود.
إسراف بعض المصلين في بعض البلدان باستخدام أرائكَ طويلةٍ مثل التي في الكنائس، مما يؤدِّي إلى تحوُّل المساجد في مظهرها إلى كنائسَ، وهذا محظورٌ شرعًا بلا جدال؛ قال تعالى: ﴿وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾ [نوح: 23].
أنها تمنع من السجود على الأرض الواجب لصحة الصلاة لمن يقدر عليه.
فعدمُ استعمال النبي للكرسي في الصلاة وعدمُ ترخيصه بذلك لصحابته، بالإضافة إلى المفاسد الناجمة عن استعمال الكرسي في الصلاة، كلُّ هذا يشير إلى أن من يجيز استعمالَه فإنه يتعدَّى بذلك تعدِّيًا عقديًّا عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وهو على خطرٍ عظيم وحافة هاوية يكاد يقع فيها مَن يتبنى مثلَ هذا الرأي.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 30 أكتوبر 2025 م
الفجر
5 :40
الشروق
7 :7
الظهر
12 : 39
العصر
3:46
المغرب
6 : 9
العشاء
7 :28