حكم رد السلام بالإشارة أثناء الصلاة

تاريخ الفتوى: 25 ديسمبر 2023 م
رقم الفتوى: 8187
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصلاة
حكم رد السلام بالإشارة أثناء الصلاة

ما حكم رد السلام بالإشارة أثناء الصلاة؟ فرجلٌ لديه محل بقالة، ويصلي فيه إذا حضرته الصلاة، وإذا مرَّ عليه رجلٌ وألقى عليه السلام أشار بيده ردًّا للسلام أثناء الصلاة.

الإشارة بردِّ السلام في الصَّلاة مما اتفق الفقهاء على مشروعيته، وأنه غير مفسدٍ للصلاةِ، وإنما وقع اختلافهم في درجة مشروعيَّة تلك الإشارة، فبعض الفقهاء أوجبها إن كان المصلي وحده وسُلِّمَ عليه وهم المالكية ومَن وافقهم، وبعضهم قال باستحبابها وأنه لا بأس بها وهم الشافعية والحنابلة، ومنهم من ذهب إلى كراهتها كالحنفية ومن وافقهم.

وفي واقعة السؤال: إشارة الرجل المذكور بردِّ السلام على مَن يسلم عليه أثناء صلاته في محلِّ بقالته -أمرٌ مشروعٌ، ولا يفسد الصلاة باتفاق الفقهاء، ولا بأس به شرعًا ولا حرج، ومن الفقهاء من قال باستحبابه.

المحتويات

 

حكم رد السلام باللفظ أثناء الصلاة

الصلاة ركنٌ عظيم مِن أركان الإسلام فيها مناجاةُ العبد لربِّه، وإقامَتُه لذكرِه جَلَّ وَعَلَا، قال الله تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: 14].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «قَالَ اللهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ.. الحديث» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".

والأصل أن الدخولَ في الصَّلاة بتكبيرة الإحرام يمنع مِن التلفظ بكلام الناس؛ لقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمعاوية بن الْحَكَمِ السُّلَمِي رضي الله عنه: «إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".

وقد أجمع الفقهاء على أن الكلام في الصلاة عمدًا لغير إصلاح الصلاة ينقضها، كما في "مراتب الإجماع" للإمام ابن حزم (ص: 27، ط. دار الكتب العلمية)، و"المجموع" للإمام النووي (4/ 85، ط. دار الفكر)، فلو ردَّ المصلي السَّلام باللفظ بَطَلت صلاته بالاتفاق.

حكم رد السلام بالإشارة أثناء الصلاة

أما ردُّ السلام بالإشارة أثناء الصلاة -كما هي مسألتنا- فقد أجمع الفقهاء على أنه غير مفسدٍ للصَّلاةِ ويجزئ عن ردِّ السلام، كما في "التمهيد" (21/ 109، ط. أوقاف المغرب)، و"الاستذكار" (2/ 314، ط. دار الكتب العلمية) كلاهما للإمام ابن عبد البَرِّ؛ لأنَّ الإشارَة ما هي إلا حركةُ عضوٍ هو اليد، وحركة الأعضاء غير اليدِ في الصلاة لا تقطع الصلاة أو تبطلها، فكذلك حركة اليدِ، كما في "شرح معاني الآثار" للإمام الطَّحَاوِي (1/ 454، ط. عالم الكتب).

سبب اختلاف الفقهاء في حكم الإشارة لرد السلام أثناء الصلاة

مع اتفاق الفقهاء على عدمِ فساد الصلاةِ إلا أنهم اختلفوا في حكم الإشارة لردِّ السلام بين الوجوب والندب والكراهة، وسبب اختلافهم في ذلك ورُود الأمرين عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقد ورد أنه تَرَكَ ردَّ السلام حال صلاته، كما ورد أيضًا أنه صلى الله عليه وآله وسلم أشار بيده ردًّا للسلام.

فعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا، وَقَالَ: «إِنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغْلًا» متفقٌ عليه. وترك الردِّ مطلقًا يشمل اللَّفظ والإشارة.

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بَعَثَنِي لِحَاجَةٍ، ثُمَّ أَدْرَكْتُهُ وَهُوَ يَسِيرُ -قَالَ قُتَيْبَةُ: يُصَلِّي- فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَأَشَارَ إِلَيَّ، فَلَمَّا فَرَغَ دَعَانِي فَقَالَ: «إِنَّكَ سَلَّمْتَ آنِفًا وَأَنَا أُصَلِّي»، وَهُوَ مُوَجِّهٌ حِينَئِذٍ قِبَلَ الْمَشْرِقِ. أخرجه الإمام مسلمٌ في "صحيحه".

وعن صُهَيْبٍ رضي الله عنه قال: مَرَرْتُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ إِلَيَّ إِشَارَةً. أخرجه الإمام الترمذي في "سننه" وقال: "لَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: "إِشَارَةً بِإِصْبَعِهِ"، وَفِي البَابِ عَنْ بِلَالٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَنَسٍ، وَعَائِشَةَ رضي الله عنهم".

مذاهب الفقهاء في حكم الإشارة لرد السلام أثناء الصلاة

ذهب الحنفية وأحمد في روايةٍ إلى كراهةِ إشارةِ المصلي بيده لردِّ السلامِ؛ لحديث ابن مسعود رضي الله عنه المتقدم، ولأنه بتحريك يده في الإشارة يخالف السُّكونَ المأمورَ به في الصلاةِ، فعن جابر بن سَمُرَة رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «مَا لِي أَرَاكُمْ رَافِعِي أَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ؟ اسْكُنُوا فِي الصَّلَاةِ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".

قال الإمام عَلَاءُ الدِّينِ الكَاسَانِي الحنفي في "بدائع الصنائع" (1/ 237، ط. دار الكتب العلمية): [ولا ينبغي للرَّجل أن يُسلِّم على المصلي، ولا للمصلي أن يردَّ سلامَه بإشارةٍ ولا غير ذلك.. لما روينا مِن حديث عبد الله بن مسعودٍ، وفيه أنه لا يجوز الرَّد بالإشارةِ؛ لأنَّ عبد الله قال: "فَسَلَّمتُ عَلَيهِ فَلَم يَرُدَّ عَلَيَّ" فيتناول جميع أنواع الرَّد، ولأنَّ في الإشارةِ تركَ سُنَّةِ اليدِ وهي الكَفُّ.. ولو ردَّ بالإشارة لا تَفسُد؛ لأنَّ ترك السُّنَّةِ لا يُفسِد الصَّلاة، ولكن يُوجِب الكراهةَ] اهـ.

وقال الإمام برهان الدين ابن مَازَه الحنفي في "المحيط البرهاني" (1/ 400، ط. دار الكتب العلمية): [وإذا سلَّم إنسانٌ على المصلي فردَّ السَّلام بالإشارة باليد أو بالرَّأس أو بالأصبع لا تفسد صلاته] اهـ.

وقال الإمام ابن مُفلِحٍ الحنبلي في "الفروع" فيما لا بأس بهِ في الصَّلاةِ للحاجَةِ (2/ 268، ط. مؤسسة الرسالة): [وردُّ السَّلامِ إشارةً.. وعنه: يُكرَه] اهـ.

وذهب المالكية في الأظهر إلى بقاء ردِّ السلام على أصله مِن الوجوبِ، فيرد المصلي إشارةً على مَن سلَّم عليه أثناء الصلاة، ووجه ذلك: الأمر المطلق بردِّ التحية، الثابت بقول الله عز وجل: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ [النساء: 86]، فأفاد الوجوب المطلق، ولم تخصِّصه الآثار الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المسألة؛ لتعارضها، فبقي حكم الردِّ على أصله مِن الوجوب، وقد حُكي عن فقهاء الشافعية مثل هذا القول، وهو رواية عن الإمام أحمد.

قال الإمام شمس الدين الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (2/ 32، ط. دار الفكر): [كان مالكٌ لا يرى بأسًا أن يردَّ الرَّجلُ إلى الرَّجلِ جوابًا بالإشارةِ في الصَّلاة، وأن يردَّ إشارة على مَن سلَّم عليه، ولم يكره شيئًا مِن ذلك، وقد رَوى عنه زيادٌ أنه كرِه أن يسلَّم على المصلي وأن يردَّ المصلي على مَن سلَّم عليه إشارة برأسٍ أو بيدٍ أو بشيءٍ، والحجَّة لهذه الرواية "أن ابن مسعود رضي الله عنه سلَّم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يصلي فلم يرد عليه"، والأظهر مِن القولين عند تعارض الأثرين وجوبُ ردِّ السَّلام إشارةً] اهـ.

وقال الإمام أبو البَرَكَات الدَّرْدِير المالكي في "الشرح الصغير" (1/ 353، ط. دار المعارف، مع "حاشية الصَّاوِي"): [(ولا) تبطلُ (بإشارةٍ بعضوٍ) كيدٍ أو رأسٍ (لحاجةٍ) طرأت عليه وهو في الصلاة، (أو) إشارةٌ لـ(ردِّ سلامٍ) على مَن سلَّم عليه وهو يصلي، والراجح أنَّ الإشارةَ لردِّ السلام واجبةٌ، وتبطلُ إن ردَّه بالقولِ] اهـ.

قال الإمام الصَّاوِي مُحَشِّيًا عليه: [أي: ولو في صلاةِ الفرض، وهكذا في ردِّ السلام] اهـ.

وقال الإمام بدر الدين الزَّرْكَشِي الشافعي في "خبايا الزوايا" (ص: 94، ط. أوقاف الكويت): [حَكَى فِي كتاب "السِّيَر" وَجهًا أَنه يجبُ على الْمُصَلِّي ردُّ السلام بِالْإِشَارَةِ] اهـ.

وقال الإمام علاء الدين المَرْدَاوِي الحنبلي في "الإنصاف" (2/ 110، ط. دار إحياء التراث العربي): [له ردُّ السلام مِن إشارةٍ.. وعنه: يجب، ولا يرُده في نفسه، بل يستحب الرَّد بعد فراغه منها] اهـ.

والمراد بالوجوب هنا هو الوجوب الكفائي، بحيث لو لم يوجد غير المصلي ليرد السلامَ فإنه يتعيَّن في حقِّ المصلي وجوب الردِّ، كما هو مقرَّرٌ في ردِّ السلامِ أصالةً بأنه "إِذَا سَلَّمَ وَاحِدٌ مِن الجَمَاعَةِ أَجزَأ عَنهُم، وَكَذَلِكَ إِن رَدَّ وَاحِدٌ مِنهُم"، كما قال الإمام أبو عبد الله المَوَّاق المالكي في "التاج والإكليل" (4/ 539، ط. دار الكتب العلمية).

وذهب الشَّافعيَّة والحنابلة إلى استحبابِ ردِّ المصلي السلام بالإشارةِ، وهو المرجُوح عند المالكيَّة، وممن قال به مِن الصحابة: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباسٍ رضي الله عنهم، وهو قولُ جمهور العُلمَاءِ.

قال الإمام ابن عبد البَرِّ المالكي في "الاستذكار" (2/ 314): [وأكثرهم يجيزون ردَّ السلام إشارةً باليد للمصلي] اهـ.

وقال الإمام النَّوَوِي الشافعي في "المجموع" (4/ 104، ط. دار الفكر): [مذهبنا: لا يجوز أن يُردَّ باللفظ في الصلاة، وأنه لا يجب عليه الردُّ، لكن يُستحَبُّ أن يردَّ في الحال إشارةً، وإلا فبعد السَّلام لفظًا؛ بهذا قال ابنُ عُمرَ، وابنُ عبَّاس رضي الله عنهم، ومالك، وأحمد، وإسحاق، وجمهور العلماء] اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن حَجَرٍ الهَيْتَمِي الشافعي في "تحفة المحتاج" (2/ 148، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [ويُسنُّ لمصلٍّ عطس أو سُلِّمَ عليه أن يحمد بحيث يسمع نفسه، وأن يَرُدَّ السَّلام بالإشارةِ باليد أو بالرأس، ثمَّ بعد سلامِه منها باللفظ] اهـ.

وقال الإمام علاء الدين المَرْدَاوِي الحنبلي في "الإنصاف" (2/ 110): [له ردُّ السلام مِن إشارةٍ مِن غير كراهةٍ على الصحيح من المذهب] اهـ.

وقال الإمام أبو السعادات البُهُوتِي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 212، ط. عالم الكتب): [(و) لمصلٍّ أيضًا (ردُّ السلام إشارةً) لحديث ابن عمر، وأنس.. ولا بأس بالإشارةِ في الصَّلاةِ باليد والعين] اهـ.

وقال الحافظ العراقي في "طرح التثريب" (2/ 251، ط. المطبعة المصرية القديمة): [أكثرُ العلماء مِن السَّلَف والخَلفِ على جواز الإشارةِ في الصَّلاةِ، وأنَّها لا تَبطُل بها ولو كانت مُفهِمَةً، وبهذا قال مالكٌ، والشافعيُّ، وأحمدُ، وقد وردَ في الإشارة في الصَّلاةِ أحاديثُ تكاد أن تبلُغَ حدَّ التواتر] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فإنَّ الإشارة بردِّ السَّلامِ في الصَّلاة مما اتفق الفقهاء على مشروعيته، وأنه غير مفسدٍ للصلاةِ، وإنما وقع اختلافهم في درجة مشروعيَّة تلك الإشارة، فبعض الفقهاء أوجبها إن كان المصلي وحده وسُلِّمَ عليه وهم المالكية ومَن وافقهم، وبعضهم قال باستحبابها وأنه لا بأس بها وهم الشافعية والحنابلة، ومنهم من ذهب إلى كراهتها كالحنفية ومن وافقهم، كما سبق بيانه.

وفي واقعة السؤال: إشارة الرجل المذكور بردِّ السلام على مَن يسلم عليه أثناء صلاته في محلِّ بقالته -أمرٌ مشروعٌ، ولا يفسد الصلاة باتفاق الفقهاء، ولا بأس به شرعًا ولا حرج، ومن الفقهاء مَن قال باستحبابه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

سائل يقول: أنا أضطر إلى جمع الصلوات جمع تأخير بسبب ظروف عملي؛ حيث إنني أعمل خبازًا، وأبدأ العمل قبل صلاة الظهر ولا أنتهي منه إلا بعد العصر، فهل يجوز لي الجمع؟


ما حكم ختم القرآن الكريم كله في صلاة التراويح؟


ما حكم إقامة صلاة العيد بملعب النادي الرياضي؟ حيث يتم إقامة صلاة العيد بملعب النادي الرياضي بالمدينه؛ ونظرًا لانشغالنا بأنشطة رياضية بالنادي حيث نقيم المسابقات الرمضانية ولأن المساجد تعاني من شدة الحر هذا العام فقد قمنا -نحن العاملين بالنادي- بتجهيز قطعة من مصلى العيد وجهزناها بالمياه والفرش والإذاعة وبدأنا نصلي فيها العشاء والتراويح فزاد الإقبال من الجيران؛ نظرًا للجو الجميل بها.
ولكن فوجئنا بأحد المشايخ يقول على المنبر: إنها بدعة، وغير جائزة، والصلاة غير مقبولة؛ أي إنه حرمها! فأصبحنا في حيرة من أمرنا. فما حكم الشرع في ذلك؟


ما حكم  الإسراف في استعمال الماء أثناء الوضوء؟ لأني أرى بعض الناس أثناء وضوئهم يغسلون أعضاء الوضوء أكثر من ثلاث مرات، وآخرين يستخدمون ماءً كثيرًا زائدًا عن المطلوب. فما حكم هذا الفعل؟ وهل يُعدُّ هذا من الإسراف في استعمال الماء؟


ما حكم الزواج في شوال؟ حيث قال لي بعض الناس: يُكره الزواج في شهر شوال؛ فما سبب ذلك؟ وهل هذا الكلام صحيح؟


ما حكم صلاة الجمعة بأقل من أربعين في زمن الوباء؟

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أما بعد..
فإن من نوازل العصر ومتقلبات الأحوال: جائحة كورونا التي أصابت العالم بأسره، أسأل الله تعالى السلامة منه لجميع الناس.
وهذه الأزمة تجعل المتغيرات إلى المرونة والتمسك بيسر الدين الإسلامي وملامح رحمته ومحاسن تشريعه، فيما نقوم به من الطاعات كالجمعة والجماعة والتجمع لأداء العبادات والتباعد في الصفوف، وتقليل عدد التجمع في الأماكن العامة ودور العبادات.
وقد أعلنت وزارة الصحة التابعة لسيريلانكا والجهات المختصة بمنع التجمع بأكثر من خمسة وعشرين شخصًا في الأماكن العامة ودور العبادات، وفي إطار هذه الأزمة أفتت هيئة الإفتاء التابعة لجمعية علماء سيريلانكا بإقامة الجمعة في أماكن مختلفة، وذلك بناءً على جواز تعدد الجمعة في بلدٍ واحدٍ عند الحاجة في المذهب الشافعي.
ولكن لا يزال العلماء يناقشون مسألة التجمع بأقل من أربعين رجلًا في هذه الحالة الراهنة، علمًا بأن المعتمد في المذهب الشافعي أن الجمعة لا تنعقد إلا بأربعين رجلًا فأكثر، فاختلفت آراء العلماء على اتجاهين:
الاتجاه الأول: الإنكار بإقامة الجمعة بأقل من أربعين رجلًا؛ اعتمادًا على القول الراجح المعتمد في المذهب الشافعي، وتعليلًا بأن العدد غير مكتمل.
الاتجاه الثاني: تنفيذ إقامة الجمعة بالعدد المسموح؛ تعظيمًا لشعائر الله، ومراعاة للمصلحة الدينية.
وبينما هو كذلك قد عثرتُ على مخطوطٍ لعالم جليل وعلم من كبار علماء سيريلانكا، وركن من أركان علم الفلك، ومؤسس الكلية الحسنية العربية الشيخ العلامة عبد الصمد رحمه الله، الذي كان رئيسًا لجمعية علماء سيريلانكا فترة طويلة، وله عدة مؤلفات من المطبوع والمخطوط.
وقد ألف كتابًا في عام 1912م، بخطه وسماه بـ "ضوء الشرعة بعدد الجمعة"، وقد ناقش الأدلة والآراء ورجح القول بأن الجمعة لا تنعقد إلا بأربعين رجلًا فأكثر.
وما حاصله: وإذا كان أهل البلد أقل من الأربعين، فإن كانوا (الشافعية) بأربعة فصاعدًا وأرادوا تقليد الإمام أبي حنيفة في صحة الجمعة بأربعة، فيجوز أن يصلوا الجمعة إن قلدوه تقليدًا صحيحًا؛ بأن يحافظوا كلهم على جميع الشروط المعتبرة عنده، ولكنه تُسنّ إعادتها ظهرًا خروجًا من الخلاف القوي. وإذا أرادوا أن يعملوا باختيار بعض الأئمة الشافعية في صحة الجمعة بدون أربعين وصلوا الجمعة فلا بأس بذلك، ولكن يلزمهم أن يعيدوا الظهر بعدها لوجوب العمل بالراجح، فإن لم يعيدوا الظهر جماعة أو فرادى فينكر عليهم إنكارًا شديدًا.
أطلب من سماحتكم إبداء موقف دار الإفتاء في إعادة الظهر بعد الجمعة: هل هي لازمة إذا عملوا في هذه المسألة على المرجوح في المذهب الشافعي؟ أو هل هي مسنونة إذا قلدوا في هذه المسألة مذهب الحنفية أو المالكية حفاظًا على جميع شروطهم؟ ولكم جزيل الشكر ومن الله حسن الثواب.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 19 يوليو 2025 م
الفجر
4 :24
الشروق
6 :6
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 56
العشاء
9 :26