ما حكم أداء السعي للحائض؟ حيث توجد امرأة ذهبت لأداء العمرة، وبعد الانتهاء مِن الطواف وصلاة ركعَتَي سُنَّة الطواف، وقبل البدء في السعي داهمها الحيض، ولم تتمكن مِن انتظار الطهر؛ لأنَّ للسفر موعدًا محددًا، فأتمَّت سعيَها على هذه الحال، وتسأل: ما حكم سَعيها وعُمرتها؟ وهل يجب عليها شيء؟
الطهارةَ سُنَّةٌ مِن سُنَن السعي التي ينبغي للمُحرِم الحفاظ عليها ما أمكنه ذلك، ويَصِحُّ السعي ويُجْزِئُ بدونها، فإذا داهم المرأةَ الحيضُ عند إرادتها السعي أو في أثنائه بعد أن أتمت طوافها، فإنَّ لها أن تسعى، سواء كان ذلك في حج أو عُمرة، وسَعيها وهي حائض صحيحٌ شرعًا، ولا إثم عليها في ذلك ولا حرج، ولا شيء عليها مِن فديةٍ أو غيرها.
المحتويات
السعي بين الصفا والمروة في الحج والعمرة شعيرةٌ مِن شعائر الله سبحانه وتعالى، قال جلَّ شأنُه: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيم﴾ [البقرة: 158].
والأصل فيه: سعي السيدة هاجَر أم سيدنا إسماعيل عليهما السلام، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: "أَوَّلَ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ الْمِنْطَقَ مِنْ قِبَلِ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ.. فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الأَرْضِ يَلِيهَا، فَقَامَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الْوَادِيَ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا، فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا، حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا، ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ حَتَّى جَاوَزَتِ الْوَادِيَ، ثُمَّ أَتَتِ الْمَرْوَةَ، فَقَامَتْ عَلَيْهَا، وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا، فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: «فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".
الطهارة سُنَّة مِنْ سُنَن السعي التي ينبغي للمُحرِم الحفاظُ عليها ما أمكنه ذلك، فيُستحب له أن يسعى بين الصفا والمروة في الحج أو العُمرة طاهرًا، مع كون السعي يَصِحُّ بدونها، حيث نَصَّ الفقهاءُ على صحة سعي المُحْدِث والحائض والجُنُب بعد إتمامهم الطواف صحيحًا مِن غير إيجابِ شيءٍ عليهم، فإذا داهَمَ المرأةَ الحيضُ عند إرادتها السعي أو في أثنائه، وذلك بعد أن أتمت طوافها بالبيت الحرام، ولَم تتمكن مِن انتظار الطُّهر حتى لا تتخلف عن رفقتها، أو لضيق الوقت وضرورة السفر، أو لغير ذلك مِن الأعذار، وأتمَّت سعيَها على غير طهارة، فلا إثم عليها في ذلك ولا حرج، وسعيُها وعُمرتُها صحيحة شرعًا، ولا يجب عليها شيءٌ مِن فديةٍ أو غيرها؛ لأن الطهارة ليست ركنًا ولا شرطًا مِنْ شروط صحة السعي لا في العُمرة ولا في الحج، إذ هو كالوقوف بعرفة، وعلى ذلك اتفق جمهور الفقهاء مِن الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.
قال الإمام زين الدين ابن نُجَيْم الحنفي في "البحر الرائق" (2/ 357، ط. دار الكتاب الإسلامي) في مَعرِض حديثه عن سُنَن السعي: [والسُّنَّةُ الاتصالُ به كالطهارة، فصَحَّ سعيُ الحائض والجُنُب] اهـ. فأفاد أن الطهارةَ معدودةٌ مِن سُنَن السعي كما أن اتصال السعي بالطواف معدودٌ مِن سُنَنِهِ.
وقال الإمام أبو الحسن اللَّخْمِي المالكي في "التبصرة" (1/ 216، ط. أوقاف قطر): [الحيض يَمنع مِن قُرَبٍ أربع: الصلاة، والصوم، والاعتكاف؛ لأنَّه يتضمن الصلاة والصوم، والطواف بالبيت، ولا يَمنع السعي بين الصفا والمروة، ولا الوقوف بعرفة] اهـ.
وأما قول الإمام ضياء الدين خليل المالكي في "مختصره" (ص: 70، ط. دار الحديث): [وللسعي شروطُ الصلاة] اهـ، فالمراد به "مندوباته"، كما قال الإمام شهاب الدين النَّفَرَاوِي في "الفواكه الدواني" (1/ 360، ط. دار الفكر).
قال الشيخ عِلِيش في "منح الجليل" (2/ 273، ط. دار الفكر) شارحًا: [(و) نُدب (للسعي شروطُ الصلاة) المُمْكِنَة فيه، فلا يُندب فيه استقبالٌ؛ لعدم إمكانه فيه، ولو انتقض وضوؤه أو ذَكَرَ خَبَثًا أو أصابه حقنٌ أو جنابةٌ نُدِبَ له أن يتطهر ويبني] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (8/ 79، ط. دار الفكر): [مذهبنا ومذهب الجمهور: أنَّ السعي يَصِحُّ مِن المُحْدِث والجُنُب والحائض] اهـ.
وقال الإمام أبو القاسم الخِرَقِي الحنبلي في "مختصره" (ص: 58، ط. دار الصحابة): [ومَن سعى بين الصفا والمروة على غير طهارة، كرهنا له ذلك، وقد أجزأه] اهـ.
وقال الشيخ ابن تيمية في "شرح العمدة- كتاب الحج" (2/ 640، ط. مكتبة الحرمين) في بيان أحكام السعي: [أما الطهارة: فتسن له، ولا تشترط، هذا هو المنصوص عنه صريحًا.. فإن طافت بالبيت، ثم خرجت تسعى، فحاضت، فَلْتَمْضِ في سعيها، فإنَّه لا يضرها، وليس عليها شيء] اهـ.
وقد نقل الإجماع على صحة السعي على غير طهارة مع كونه مجزئًا عن فاعله -غيرُ واحدٍ مِن العلماء، كالإمام ابن المُنْذِر في "الإجماع" (ص: 56، ط. دار المسلم)، والإمام ابن عبد البَرِّ في "الاستذكار" (4/ 207، ط. دار الكتب العلمية).
بناءً على ذلك: فإنَّ الطهارةَ سُنَّةٌ مِن سُنَن السعي التي ينبغي للمُحرِم الحفاظ عليها ما أمكنه ذلك، ويَصِحُّ السعي ويُجْزِئُ بدونها، فإذا داهم المرأةَ الحيضُ عند إرادتها السعي أو في أثنائه بعد أن أتمت طوافها، فإنَّ لها أن تسعى، سواء كان ذلك في حج أو عُمرة.
وفي واقعة السؤال: سَعي المرأة المذكورة صحيحٌ شرعًا، ولا إثم عليها في ذلك ولا حرج، ولا شيء عليها مِن فديةٍ أو غيرها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سأل أحد الشيوخ من علماء الأزهر في رجل له سن مجوفة بسبب تسويس حصل فيها، إن قلعها يتضرر ويتألم، مع كونها آلة المضغ، وإن تركها على حالها يتضرر ويتألم أيضًا من دخول الماء فيها، ولا سبيل لدفع الضرر إلا بملئها بنحو فضة، بحيث لا يدخل الماء جوفها عند الاغتسال من الجنابة. فهل يجوز له هذا العمل شرعًا، أو يؤمر بقلعها؟ أفيدونا مأجورين.
ما حكم من يقول بأن الحج ما هو إلا بقايا عبادة وثنية؟
ما حكم مَن صلى المغرب والعشاء بعد أن أدَّى طواف الوداع عصرًا، هل يكفيه هذا الطواف أو لا بُدَّ له من طواف آخر؟
سائل يسأل عن كون وكيل المرأة في عقد النكاح هو أحد الشاهدين في نفس العقد؟ وهل هذا يجوز؟ حيث لم يكن حاضرًا في مجلس العقد سوى الزوج والزوجة ووكيل الزوجة وشاهد واحد فاعتبرنا الوكيل شاهدًا ثانيًا.
هل السترَة التي يلبسها المُحرِم في حجه وعمرته والتي تكون قطعة من قماش يتم عمل كنار لها ويتم إدخال مطاط لها -أستك- في هذا الكنار وتُلبس أسفل الإزار مشروعة؟ حيث إننا نقوم بتصنيعها وتوريدها للمحلات التجارية، ورأيكم سيكون فيصلًا في الاستمرار في هذا النشاط من عدمه.
ما حكم ختان الإناث؛ فقد ورد للجمعية المصرية للدفاع عن حقوق الإنسان والبيئة استفسارات عديدة عن حكم ختان الإناث، ولما كان هناك تضارب وتمويل من جهات مانحة عديدة عملت في الفترة السابقة على الترويج لتحريم ختان الإناث، وهناك بعض السادة المشايخ يقرون بعكس ذلك؛ مما يجعلنا غير قادرين على إبداء الرأي الشرعي، لذلك نأمل التفضل من فضيلتكم إفادتنا بالفتوى تجاه هذا الموضوع.