نرجو منكم بيان مفهوم العبادة في الإسلام وهل تقتصر على الصلاة ونحوها أو أنها تشمل العمل والسعي لطلب الرزق.
المحتويات
من المقرر شرعًا أنه يجب على كلِّ إنسانٍ مكلف أن يخلص العبادة لخالقه سبحانه؛ فقد قال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: 5].
قال الإمام الرازي في "مفاتيح الغيب" (32/ 243، ط. دار إحياء التراث العربي): [العبادة هي التذلل، ومنه طريق مُعَبَّدٌ أي مذلل.. واعلم أن العبادة بهذا المعنى لا يستحقها إلا من يكون واحدًا في ذاته وصفاته الذاتية والفعلية] اهـ.
وقال الإمام الطبري في "جامع البيان" (24/ 541، ط. مؤسسة الرسالة): [مفردين له الطاعة، لا يخلطون طاعتهم ربهم بشرك] اهـ.
فالعبادة في الإسلام تشمل كلَّ ما يصدر عن المكلف من قول أو عمل أو اعتقاد، وذلك على حسب ما يحبه الله ويرضاه؛ يقول تعالى -في شأن المؤمنين-: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: 5].
يقول الشيخ ابن القيم في "مدارج السالكين" (1/ 120-121، ط. دار الكتاب العربي): [وبُنَى ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ﴾ على أربع قواعد: التحقق بما يحبه الله ورسوله ويرضاه، من قول اللسان والقلب، وعمل القلب والجوارح.
فالعبودية: اسم جامع لهذه المراتب الأربع، فأصحاب ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ﴾ حقًّا هم أصحابها.
- فقول القلب: هو اعتقاد ما أخبر الله سبحانه به عن نفسه، وعن أسمائه وصفاته وأفعاله وملائكته ولقائه على لسان رسله.
- وقول اللسان: الإخبار عنه بذلك، والدعوة إليه، والذب عنه، وتبيين بطلان البدع المخالفة له، والقيام بذكره، وتبليغ أوامره.
- وعمل القلب: كالمحبة له، والتوكل عليه، والإنابة إليه، والخوف منه والرجاء له، وإخلاص الدِّين له، والصبر على أوامره، وعن نواهيه، وعلى أقداره، والرضا به وعنه، والموالاة فيه، والمعاداة فيه، والذل له والخضوع، والإخبات إليه، والطمأنينة به، وغير ذلك من أعمال القلوب التي فَرْضُها أفرض من أعمال الجوارح، ومستحبها أحب إلى الله من مستحبها، وعمل الجوارح بدونها إما عديم المنفعة أو قليل المنفعة.
- وأعمال الجوارح: كالصلاة والجهاد، ونقل الأقدام إلى الجمعة والجماعات، ومساعدة العاجز، والإحسان إلى الخلق ونحو ذلك.. والله تعالى جعل العبودية وَصْفَ أَكْمَلِ خلقه، وأقربهم إليه] اهـ.
إذا أمعنَّا النظر في نصوص الشرع الشريف لوجدنا أن الإسلام قد جعل العمل والسعي في طلب الرزق وتعمير الكون من العبادات التي يثاب عليها الإنسان، فالشرع الشريف يحث الإنسان على العمل والاجتهاد في كسب الرزق الحلال الطيب؛ يقول تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ [الملك: 15].
قال العلامة النسفي في "مدارك التنزيل وحقائق التأويل" (3/ 514، ط. دار الكلم الطيب): [﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا﴾ لينة سهلة مذللة لا تمنع المشي فيها، ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا﴾ جوانبها استدلالًا واسترزاقًا، أو جبالها، أو طرقها، ﴿وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ﴾ أي: من رزق الله فيها، ﴿وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ أي: وإليه نشوركم، فهو سائلكم عن شكر ما أنعم به عليكم] اهـ.
والنية الصالحة والإتقان في العمل من أهم العوامل التي تجعل العمل يصير عبادة، فالمؤمن الذي يعمل في أي مجال أو مهنة مشروعة وجائزة، إذا نوى بذلك تحقيق مرضاة الله وخدمة الناس، فإن عمله يصبح عبادة يثاب عليها في الدنيا والآخرة.
قال الإمام الشاطبي في "الموافقات" (2/ 537، ط. دار ابن عفان): [النية شرط في كون العمل عبادة، والنية المرادة هنا نية الامتثال لأمر الله ونهيه، وإذا كان هذا جاريًا في كل فعل وترك، ثبت أن في الأعمال المكلف بها طلبًا تعبديًّا على الجملة] اهـ.
وقد تضافرت نصوص الشرع الشريف على اعتبار العمل الحلال عبادة يتقرب بها الإنسان إلى الله تعالى، منها:
- ما روي عن أبي الْمُخَارِقِ رضي الله عنه، قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة تبوك فَطَلَعَتْ ناقة له فأقام عليها سبعًا، فمر عليه أعرابي شاب شديد قوي يرعى غُنَيْمَةً له، فقالوا: لو كان شباب هذا وشدته وقوته في سبيل الله عز وجل! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْنِ كَبِيرَيْنِ لَهُ لِيُغْنِيَهُمَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى صِبْيَانٍ لَهُ صِغَارٍ لِيُغْنِيَهُمْ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ لِيُغْنِيَهَا وَيُكَافِي النَّاسَ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْعَى رِيَاءً وَسُمْعَةً فَهُوَ لِلشَّيْطَانِ» أخرجه ابن أبي الدنيا في "النفقة على العيال".
- وكذا ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ» أخرجه البخاري ومسلم.
قال الإمام ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (5/ 4، ط. دار المعرفة): [ومقتضاه أنَّ أجر ذلك يستمر ما دام الغرس أو الزرع مأكولًا منه ولو مات زارعه أو غارسه، ولو انتقل ملكه إلى غيره، وظاهر الحديث أنَّ الأجر يحصل لمتعاطي الزرع أو الغرس، ولو كان ملكه لغيره] اهـ. ومما سبق يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم ترك صلاة الجمعة بدون عذر؟
ما حكم غلق جميع الصيدليات وقت الصلاة، حيث يوجد بالمدينة التي أعيش فيها خمس صيدليات أهلية داخل المدينة، وكل هذه الصيدليات تُقفَل للتوجُّه لأداء الصلوات المكتوبة بالمساجد، والتي تستغرق من نصف إلى ثلاثة أرباع ساعة حسب بُعد المسجد وقُربِه، وقد يحضر المرضى والمصابون للعيادات التي تقوم على الفور بطلب الدواء اللازم لحالة المريض أو المصاب من الحوادث، والحالات تتراوح ما بين المتوسطة إلى الحالات الحرجة والخطرة التي تتطلب دواءً فوريًّا كمرضى القلب أو الجلطات أو نزيف الدم، وقد حصل معي هذا أكثر من مَرَّة وأُشهِد الله على ذلك، وقد قمت في المرة الأخيرة بتوبيخ أحد الصيادلة، وكان يُقفِل الصيدلية لأداء فريضة صلاة العشاء والتي غاب فيها نصفَ ساعة، مما ترتَّب عليها في حالة المريضِ ما ترتَّب، وقلت له حسب فهمي البسيط -كمواطنٍ مسلمٍ- لدينِ الإسلام: إن إنقاذَ حياة مريضٍ أفضلُ مِن صلاتك في المسجد وقَفْلك للصيدلية؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾.
وعليه: ما حكم الإسلام في قفل الصيدلية وقت الصلاة لأكثر من نصف ساعة وترك الحالات المَرَضِيَّة المذكورة دون أن توجد بين الصيدليات صيدلياتٌ مُناوِبة؟ وهل يجوز للصيدلي أن يؤدي صلاته في مكان عمله ويتابع صرف الدواء للمرضى أصحاب الحالات الحرجة؟
ما حكم الترَسّل والتأني في الأذان، وكيف يكون؟
ما الحكم لو شككتُ هل بدأتُ المسحَ لصلاة الظهر أو للعصر لكي أحسب المدة، أو شككتُ في كوني بدأتُ المسح في السفر أو الحضر؟ فأنا ألبس الخفَّ وأمسح عليه للصلاة، وعلمتُ أن مدَّةَ المسح عليه يوم بليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر.
أرجو من فضيلتكم التكرم ببيان آداب الجنازة؛ حيث إنَّ بعض الناس ينتظرُ الجنازة عند المقابر، وبعضهم يدخل المقابر ويتركُ الجنازة لقراءة الفاتحة لذويهم الموتى من قبل، وبعض أهالي المُتَوفّين يتركُ الدفن ويُسْرِع لتلقي العزاء، وبعض المسلمين في المدن يشيّعون الجنازة راكبين.
كما أنَّ بعض الأهالي يرفضون صلاة الجنازة بالمساجد، وتقامُ بالشوارع؛ لكثرة المصلين، ويقوم بعض المُشَيِّعين بالاكتفاء بالإشارة بالسلام بدلًا من المصافحة عند كثرة المُشَيِّعين أو مستقبلي العزاء. فما هو الرأي الشرعي في ذلك كله؟
ما حكم دعاء الاستفتاح؟ فقد سمعت بعض الناس على وسائل التواصل الاجتماعي يقول: إن دعاء الاستفتاح واجب، واعتقدت صحة هذه المعلومة منذ هذا الوقت، بعدها صليتُ وراء بعض الأفاضل ولاحظت أنه لم يقرأ دعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام، فأنكرت عليه، فرد عليَّ أن الصلاة صحيحة ولا شيء فيها، وأرجو الإفادة بالرأي الصحيح في ذلك؟