يدعي بعض الناس أن الطريقة التي يتمُّ بها ذبح الحيوانات فيها نوع من الوحشية وخالية من الرحمة؛ لكونها تشتمل على تعذيب الحيوان قبل ذبحه! فكيف يمكن لنا أن نرد على ذلك؟
المحتويات
جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم رحمةً لجميع المخلوقات؛ فقال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]، والعَالَمُونَ: هم كل ما سوى الله تعالى من المخلوقات؛ فشملت رحمتُه صلى الله عليه وآله وسلم الإنس والجن والملائكة، والحيوان والجماد، وكل ما خلقه الله تعالى، فعَلَّم المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم الدنيا كيف تكون الرحمة، وأرسله ربُّه عز وجل؛ ليشرح للناس ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، فالرحمة هي بداية الوحي ومبنى الدين، وعليها مدار الإسـلام.
كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أرحمَ الخلق بالخلق، وأكثرَ الناس رحمةً بالحيوان، وحثًّا على الرفق به والإحسان إليه، وتنبيهًا على أن إباحة الشرع لأكله مقرونةٌ بوجوب رحمته والرفق به وتحريم تعذيبه البدني أو النفسي؛ فكان يحذِّر من اتخاذ ذبحه مبررًا لإيذائه ومضاعفة ألمه؛ فأوجب إحسان الذبح في آلته وهيئته وسرعته ووقته وأثناء الذبح وقبله وبعده؛ فأوجب إحداد الشفرة؛ حتى لا تكون كالّةً، وأمر بإراحة المذبوح وأن يساق برفق، وأمر بمواراة الشفرة عنه، وبمواراته عن بقية الحيوانات التي يراد ذبحُها، وأن يكون الذبح بأسرع ما يمكن؛ لتقليل ألمه، ونهى أن يبلغ الذبح إلى النخاع، وحرم قطع الرأس قبل خروج الروح، وحرَّم إصابة الحيوان أو الطائر بأي ألم أو أذًى يمكن تلافيه، ونهى عن أخذ الأم من أولادها، أو أخذهم منها عند حاجتهم إليها؛ فجعل الإحسانَ إلى الحيوانات ورحمتَها حالَ الذبح فرضًا كتبه الله تعالى على ذابحها؛ فعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنهما أن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ؛ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَة، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» رواه الأئمة: مسلم وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
وجعل شعور الذابح برحمة الحيوان المذبوح مستجلبًا لرحمة الله تعالى له؛ فعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي لأَذْبَحُ الشَّاةَ وَأَنَا أَرْحَمُهَا، أَوْ قَـالَ: إِنِّي لأَرْحَمُ الشَّاةَ أَنْ أَذْبَحَهَا، فَقَالَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «وَالشَّاةُ إِنْ رَحِمْتَهَا رَحِمَكَ اللهُ» رواه الإمام أحمد، وصححه الإمام الحاكم.
وراعى الشعور النفسي للحيوان المذبوح؛ فنهى عن سن السكين أمام بصره، وجعل ذلك قتلًا مضاعفًا له، وأمر بالإسراع في الذبح وعدم التلكؤ فيه؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على رجلٍ واضعٍ رجلَه عَلَى صَفْحَةِ شَاةٍ وَهُوَ يَحُدُّ شَفْرَتَهُ وَهِيَ تَلْحَظُ إِلَيْهِ بِبَصَرِه، فقال: «أَفَلَا قَبْلَ هَذَا! أَتُرِيدُ أَنْ تُمِيتَهَا مَوْتَتَيْنِ! هَلَّا أَحْدَدْتَ شَفْرَتَكَ قَبْلَ أَنْ تُضْجِعَهَا!» رواه الإمام الطبراني، وصححه الإمام الحاكم.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قَالَ: "أَمَرَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بِحَدِّ الشِّفَارِ، وَأَنْ تُوَارَى عَنِ الْبَهَائِمِ، وإِذَا ذَبَحَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجْهِزْ" أخرجه الإمامان: أحمد في "المسند"، وابن ماجه في "السنن".
ورأى عمر رضي الله عنه رجلًا قد وضع رجله على شاة، وهو يحد السكين، فضربه حتى أفلت الشاة. ذكره الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (9/ 398، ط. مكتبة القاهرة).
ونهى في حال الذبح أن يُبلَغ به إلى نخاعها، وحرَّم بعد الذبح كسر عنقها وإبانة رأسها قبل تمام زهوق روحها؛ حذرًا من مضاعفة ألمها وازدياد الكرب عليها؛ فروى الإمام البخاري في "صحيحه" معلقًا: عن نافع، أن ابن عمر رضي الله عنهما نهى عن النَّخْع، يقول: "يَقطَعُ ما دون العظم، ثم يَدَعُ حتى تموتَ". والنَّخْع: أن يبلغ بالذبح إلى النخاع.
قال الإمام الشافعي في "الأم" (2/ 262، ط. دار المعرفة): [نهى عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النَّخْع، وأن تُعجَلَ الأنفسُ أن تزهق، والنَّخْعُ: أن يذبح الشاة ثم يكسر قفاها من موضع الذبح لنخعه ولمكان الكسر فيه، أو تُضرَب ليعجل قطع حركتها، فأكره هذا، وأن يسلخها أو يقطع شيئًا منها ونفسها تضطرب، أو يمسها بضرب أو غيره حتى تبرد ولا يبقى فيها حركة] اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (1/ 193، ط. دار المعرفة): [والنَّخْع: قطع نخاع الشاة؛ وهو خيط عنقها الأبيض الداخل في القفا] اهـ.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَنِ الذَّبِيحَةِ أَنْ تُفْرَسَ قَبْلَ أَنْ تَمُوتَ" أخرجه الأئمة: ابن الجعد في "مسنده"، والطبراني في "المعجم الكبير"، وابن عدي في "الكامل"، والبيهقي في "السنن الكبرى". والفَرْس: هو كسر رقبة الذبيحة قبل إزهاق الروح.
وهذا كله في وجوب الرحمة بالحيوان والإحسان إليه أثناء الحصول عليه للانتفاع المباح به شرعًا.
بناءً على ذلك: فإن الإسلام قد جاء بالرحمة لجميع ما على الأرض من مخلوقات، وسن لأجل ذلك من التشريعات ما يضمن المعاملة الرحيمة بالحيوان حتى في وقت ذبحه، ثم اشترط أن يكون في ذبحه منفعة معتبرة، ونهى أشد النهي أن يذبح الحيوان لغير منفعة، بل أن يعبث به أو يتخذ غرضًا، ولما شرع الذبح أوجب إحسانه في آلته وهيئته وسرعته ووقته وأثناءه وقبله وبعده؛ من إحداد الشفرة، وإراحة المذبوح، وسوقه برفق، ومواراة الشفرة عنه، ومواراته عن بقية الحيوانات المراد ذبحُها، والذبح بأسرع ما يمكن لتقليل الألم، وعدم الذبح إلى النخاع، وتحريم قطع الرأس قبل خروج الروح، وتحريم إصابة الحيوان بأي ألم أو أذًى يمكن تلافيه، وبذلك يظهر جليًّا حقيقة هذه الدعاوى الزائفة التي تسم طريقة الذبح في الإسلام بالوحشية.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما معنى النهي الوارد في السُّنَّة النبوية المطهرة عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام؟ وهل يُفهم من هذا أنه لا يجوز ادخار لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام؟
ما المراد بالأضحية في الشرع؟ وما حكمها؟
نرجو من فضيلتكم بيان الحكم الشرعي لعمل عقيقة المولود، وهل هي واجبة؟
ما حكم المشاركة في الأضحية بالسُّبع في بقرة بقصد طلب اللحم؟ وهل يؤثر على صحة الأضحية؟ فنحن سبعة أصدقاء نشترك كل عام في أضحية عبارة عن بقرة، وفي هذا العام اعتذر أحد الأصدقاء فقال الآخر: أنا سوف آخذ السُّبعَ لحمًا لأهل بيتي، فهل هذا يؤثر على صحة الأضحية.
ما حكم رمي شيء من الأضحية؟ فمن المشاهد في هذا الزمان في بلادنا أن الجزّارين يَطرحون رؤوس الأضاحي وأرجلها في المهملات، أو يدفنونها؛ لغرض التخلص من العناء في تنظيفها، والحال أنه يوجد في رؤوسها دماغ من اللحم، وأرجلها مما يؤكل، فهل يُعد صنيعهم هذا من إضاعة المال؟
جمعية خيرية بصدد إنشاء مشروع تحت اسم مشروع الأضحية الذي يهدف إلى قيام الجمعية بذبح الأضاحي نيابةً عن الراغبين في ذلك من مصر ودول العالم كافة وتوزيعها على الفئات غير القادرة التي تقوم الجمعية بدراسة حالاتها والمتوافرة بقاعدة بياناتها. ولذا نرجو إفادتنا في الآتي:
1- هل يجوز توكيل شخصية معنوية للقيام بالذبح والتوزيع نيابة عن الشخص الراغب في ذلك؟
2- ما هي الصيغة الشرعية لهذا التوكيل؟
3 - بناء على دراسة الأسعار تم تحديد مبلغ ثمانمائة وخمسين جنيهًا مصريًّا أو مائة وخمسين دولارًا أمريكيًّا قيمة الأضحية شاملة الذبح والسلخ والتقطيع والتغليف والنقل والتوزيع وغيره، وذلك على أساس كبش واحد سِنُّه سنة وذلك للفرد الواحد، أو عجل سِنُّه سنة لسبعة مُضَحِّين:
أ- ففي حالة زيادة التكلفة عن هذا المبلغ: هل يجوز أن يتم تعويض زيادة التكلفة بتقليل عدد الأضاحي؟
ب- وفي حالة نقص التكلفة هل يجوز استخدام الفائض في مصاريف خيرية أخرى غير الأضحية تذهب للمستحقين في شكل طعام؟
4 - في حالة نفوق بعض الرؤوس قبل ذبحها فماذا نفعل؟
5 - ما هو موعد بداية الذبح ونهايته؟
6 - في حالة وجود فرق في التوقيت بين مكان المضحي ومكان الذبح فما هو حكم الشرع في ذلك؟
7 - هل تشترط فترة زمنية محددة للتوزيع بعد الذبح؟
8 - هل يجوز توزيع الأضحية بكاملها على الفقراء والمحتاجين دون الأكل منها أو إهداء جزء منها للأقارب والمعارف؟