ما حكم القيام بزيارة قبر السيدة آمنة بنت وهب أم النبي عليهما السلام بعد الانتهاء من أداء المناسك من حج أو عمرة؟
زيارة قبر السيدة آمنة بنت وهب قد وردت بخصوصه السُّنَّة العملية التي يظهر منها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد خصَّ قبرها بالزيارة والصِّلَة لمكانها منه، وتعليمًا منه للأمة حقوقَ الوالدين والأقارب؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم زار قبرَ أمه، فبَكَى وأبكى مَن حولَه، وأخبر أن الله تعالى أَذِنَ له في زيارتها، ثم قال: «فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ»" أخرجه الإمام مسلم.
وروى الإمام أحمد في "مسنده" عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال: "كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَهُ قَرِيبٌ مِن أَلْفِ رَاكِبٍ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَفَدَاهُ بِالْأَبِ وَالْأُمِّ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ؟ قَالَ: «إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي فِي اسْتِغْفَارٍ لِأُمِّي، فَلَمْ يَأْذَنْ لِي، فَدَمَعَتْ عَيْنَايَ رَحْمَةً لَهَا مِنَ النَّارِ، وَإِنِّي كُنتُ نَهَيْتُكُمْ عَن ثَلَاثٍ: عَن زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا لِتُذَكِّرَكُمْ زِيَارَتُهَا خَيْرًا..»"، وأخرجه الحاكم في "المستدرك على الصحيحين"، وقال: [هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ]، وأصله في "صحيح مسلم".
فدلَّ ذلك على أن زيارته داخلة في عموم زيارة القبور التي هي من السنن المستحبة؛ حيث أخرج الإمام مسلم في "صحيحه" من حديث بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ القُبُورِ، فَزُورُوهَا».
قال العلَّامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (2/ 242، ط. دار الفكر): [(قوله: وبزيارة القبور) أي: لا بأس بها، بل تندب كما في "البحر" عن "المجتبى"، فكان ينبغي التصريح به للأمر بها في الحديث المذكور كما في "الإمداد"، وتزار في كل أسبوع كما في "مختارات النوازل". قال: في "شرح لباب المناسك": "إلا أن الأفضل يوم الجمعة والسبت والإثنين والخميس، فقد قال محمد بن واسع: الموتى يعلمون بزوارهم يوم الجمعة ويومًا قبله ويومًا بعده، فتحصَّل أن يوم الجمعة أفضل"] اهـ.
وقال العلَّامة الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 422، ط. دار الفكر): [وجاز (زيارة القبور) بل هي مندوبة (بلا حد) بيوم، أو وقت، أو في مقدار ما يمكث عندها، أو فيما يدعى به، أو الجميع، وينبغي مزيد الاعتبار حال الزيارة والاشتغال بالدعاء والتضرع، وعدم الأكل والشرب على القبور خصوصًا لأهل العلم والعبادة] اهـ.
وقال الإمام أبو إسحاق الشيرازي الشافعي في "المهذب" (1/ 258، ط. دار الكتب العلمية): [ويستحب زيارة القبور؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: "زار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبر أمه فبكى وأبكى مَن حوله ثم قال: «إِنِّي اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يَأْذَنْ لِي، واسْتَأْذَنْتُ فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي، فَزُورُوا القُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمُ المَوْتَ»"] اهـ.
وقال شمس الدين ابن قدامة الحنبلي في "الشرح الكبير" (2/ 426، ط. دار الكتاب العربي): [(ويستحب للرجال زيارة القبور، وهل يكره للنساء؟ على روايتين) لا نعلم خلافًا بين أهل العلم في استحباب زيارة الرجالِ القبورَ] اهـ.
وقال برهان الدين ابن مفلح في "المبدع" (2/ 283-284، ط. دار الكتب العلمية): [فصل (يستحب للرجال زيارة القبور) نصَّ عليه، وحكاه النووي إجماعًا؛ لقوله عليه السلام: «كُنتُ نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَةِ القُبُورِ فَزُورُوهَا» رواه مسلم والترمذي، وزاد: «فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الآخِرَةَ» وقال أبو هريرة رضي الله عنه: "زار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبر أمه فبكى، وأبكى مَن حوله، وقال: «اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأُذِنَ لِي، فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ».. وعنه: لا بأس به، وقاله الخرقي وغيرُه، وأخذ منه جماعة الإباحة؛ لأنه الغالب في الأمر بعد الحظر، لا سيما وقد قرنه بما هو مباح، وفي "الرعاية": يكره الإكثار منه، وفيه نظر] اهـ. ومما سبق يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
نرجو منكم بيان ما ورد في الشرع الشريف من نصوص تحث على إحسان الظن بالمؤمنين وغيرهم.
ما حكم جلوس الأب عاريًا تمامًا أمام أولاده الصغار، ولأي سن يمكنه فعل ذلك إن كان جائزًا؟
ما ضابط العلاقة بين الموظف وصاحب العمل أثناء وقت العمل من الناحية الشرعية؟
سائل يقول: تنتشر بين الناس مقولة شهيرة، وهي: "اللي يحبه ربه يحبب فيه خلقه"؛ فهل لهذه المقولة أصلٌ في الشرع الشريف؟
نرجو منكم بيان معنى البدعة، وهل هناك فرق بينها وبين السنة الحسنة؟
وهل نحن مطالبون بتطبيق أفعال النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما هي بحذافيرها؟ بمعنى أنَّ النبيّ لو كان يصلي صلاة معينة كصلاة الفجر ويقرأ فيها آيات معينة، هل أكون قد ابتدعت لو صليت نفس الصلاة بقراءة آيات أخرى؟
هل المصافحة عقب الصلاة بين المصلين من تمام الصلاة؟ أم هي مكروهة؟ أم هي بدعة؟