سائل يقول: سمعت أنه ورد في السنة النبوية صيغ لحمد الله تعالى لها ثواب وأجر عظيم؛ فنرجو منكم بيان بعضها، وما هي أفضل صيغة لحمد الله تعالى؟
وردت في السنة المكرمة عدة صيغ فيها مبالغة في حمد الله تعالى، من ذلك ما روي عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا جَاءَ فَدَخَلَ الصَّفَّ وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ، فَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ قَالَ: «أَيُّكُهمُ الْمُتَكَلِّمُ بِالْكَلِمَاتِ؟» فَأَرَمَّ الْقَوْمُ، فَقَالَ: «أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ بِهَا؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسًا» فَقَالَ رَجُلٌ: جِئْتُ وَقَدْ حَفَزَنِي النَّفَسُ فَقُلْتُهَا، فَقَالَ: «لَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا، أَيُّهُمْ يَرْفَعُهَا» أخرجه مسلم في "صحيحه".
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رُفِعَ الْعَشَاءُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ قَالَ: «الْحَمْدُ للهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مُوَدَّعٍ، وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا عَزَّ وَجَلَّ» أخرجه البيهقي في "الدعوات الكبير".
وعَنْهُ أيضًا عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَالَ: الْحَمْدُ للهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ، وَالْحَمْدُ لله مِلْءَ مَا خَلَقَ، وَالْحَمْدُ للهِ عَدَدَ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَالْحَمْدُ لله مِلْءَ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَالْحَمْدُ للهِ عَدَدَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ، وَالْحَمْدُ للهِ مِلْءَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ، وَالْحَمْدُ للهِ عَدَدَ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْحَمْدُ للهِ مِلْءَ كُلِّ شَيْءٍ، وَسُبْحَانَ اللهِ مِثْلَهَا، فَأَعْظِمْ ذَلِكَ» أخرجه أحمد في "مسنده".
قال العلامة النفراوي الأزهري المالكي في "الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني" (1/ 11، ط. دار الفكر): [وَوَقَعَ خِلَافٌ فِي أَفْضَلِ الْمَحَامِدِ فَقِيلَ: أَفْضَلُهَا الْحَمْدُ للهِ بِجَمِيعِ مَحَامِدِهِ كُلِّهَا مَا عَلِمْت مِنْهَا وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، عَلَى جَمِيعِ نِعَمِهِ كُلِّهَا مَا عَلِمْت مِنْهَا وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ: عَدَدَ خَلْقِهِ كُلِّهِمْ مَا عَلِمْت مِنْهُمْ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ. وَقِيلَ أَفْضَلُهَا: الْحَمْدُ للهِ حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ؛ لِمَا وَرَدَ "أَنَّ اللهَ تَعَالَى لَمَّا أَهْبَطَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إلَى الْأَرْضِ قَالَ: يَا رَبِّ شَغَلْتنِي بِكَسْبِ يَدِي فَعَلِّمْنِي شَيْئًا فِيهِ مَجَامِعُ الْحَمْدِ وَالتَّسْبِيحِ، فَأَوْحَى اللهُ إلَيْهِ أَنْ قُلْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عِنْدَ كُلِّ صَبَاحٍ وَعِنْدَ كُلِّ مَسَاءٍ: الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ، فَقَدْ جَمَعْت لَك فِيهَا جَمِيعَ الْمَحَامِدِ"] اهـ.
وقال العلامة البكري الشافعي في "إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين" (4/ 387، ط. دار الفكر): [واعلم أن أفضل المحامد هذه الصيغة لما ورد "أن الله لما أهبط أبانا آدم إلى الأرض قال: يا رب علمني المكاسب وعلمني كلمة تجمع لي فيها المحامد، فأوحى الله إليه أن قل ثلاثًا عند كل صباح ومساء: الحمد لله حمدًا يوافي نعمه ويكافئ مزيده"، ولهذا لو حلف إنسان ليحمدن الله بمجامع المحامد برَّ بذلك] اهـ.
وقال العلامة البجيرمي في حاشيته "تحفة الحبيب على شرح الخطيب" (1/ 27، ط. دار الفكر): [تَنْبِيهٌ: قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: أَفْضَلُ الْمَحَامِدِ أَنْ يُقَالَ: الْحَمْدُ لله حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ، وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ بِمَا فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ: "إنَّ اللهَ تَعَالَى لَمَّا أَهَبَطَ آدَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إلَى الْأَرْضِ قَالَ: يَا رَبِّ عَلِّمْنِي الْمَكَاسِبَ وَعَلِّمْنِي كَلِمَةً تَجْمَعُ لِي فِيهَا الْمَحَامِدَ. فَأَوْحَى اللهُ تَعَالَى إلَيْهِ أَنْ قُلْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عِنْدَ كُلِّ صَبَاحٍ وَمَسَاءٍ: الْحَمْدُ لله حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَك وَيُكَافِئُ مَزِيدَك؛ فَقَدْ جَمَعْت لَك فِيهَا جَمِيعَ الْمَحَامِدِ".
وَقِيلَ: أَفْضَلُ الْمَحَامِدِ أَنْ يُقَالَ: الْحَمْدُ للهِ بِجَمِيعِ مَحَامِدِهِ كُلِّهَا مَا عَلِمْت مِنْهَا وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، زَادَ بَعْضُهُمْ عَدَدَ خَلْقِهِ كُلِّهِمْ مَا عَلِمْت مِنْهُمْ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَاحْتَجَّ لَهُ بِمَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ بِعَرَفَاتٍ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ حَجَّ وَأَرَادَ أَنْ يَقُولَهَا فَسَمِعَ قَائِلًا يَقُولُ: يَا عَبْدَ اللهِ أَتْعَبْت الْحَفَظَةَ فَإِنَّهُمْ يَكْتُبُونَ ثَوَابَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنْ الْعَامِ الْمَاضِي إلَى الْآنَ، وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ مَسْأَلَةٌ فِقْهِيَّةٌ وَهِيَ أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَحْمِدَنَّ اللهَ بِأَفْضَلِ الْمَحَامِدِ، فَقَالَ كُلُّ فَرِيقٍ لَا يَبَرُّ إلَّا بِمَا قَالَهُ مِنْ تِلْكَ الْمَحَامِدِ، وَقِيلَ لَا يَبَرُّ حَتَّى يَقُولَ: اللَّهُمَّ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك، وَقِيلَ لَا يَبَرُّ حَتَّى يَقُولَ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: 11] اهـ. ومما سبق يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل القنوت يقرأ في الوتر والصبح، أم في أحدهما؟
ما حكم قول: "الحمد لله حتى يبلغ الحمد منتهاه"؟ وهل هذه العبارة ممنوعة لكونها لم ترد في نصوص الشرع؟
سائل يقول: سمعت أن هناك أذكارًا وأدعية تقال في الحرّ الشديد، ودرجة الحرارة مرتفعة جدًّا في هذه الأيام؛ فنرجو منكم بيان ما يقال من الأدعية في هذه الأحوال.
أطلق بعض المستشرقين حملةَ تشويهٍ على الإمام البخاري؛ للنيلِ من منزلته ومكانته في علم الحديث؛ فما قول العلماء في منزلة ومكانة الإمام البخاري في علم الحديث؟
ما المراد من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَيَّ فَأَحْسِنُوا الصَّلَاةَ»؟
يقول السائل: نسمع كثيرًا أنَّ قراءة سورة الفاتحة تعود على صاحبها بالنفع العظيم؛ فنرجو منكم بيان ما لهذه السورة الكريمة؛ من الفضائل والأسرار؟