حكم بيع دماء الأضاحي لمصانع الأسمدة

تاريخ الفتوى: 05 يونيو 2023 م
رقم الفتوى: 7689
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الذبائح
حكم بيع دماء الأضاحي لمصانع الأسمدة

ما حكم بيع دماء الأضاحي لمصانع الأسمدة؟ فهناك جمعيةٌ خيريةٌ تعمل على ذبح الأضاحي كلَّ عامٍ بكمياتٍ كبيرةٍ، وعرضت عليها بعض مصانع الأسمدة شراء دماء الأضاحي. فهل يجوز شرعًا للقائمين على هذه الجمعية بيع دماء الأضاحي لتلك المصانع؟

دماء الأضاحي نجسةٔ ويحرم بيعها، إلا أنَّه يجوز للجمعية المذكورة التخلي عن هذه الدماء لمصانع الأسمدة في مقابل ماليٍّ على جهة "رفع اليد عن الاختصاص"، وذلك إذا ثبت نَفعُها في صناعة الأسمدة بما يؤدي إلى إنماء الثروة الزراعية، وعدمُ الضرر منها بأيِّ وجهٍ مِن الوجوه، سواءٌ على الإنسان أو الزرع أو البيئة، ولا حرج في ذلك شرعًا حينئذٍ.

المحتويات

 

بيان فضل الأضحية وثوابها

الأضحية شعيرةٌ مِن شعائر الإسلام؛ قال الله تعالى: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ [الحج: 36]، وهي مِن أعظم ما يتقرب به العبد إلى ربه يوم النحر وأيام التشريق؛ قال تعالى: ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ [الحج: 28].

وعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهُ لَتَأْتي يَوْمَ القِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا، وَإنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللهِ بِمَكَانٍ، قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الْأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا» أخرجه الإمامان: الترمذي في "سننه" واللفظ له، والبيهقي في "شعب الإيمان".

حكم دماء الأضاحي من حيث الطهارة والنجاسة

دم الأضاحي نجسٌ باتفاق الفقهاء، وهو الدم المسفوح المنهي عنه في قول الله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ﴾ [الأنعام: 145].

قال الإمام ابن حزم في "مراتب الإجماع" (ص: 19، ط. دار الكتب العلمية): [واتفقوا على أنَّ الكثير مِن الدم أيَّ دمٍ كان، حَاشَا دم السمك وما لا يَسيل دَمُهُ، نجسٌ] اهـ.

وقال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" (22/ 230، ط. أوقاف المغرب): [وهذا إجماعٌ من المسلمين أنَّ الدم المسفوح رِجسٌ نَجسٌ] اهـ.

حكم بيع دماء الأضاحي

أجمع الفقهاء أيضًا على حرمة بَيع الدِّماء؛ لحديث ابن عباسٍ رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا، وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا، وَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَهُ» أخرجه الإمامان: أبو داود في "سننه"، وأحمد في "مسنده" واللفظ له.

وعن أبي جُحَيفَة رضي الله عنه قال: رأيتُ أَبِي فقال: «إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ، وَثَمَنِ الكَلْبِ، وَآكِلِ الرِّبَا وَمُوكِلِهِ، وَالوَاشِمَةِ وَالمُسْتَوْشِمَةِ» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".

قال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" (4/ 144): [وجميع العلماء على تحريم بيع الدم] اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (4/ 427، ط. دار المعرفة): [والمراد: تحريم بيع الدم، كما حرم بيع الميتة والخنزير، وهو حرامٌ إجماعًا، أعني بيع الدم وأخذ ثمنه] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة في "الكافي" (2/ 6، ط. دار الكتب العلمية): [ولا يجوز بيع الدم، ولا السرجين النجس؛ لأنه مُجمَعٌ على تحريمه ونجاسته، أشبَه الميتة] اهـ.

ومن ثمَّ فإنه يحرم بيع دماء الأضاحي، ولا يصح عقد بيعها، بل يجب التخلص من هذه الدماء لنجاستها.

حكم الاستفادة من دماء الأضاحي لمصانع الأسمدة

إذا قرر المتخصصون فائدةَ هذه الدماء المسفوحة ونَفْعَها في صناعة الأسمدة بما يؤدي إلى زيادة الإنتاج الزراعي أو تحسين نوعيته، مع ثبوت عدم الضرر على الإنسان أو الثروة الزراعية أو البيئة مِن هذا الاستخدام، وكان ذلك تحت إشراف الجهات الرقابية المعنية، وكان مِن شروط المَبِيع أن يكون طاهرًا، ودماء الأضاحي نجسةٔ بالاتفاق، فالحيلة الشرعية للاستفادة من هذه الدماء: ألَّا يتم ذلك عن طريق البيع والشراء، لكن عن طريق أخذ الجمعية المذكورة عِوَضًا ماليًّا نظير الإذْن لمصانع الأسمدة بأخذ الدِّماء مِن اختصاص الجمعية لتدخله في اختصاص نفْسها، وهو ما يُعرف عند الفقهاء بـ"رفع اليد عن الاختصاص"، وهو تَعامُلٌ يختلف عن البيع، ويخالفه في ثبوت الضمان على المشتري بمجرد العقد ولو لم يحصل قبض، على حين أنَّ الضمان في عقد البيع يَظَلُّ على البائع إلى أن يقبض المشتري السلعة.

وعليه: فيكون تصرف الجمعية المذكورة في دماء الأضاحي حينئذٍ على جهة التخلي ورَفْع يَدِ الاختصاص عنها بمقابلٍ مالِيٍّ، وليس مِن باب البيع والتمليك.

و"الفرق بين الملك والاختصاص: أنَّ المِلك يتعلق بالأعيان والمنافع، والاختصاص إنما يكون في المنافع، وباب الاختصاص أوسع"؛ كما قال الإمام الزركشي في "المنثور في القواعد" (3/ 234، ط. أوقاف الكويت)، فعُلِم مِن ذلك أنَّ حق الاختصاص "عبارةٌ عما يَختصُّ مُستَحِقُّهُ بالانتفاع به، ولا يَملِكُ أحدٌ مُزَاحَمَتَهُ فيه، وهو غير قابلٍ للشُّمُولِ والمعاوضات، ويدخل تحت ذلك صورٌ: منها.. الأدهان المتنجسة"؛ كما قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في "القواعد" (ص: 192، ط. دار الكتب العلمية).

وقد نصَّ الشافعية على جواز "رفع اليد عن الاختصاص" في خصوص الأعيان النجسة.

قال العلامة الشرواني في "حاشيته على تحفة المحتاج" (4/ 235-236، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [ويجوز نقل اليد عن النجس بالدراهم.. وطريقُهُ أن يقول المستحِق له: أسقطتُ حَقي مِن هذا بكذا، فيقول الآخَر: قَبِلْتُ.. والذي حققه ابن قاسمٍ أنَّ المبيع هو الطَّاهر فقط، والنجس مأخوذٌ بحُكم نَقْلِ اليد عَن الاختصاص، فهو غير مَبِيعٍ وإنْ قَابَلَهُ جزءٌ مِن الثمن] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ دماء الأضاحي نجسةٌ ويحرم بيعها، إلا أنَّه يجوز للجمعية المذكورة التخلي عن هذه الدماء لمصانع الأسمدة في مقابل ماليٍّ على جهة "رفع اليد عن الاختصاص"، وذلك إذا ثبت نَفعُها في صناعة الأسمدة بما يؤدي إلى إنماء الثروة الزراعية، وعدمُ الضرر منها بأيِّ وجهٍ مِن الوجوه، سواءٌ على الإنسان أو الزرع أو البيئة، ولا حرج في ذلك شرعًا حينئذٍ؛ كما سبق بيانه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

نود إحاطتكم علمًا بأننا -نحن المسلمين- في بولندا نجد صعوبات في مسألة الذبائح وشرعيتها سواء أكانت الدواجن أم الأبقار والعجول؛ ولذلك وجدنا شركة بولندية تود التعاون معنا في هذا الأمر.
وسؤالنا: هل يكفي أن نذكر اسم الله مع بداية السلخ مع صباح كل يوم بنية جميع الذبائح؟ كما نود إفادتكم بأن الدواجن بعد الصعقة الكهربائية تستيقظ ولا تموت، وقد رأينا هذا بأم أعيننا، وذلك بعد مرورها بالحوض المائي المكهرب. وحتى يطمئن جميع المسلمين على هذا الأمر نود كتابة كلمة "حلال" على التعبئة من الخارج، وذلك بعد حصولنا منكم على الفتوى الرسمية.


ما الذي يترتب على من أراد الأضحيةِ وفاته وقتها ولم يضحّ؟ فهناك رجلٌ يتطوع بالأضحية كلَّ عام، وفي هذا العام اشترى شاةً للأضحية، إلا أنه قد طرأت له بعض الظروف في يوم عيد الأضحى واليوم الذي يليه حالت بينه وبين ذبحها حتى أصبح في اليوم الثاني عشر من شهر ذي الحجة، فهل يجزئه التطوع بالأضحية بعد ذلك؟ وما الحكم لو خرج الوقت دون أن يذبح؟ هل يشرع له الذبح بعده وتكون أضحية؟


ما حكم ذبح الأضحية في غير بلد المضحي؟ فرجلٌ اعتاد أن يضحي بشاة، لكنه عجز هذا العام عن شرائها بسبب غلوِّ الأسعار، وقد أشار عليه أحد الأشخاص أن يوكل من يذبح له في بعض الدول الإفريقية التي ترخص فيها أسعار الماشية؛ لكون المبلغ الذي معه يكفيه للأضحية في إحدى هذه الدول، فهل يلزمه ذلك، وهل يختلف الحكم لو نذرها؟ وهل يوجد فرق بين الأضحية والعقيقة في ذلك، أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرًا.


نرجو منكم بيان حكم شراء أضحية العيد عن طريق الوزن. وذلك عن طريق وزن الأضحية وتقدير وزنها بالكيلوجرام، علمًا بأن وزن الكيلوجرام الواحد مقدر سعره مسبقًا بالعملة الورقية. مع العلم بأن هناك قولًا شائعًا في بلدنا بعدم جواز شراء الأضحية عن طريق وزنها ودفع قيمة الوزن. وجزاكم الله عنا كل الخير.


تقوم إحدى الجمعيات بعرض صكوك الأضاحي على المتبرعين في كافة أنحاء الجمهورية، ونقوم بالذبح والتوزيع نيابة عنهم، وجزء من هذه الأضاحي يتم ذبحه داخل جمهورية مصر العربية أيام التشريق، ويتم التوزيع فور الذبح، والجزء الآخر من الأضاحي يتم ذبحه خارج مصر في أيام التشريق، ثم يتم نقلها بعد أيام التشريق إلى مصر وتوزيعها على فقراء المسلمين؛ لأن تكلفة نقلها حيةً أكبرُ من تكلفة نقلها لحمًا بعد ذبحها، مما يعود بالفائدة على زيادة أعداد الأضاحي، فتزداد نسبة المستفيدين منها من الفقراء والمحتاجين. فهل يجوز توزيع لحوم الأضاحي التي تم ذبحها أيام التشريق خارج مصر بعد انقضاء أيام التشريق ووصولها إلى مصر؟


ما حكم بيع ما يؤكل من الحيوان وتحديد ثمنه بالوزن وهو حي؟ فرجلٌ يعمل في تجارة المواشي، ويقدِّر ثمن الحيوان حيًّا بحسب وزنه بالكيلو جرام القائم ساعة بيعه وفقًا للعُرف الجاري بين التُّجار، على أن الكيلو جرام القائم بكذا، بحيث يَزِنُهُ قبل البيع، ويحدد ثمنه بضرب ثمن الكيلو جرام الواحد في الوزن القائم، ويَعرضه على المشتري فيرضى به أو يُفاوضُه فيه، ثم يتم بينهما البيع بالثمن الذي يَتَرَاضَيَان عليه، فهل يصحُّ هذا البيع شرعًا؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 17 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :13
الشروق
6 :40
الظهر
12 : 49
العصر
4:18
المغرب
6 : 58
العشاء
8 :15