ما حكم الإحرام من التنعيم للعمرة الثانية؟ حيث إنه قد عزم رجلٌ على السفر لأداء العمرة، وحسب برنامج الرحلة ستكون إقامته في مكة لمدة أسبوع، ويريد أن يعتمر أكثر مِن مرة خلال هذا الأسبوع، فهل يجوز له أن يُحرِم للعمرة الثانية وما بعدها مِن التنعيم، أو يجب عليه الرجوع لميقات بلده؟
يجوز شرعًا للمسلم الإحرام للعمرة الثانية وما بعدها مِن التنعيم، ولا يجب عليه الرجوع إلى ميقات البلد القادم منها؛ فقد اتفق الفقهاء على أن الإحرام للعُمرة مِن التنعيم لمن هو في مكة جائزٌ شرعًا، سواءٌ كان مُقيمًا بها أو غير مقيم.
المحتويات
العمرة عبادةٌ جليلةٌ وقُربةٌ عظيمةٌ؛ قال تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: 196].
وفضل العُمرة كبير، وثوابها عظيم، ومِن ذلك: أنها تنفي الذنوب والآثام عن صاحبها؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا» متفق عليه.
اتفق الفقهاء على أنَّ مَن أراد الإحرام للعمرة وهو في مكة -سواء كان مِن أهلها أو من غير أهلها، مقيمًا أو غير مقيم- فإحرامه يكون من طرف الحِلِّ، والمراد به: كل ما جاوز الحرم ولو بخطوةٍ واحدةٍ؛ لأنَّ كلَّ مَن أتى على ميقاتٍ فإنه يكون ميقاتًا له، ولأنَّ أداء مناسك العمرة يكون في الحرم، فيخرج المعتمر إلى أدنى الحِلِّ؛ ليجمع بين الحِلِّ والحرم، وليكون بمثابةِ نَوعِ سَفَرٍ.
والتنعيم: مصدر نَعَّمَه إذا أترفه، وهو اسم موضعٍ قريبٍ من مكة، وهو أقرب أطراف الحِلِّ إلى مكة، ويقال إن بينه وبين مكة أربعة أميال -وتعادل بالقياسات الحديثة سبعة كيلومترات- جهة الشمال الغربي مِن الحرم المكي، ويعرف بمسجد أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها؛ كما في "المغرب" للعلامة برهان الدين الخوارزمي (ص: 469-470، ط. دار الكتاب العربي)، و"المصباح المنير" للعلامة الفيومي (2/ 613، ط. المكتبة العلمية)، وسُمِّي بالتنعيم؛ لأنَّ عن يمينه جبلًا يقال له: "نُعَيْم"، وعن شِماله جبل يقال له: "نَاعِم"، واسم الوادي: "نُعمَان"؛ كما في "المجموع" للإمام النووي (7/ 205، ط. دار الفكر)، و"حاشية الشيخ العدوي على شرح مختصر خليل" (2/ 301، ط. دار الفكر).
وقد اتفق الفقهاء على أنَّ التنعيم داخلٌ في أدنى الحِلِّ، وأنه أقرب الحِلِّ إلى الطواف والسعي، والأصل في ذلك: حديث أمِّ المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: يَا رَسُولَ اللهِ، يَصْدُرُ النَّاسُ بِنُسُكَيْنِ، وَأَصْدُرُ بِنُسُكٍ؟ فَقِيلَ لَهَا: «انْتَظِرِي، فَإِذَا طَهُرْتِ، فَاخْرُجِي إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهِلِّي ثُمَّ ائْتِينَا بِمَكَانِ كَذَا» متفق عليه.
وعن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يُرْدِفَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَيُعْمِرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ» متفق عليه.
قال الإمام ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (4/ 438، ط. مكتبة دار البيان): [باب عُمرَةِ التَّنعِيمِ.. وفيه: جابر: «أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا إِلَى التَّنْعِيمِ، فَاعْتَمَرَتْ بَعْدَ الْحَجِّ فِي ذِي الْحَجَّةِ»، وأنَّ سُرَاقَةَ بن مالكٍ رضي الله عنه لَقِيَ النبي عليه السلام وهو بِالْعَقَبَةِ، فَقَالَ: أَلَكُمْ هذه خاصةً يا رسول الله؟ قال: «لَا، بَلْ لِلأبَدِ».
فِقْهُ هذا الباب: أنَّ المعتمر المكي لا بد له مِنَ الخروج إلى الحِلِّ، ثُم يُحرِم منه؛ لأنَّ التنعيم أقرب الحِلِّ، وشأن العمرة عند الجميع أنْ يَجمع فيها بين حِلٍّ وحَرَمٍ، المكي وغيره] اهـ.
فأفادت هذه الآثار أنه يجوز للمسلم الإحرام للعمرة مِنَ التنعيم في أيِّ وقتٍ شاء ما دام داخل الحرم، بلا خلافٍ في ذلك بين العلماء، ونقل بعضهم الإجماع على ذلك.
قال الإمام محمد بن الحسن التميمي [ت: 350هـ] في "نوادر الفقهاء" (ص: 64، ط. دار القلم): [وأجمعوا أن الكوفي وغيره مِن المقيمين بمكة مِن غير أهلها ألَّا يحرموا بالعمرة مِن مكة، وإنما الإحرام بها مِن الجِلِّ إلى موضِعٍ مِن الحِلِّ شيئًا] اهـ. وقوله: "مِن الجِلِّ" أي: مِن أرض الحَرَم، وَوُصِفَت بذلك لكونها أَجَلَّ مِن غيرها.
وقال الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار" (4/ 115، ط. دار الكتب العلمية): [التنعيم أقرب الحِلِّ إلى الطواف بالبيت والسعي، هذا ما لا خلاف فيه، ولا يصحُّ العُمرة عند الجميع إلا من الحِلِّ لمكي وغير مكي، فإنْ بَعُدَ كان أكثرَ عملًا وأفضل، ويجزئ أقلُّ الحِلِّ وهو التنعيم، وذلك أن يحرم بها مِن الحِلِّ؛ فأقصاه: المواقيت، أدناه: التنعيم] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (3/ 215، ط. دار الفكر): [مسألة: قال: (وأهل مكة إذا أرادوا العُمرة، فمِن الحِلِّ، وإذا أرادوا الحج، فمِن مكة) أهلُ مكة ومَن كان بها، سواءٌ كان مقيمًا بها أو غير مقيم؛ لأنَّ كلَّ مَن أتى على ميقاتٍ كان ميقاتًا له، فكذلك كلُّ مَن كان بمكة فهي ميقاته للحج، وإن أراد العمرة فمِنَ الحِلِّ؛ لا نعلم في هذا خلافًا] اهـ.
بناءً على ذلك: فإنَّ الإحرام للعُمرة مِن التنعيم لمن هو في مكة جائزٌ شرعًا، سواءٌ كان مُقيمًا بها أو غير مقيم، وذلك باتفاق الفقهاء.
وفي واقعة السؤال: يجوز للرجل المذكور أن يُحرِم للعمرة الثانية وما بعدها مِن التنعيم، ولا يجب عليه الرجوع لميقات بلده.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما مدى صحة حديث: «إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الحِجَّةِ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَن يُضَحِّيَ، فَلْيُمْسِكْ عَن شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ»، وهل ينطبق على الحاج؟
ما هو وقت طواف الإفاضة في الحج؟ حيث كنتُ في الحج العام الماضي، وبعد الوقوف بعرفة وبالتحديد في يوم النحر مرضتُ فلم أستطع أن أؤدي طواف الإفاضة في هذا اليوم، وقمتُ بأدائه في اليوم الثاني من أيام التشريق، والسؤال: ما هو آخر وقت يصح فيه طواف الإفاضة؟ وإذا أخَّرتُ عن هذا الوقت فهل علَيَّ دم؟
ما حكم أداء طواف الإفاضة وطواف العمرة للحائض؟ فإذا سافرت المرأة للحج أو العمرة، وجاءتها الدورة الشهرية قبل أداء طواف الإفاضة بالنسبة للحج أو طواف العمرة بالنسبة للعمرة فما الحكم في ذلك؟ وما الحل لو جاءتها الدورة الشهرية قبل ذلك؛ يوم السفر وقبل الإحرام، أو بعد الإحرام بقليل؟ علمًا بأنها يتعذر عليها الانتظار حتى تطهر؛ لأنها مرتبطة بمواعيد السفر والفوج الذين معها.
ما حكم الحج والعمرة لمن يقوم بمساعدة غيره في أداء المناسك؟ فوالدتي سيدة كبيرة ولا تستطيع الحركة بمفردها، ولذلك سأكون معها بالكرسي المتحرك في الطواف والسعي، هل مناسك العمرة والحج بالنسبة لي تكون صحيحة أو أنه لا بد أن أساعد والدتي أولًا حتى تنتهي هي من طوافها وسعيها ثم أؤدي المناسك الخاصة بي؟
ما حكم الحج عن الغير تبرعًا؟ فأنا كنتُ قد حَجَجتُ عن نفسي مِن قَبْل، وفي هذا العام كان لي صديق مريضٌ، فقمتُ بمشاورته في أن أحُجَّ عنه مع تحملي لنفقة السَّفَر، فهل يشترط أن يشاركني صديقي في النفقة، أو يجوز لي أن أحجَّ عنه دون مساهمةٍ منه في نفقة الحج؟
هل الازدحام الشديد يعدُّ عذرًا مرخصًا للتوكيل في رمي الجمرات؟ وفقني الله تعالى لأداء مناسك الحج، وأعلم أن هناك ازدحامًا شديدًا في رمي الجمرات؛ فهل يُعد هذا الازدحام عذر يُبيح لي أن أنيب أحدًا في رمي الجمرات عني؟ أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرًا.