حكم الإحرام من موضع التنعيم للعمرة الثانية

تاريخ الفتوى: 06 يونيو 2023 م
رقم الفتوى: 7673
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الحج والعمرة
حكم الإحرام من موضع التنعيم للعمرة الثانية

ما حكم الإحرام من التنعيم للعمرة الثانية؟ حيث إنه قد عزم رجلٌ على السفر لأداء العمرة، وحسب برنامج الرحلة ستكون إقامته في مكة لمدة أسبوع، ويريد أن يعتمر أكثر مِن مرة خلال هذا الأسبوع، فهل يجوز له أن يُحرِم للعمرة الثانية وما بعدها مِن التنعيم، أو يجب عليه الرجوع لميقات بلده؟

يجوز شرعًا للمسلم الإحرام للعمرة الثانية وما بعدها مِن التنعيم، ولا يجب عليه الرجوع إلى ميقات البلد القادم منها؛ فقد اتفق الفقهاء على أن الإحرام للعُمرة مِن التنعيم لمن هو في مكة جائزٌ شرعًا، سواءٌ كان مُقيمًا بها أو غير مقيم.

المحتويات

 

بيان فضل العمرة وثوابها

العمرة عبادةٌ جليلةٌ وقُربةٌ عظيمةٌ؛ قال تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: 196].

وفضل العُمرة كبير، وثوابها عظيم، ومِن ذلك: أنها تنفي الذنوب والآثام عن صاحبها؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا» متفق عليه.

بيان موضع التنعيم وحكم الإحرام منه للعمرة الثانية

اتفق الفقهاء على أنَّ مَن أراد الإحرام للعمرة وهو في مكة -سواء كان مِن أهلها أو من غير أهلها، مقيمًا أو غير مقيم- فإحرامه يكون من طرف الحِلِّ، والمراد به: كل ما جاوز الحرم ولو بخطوةٍ واحدةٍ؛ لأنَّ كلَّ مَن أتى على ميقاتٍ فإنه يكون ميقاتًا له، ولأنَّ أداء مناسك العمرة يكون في الحرم، فيخرج المعتمر إلى أدنى الحِلِّ؛ ليجمع بين الحِلِّ والحرم، وليكون بمثابةِ نَوعِ سَفَرٍ.

والتنعيم: مصدر نَعَّمَه إذا أترفه، وهو اسم موضعٍ قريبٍ من مكة، وهو أقرب أطراف الحِلِّ إلى مكة، ويقال إن بينه وبين مكة أربعة أميال -وتعادل بالقياسات الحديثة سبعة كيلومترات- جهة الشمال الغربي مِن الحرم المكي، ويعرف بمسجد أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها؛ كما في "المغرب" للعلامة برهان الدين الخوارزمي (ص: 469-470، ط. دار الكتاب العربي)، و"المصباح المنير" للعلامة الفيومي (2/ 613، ط. المكتبة العلمية)، وسُمِّي بالتنعيم؛ لأنَّ عن يمينه جبلًا يقال له: "نُعَيْم"، وعن شِماله جبل يقال له: "نَاعِم"، واسم الوادي: "نُعمَان"؛ كما في "المجموع" للإمام النووي (7/ 205، ط. دار الفكر)، و"حاشية الشيخ العدوي على شرح مختصر خليل" (2/ 301، ط. دار الفكر).

وقد اتفق الفقهاء على أنَّ التنعيم داخلٌ في أدنى الحِلِّ، وأنه أقرب الحِلِّ إلى الطواف والسعي، والأصل في ذلك: حديث أمِّ المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: يَا رَسُولَ اللهِ، يَصْدُرُ النَّاسُ بِنُسُكَيْنِ، وَأَصْدُرُ بِنُسُكٍ؟ فَقِيلَ لَهَا: «انْتَظِرِي، فَإِذَا طَهُرْتِ، فَاخْرُجِي إِلَى التَّنْعِيمِ، فَأَهِلِّي ثُمَّ ائْتِينَا بِمَكَانِ كَذَا» متفق عليه.

وعن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يُرْدِفَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَيُعْمِرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ» متفق عليه.

قال الإمام ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (4/ 438، ط. مكتبة دار البيان): [باب عُمرَةِ التَّنعِيمِ.. وفيه: جابر: «أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا إِلَى التَّنْعِيمِ، فَاعْتَمَرَتْ بَعْدَ الْحَجِّ فِي ذِي الْحَجَّةِ»، وأنَّ سُرَاقَةَ بن مالكٍ رضي الله عنه لَقِيَ النبي عليه السلام وهو بِالْعَقَبَةِ، فَقَالَ: أَلَكُمْ هذه خاصةً يا رسول الله؟ قال: «لَا، بَلْ لِلأبَدِ».

فِقْهُ هذا الباب: أنَّ المعتمر المكي لا بد له مِنَ الخروج إلى الحِلِّ، ثُم يُحرِم منه؛ لأنَّ التنعيم أقرب الحِلِّ، وشأن العمرة عند الجميع أنْ يَجمع فيها بين حِلٍّ وحَرَمٍ، المكي وغيره] اهـ.

فأفادت هذه الآثار أنه يجوز للمسلم الإحرام للعمرة مِنَ التنعيم في أيِّ وقتٍ شاء ما دام داخل الحرم، بلا خلافٍ في ذلك بين العلماء، ونقل بعضهم الإجماع على ذلك.

قال الإمام محمد بن الحسن التميمي [ت: 350هـ] في "نوادر الفقهاء" (ص: 64، ط. دار القلم): [وأجمعوا أن الكوفي وغيره مِن المقيمين بمكة مِن غير أهلها ألَّا يحرموا بالعمرة مِن مكة، وإنما الإحرام بها مِن الجِلِّ إلى موضِعٍ مِن الحِلِّ شيئًا] اهـ. وقوله: "مِن الجِلِّ" أي: مِن أرض الحَرَم، وَوُصِفَت بذلك لكونها أَجَلَّ مِن غيرها.

وقال الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار" (4/ 115، ط. دار الكتب العلمية): [التنعيم أقرب الحِلِّ إلى الطواف بالبيت والسعي، هذا ما لا خلاف فيه، ولا يصحُّ العُمرة عند الجميع إلا من الحِلِّ لمكي وغير مكي، فإنْ بَعُدَ كان أكثرَ عملًا وأفضل، ويجزئ أقلُّ الحِلِّ وهو التنعيم، وذلك أن يحرم بها مِن الحِلِّ؛ فأقصاه: المواقيت، أدناه: التنعيم] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (3/ 215، ط. دار الفكر): [مسألة: قال: (وأهل مكة إذا أرادوا العُمرة، فمِن الحِلِّ، وإذا أرادوا الحج، فمِن مكة) أهلُ مكة ومَن كان بها، سواءٌ كان مقيمًا بها أو غير مقيم؛ لأنَّ كلَّ مَن أتى على ميقاتٍ كان ميقاتًا له، فكذلك كلُّ مَن كان بمكة فهي ميقاته للحج، وإن أراد العمرة فمِنَ الحِلِّ؛ لا نعلم في هذا خلافًا] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فإنَّ الإحرام للعُمرة مِن التنعيم لمن هو في مكة جائزٌ شرعًا، سواءٌ كان مُقيمًا بها أو غير مقيم، وذلك باتفاق الفقهاء.

وفي واقعة السؤال: يجوز للرجل المذكور أن يُحرِم للعمرة الثانية وما بعدها مِن التنعيم، ولا يجب عليه الرجوع لميقات بلده.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم لبس قناع الوجه الطبي (Face Shield) للرجل المُحرم؛ توقيًا من الإصابة بالأوبئة والأمراض، خصوصًا إذا ثبت خطرها وإمكان انتقالها عن طريق العدوى؟ علمًا بأن هذا القناع شفافٌ، ويُثَبَّتُ بحاملٍ أعلى الجبهة وعلى جانبي الرأس، ولا يكون ملاصقًا للوجه.


ما حكم هدي التمتع إذا خرج المتمع من مكة بعد الانتهاء من مناسك العمرة؟ فقد اعتمرتُ في شهر شوال، ثم تحلَّلتُ وعُدتُ إلى مصر، ثم سافرتُ بعد ذلك وأدَّيتُ فريضة الحج؛ فهل يُعدّ ذلك تمتعًا بالعمرة إلى الحج، ويكون عليَّ هدي التمتع؟


ما حكم الحج عن الوالدين؟ حيث سأل رجل وقال: إن والديه توفيا ولم يؤدِّيا فريضة الحج، ويريد أن يؤدي عنهما هذه الفريضة بنفسه، علمًا بأنه سبق أن أدَّى فريضة الحج، وطلب السائل الإفادة عن الحكم الشرعي في ذلك، وإذا كان ذلك السائل يبدأ بالحج عن والده أو والدته، وهل يصح أن يحج عنهما في عام واحد؟


ما حكم إزالة الزوائد الجلدية للمحرم من جسده؟ فإن بعض الناس يسأل أنه قد أزال شيئًا من الجلد الزائد في يده وهو محرم في الحج، وهو ما يسميه العامة بـ "الودنة" ومثلها قشرة الشفاه الجافة، فهل في إزالة ذلك شيء يلزمه شرعًا؟


ما حكم الوصية بحج الفريضة؟ حيث وجبَ على والدي فريضة الحج، وعزم على أدائه، إلا أنه لم يقدر على ذلك لمرض أصابه قبل السفر، وأخبرني أنه إذا شفاه الله فإنه سوف يَحُجُّ عن نفسه العام القادم، وأوصى بأنه إذا وافته المنية أن نحج عنه من ماله، وظَلَّ في مرضه حتى مات، فما الحكم في ذلك شرعًا؟


هل يصح حج الصغير إذا فعله؟ فقد ذهبتُ أنا وأخي الأكبر لأداء فريضة الحج وكان معه ابنه الأصغر، وبعد عودتنا أخبره بعض الناس بأنه لا يصح حج الأطفال؛ لعدم مقدرتهم على أداء مناسك الحج كاملة، وأن الصبي لا يعرف ما يفعل لصغر سنه. فهل حج هذا الصبي صحيح؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 04 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :38
الشروق
6 :16
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 46
العشاء
9 :12