اقتداء المصلي فرضًا بالإمام الذي يصلي نافلة

تاريخ الفتوى: 12 أبريل 2023 م
رقم الفتوى: 7587
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصلاة
اقتداء المصلي فرضًا بالإمام الذي يصلي نافلة

ما حكم اقتداء المصلي فرضًا بالإمام الذي يصلي نافلة؟ فقد دخلتُ المسجد لأداء صلاة العشاء ووجدت جماعة تُصلِّي فيه، فصليتُ معهم، وبعد انتهاء هذه الجماعة، فوجئتُ بمن كان يؤمهم يقول: إنه كان يُصلي نافلة؛ فهل صلاتي صحيحة؟

صلاة المأموم للفريضة جماعة خَلْف الإمام الذي يُصلي نافلة صحيحة؛ فيجوز اقتداء المأموم المصلِّي فرضًا بالإمام المتنفِّل، وكذا مَن يصلِّي نافلة بمن يصلِّي فرضًا؛ إذ لا يشترط موافقة نية المأموم لنية الإمام.

المحتويات

فضل صلاة الجماعة

حثَّ الشرع الشريف على أداء الصلوات المكتوبة في جماعة ورتَّب عليها الفضل العظيم، وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة؛ منها: ما رواه الإمام البخاري في "صحيحه" عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً».

اتباع المأموم للإمام في الصلاة

أوجب الشرع الشريف على المأموم اتباع إمامه فيها، فأخرج الإمام البخاري في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلاَ تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ».

قال الإمام ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (2/ 311، ط. مكتبة الرشد): [فجعل فعلهم عقيب فعله، فالفاء للتعقيب، وإذا لم يتقدَّمه الإمام بالتكبير، والسلام، فلا يصحُّ الائتمام به؛ لأنَّه محالٌ أن يدخل المأموم في صلاةٍ لم يدخل فيها إمامه، ولا يدخل فيها الإمام إلا بالتكبير، والإمام اشْتُق من التقدم، والمأموم من الاتباع، فوجب أن يتبع فعل المأموم بعد إمامه] اهـ.

أقوال الفقهاء في حكم اقتداء المصلِّي فرضًا بإمام يصلي نافلةً

وقد اختلف الفقهاء في اقتداء المصلِّي فرضًا بإمام يصلي نافلةً؛ فذهب الحنفية، والمالكية، والحنابلة في إحدى الروايتين إلى عدم جوازه؛ لعدم اتحاد صلاتي الإمام والمأموم.

قال العلامة المرغيناني الحنفي في "الهداية" (1/ 59، ط. دار إحياء التراث العربي): [(ولا يصلِّي المفترض خلف المتنفِّل)؛ لأنَّ الاقتداء بناء، ووصف الفرضية معدوم في حقِّ الإمام، فلا يتحقَّق البناء على المعدوم] اهـ.

وقال البدر العيني في "البناية شرح الهداية" (2/ 364، ط. دار الكتب العلمية): [م: (لأن الاقتداء بناء) ش: أي بناء أمر وجودي؛ لأنه عبارة عن متابعة الشخص لآخر في أفعاله بصفاتها، وهو مفهوم وجودي لا سلب فيه، وبناء الأمر الوجودي على المعدوم بصفاتها غير متحقق] اهـ.

وقال العلامة الخرشي المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (2/ 38، ط. دار الفكر): [وشرط الاقتداء نيَّته ومساواة ومتابعة، أي: مساواة في عين الصلاة المقتدى به فيها إلَّا ما يستثنيه بعد، فلا يصلى فرضٌ خلف نفلٍ] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 166، ط. مكتبة القاهرة): [وفي صلاة المفترض خلف المتنفل روايتان: إحداهما: لا تصح، نص عليه أحمد في رواية أبي الحارث، وحنبل، واختارها أكثر أصحابنا، وهذا قول الزهري، ومالك، وأصحاب الرأي] اهـ.

بينما ذهب الشافعية، والحنابلة في روايةٍ -رجَّحها جماعة منهم، كابن قدامة وابن تيمية- والظاهرية: إلى أنَّه لا يشترط اتحاد الصلاتين؛ فيجوز للمفترض أن يأتمَّ بالمتنفِّل، وأن يأتم المتنفِّل بالمفترض، والمفترض بفرض آخر.

قال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (4/ 271، ط. دار الفكر): [مذهبنا: جواز صلاة المتنفل والمفترض خلف متنفلٍ ومفترضٍ] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (2/ 166): [والثانية: يجوز. نقلها إسماعيل بن سعيد. ونقل أبو داود، قال: سمعت أحمد سئل عن رجل صلى العصر ثم جاء فنسي، فتقدم يصلي بقوم تلك الصلاة، ثم ذكر لمَّا أنْ صلى ركعة، فمضى في صلاته؟ قال: "لا بأس". وهذا قول: عطاء، وطاوس، وأبي رجاء، والأوزاعي، والشافعي، وسليمان بن حرب، وأبي ثور، وابن المنذر، وأبي إسحاق الجوزجاني، وهي أصح] اهـ.

وقال العلامة المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (2/ 276، ط. دار إحياء التراث العربي): [ويصح ائتمام المفترض بالمتنفل في إحدى الروايتين) اختارها صاحب "الفصول"، و"التبصرة"، والمصنف، والشارح، والشيخ تقي الدين، وصاحب "الفائق"] اهـ.

وقال الإمام ابن حزم الظاهري في "المحلى بالآثار" (3/ 140، ط. دار الفكر): [جائز صلاة الفرض خلف المتنفِّل، والمتنفل خلف من يصلي الفرض، وصلاة فرضٍ خلف من يصلي صلاةَ فرضٍ أخرى، كلُّ ذلك حسن وسُنَّة] اهـ.

وهو قول طائفة من السَّلف؛ منهم: عطاء بن أبي رباح، وطاوس، وسليمان بن حرب، وأبو ثور، والأوزاعي. ينظر: "الأوسط" لابن المنذر (4/ 218، ط. دار طيبة).

المختار للفتوى في حكم اقتداء المصلِّي فرضًا بإمام يصلي نافلةً

المختار للفتوى: ما ذهب إليه الشافعية ومن وافقهم من أنَّ صلاة المفترض خلف المتنفل جائزةٌ؛ لما جاء من حديث معاذ رضي الله عنه: "أنَّه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثمَّ يرجع فيؤم قومه" رواه البخاري.

وفي رواية: "كان معاذ يصلي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم العِشاءَ ثم ينطلق إلى قومه فيصليها هي له تطوع وهي لهم مكتوبة العشاءُ" رواه الإمام الشافعي في "المسند"، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار".

قال الإمام الشوكاني في "السيل الجرار" (1/ 154، ط. دار ابن حزم): [وأما ائتمام المفترض بالمتنفِّل فحديث صلاة معاذ رضي الله عنه بقومه بعد صلاته مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتصريحه هو وغيره أنَّ التي صلَّاها مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم هي الفريضة والتي صلَّاها بقومه نافلة لهو دليل واضح وحجة نيِّرة، وما أجيب به عن ذلك من أنَّه قول صحابي لا حجة فيه؛ فتعسُّف شديد] اهـ.

أمَّا حديث: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلاَ تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ»، فليس فيه دليل على اشتراط موافقة نية المأموم للإمام في تعيين الصلاة؛ إذ المراد الاقتداء في الأفعال الظاهرة، مثل: التكبير، والركوع، والسجود، والقيام، والقعود، لا في الأفعال الباطنة؛ كالنيات. ينظر: "طرح التثريب" للحافظ العراقي (2/ 327، ط. الطبعة المصرية القديمة).

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فصلاتُك للعشاء جماعة خَلْف الإمام الـمُتنفِّل صحيحة؛ فيجوز اقتداء المأموم المصلِّي فرضًا بالإمام المتنفِّل، وكذا مَن يصلِّي نافلة بمن يصلِّي فرضًا، إذ لا يشترط موافقة نية المأموم لنية الإمام.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم قراءة سورة السجدة في صلاة الصبح من كل يوم جمعة؟


ما حكم الجمع في البلاد التي تنعدم فيها العلامات؟ فقد جاء في خطاب الأمين العام للمجمع الفقهي الإسلامي، بشأن المقصود بجواز الجمع في البلدان الواقعة بين خطَّي عرض 48 و66 درجة شمالًا وجنوبًا، في القرار الثاني الخاص بمواقيت الصلاة في هذه البلدان:
أما البلدان الواقعة ما بين خطَّيْ عرض 48، 66 درجة شمالًا وجنوبًا -وهي التي ورد السؤال عنها- فإن المجلس يؤكد على ما أقره بشأنها، حيث جاء في قرار المجمع في دورته التاسعة ما نصه: "وأما البلاد الواقعة ما بين خطَّي عرض 48، 66 درجة شمالًا وجنوبًا، فيعين وقت صلاة العشاء والفجر بالقياس النسبي على نظيريهما في ليلِ أقربِ مكانٍ تتميز فيه علامات وقتَي العشاء والفجر، ويقترح مجلس المجمع خط عرض 45 درجة باعتباره أقربَ الأماكن التي تتيسر فيها العبادة أو التمييز، فإذا كان العشاء يبدأ مثلًا بعد ثلث الليل في خط عرض 45 درجة يبدأ كذلك بالنسبة إلى ليل خط عرض المكان المراد تعيين الوقت فيه، ومثل هذا يقال في الفجر".
وإيضاحًا لهذا القرار -لإزالة الإشكال الوارد في السؤال الموجه للمجمع- فإن مجلس المجمع يرى أن ما ذُكر في القرار السابق من العمل بالقياس النسبي في البلاد الواقعة ما بين خطَّي عرض 48، 66 درجة شمالًا وجنوبًا إنما هو في الحال التي تنعدم فيها العلامة الفلكية للوقت، أمَّا إذا كانت تظهر علامات أوقات الصلاة، لكن يتأخر غياب الشفق الذي يدخل به وقت صلاة العشاء كثيرًا، فيرى المجمع وجوب أداء صلاة العشاء في وقتها المحدد شرعًا، لكن من كان يشق عليه الانتظار وأداؤها في وقتها -كالطلاب والموظفين والعمال أيام أعمالهم- فله الجمع عملًا بالنصوص الواردة في رفع الحرج عن هذه الأمة، ومن ذلك ما جاء في "صحيح مسلم" وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "جَمَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ"، فَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: "أَرَادَ أَلَّا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ". على ألا يكون الجمع أصلًا لجميع الناس في تلك البلاد، طيلةَ هذه الفترة؛ لأن ذلك من شأنه تحويلُ رخصة الجمع إلى عزيمة، ويرى المجمع أنه يجوز الأخذ بالتقدير النسبي في هذه الحال من باب أولى.
وأما الضابط لهذه المشقة فمرده إلى العرف، وهو مما يختلف باختلاف الأشخاص والأماكن والأحوال". انتهى ما جاء في القرار.
والسؤال: هل يقتصر الجمع بين الصلاتين في هذا القرار على أفراد الناس ممن وجدت في حقهم المشقة؟ وهل يسري ذلك على المراكز والمساجد؟ أم أنها تقيم صلاة العشاء في وقتها ولو تأخر؛ كي لا يكون الجمع أصلًا؟


ما حكم الترتيب عند قضاء الصلوات الفائتة؛ فأنا أقطن بأستراليا، وأبدأ العمل من الساعة الثانية عشرة ظهرًا، ولا يمكنني أداء الصلوات في أوقاتها، وقد أتمكن من تنظيم عودتي للمنزل لكسر صيامي، وربما أداء صلاة المغرب، ثم أعود للعمل. فهل يمكنني أداء صلاة المغرب قبل صلاتي الظهر والعصر، على أن أصليهما بعد عودتي للمنزل في العاشرة؟

 


طلبت وزارة التعليم العالي -المراكز الخارجية- الإدارة العامة للتمثيل الثقافي بكتابها المتضمن أن الإدارة تلقت من السيد مدير المركز الثقافي العربي بنواكشوط أن الكثير من رجالات موريتانيا العاملين في شتى المجالات الثقافية الذين تقدمت بهم السن ولا يستطيعون الذهاب إلى المساجد يسألون عن إمكانية متابعة صلاة الجماعة بالمسجد -الجمعة وغيرها- عن طريق المذيع عبر الأثير، وإذا كانت هذه المتابعة جائزة شرعًا فعلى أي مذهب، وعندئذٍ فهل الأفضل الصلاة بهذه الطريقة أم الصلاة الفردية، وتطلب الإدارة العامة بيان حكم الشرع في هذا الموضوع؛ حتى يمكنها الرد على السيد مدير المركز الثقافي ليتولى بدوره إفادة المستفتين في هذا الموضوع.


ما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند ذكر اسمه في الصلاة؟


ما حكم صلاة الفريضة على الكرسي؟ حيث يقول السائل: إن ظاهرة صلاة الفريضة جماعة في المسجد على الكرسي هي من الأمور المحدثة التي تفتقد الشرط الثاني للعبادة، وهو الموافقة للشرع وسنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وإن ظهور بعض الفتاوى بصحَّة صلاة الجماعة على الكرسي، مستندةً إلى حديث صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مسافرًا على الدابة لصلاة النافلة، وليس الفريضة، في حين أن هذا لا ينطبق على صفة صلاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا نفلًا ولا فرضًا ولا مقيمًا ولا مسافرًا، فلم يثبت عنه ذلك الأمر ألبتة، كل ذلك دفعني إلى أن أبيِّن أدلة عدم صحة الصلاة للجالس على الكرسي؛ فالكرسي كان موجودًا فعلًا في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كرسي يستعمله في غير الصلاة، ولم يستعملْه ألبتة هو وأصحابه في الصلاة حال الصحَّة أو المرض ولا في الفريضة ولا في النافلة ولا في السفر ولا في الحضر، وحين مرض الرسول مرضًا شديدًا أعجزه عن الصلاة قائمًا قَعَدَ على الأرض ولم يجلسْ على كرسي أو غيره، وثبت أنه صلى الله عليه وآله وسلم صلى النافلة مسافرًا على الدابة، فإذا حضرت الفريضة نَزَلَ واستقبل القبلة وصلَّى قائمًا، ولم يستعمل كرسيًّا ولا غيره. كما أن الصلاة بالجلوس على الكرسي تؤدِّي إلى مفاسدَ كثيرةٍ، منها:
إسراف العوام والمقلدين من الأمة في استعمال الكرسي في الصلاة دون ضوابطَ شرعيةٍ.
عدم استواء الصف وما له من أثر في قبول الصلاة.
تضييق المجال على الصف خلف الكرسي في السجود.
إسراف بعض المصلين في بعض البلدان باستخدام أرائكَ طويلةٍ مثل التي في الكنائس، مما يؤدِّي إلى تحوُّل المساجد في مظهرها إلى كنائسَ، وهذا محظورٌ شرعًا بلا جدال؛ قال تعالى: ﴿وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾ [نوح: 23].
أنها تمنع من السجود على الأرض الواجب لصحة الصلاة لمن يقدر عليه.
فعدمُ استعمال النبي للكرسي في الصلاة وعدمُ ترخيصه بذلك لصحابته، بالإضافة إلى المفاسد الناجمة عن استعمال الكرسي في الصلاة، كلُّ هذا يشير إلى أن من يجيز استعمالَه فإنه يتعدَّى بذلك تعدِّيًا عقديًّا عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وهو على خطرٍ عظيم وحافة هاوية يكاد يقع فيها مَن يتبنى مثلَ هذا الرأي.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 30 أكتوبر 2025 م
الفجر
5 :40
الشروق
7 :7
الظهر
12 : 39
العصر
3:46
المغرب
6 : 9
العشاء
7 :28