حكم طاعة الوالدين في الأمر بطلاق الزوجة

تاريخ الفتوى: 22 فبراير 2023 م
رقم الفتوى: 7486
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: النكاح
حكم طاعة الوالدين في الأمر بطلاق الزوجة

ما حكم طاعة الوالدين في الأمر بطلاق الزوجة؟ فأنا متزوج بامرأة صالحة، وأحبها وتحبني ونحن سعداء، ولكن يرغب والديَّ بأن أطلقها، فهل يجب عَليَّ طلاقها؟ وهل رفضي لطلاقها فيه عقوق للوالدين أو عدم برٍّ لهما؟

ليس من البرِّ طاعة الوالدين في تطليق الزوجة وهدم البيت، ولا يجب على الابن أن يطيع والديه في ذلك؛ ما دام أنه لا يوجد مُبرّر شرعي، ولا يُعدّ ذلك من العقوق أو الإثم في شيء، وعليه أن يرفق بهما ويتلطف معهما، ويتحايل بالحكمة في أمره معهما بما يحقق المصلحة لنفسه وأهله ولا يُغْضِب والديه.

المحتويات

 

الإنسان وحرية الاختيار في الشريعة الإسلامية

شرع الله تعالى التشريعات بما تشتمل عليه من أوامر ونواهي ومحاذير ومندوبات، ومنح الإنسان حرية الاختيار في كل أمر يعود إلى جبلته وفطرته أو ميل نفسه، أو اختيار عقله وقلبه، دون أن يلزمه في ذلك بشيء دون شيء ما لم يكن في اختياره ذلك إثمٌ أو ضررٌ أو مفسدةٌ؛ حتى يتحمل تبعات اختياراته.

ومن الأمور التي ترجع حتمًا إلى إرادة الإنسان واختياره في ضوء الضوابط الشرعية المنظمة لها: أمر الزواج وما يتبعه من استمرار الحياة الزوجية أو إنهائها على وفق ما يجد الإنسان فيها ما يتوخاه من تحقيق أهداف ومقاصد الزواج؛ حيث اعتبر الشرع ذلك الأمر من حقوق الإنسان الراجعة إلى تقديره وحاجته، والتي لا يحق لأحد حرمانه منها أو إجباره عليها، ما دام موافقًا لمراد الشرع وضوابطه.

وممَّا يُؤكّد ذلك المعنى ويُوطّده أن الشرع الشريف لم يجعل للولي -ولو كان أحد الأبوين- حق الإجبار على الزواج أو المنع منه، إذا كان من تحت ولايته بالغًا عاقلًا ذكرًا أو أنثى، فلا يحقّ للأب تزويج ابنته أو ابنه إلا بعد التأكد من موافقتهما على هذا الزوج أو تلك الزوجة.

قال الشيخ ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (32/ 30، ط. مجمع الملك فهد): [ليس لأحد الأبوين أن يلزم الولد بنكاح من لا يريد، وإنه إذا امتنع لا يكون عاقًّا، وإذا لم يكن لأحد أن يلزمه بأكلِ ما يُنفِّر منه مع قدرته على أكلِ ما تشتهيه نفسه كان النكاح كذلك وأولى، فإن أكلَ المكروه مرارة ساعة، وعِشْرة المكروه من الزوجين على طول تؤذي صاحبه ولا يمكنه فراقه] اهـ.

ضابط الطاعة المأمور بها من الأولاد للآباء

ومع تقرير ذلك المعنى من إنَّه لا يحق للوالدين أو أحدهما إجبار الأولاد على الزواج ممَّن لا يرغبون بالزواج منه، إلا أنَّه لا منافاة بين ذلك وبين ما منحه الشرع للوالدين من منزلة ومكانة تحتم على الأولاد الطاعة والرعاية على أتم وأكمل وجه، وهو المأمور به في قوله تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا﴾ [الإسراء: 23]؛ إذ إن ضابط الطاعة المأمور بها من الأولاد للآباء: هو كلّ ما يعود لمنافع الأبوين بحيث يلحقهم ضرر بتفويته، مع عدم الإضرار بمصالح أولادهم الحقيقية، بحيث إذا تعارضت تلك الطاعة فيما يضر بمصالحهم وما لا بد لهم منه من الأمور الحياتية كالزواج والعمل والسكن، فإنه يجب حينئذٍ التلطف مع الآباء وبيان تعذر طاعتهم في ذلك لما يعود من ورائه من ضرر أو مشقة لا يرضونها لأولادهم أصالة.

قال العلامة ابن مفلح [ت: 763هـ] في "الآداب الشرعية والمنح المرعية" (1/ 436، ط. عالم الكتب): [قال أبو بكر في "زاد المسافر" فيضحكهما، وقال في رواية أبي عبد الله: روى عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فبايعه فقال: جئت لأبايعك على الجهاد وتركت أبويَّ يبكيان قال: «ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما». وقال الشيخ تقي الدين بعد قول أبي بكر: هذا مقتضى قوله أن يبرأ في جميع المباحات فما أمراه ائتمر وما نهياه انتهى، وهذا فيما كان منفعة لهما ولا ضرر عليه فيه ظاهر، مثل: ترك السفر، وترك المبيت عنهما ناحية، والذي ينتفعان به ولا يستضر هو بطاعتهما فيه قسمان: قسم يضرهما تركه؛ فهذا لا يستراب في وجوب طاعتهما فيه، بل عندنا هذا يجب للجار، وقسم ينتفعان به ولا يضره أيضا طاعتهما فيه على مقتضى كلامه، فأما ما كان يضره طاعتهما فيه لم تجب طاعتهما فيه لكن إن شق عليه ولم يضره وجب] اهـ.

ضابط عقوق الوالدين وأثره على إنهاء العلاقة الزوجية

ضابط العقوق: "أن يؤذي الولد أحد والديه بما لو فعله مع غير والديه كان محرمًا من جملة الصغائر، فينتقل بالنسبة إلى أحد الوالدين إلى الكبائر، أو يخالف أمره أو نهيه فيما يدخل فيه الخوف على الولد فوات نفسه أو عضو من أعضائه ما لم يتهم الولد في ذلك، أو أن يخالفه في سفرٍ يشق على الوالد وليس بفرض على الولد، أو في غيبة طويلة فيما ليس بعلم نافع ولا كسب، أو فيه وقيعة في العِرض لها وقع"؛ كما قال العلامة ابن حجر الهيتمي في "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (2/ 116، ط. دار الفكر).

هذا، ولَمَّا كان أمر إنشاء الزواج وانعقاده لا يشرع فيه الإجبار من الوالدين، ولا يلزم الأولاد فيه الطاعة إن خالف اختيارُ آبائهم اختيارَهم وميلهم، فكيف يكون لإنهاء الزواج وما يتبعه من انهدامِ بيتٍ وفرقةٍ وشتاتِ أمرٍ وتبعاتٍ مالية كبيرة ونفسية خطيرة أن يلزمهم الشرع بطاعتهم في ذلك، إضافة إلى ما قد يلحق الزوجة من ظلم إن طُلِّقتْ دون وقوع تقصير منها.

أقوال الفقهاء في طاعة الرجل لوالديه في أمر الطلاق

تواردت نصوص الفقهاء على أنه لا يجب على الولد طاعة الوالدين في أمرهما بطلاق زوجته؛ إذ الأصل في الطلاق الحظر لا الإباحة، فلا ينبغي اللجوء إليه إلا في حال تعذر الحياة الزوجية بين الزوجين، أو ثبوت تضررهما أو أحدهما باستمرارها، ولم يجعل الشرع رغبة الوالدين في تطليق زوجة الابن من المسوغات التي يُبَاح لأجلها الطلاق، كما أنَّ مخالفتهما في ذلك ممَّا لا يُعدّ في العرف عقوقًا، ولا يترتب عليه إثم ولا ذنب.

قال الإمام القرافي المالكي في "الفروق" (1/ 159، ط. عالم الكتب): [فلو كان متزوجًا بمن يحبها فأمره بطلاقها ولو لعدم عفتها، فلم يمتثل أمره لا إثم عليه] اهـ.

وقال العلامة النفراوي المالكي في "الفواكه الدواني" (2/ 290، ط. دار الفكر): [(وليعاشرهما بالمعروف) أي بكل ما عرف من الشرع جوازه، فيطيعهما في فعل جميع ما يأمرانه به من واجب أو مندوب، وفي ترك ما لا ضرر عليه في تركه] اهـ.

وقد اعتبر الشافعية أن أمر الوالد لولده تطليق زوجته -دون ضرورة شرعية مبيحة لذلك- هو من الحمق الذي لا يُلتَفت إليه.

قال العلامة ابن حجر الهيتمي الشافعي في "الفتاوى الفقهية الكبرى" (2/ 129، ط. المكتبة الإسلامية): [وَحَيْثُ نَشَأَ أَمْرُ الْوَالِدِ أَوْ نَهْيُهُ عَنْ مُجَرَّدِ الْحُمْقِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَهُ الْأَئِمَّةُ فِي أَمْرِهِ لِوَلَدِهِ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ] اهـ.

وقال في "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (2/ 115): [والوجه الذي دل عليه كلامهم أن ذلك كبيرة كما يعلم من ضابط العقوق الذي هو كبيرة، وهو أن يحصل منه لهما أو لأحدهما إيذاء ليس بالهين أي عرفًا، ويحتمل أن العبرة بالمتأذي، ولكن لو كان في غاية الحمق أو سفاهة العقل فأمر أو نهى ولده بما لا يُعدّ مخالفته فيه في العرف عقوقًا لا يفسق ولده بمخالفته حينئذٍ لعذره، وعليه فلو كان متزوجًا بمَن يحبها فأمَرَه بطلاقها ولو لعدم عفتها فلم يمتثل أمره لا إثم عليه] اهـ.

وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (5/ 233، ط. دار الكتب العلمية): [ولا يجب الطلاق إذا أمره به أبوه، فلا تلزمه طاعته في الطلاق؛ لأنه أمره بما لا يوافق الشرع (وإن أمرته به) أي: الطلاق (أمه فقال) الإمام أحمد: (لا يعجبني طلاق)؛ لعموم حديث «أَبْغَضُ الْحَلَالِ إلَى اللهِ الطَّلَاقُ»] اهـ.

وقال العلامة الرحيباني في "مطالب أولي النهى" (5/ 320، ط. المكتب الإسلامي): [(ولا تجب) على ابن (طاعة أبويه ولو) كانا (عدلين في طلاق) زوجته؛ لأنه ليس من البر (أو) أي: ولا يجب على ولد طاعة أبويه (في منعٍ مِنْ تَزْوِيج نصًّا)] اهـ.

توجيه النصوص التي تفيد طاعة الوالدين إذا طلبا من ولدهما طلاق زوجته

ما ورد من نصوص وآثار تفيد الأمر بطاعة الوالدين إذا طلبا من ولدهما طلاق زوجته؛ فمن ذلك ما روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه كانت تحتَه امرأته، وكان يعجب بها، وكان عمر يكرهها، فقال له: طلّقها، فأبى، فذكرها ابن عمر لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أَطِعْ أَبَاكَ وَطَلِّقْهَا» أخرجه ابن شيبة في "المصنف"، وصححه الحاكم في "المستدرك".

وعن أبي طلحة الأسدي قال: "كنت جالسًا عند ابن عباس رضي الله عنهما، فأتاه أعرابيان فاكتنفاه، فقال أحدهما: إني كنت أبغي إبلًا لي، فنزلت بقومٍ، فأعجبتني فتاةٌ لهم فتزوجتُها، فحلف أبواي أن لا يَضُمَّاهَا أبدًا، وحلف الفتى فقال: عليه ألف محرر وألف هدية وألف بدنة إن طلقها، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: "ما أنا بالذي آمرك أن تطلق امرأتك، ولا أن تعق والديك"، قال: فما أصنع بهذه المرأة؟ قال: "ابرر والديك".

وعن أبي عبد الرحمن قال: كان من الحي فتًى في بيت لم تزل به أمه حتى زوجته ابنة عمٍّ له فعلق منها معلقًا، ثم قالت له أمه: طلقها، فقال: لا أستطيع، علقت مني ما لا أستطيع أن أطلقها معه، قالت: فطعامك وشرابك عَليَّ حرام حتى تُطلقها، فرحل إلى أبي الدرداء رضي الله عنه إلى الشام فذكر له شأنه، فقال: "ما أنا بالذي آمرك أن تطلق امرأتك، ولا أنا بالذي آمرك أن تعق والديك" أخرجهما ابن أبي شيبة في "المصنف".

ويُجاب على ما فُهِم من ظاهر هذه النصوص والآثار بأمرين:

أولًا: إنَّ ما ورد بشأن أمر سيدنا عمر ابنه رضي الله عنهما بطلاق زوجته، وإقرار النبي صلى الله عليه وآله وسلم له على ذلك، واقعة عين لا يجب إنزالها على عموم الأحوال؛ وذلك لما اختص به سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه من خصائص لم يختص بها غيره؛ فهو من الْـمُحدَّثِين، حيث إن الوحي كان يأتي موافقًا لمراده رضي الله عنه؛ وذلك من شدة إيمانه وقربه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، مما يُفهم منه أنه ما كان ليأمر ابنه بطلاق زوجته، مع علمه بأن الطلاق من أبغض الحلال إلى الله تعالى، إلا مع تيقنه أنّ في بقاء زواجه منها ما قد يُوقع في الضرر أو الفساد، وقد كان هذا هو فهم الفقهاء هذه الواقعة:

فقد سأل رجلٌ الإمام أحمد بن حنبل عما يفعله فيما يأمره أبوه به من طلاق زوجته؛ فقال له: "لا تطلقها"، فاحتج الرجل عليه بواقعة سيدنا عمر رضي الله عنه، فقال له الإمام أحمد: "حتى يكون أبوك مثل عُمَر رضي الله عنه"؛ كما ذكره العلامة ابن أبي يعلى في "طبقات الحنابلة" (1/ 171، ط. دار المعرفة)، والعلامة ابن مفلح في "الآداب الشرعية والمنح المرعية" (1/ 447)، والعلامة السفاريني في "غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب" (1/ 383، ط. مؤسسة قرطبة).

ثانيًا: أنه يصحّ حمل ما ورد في ذلك من نصوص وآثار على خصوص كون أمر الوالد بطلاق الزوجة في حال توافر مستند شرعي يبيح له تطليقها لا لمجرد النفور منها أو الكراهة لهوى أو ميل نفس، بحيث لا يجب طاعتهما إذا أمراه بالتطليق فيما لا يباح لأجله التطليق.

قال الإمام الطحاوي الحنفي في "شرح مشكل الآثار" (3/ 419، ط. مؤسسة الرسالة): [من حق الوالد في هذا على ابنه إجابته أباه إلى ما يسأله إياه من هذا، وإذا كان ذلك من حق الوالد على ولده كان من حق والدة على ولدها أوجب ولولدها ألزم؛ لأنَّ حق الوالدة على الولد يتجاوز حق الوالد عليه.. والذي يؤمر به الولد في هذا غير مبيحٍ له فيه طلاق زوجته في الموضع الذي نهاه الله عزَّ وجلَّ عن طلاقها فيه، وإنما هو طلاقه إياها في الموضع الذي أباح الله الطلاق فيه لا في ضده] اهـ.

الأصل الذي تقوم عليه العلاقة بين الآباء والأولاد

وممَّا يجدر التنبيه إليه في سياق هذا الأمر:

أنَّ الأصل الذي ينبغي أن تقوم عليه العلاقة بين الآباء والأولاد هو المحبة القائمة على أسس من التفاهم والتشاور والتناصح المجرد تمامًا من عوامل القهر أو الضغط على مشاعرهم بربط رضاهم عليهم بضرورة تنفيذ مطالبهم التي قد يتضرر به الأولاد أكثر مما ينتفعوا، حيث أناط الله تعالى بالآباء رعاية مصالح أولادهم في واقع حياتهم ومستقبلهم، وليس في تكليفهم بما يتضرَّرون به من طلاق زوجاتهم دون حاجة شرعية تبيح ذلك من مصلحة لهم، بل ينبغي عليهم نصحهم بالحرص على بيوتهم قائمة مستقرة، ومساعدتهم في حَلِّ ما قد يظهر فيها من مشكلات بما لديهم من خبرة وحسن مشورة، حرصًا عليهم وامتثالًا لما حثّ عليه الشرع من تقييد الطلاق وجعله مبغوضًا إلا في حال استحالة العشرة بين الزوجين؛ فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا أَحَلَّ اللَّهُ شَيْئًا أَبْغَضَ إِلَيْهِ مِنَ الطَّلَاقِ» أخرجه الحاكم في "المستدرك" وصححه.

وعنه أيضًا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَبْغَضُ الْحَلَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الطَّلَاقُ» رواه الإمام أبو داود في "سننه".

بل ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرح الشيطان بالتفريق بين الزوجين، ولا يظن في أمر يفرح الشيطان أنه خير في نفسه؛ ففي "صحيح مسلم" عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ: ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ».

وروى الإمام البيهقي في "سننه" عن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: "إِنَّ الطَّلَاقَ قَبِيحٌ أَكْرَهُهُ".

الخلاصة

بناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه ليس من البرِّ طاعة الوالدين في تطليق الزوجة وهدم البيت، ولا يجب على الابن أن يطيع والديه في ذلك؛ ما دام أنه لا يوجد مُبرِّر شرعي، ولا يُعدّ ذلك من العقوق أو الإثم في شيء، وعليه أن يرفق بهما ويتلطف معهما، ويتحايل بالحكمة في أمره معهما بما يحقق المصلحة لنفسه وأهله ولا يُغْضِب والديه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل يجوز الاستفادة من غير المسلم في مجال عمله والثناء عليه، وتقليده والرغبة في أن أصير مثله في أعماله؟ حيث دار حديث بيني وبين أحد الأصدقاء فقال: إن هذا مخالف لمبدأ الولاء والبراء. فما مدى صحة ذلك؟


تزوَّج أخي من ابنة عمي ثم طلَّقها، وبعد انتهاء عدَّتها أريد أن أتزوجها، فهل يصح هذا الزواج أم لا؟


ما حكم الشبكة عند فسخ الخطبة؟


ما حكم فسخ عقد النكاح لمرض أحد الزوجين بمرض مزمن؟ فقد قمت بعقد قراني على فتاة، وتعهدت أنها خالية من الأمراض المزمنة والمعدية، وقد اكتشف أخيرًا أنها تعاني من مرض مزمن -أورام سرطانية بالصدر-، وأنها قد عولجت بالإشعاع بعد استئصال الورم من الثدي الأيسر، وأخيرًا توجهت بالطرق الودية للتوصل إلى أن يتم الطلاق على الإبراء إلا أنها رفضت.
فهل هذا المرض المنوه عنه من موجبات فسخ العقد بين الزوجين؟ ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي.


أرجو التكرم ببيان الحكم الشرعي في تلك المشكلة، وجزاكم الله كل الخير:
وقع خلاف بيني وبين زوجتي، وبعد ذلك تركت أطفالها الثلاثة لي لتعيش عند أمها، ورفضت كل محاولات الصلح وقالت: سوف أعيش حياتي. وبعد ستة أشهر قررت خلع الخمار ولبس إيشارب يغطي نصف شعرها وكذلك وضع المكياج ولبس البنطلون، كما قررت طلب الطلاق وأصرت على ذلك، وبعد تدخلات من ابن عمها قالت: طلقني، وعهد الله بيني وبينك سوف أعود لبيتي وأولادي خلال أسبوعين بعد أن تهدأ أعصابي. ورغم أن هذا الكلام غريب وغير طبيعي إلا أنني كنت أريد حماية أولادي مهما كان الثمن، ولذلك وافقت وتم الطلاق بوثيقة رسمية كما طلبت -طلقة رجعية-. وبعد ذلك بثلاثة أيام طلبت مني بالتليفون أن نخرج معًا بالأطفال لتناول الإفطار بالخارج حيث كنا في شهر رمضان، ووافقت على أمل الإصلاح، وكنا على اتصال دائم بالتليفون بعد أن خرجنا، وقررت بعدها بأسبوع إصلاح العلاقة مع والدتها -للأسف خالتي- وقمت بزيارتهم ومعي أطفالي، وتناولنا الإفطار وبعد ذلك انفردت بها في بيت أمها وتصافينا وسلمت لي نفسها بدون جماع مباشر، كل هذا في حجرة مغلقة وأمها بالخارج مع الأطفال، وطلبت منها العودة للبيت وكانت تقول: اتركني حتى تهدأ أعصابي. وكنت لا أملك إلا الموافقة، وتكررت تلك المقابلات كثيرًا وفي وجود أخواتها بداخل بيت أمها وخارجه، وفي كل مقابلة تطلب تأجيل الرجوع حتى تهدأ أعصابها، ورغم إحساسي بتلاعبها كنت أصبر حتى لا يدفع أولادي ثمن تدمير البيت، وقبل انتهاء العدة بيوم واحد قررت ردها بوثيقة رسمية، وكان معي ابن عمها وأحد الأقارب وذهبنا للمأذون، وتم إبلاغها وكذلك أختها بقراري بالتليفون، ولكنها قالت: إن تم ردي بوثيقة لن أعود أبدًا، وسوف أبعث لك بتنازل عن كل شيء حتى أولادي كي أثبت لك أنني أريد العودة، لكن انتظر حتى تهدأ النفوس. وكنا في مكتب المأذون، وبعد مشاورات قررنا تنفيذ طلبها على أمل الإصلاح، وأبلغناها أن ما حدث بيننا يعتبر رجعة، وقالت: سوف أعود لأولادي. وظلت الأمور على حالها طوال أربع سنوات، تلاعب واستهتار بالأولاد وبي؛ مرة تقول: أريد العودة، ومرة أخرى: لن أعود لأني مطلقة ومعي وثيقة وتنكر ما حدث بيني وبينها أثناء العدة، بل تقول: إن الضرورات تبيح المحظورات. ورغم هذا وبعد العدة وطوال تلك المدة كنت أنفرد بها أحيانًا، بل لظروف خاصة عادت لتقيم مع الأولاد 45 يومًا، وبعد عودتي استمرت معي 15 يومًا ولكن دون جماع مباشر، وكل الأهل يعلمون ذلك، ولكنها تركت المنزل مرة أخرى، وبعد أربع سنوات من التلاعب أبلغتنا أنها سوف تتزوج لأنها مطلقة ومعها وثيقة، وتزوجت فعلًا وشهد على ذلك خالها وأمها وأخواتها وبعض الأهل، وقالوا إن معنا وثيقة، ولقد قابلت كثيرًا من أهل العلم وعلى سبيل المثال فضيلة الشيخ/ عطية صقر، وكذلك أحد شيوخ الحرم المكي حيث ذهبت للعمرة ومعي أولادي، وأفادوا جميعًا أن زواجها باطل؛ لأنها ردت أثناء العدة، ولكني بعض الأحيان يوسوس لي الشيطان أن ما فعلته معها أثناء العدة حرام، ولذلك أرجو التكرم بالإجابة على أسئلتي حتى يطمئن قلبي:
- هل ما تم معها أثناء العدة حرام حتى أستغفر الله عليه؟
- ما الحكم الشرعي في هذا الزواج؟
- إذا كان الزواج غير شرعي فما هو الحل؟
- ما هو حكم الله فيمن تزوجته وفيها بعد أن أنكرت ما حدث بيننا؟
- ما الحكم الشرعي فيمن شهدوا على العقد؟ وما الواجب عليهم الآن؟
- ما الحكم الشرعي في أمها وأخواتها وبعض أهلها؟ وما الواجب عليهم الآن؟
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير.
ملحوظة: تلك المشكلة حدثت من مدة حيث كانت ابنتي آية الله في السنة الرابعة الابتدائية وأصبحت في الثانوية العامة، وفاطمة الزهراء من الثانية الابتدائية أصبحت في الثالث الإعدادي، وأحمد من سن أربع سنوات أصبح في الصف الأول الإعدادي، ولا أرجو من الفتوى إلا ابتغاء وجه الله وحتى لا يتلاعب بي الشيطان، وأنا وأولادي لا نرى تلك الأم ولا نعرف عنها شيئًا.


ما الحكم إذا ترك بعض المشيعين الميت أثناء دفنه وذهب كل واحد منهم إلى قبر ميت آخر ليخصه بقراءة الفاتحة والدعاء له، وذلك قبل إتمام عملية دفن الجنازة التي كان يشيعها، هل يجوز ذلك؟ وهل يتم له ثواب تشييع الجنازة كاملًا؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 08 يونيو 2025 م
الفجر
4 :8
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 54
العصر
4:30
المغرب
7 : 55
العشاء
9 :28