سمعت أحد الناس يذكر حديثا: «لا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إِلا طَاهِرٌ»؛ فما مدى صحة هذا الحديث؟ وما حكم العمل به؟ وما الذي يفيده لفظ: «طَاهِرٌ» في هذا الحديث؟
المحتوى
روى الإمام مالك في "الموطأ" من حديث عمرو بن حزم رضي الله عنه، وفيه: «لا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إِلا طَاهِرٌ».
وروى الإمام الطبراني في "معجمه الكبير" عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إِلا طَاهِرٌ».
وروى الإمام الحاكم في "المستدرك" عن حكيم بن حزام رضي الله عنه، أنه لما بعثه النبي صلى الله عليه وآله وسلم واليًا إلى اليمن قال له: «لَا تَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا وَأَنْتَ طَاهِرٌ».
وأما حديث عمرو بن حزم رضي الله عنه: فهو جزء من كتابه المشهور، قال فيه الإمام أحمد: "لا شك أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كتبه له". "الفتاوى الكبرى" للشيخ ابن تيمية (1/ 280، ط. دار الكتب العلمية).
وقال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" (17/ 396، ط. وزارة الأوقاف المغربية): [وقد ذكرنا أن كتاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعمرو بن حزم إلى أهل اليمن في السنن، والفرائض، والديات كتاب مشهور عند أهل العلم معروف، يستغني بشهرته عن الإسناد] اهـ.
وقال فيه أيضًا (17/ 397): [والدليل على صحة كتاب عمرو بن حزم: تلقي جمهور العلماء له بالقبول] اهـ.
وأما حديث ابن عمر رضي الله عنه: فقال الإمام الجوزقاني في كتابه "الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير" (1/ 553، ط. دار الصميعي): [هذا حديث مشهور حسن] اهـ، وصححه الحافظ أبو محمد عبد الحق الإشبيلي كما في "البدر المنير" للحافظ ابن الملقن (2/ 503، ط. دار الهجرة بالرياض).
وقال الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" (1/ 361، ط. دار الكتب العلمية): [وإسناده لا بأس به، ذكر الأثرم أن أحمد احتج به] اهـ.
وأما حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه: فقال فيه الحافظ ابن الملقن في "البدر المنير" (2/ 501): [وقد علمت أنه حديث معروف في كتب المُحَدِّثين، وَأَن الحاكِم صحَّح إسناده، وَأَن الْحَازِمِي حَسَّنَه، وَأَن الدَّارَقُطْنِيّ وثق رواته؛ فلا ينبغي الحكم عليه بالضعف] اهـ.
لفظة "طاهر" حقيقة شرعية في الطاهر طهارة حسية، وقد علمنا هذا من غالب استعمال الشرع كما في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة: 222]، وفيما رواه النسائي وابن ماجه في "سننيهما" عن أسامة الهذلي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ»؛ فإذا أطلق لفظ الطاهر انصرف إليه، ولا يصار إلى غيره من المعاني المذكورة إلا بدليل.
واعتبار الطهارة لمس المصحف الشريف هو مذهب جمهور الفقهاء؛ فلا يجوز مس المصحف للمحدث سواء أكان حدثه حدثًا أكبر أم أصغر.
قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر في "التمهيد" (17/ 397): [ولم يختلف فقهاء الأمصار بالمدينة والعراق والشام أن المصحف لا يمسّه إلا الطاهر على وضوء، وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبي ثور وأبي عبيد، وهؤلاء أئمة الفقه والحديث في أعصارهم، وروي ذلك عن سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر وطاوس والحسن والشعبي والقاسم بن محمد وعطاء] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع" (2/ 72، ط. المنيرية) إنه: [قول علي وسعد بن أبي وقاص وابن عمر رضي الله عنهم، ولم يُعرَف لهم مخالف في الصحابة] اهـ. وممَّا ذُكِر يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سائل يسأل عن رسم المصحف: هل كان باجتهاد من الصحابة رضوان الله عليهم وليس بتوقيفٍ من النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ وما الصواب في هذا الأمر؟
ما حكم التكبير في العيدين بالصيغة المتبعة المعروفة والمتضمنة على الصلاة على النبي وآله وأصحابه وأزواجه وذريته؟
ما حكم دعاء المصلين أثناء صلاة القيام بقولهم: "سبوح قدوس رب الملائكة والروح، نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وإقالة العثرات، وحب المساكين، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا"؟ حيث إن هناك من يقول: إنها بدعة.
ما حكم الذكر الجماعي ومدى مشروعيته، وما هي الأدلة الشرعية على ذلك؟
يدَّعي بعض الناس في قريتنا أن تحفيظ القرآن للفتيات بعد سن البلوغ على يد محفظ من الرجال مع عدد من الحفظة من غير خلوة لا يجوز. فما حكم الشرع في ذلك؟
ما حكم جعل ظهر كف اليدين للسماء عند الدعاء؟ وهل كان من هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم جعل ظهر كف اليدين للسماء عند الدعاء؟ وخاصة عند سؤال الله رفعَ البلاء.