حكم تحريم الزوجة نفسها على زوجها بالقول وأثره شرعا

تاريخ الفتوى: 02 نوفمبر 2021 م
رقم الفتوى: 7150
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: النكاح
حكم تحريم الزوجة نفسها على زوجها بالقول وأثره شرعا

سائل يقول: ما الحكم في زوجة انفعلت في أثناء مشادة كلامية بينها وبين زوجها، وقالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟ وهل هناك أثر شرعي لهذا القول منها؟

تحريم الزوجة نفسها على زوجها بغير عذر شرعي تصرف محرمٌ شرعًا، يلزمها به التوبة، ولا أثر لتحريمها نفسها على عقد الزواج وما يوجبه عليها أو يرتبه لها، ولا يلزمها بذلك كفارة يمين.

المحتويات

 

مفهوم تحريم الزوجة نفسها على زوجها وحكمه

التحريم في اللغة ضد التحليل، وهو المنع والتشديد. ينظر: "لسان العرب" للإمام ابن منظور (12/ 125، ط. دار صادر) و"مختار الصحاح" للإمام الرازي (ص: 71، ط. المكتبة العصرية) و"مقاييس اللغة" للإمام ابن فارس (2/ 45، ط. دار الفكر).

وأما المقصود من تحريم الزوجة نفسها على زوجها فالظاهر أنه منعه من أن يقربها وأن يستمتع بها.

وتحريم المرأة نفسها على الزوج بهذا المعنى تصرف مُحَرَّم؛ وقد قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [المائدة: 87].

وقال تعالى: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ﴾ [النحل: 116].

فالحلال هو ما أحلّه الله تعالى، والحرام هو ما حرمه الله تعالى، وليس لأحد أن يُغَيّر أحكام الله.

قال الإمام القرطبي في "تفسيره" (10/ 196، ط. دار الكتب المصرية): [إن التحليل والتحريم إنما هو لله عز وجل، وليس لأحد أن يقول أو يصرح بهذا في عين من الأعيان، إلا أن يكون الباري تعالى يخبر بذلك عنه] اهـ.

ومنع الزوجة زوجها من الاستمتاع بها بغير عذر امتناعٌ عن أداء ما أوجبه الشرع عليها بالعقد، وهو أمر محرم، والمقرر عند جماهير الفقهاء أن هذا التصرف من المرأة يعتبر نشوزًا تأثم به.

جاء في "التاج والإكليل لمختصر خليل" للعلامة المواق المالكي (5/ 551، ط. دار الكتب العلمية): [منع الوطء والاستمتاع نشوز] اهـ.

وعرَّف العلَّامة شهاب الدين عميرة الشافعي النشوز في "حاشيته" على "كنز الراغبين" (3/ 300، ط. دار الفكر) بأنه: [الارتفاع والامتناع عن الحق الواجب] اهـ.

وقال العلامة بهاء الدين المقدسي الحنبلي في "العدة شرح العمدة" (ص: 436، ط. دار الحديث): [(وإن خاف الرجل نشوز امرأته)؛ بأن تظهر منها أمارات النشوز؛ بأن لا تجيبه إلى الاستمتاع.. الخ] اهـ المراد.

أثر تحريم الزوجة نفسها على زوجها على عقد الزواج

الزوجة ليس لها الامتناع عن زوجها بغير عذر شرعي، وليس لها إيلاؤه، أو ظهاره، أو أن تُحرِّم عليه الاستمتاع بها؛ لعدم قدرتها على قلب الحلال حرامًا؛ فلا أثر لتحريمها نفسها على عقد الزواج وما يوجبه عليها أو يرتبه لها.

قال الإمام الزيلعي الحنفي في "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" (3/ 114، ط. الأميرية): [من حرم على نفسه شيئًا مما يملكه؛ بأن يقول: مالي عليّ حرام، أو ثوبي، أو جاريتي فلانة، أو ركوب هذه الدابة، لم يصر محرمًا عليه لذاته؛ لأنه قلب المشروع وتغييره، ولا قدرة له على ذلك، بل الله تعالى هو المتصرف في ذلك بالتبديل] اهـ.

وقال في "الرسالة" للإمام ابن أبي زيد القيرواني وشرحها "الفواكه الدواني" للإمام النفراوي (1/ 418، ط. دار الفكر): [(ومن حَرَّم على نفسه شيئًا ممَّا أحل الله له)؛ من طعام أو من شراب أو لبس ثوب أو نحو ذلك (فلا شيء عليه) سوى الاستغفار؛ لإثمه بهذه الألفاظ، ولا يحرم عليه ما حرمه على نفسه؛ لأن المحرِّم والمحلِّل إنما هو الله تعالى، وقد ذم الله فاعل ذلك بقوله: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ﴾ [يونس: 59]، وقال تعالى: ﴿لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ﴾ [المائدة: 87]] اهـ.

وقال العلَّامة الدسوقي المالكي في "حاشيته على الشرح الكبير للشيخ الدردير" (2/ 135، ط. دار الفكر): [ما أباحه الله للعبد ولم يجعل له فيه تصرفًا فتحريمه لغو، بخلاف ما جعل له فيه التصرف] اهـ.

آراء المذاهب الفقهية في انعقاد تحريم الحلال يمينًا مكفرة

اختلف الفقهاء في انعقاد تحريم الحلال يمينًا مكفَّرة؛ فذهب الأحناف والحنابلة إلى انعقاده يمينًا مع لزوم الكفارة.

قال الإمام الزيلعي الحنفي في "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" (3/ 114): [إن أقدم على ما حرمه يلزمه كفارة اليمين؛ لأنَّه ينعقد به يمينًا، فصار حرامًا لغيره، وقال الشافعي رحمه الله: لا كفارة عليه؛ لأنَّه قلب الموضوع على ما ذكرنا، فلا ينعقد به اليمين، إلا في النساء والجواري] اهـ.

وقال العلَّامة البهوتي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (3/ 445، ط. عالم الكتب): [من حَرّم حلالًا سوى زوجته؛ من طعام، أو أمة، أو لباس، أو غيره؛ كثوب وفراش (كقوله: ما أحل الله عليّ حرام. ولا زوجة) له (أو نحوه)، كقوله: كَسْبي عليّ حرام (أو طعامي عليّ كالميتة والدم) أو لحم الخنزير لم يحرم عليه، وعليه كفارة يمين] اهـ.

مذهب المالكية والشافعية في هذه المسألة

ذهب المالكيّة والشافعيَّة إلى عدم انعقاده يمينًا وعدم لزوم الكفارة، وهو المختار للفتوى.

قال الإمام الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (2/ 135): [(وتحريم الحلال)؛ كأن يقول: إن فعلت كذا فالحلال على حرام أو فالشيء الفلاني عليّ حرام، وفعله (في) كل شيء أحله الله (غير الزوجة والأمة لغوٌ) لا يُعتَبَر، ولا يحرم عليه] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (8/ 29، ط. المكتب الإسلامي): [هل يصير لفظ التحريم يمينًا بالنية في غير الزوجات والإماء؛ كالطعام واللباس وغيرهما، أم يختص بالأبضاع؟ وجهان. قلت: أصحهما يختص. والله أعلم] اهـ.

وقال الإمام العمراني الشافعي في "البيان" (10/ 103، ط. دار المنهاج): [إذا قال الرجل: كل ما أملك عليّ حرام، فإن كان له مال، ولا زوجات له ولا إماء لم ينعقد بهذا اللفظ يمين، ولا يجب عليه شيء] اهـ.

ويدل على ذلك قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [المائدة: 87]، وقوله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ﴾ [يونس: 59].

قال القاضي أبو بكر بن العربي المالكي في "أحكام القرآن" (4/ 294، ط. دار الكتب العلمية): [فذَمّ الله المحرِّم للحلال، ولم يوجب عليه كفارة] اهـ.

وكذلك فإنَّ التحريم ليس بيمين، فلم تجب به كفارة في الأموال، كغيره من الألفاظ. ويخالف الأبضاع؛ فإنَّ للتحريم تأثيرًا في الأبضاع بالرضاع، والظهار، والعتق، والطلاق، فأثر به التحريم. ينظر: "البيان" للإمام العمراني (10/ 103).

الخلاصة

بناء على ما سبق: فتحريم الزوجة نفسها على زوجها تصرف مُحرَّمٌ، يلزمها به التوبة، ولا أثر لتحريمها نفسها على عقد الزواج وما يوجبه عليها أو يرتبه لها، ولا يلزمها بذلك كفارة يمين.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل يحلُّ شرعًا للرجل أن يتزوج بأخت زوجته التي لا تزال في عصمته؟


ما حكم زواج المحجور عليه للسفه والغفلة؟ فرجل محجور عليه للسَّفَه والغفلة، وباشر بنفسه عقد زواجه. فهل يكون عقد زواجه هذا صحيحًا مع وجود قيِّم عليه؟ مع ملاحظة أن الصداق في عقد الزواج هو مهر المثل.


ما حكم الشبكة عند عدم إتمام العقد بسبب موت الخاطب؟


ما حكم الإلزام بأن يكون الشهود على عقود الزواج المصرية مصريين؛ فنظرًا لانتشار حالات التزوير في عقود زواج المصريات من غير المصريين، التي يتم ضبطها بمعرفة جهة التوثيق والتي يكون في بعضها شَاهِدَا العقد غير مصريين؛ الأمر الذي يتطلب استدعاء هؤلاء الشهود لمساءلتهم أمام الجهات المختصة لتحديد مسئوليتهم الجنائية، ويحدث كثيرًا أن يكونوا قد غادروا البلاد إلى أوطانهم الأصلية دون أن يتركوا لهم عنوانًا بمصر مما يتعذر معه مساءلتهم، علمًا بأن إشهاد شهود أجانب يكون وسيلةً من وسائل محترفي جرائم تزوير عقود الزواج للإفلات من المساءلة الجنائية.
والمطلوب الإفادة عن مدى حق الإدارة الشرعي والقانوني في الامتناع عن الأخذ بشهادة غير المصريين في مثل هذه الأحوال حتى يمكن الإسهام في الحد من جرائم التزوير.


ما حكم دفع مصاريف الفرح للفقراء والمحتاجين؟ حيث تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي قيام أحد الشباب بدفع مصاريف حفل زفافه كمساعدات للفقراء والمساكين؛ فهل من المستحب شرعًا -في هذه الأيام التي كثرت فيها حاجة الفقراء والمساكين- أن يقوم العريس بدفع مصاريف حفل زفافه إلى المحتاجين بدلًا من المبالغة في إقامة حفل الزفاف؟


أرجو التكرم ببيان الحكم الشرعي في تلك المشكلة، وجزاكم الله كل الخير:
وقع خلاف بيني وبين زوجتي، وبعد ذلك تركت أطفالها الثلاثة لي لتعيش عند أمها، ورفضت كل محاولات الصلح وقالت: سوف أعيش حياتي. وبعد ستة أشهر قررت خلع الخمار ولبس إيشارب يغطي نصف شعرها وكذلك وضع المكياج ولبس البنطلون، كما قررت طلب الطلاق وأصرت على ذلك، وبعد تدخلات من ابن عمها قالت: طلقني، وعهد الله بيني وبينك سوف أعود لبيتي وأولادي خلال أسبوعين بعد أن تهدأ أعصابي. ورغم أن هذا الكلام غريب وغير طبيعي إلا أنني كنت أريد حماية أولادي مهما كان الثمن، ولذلك وافقت وتم الطلاق بوثيقة رسمية كما طلبت -طلقة رجعية-. وبعد ذلك بثلاثة أيام طلبت مني بالتليفون أن نخرج معًا بالأطفال لتناول الإفطار بالخارج حيث كنا في شهر رمضان، ووافقت على أمل الإصلاح، وكنا على اتصال دائم بالتليفون بعد أن خرجنا، وقررت بعدها بأسبوع إصلاح العلاقة مع والدتها -للأسف خالتي- وقمت بزيارتهم ومعي أطفالي، وتناولنا الإفطار وبعد ذلك انفردت بها في بيت أمها وتصافينا وسلمت لي نفسها بدون جماع مباشر، كل هذا في حجرة مغلقة وأمها بالخارج مع الأطفال، وطلبت منها العودة للبيت وكانت تقول: اتركني حتى تهدأ أعصابي. وكنت لا أملك إلا الموافقة، وتكررت تلك المقابلات كثيرًا وفي وجود أخواتها بداخل بيت أمها وخارجه، وفي كل مقابلة تطلب تأجيل الرجوع حتى تهدأ أعصابها، ورغم إحساسي بتلاعبها كنت أصبر حتى لا يدفع أولادي ثمن تدمير البيت، وقبل انتهاء العدة بيوم واحد قررت ردها بوثيقة رسمية، وكان معي ابن عمها وأحد الأقارب وذهبنا للمأذون، وتم إبلاغها وكذلك أختها بقراري بالتليفون، ولكنها قالت: إن تم ردي بوثيقة لن أعود أبدًا، وسوف أبعث لك بتنازل عن كل شيء حتى أولادي كي أثبت لك أنني أريد العودة، لكن انتظر حتى تهدأ النفوس. وكنا في مكتب المأذون، وبعد مشاورات قررنا تنفيذ طلبها على أمل الإصلاح، وأبلغناها أن ما حدث بيننا يعتبر رجعة، وقالت: سوف أعود لأولادي. وظلت الأمور على حالها طوال أربع سنوات، تلاعب واستهتار بالأولاد وبي؛ مرة تقول: أريد العودة، ومرة أخرى: لن أعود لأني مطلقة ومعي وثيقة وتنكر ما حدث بيني وبينها أثناء العدة، بل تقول: إن الضرورات تبيح المحظورات. ورغم هذا وبعد العدة وطوال تلك المدة كنت أنفرد بها أحيانًا، بل لظروف خاصة عادت لتقيم مع الأولاد 45 يومًا، وبعد عودتي استمرت معي 15 يومًا ولكن دون جماع مباشر، وكل الأهل يعلمون ذلك، ولكنها تركت المنزل مرة أخرى، وبعد أربع سنوات من التلاعب أبلغتنا أنها سوف تتزوج لأنها مطلقة ومعها وثيقة، وتزوجت فعلًا وشهد على ذلك خالها وأمها وأخواتها وبعض الأهل، وقالوا إن معنا وثيقة، ولقد قابلت كثيرًا من أهل العلم وعلى سبيل المثال فضيلة الشيخ/ عطية صقر، وكذلك أحد شيوخ الحرم المكي حيث ذهبت للعمرة ومعي أولادي، وأفادوا جميعًا أن زواجها باطل؛ لأنها ردت أثناء العدة، ولكني بعض الأحيان يوسوس لي الشيطان أن ما فعلته معها أثناء العدة حرام، ولذلك أرجو التكرم بالإجابة على أسئلتي حتى يطمئن قلبي:
- هل ما تم معها أثناء العدة حرام حتى أستغفر الله عليه؟
- ما الحكم الشرعي في هذا الزواج؟
- إذا كان الزواج غير شرعي فما هو الحل؟
- ما هو حكم الله فيمن تزوجته وفيها بعد أن أنكرت ما حدث بيننا؟
- ما الحكم الشرعي فيمن شهدوا على العقد؟ وما الواجب عليهم الآن؟
- ما الحكم الشرعي في أمها وأخواتها وبعض أهلها؟ وما الواجب عليهم الآن؟
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير.
ملحوظة: تلك المشكلة حدثت من مدة حيث كانت ابنتي آية الله في السنة الرابعة الابتدائية وأصبحت في الثانوية العامة، وفاطمة الزهراء من الثانية الابتدائية أصبحت في الثالث الإعدادي، وأحمد من سن أربع سنوات أصبح في الصف الأول الإعدادي، ولا أرجو من الفتوى إلا ابتغاء وجه الله وحتى لا يتلاعب بي الشيطان، وأنا وأولادي لا نرى تلك الأم ولا نعرف عنها شيئًا.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 19 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :14
الشروق
6 :42
الظهر
12 : 49
العصر
4:17
المغرب
6 : 55
العشاء
8 :13