بيان مدى طهارة المواد النجسة بعد إعادة تدويرها

تاريخ الفتوى: 12 ديسمبر 2021 م
رقم الفتوى: 6913
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الطهارة
بيان مدى طهارة المواد النجسة بعد إعادة تدويرها

هل إعادة تدوير النفايات والمخلفات المشتملة على بعض النجاسات، يحولَّها إلى طاهرة؟

إعادة تدوير النفايات والمخلفات المشتملة على نجاسة هي عملية تعرف عند الفقهاء بـ"الاستحالة"؛ وهي: انقلاب الشيء من حقيقته إلى حقيقة أخرى، أو تغير الشَّيْء عن طبعه ووصفه إلى اسم ووصف غيره مع بقاء حاله، ومن المقرر شرعًا أنّ الشيء إذا تغيرت حقيقته وتبدل وصفه إلى شيء آخر تغيَّر حكمه تبعًا لذلك التغير، والصحيح من أقوال العلماء أنَّ النجاسة إذا تحولت إلى مادة أخرى فإنَّها تطهر بذلك؛ لأنَّ الشرع قد رَتَّب وَصْف النجاسة على حقيقةٍ بِعَيْنِها، فإذا زالت زال الوَصْف بزوالها.

المحتويات

 

مفهوم عملية إعادة تدوير المخلفات

إعادة تدوير المخلفات (Recycling): هي عمليةٌ صناعية؛ مُدخلاتها المخلفات والنفايات التي تمَّ التَخلص منها، ومُخرجاتها منتجات جديدة، تُعْتَبر المواد الخام لها ما استُخْرِجَ من المخلفاتِ والنفاياتِ؛ فهي في مجملها تحويل المواد المُستَرَدَّة من النفايات إلى منتجات جديدة بتغيير خصائصها وإعادة تصنيعها؛ حسبما ورد في "الموسوعة البريطانية".

بيان مدى طهارة المواد النجسة بعد إعادة تدويرها

قد تقرَّر شرعًا أنّ الشيء إذا تغيرت حقيقته وتبدَّل وصفُهُ إلى شيء آخر تغير حكمه تبعًا لذلك، فإن كان الشيء نجسًا أو مشتملًا على نجاسة وتغيرت حقيقته ووصفه إلى مادة أخرى بخصائص مختلفة فلا يبقى على نجاسته؛ كالخنزير والميتة إذا وَقَعَا في المملحة فَصَارَا مِلحًا، وروث الدواب والعذرة إذا احتَرَقَا فَصَارَا ترابًا أو رمادًا، وذلك كله كالخمر التي استحالت بنفسها وصارت خلًّا فإنها تكون طاهرة شرعًا باتفاق العلماء وإن وجد الكيميائيون فيها شيئًا أو نسبة من الكحول؛ لأنَّ النجاسة حكم شرعيٌّ وليست حقيقة كيميائية، فلا يلزم من نجاسةِ مُركَّبٍ نجاسةُ بسائطه -عناصره المركب منها-؛ فإنَّ النجاسات المجمع عليها كبول الإنسان وغائطه مركبةٌ من عناصر كيميائية قد توجد في الأشياء الطاهرة، بل في الطعام والشراب، وإنما جاءت النجاسة وحصل الاستقذار من التركيب المخصوص بالنسب المخصوصة؛ وذلك لأنَّ الشرع رتَّب وصف النجاسة على تلك الحقيقة، وتنتفي الحقيقة بانتفاء بعض أجزاء مفهومها، فكيف إذا انتفى الكل؟ لا شكَّ ينتفي الحكم.

والمختار من أقوال العلماء أنَّ النجاسة إذا تحولت إلى مادة أخرى على النحو السابق بيانه فإنها تطهر؛ لأن الشرع الشريف رَتَّب وَصْف النجاسة على حقيقةٍ بِعَيْنِها وقد زالت، فيزول الوَصْف بزوالها، وقياسًا على مسألة الخمر المُتَخَلِّلَة، ولِنَظائر أخرى؛ منها: طهارة دم الغزال بِتحوُّلِه لِمِسْك، وطهارة العَلَقَة عند تحوُّلِها لمُضْغَة، ونحو ذلك، وهذا ما نص عليه جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية ورواية عن الإمام أحمد والظاهرية.

- فعند الحنفية:

قال العلامة الزيلعي الحنفي في "تبيين الحقائق" (1/ 76، ط. الأميرية): [والأعيان النجسة تطهر بالاستحالة عندنا، وذلك مثل الميتة إذا وقعت في المملحة فاستَحَالت حتى صارت ملحًا، والعذرة إذا صارت ترابًا أو أحرقت بالنار وصارت رمادًا؛ فهي نظير الخمر إذا تخللت، أو جلد الميتة إذا دبغت؛ فإنه يُحكَمُ بطهارتها للاستحالة] اهـ.

- وعند المالكية:

قال الإمام القرافي المالكي في "الذخيرة" (1/ 188، ط. دار الغرب الإسلامي): [قاعدةٌ تُبَيِّنُ ما تقدم؛ وهي: أن الله تعالى إنما حكم بالنجاسة في أجسام مخصوصة، بشرط أن تكون موصوفة بأعراض مخصوصة مستقذرة، وإلا فالأجسام كلها متماثلة، واختلافها إنما وقع بالأعراض، فإذا ذهبت تلك الأعراض ذهابًا كليًّا ارتفع الحكم بالنجاسة إجماعًا؛ كالدم يصير منيًّا ثم آدميًّا] اهـ.

- وعند الحنابلة:

قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 53، ط. مكتبة القاهرة): [تطهر النجاسات كلها بالاستحالة؛ قياسًا على الخمرة إذا انقلبت، وجلود الميتة إذا دبغت، والجلَّالة إذا حُبِسَت، والأول -أي: عدم الطهارة بالاستحالة فيما سوى الخمر- ظاهر المذهب] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فإنَّ إعادة تدوير النفايات والمخلفات المشتملة على نجاسة هي عملية تعرف عند الفقهاء بـ"الاستحالة"؛ وهي: انقلاب الشيء من حقيقته إلى حقيقة أخرى، أو تغير الشَّيْء عن طبعه ووصفه إلى اسم ووصف غيره مع بقاء حاله، ومن المُقرَّر شرعًا أنّ الشيء إذا تغيرت حقيقته وتبدل وصفه إلى شيء آخر تغيَّر حكمه تبعًا لذلك التغير، والصحيح من أقوال العلماء أن النجاسة إذا تحولت إلى مادة أخرى فإنها تطهر بذلك؛ لأن الشرع قد رَتَّب وَصْف النجاسة على حقيقةٍ بِعَيْنِها، فإذا زالت زال الوَصْف بزوالها، مع مراعاة الرجوع إلى أهل التخصص للتحقق من هذا التغيُّر، وللإفادة بمدى الضرر من استعمال المادة بعد تحولها من عدمه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم مس المُحدِث لنسخة القرآن الكريم المكتوبة بطريقة برايل للمكفوفين؟


هل الاستنجاء من سنن الوضوء؟ فقد دخل شخص الميضأة في المسجد ليتوضَّأ، فلمَّا همَّ بالوضوء قال له أحد الأشخاص: كيف تتوضَّأ وأنت لم تستنجِ بعد؟! فاحتجَّ عليه بأنَّ الاستنجاء واجبٌ من قضاء الحاجة فقط، ولا يعدُّ من سنن ولا فرائض الوضوء، فحدث نقاش بينهما واختلاف ورفع أصوات، والسؤال: هل الاستنجاء واجب عند كل وضوء أم ماذا؟


ما حكم مياه الصرف المعالجة بالليزر؟ وهي برامجُ ومراحلُ مختلفةٌ من جهاز إلى آخر، ومن ذلك: التبخير بالأشعة تحت الحمراء، ثم يتمُّ تكثيفُ الماء وتجميعُه في مجرى نصف أسطواني، ثم يتمُّ تعريضُه بعد ذلك للأشعَّة فوقَ البنفسجية التي تخلصُ ما بقي فيه من المواد الصلبة العالقة والأملاح، ثم يتمُّ تطهيرُه من البكتيريا والمواد العضوية، ولا تختلفُ هذه المراحلُ من جهاز لآخر إلا من حيث عدد المراحلِ، والتقنية المستخدمة: هل يمكن استعمالها في الوضوء والغسل أو لا؟


ما حكم طواف الإفاضة للحائض؟ فهناك امرأةٌ ذهبت لأداء فريضة الحج، وداهمها الحيض قبل طواف الإفاضة، واقترَب موعد السفر مِن مكة المكرمة، بحيث لا تتمكن مِن الانتظار حتى تَطْهُر، فطافَت وعادت إلى بلدها، وتسأل: هل حجُّها صحيح شرعًا؟ وهل عليها شيء؟


سائل يسأل عن النظافة العامة في محلات المأكولات، ويطلب توضيحًا شرعيًّا عن ضرورة مراعاة ذلك.


ما حكم الشك في خروج البول بعد الطهارة؟ فأنا أعاني عند خروجي من الحمام -بعد التبول- من الشك بنزول نقطة من البول على ملابسي، ولا أدري هل نزلت فعلًا أو لم يحدث شيء، وذلك يسبب لي بعض القلق عند الوضوء للصلاة، فبماذا تنصحني أن أفعل لكي أتخلص من هذا الشك؟ ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي في ذلك.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 09 يونيو 2025 م
الفجر
4 :8
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 54
العصر
4:30
المغرب
7 : 56
العشاء
9 :29