يقول السائل: امرأة توفيت عن إخوتها لأبيها ثلاث إناث وذكر، وتركت ما يورث عنها شرعًا، فهل تكفينها وتجهيزها حتى دفنها واجب في تركتها، أو على الورثة؟ وما هو اللازم شرعًا في التكفين والتجهيز حتى الدفن؟ وهل إذا صرف أحد الورثة من ماله في التجهيز والتكفين زيادةً عمَّا هو لازم لها حسب أمثالها، وكان ذلك بدون إذن الورثة، وكذا ما صرفه في غير التجهيز والتكفين مثل أجرة وتكاليف مكان العزاء؛ من مأكل ومشرب وغير ذلك، بدون إذن باقي الورثة أيضًا، هل يلزم ذلك الورثة أو لا يلزمهم ويكون متبرعًا؟
تكفين الميت وتجهيزه واجب في تركته، وإذا كفَّن أحدُ الورثة الميتَ من ماله كَفَنَ المثلِ ليرجع في التركة بأخذ نظيره فله الرجوع، ولكن إذا كفَّنه بأكثرَ من كفن المثل فليس له الرجوع في ذلك إلى تركة الميت، وكذلك ما يُصْرَف في غير التجهيز والتكفين مثل: أجرة ومصاريف المكان المخصص للعزاء؛ من مأكل ومشرب ونحو ذلك، لا يرجع فيه إلى تركة الميت ولا يخصم منها.
اطلعنا على هذا السؤال، ونفيد بأنَّه يجب في مال الميت تكفينه وتجهيزه على حسب أمثاله إلى أن يُوضَع في القبر، وأنه إذا كفَّن الميتَ الوصيُّ أو الوارثُ من ماله كفن المثل ليرجع في التركة فله الرجوع، ولكن إذا كفنه بأكثر من كفن المثل فهل له الرجوع؟
جاء في باب الوصي من "تنقيح الحامدية" -(2/ 298، ط. دار المعرفة)- ما نصه: [سئل فيما إذا مات رجل عن زوجة، وأخ شقيق، وكفَّنه الأخ من مال نفسه بأكثر من كفن المثل، هل يرجع بنظير ذلك في التركة أم لا؟ الجواب: لا يرجع، والله تعالى أعلم. أحدُ الورثة إذا كفن الميت بماله كفن المثل بغير إذن الورثة يرجع في التركة، فإن كفنه بأكثر من كفن المثل لا يرجع؛ لأن أحد الورثة لا يملكه، وهل له أن يرجع في التركة بقدر كفن المثل؟ قالوا: لا يرجع؛ لأن اختياره ذلك دليل التبرع. "مجمع الفتاوى" في فصل: (تصرفات الوصي) بنوع تلخيص. "أنقروي" من الوصايا. وإن كفنه بأكثر من كفن المثل لا يرجع، ولا يرجع بقدر كفن المثل، وإن قيل يرجع بقدر كفن المثل فله وجه. "بزازية"، ومثله في "الخلاصة"] اهـ. ثم ذكر في "التنقيح" بعد كلام ما نصه: [والحاصل أن الوصي أو الوارث إذا كفن الميت بأكثر من كفن المثل من حيث العدد يضمن الزيادة فقط، وإن كان من حيث القيمة يضمن الكل لا ما زاد على كفن المثل فقط؛ لأنه صار متبرعًا بالكل؛ لعدم التميز، وهذا إذا كفنه من مال الميت بقرينة قوله: "ضمن"، وأما إن كفنه من مال نفسه على قصد الرجوع فهو ما تقدم عن "مجمع الفتاوى" وغيره، وهو أنه لا يرجع بشيء إن زاد على كفن المثل؛ لأن ذلك دليل التبرع، ولم يذكروا هنا الفرق بين الزيادة في القيمة أو العدد، وظاهره أنه لا يرجع مطلقًا؛ لأنّ كلًّا منهما دليل التبرع، وقول "البزازية": "وإن قيل يرجع بقدر كفن المثل فله وجه" فلعلّ مراده بالوجه هو منع كون ذلك دليل التبرع في الكل، بل هو دليل على التبرع في الزيادة فقط. تأمل] اهـ.
وممَّا ذكرنا يُعلَم أنَّه لا حقّ لأحد الورثة الذي صرف من ماله في التجهيز والتكفين في الرجوع بالزيادة عما هو كفن المثل؛ إنَّما موضع النظر أن له حق الرجوع بقدر كفن المثل أم لا؟
هذا، وقد جاء في "رد المحتار" –(2/ 206، ط. دار الفكر-بيروت)- ما نصه: [ثم اعلم أن الواجب عليه -أي على الزوج- تكفينها وتجهيزها الشرعيان من كفن السنة أو الكفاية، وحنوط، وأجرة غسل، وحمل، ودفن، دون ما ابتدع في زماننا من مهللين، وقراء، ومغنيين، وطعام ثلاثة أيام، ونحو ذلك، ومَن فعل ذلك بدون رضا بقية الورثة البالغين يضمنه في ماله] اهـ.
وجاء في "تنقيح الحامدية" قبل ما ذكرناه عنها -(2/ 297)-: [أحد الورثة أنفق في تجهيز الميت من التركة بغير إذن الباقين يحسب من مال الميت، ولا يكون متبرعًا، بخلاف الإنفاق للمأتم، وشراء الشمع ونحوه بلا وصية ولا إذن من باقي الورثة فإنه يُحْسَب من نصيبه، ولو كان ذلك من مال نفسه يكون متبرعًا فيه. "حاوي الزاهدي" من فصل: (تصرفات الوارث في التركة)] اهـ.
ومن هذا يُعْلَم أنّ ما صرفه أحد الورثة في غير التجهيز والتكفين مثل أجرة فقهاء، وفراش، ومأكل، ومشرب بدون إذن باقي الورثة لا يلزمهم، ويكون مُتَبرِّعًا. هذا ما ظهر لنا حيث كان الحال كما ذُكِر بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما مدى مشروعية استدامة نفقات التعليم للمحضون بعد بلوغه ١٥ عامًا؟ فهناك ولدٌ يعيش في حضانة أمه، وقد بلغ مِن العمر خمسة عشر عامًا، ولا يزال في مرحلة التعليم، فهل يجب على أبيه الاستمرارُ في النفقة على تعليمه بعد بلوغه هذه السن؟
ما حكم تصرف ذرية ملاك العقارات التي انتزعت من أهلها بداغستان؟ حيث تسأل جامعة الإمام أبي الحسن الأشعري بداغستان -بعد شرح موجز لأحوال المسلمين هناك-: ما حكم بعض القرى التي هجَّرت حكومةُ ستالين منها أهلَها من المسلمين ظلمًا، وكذلك أسكنت الحكومة غيرهم من المسلمين قريتَهم من سكان المناطق النائية الجبلية ظلمًا وعدوانًا، ولما امتنعوا من الهجرة إلى قرى غيرهم أحرقوا عليهم بيوتهم وأجبروهم على الهجرة، فسكنوا قرية غيرهم سنين، فعمروها ووسعوها وذرَّعوها وتناسلوا وتكاثروا.
ثم بعد مرور سنين كثيرة ألغت الحكومة حكم منع عودة المهجَّرين إلى وطنهم، فرجع قسمٌ كبير منهم إلى وطنهم داغستان، وطلبوا إخلاء أراضيهم وبيوتهم ممن أسكنتهم الحكومة ظلمًا في قريتهم وبيوتهم، فصارت هناك في حينها خلافاتٌ كبيرة، فتدخلت الحكومة في الأمر وقررت إبقاء الجبليِّين في هذه القرى والأراضي على الدوام، وخصَّصتْ لكل من رجع من أصحاب الأراضي والبيوت قطعةً من الأرض في مكانٍ آخر ومبلغًا من المال للبناء؛ وهدأت الأمور بعدها. ولكن هؤلاء الذين رجعوا من مهجرهم يقومون بين الحين والآخر بطلب حقهم الموروث أبًا عن جد، وخاصةً بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، ويطالبون العلماء بالتدخل في الأمر.
فهل لأصحاب القرية الأصليين الحق في أن يعودوا من جديد ويطالبوا سكانَ قريتهم وبيوتِهم بأن يرتحلوا من قريتهم ويقوموا بإخلاء منازلهم؛ متذرِّعين بأن الأرض والبيوت حقهم الموروث من الآباء والأجداد وليس حقًّا للحكومة. وقد صارت قرى الجبليين الأصلية ومنازلهم أطلالًا وآثارًا، ولا أحد منهم يريد أن يعود إلى الجبال والعيش القاسي بعد أن تعوَّدوا على السهول والعيش الناعم، علمًا بأن هناك من أخلى البيت والأرض وقت عودة أصحابها وارتحل منها ودبَّر حاله؟
ما حكم إسقاط حكم نفقة المرأة بإنفاق زوجها عليها؟ فقد كان رجل على وفاق مع زوجته، ويقيم معها هي وأولادها في معيشة واحدة تواطأ معها واستصدرت حكمًا عليه بالنفقة، ولا تزال تقيم معه ويتولى الإنفاق عليها مما جميعه هي وأولاده منها، فهل لها -رغم إنفاقه عليها وعلى أولادها- أن تطالبه بما هو مفروض بالحكم المذكور في المدة التي أنفق عليها فيها، أو ليس لها الحق في ذلك؛ لأن إنفاقه عليها في المسكن والملبس والمأكل وغير ذلك من وجوه النفقة مبرئ لذمته، ويجعل الحكم عن المدة المذكورة ساقطًا لا نفاذ له؟
ما درجة القرابة بيني وبين إخوة زوجتي الأشقاء؟
هل يجوز لمَن حجّ عن آخر بعد وفاته الحصول على مال من تركته مساويًا لما أنفقه مقابل تأدية فريضة الحج نيابة عنه؟ وهل يختلف الأمر في حالة الوصية وعدمها؟
توفي والدي عن: زوجتين، وخمسة أبناء وبنتين. وقد قام والدي بطلاق والدتي -إحدى الزوجتين المذكورتين- لكنها لم تعلم عن موضوع الطلاق هذا إلا عند استخراج إعلان الوراثة في 1/ 3/ 2010م، ولم يترك المتوفى المذكور أي وارث آخر غير من ذكروا، ولا فرع يستحق وصية واجبة. فما نصيب كل وارث؟