ما شروط بناء الفساقي من أجل الدفن فيها، وما حكم تجهيزها بالطوب الأحمر والأسمنت وصبها بالخرسانة المسلحة، ووضع باب من الحديد عليها؟ وهل يجوز دفن النساء والرجال في عين واحدة؟
يجوز شرعًا الدفن في الفساقي في الديار المصرية؛ لما تدعو إليه طبيعة الأرض، كما أنه لا بأس بالبناء بالطوب الأحمر والمسلح ووضع باب حديد على القبر إذا دعت الحاجة إلى ذلك، ويجوز دفن النساء مع الرجال في عين واحدة عند الضرورة أو الحاجة إلى ذلك، على أن يُجعل بينهما حاجزٌ من التراب.
المطلوب في القبر الشرعيّ الذي يصلح لدفن الميت هو حفرة تواريه وتحفظه من الاعتداء عليه وتستره وتكتم رائحته، والأصلُ أن يكون ذلك في شَقٍّ أو لَحد، والشقّ يكون بأن يُعَمَّق في الأرض محلّ الدفن على قدر قامة الإنسان العادي الذي يرفع يده لأعلى -أي حوالي مترين وربع المتر-، ثم يُحفَر في أرضها على قدر وضع الميت على جنبه بطوله؛ بحيث يكون على جنبه الأيمن وصدره للقبلة، ثم يُوَسَّد في قبره ويده لجَنبه، ثم توضع اللبنات أو الحجارة فوق الشقّ، ثم يخرج الحافِر، ثم يُهالُ التراب.
وأمَّا اللحد فيكون بأن يقوم الواقف داخل الحفرة المُعَمَّقة في الأرض بِحَفْرِ مكانٍ في أحد جانبَي القبر على بعد ثلثَي طوله من الأرض يسمح بدفن الميت فيه، ويعمّقه؛ بحيث يمكن إرقاد الميت فيه على الهيئة السابقة، ثم يغطي الجانب المفتوح باللَّبِن، أو بالحجارة، ثم يخرج الحافِر، ثم يُهال التراب.
وهاتان الطريقتان إنَّما تصلحان في الأرض الصلبة، فإن لم يصلح الدفن بذلك -كما هو الحال في مصر وغيرها من البلاد ذات الطبيعة الأرضية الرخوة- فلا مانع من أن يكون الدفن بطريقة أخرى بشرط أن تحقّق المطلوب المذكور في القبر الشرعي، وهذا هو الذي دعا أهل مصر للجوء إلى الدفن في الفساقي منذ قرون طويلة؛ لأنَّ أرض مصر رخوة تكثر فيها المياه الجوفية ولا تصلح فيها طريقة الشق أو اللحد، ولا حرج في ذلك شرعًا كما نصّ عليه الأئمة الفقهاء من متأخري الشافعية وغيرهم.
أمَّا مادة بناء القبر فإنَّه يستعمل فيها ما يناسب طبيعة الأرض ممَّا يوفي بمقصود الدفن الذي سبق ذكره؛ وهو مواراة الميت وحفظه من الاعتداء عليه وستره وكتم رائحته، فإن حصل هذا بالطوب الأحمر والأسمنت المسلح ووضع باب حديد عليه جاز حينئذٍ ذلك شرعًا؛ لتحقّق المقصود الشرعي به، ولذلك أجازه الفقهاء حيث احتيج إليه.
قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (2/ 62، ط. دار المعرفة-بيروت): [ويُكره الآجر؛ لأنَّه إنّما استعمل في الأبنية للزينة، أو لإحكام البناء، والقبر موضع البلى؛ فلا يستعمل فيه الآجر، وكان الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى يقول: لا بأس به في ديارنا؛ لرخاوة الأرض، وكان يجوز استعمال رفوف الخشب واتخاذ التابوت للميت، حتى قالوا: لو اتخذوا تابوتًا من حديد لم أر به بأسًا في هذه الديار] اهـ.
ولا يُجمَع النساء مع الرجال في قبر واحد إلا عند الضرورة أو الحاجة إلى ذلك، ويُجعل بينهما حاجزٌ من التراب، ويُقَدّم الرجل على المرأة وإن كان ابنًا لها؛ بأن يكون الرجل في الأمام والمرأة في الخلف.
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يجوز شرعًا الدفن في الفساقي في الديار المصرية؛ لما تدعو إليه طبيعة الأرض، كما أنه لا بأس بالبناء بالطوب الأحمر والمسلح ووضع باب حديد على القبر إذا دعت الحاجة إلى ذلك، ويجوز دفن النساء مع الرجال في عين واحدة عند الضرورة أو الحاجة إلى ذلك على ما سبق بيانه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
توجد مقبرة للعائلة في قرية صغيرة بمحافظة المنوفية، ونظرًا لامتلاء المقبرة بالجثث عن آخرها، وأصبحت منخفضة عن سطح الأرض كثيرًا؛ بحيث يصعب النزول دون المساس بالجثث، لذا فلقد رأينا هدم المقبرة وإعادة بنائها من جديد نظرًا لضيق زمام القرية وصعوبة الحصول على مقبرة جديدة، وأشار أصحاب الرأي بأن يتم تغطية الجثث بثوب من الدبلان ويفرش وتغطيتُه بطبقةٍ سميكةٍ من الرمل حتى نتمكن من هدم المقبرة، وإعادة بنائها وتعليتها؛ مع العلم بأن المقبرة صغيرة، ومساحتها بوصة واحدة ولا تسمح بعمل (عظَّامة).
ونظرًا لعدم درايتنا في هذا الشأن فلقد أشار الورثة (وكلهم أبناء رجل واحد) بأن نحصل على فتوى مكتوبة من دار الإفتاء بصحة ما سنقوم به؛ حتى نستفيد بها ويستفيد بها من لا يعلم. لذا أرجو من سيادتكم التكرم بإعطائنا فتوى مكتوبة؛ حتى تكون القول الفصل في هذا الموضوع.
ما حكم الدعاء جهرًا على المقابر بعد دفن الميت؟ وما حكم دفن الميت بين الظهر والعصر، حيث ورد حديث "ثلاث أوقات لا تصلوا فيها ولا تدفنوا فيهن موتاكم؛ منها عند قائم الظهيرة"؟
سائل يقول: توفي رجل وعليه ديون، وله مال محجوز عليه من دائنين بمقتضى أحكام. فهل المال المحجوز عليه يعتبر من مال المتوفى؟ وإذا كان يعتبر من ماله فهل يقدم فيه مصاريف التجهيز والتكفين والدفن على قضاء الديون؟ وهل يدخل في التجهيز والتكفين إقامة ليلة المأتم يصرف فيها أجرة سرادق وفراشة؟ وما هو الكفن اللازم شرعًا؟
ما حكم كتابة اسم المتوفى وطلب الدعاء له على حجر من الرخام على القبر؟ حيث يريد السائل أن يقيم حَجَرًا من الرخام على مقبرة أسرته؛ حتى تكون معروفة، وأن يكتب على الحجر ما يفيد طلب الدعاء لحصول انتفاع المتوفين بما يتم إهداؤه من ثواب مَا قُرِئ من القرآن لأرواحهم والدعاء لهم. فما حكم ذلك شرعًا؟
ما هي الطريقة الشرعية لدفن الميت؟
ما حكم اتباع النساء الجنائز؟