الفرق بين علم الفلك والتنجيم المنهي عنه شرعًا

تاريخ الفتوى: 10 ديسمبر 2011 م
رقم الفتوى: 6407
من فتاوى: فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد
التصنيف: فتاوى حديثية
الفرق بين علم الفلك والتنجيم المنهي عنه شرعًا

ما حكم الاشتغال بعلم الفلك؟ فقد سمعت أن المراد من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا، وَإِذَا ذُكِرَتِ النُّجُومُ فَأَمْسِكُوا، وَإِذَا ذُكِرَ الْقَدَرُ فَأَمْسِكُوا» هو تحريم علم الفلك باعتبار أنه من علم النجوم المنهيّ عنه شرعًا.

لا يوجد في هذا الحديث الشريف ما يدلّ على تحريم علم الفلك أو منعه؛ إذ الحديث ينصّ على ذم علم النجوم المبني على الظن والتخمين الذي لا يتحقق، بل ويترتب عليه ضرر بالناس، أما الفلك باعتباره علمًا فليس كذلك؛ إذ هو قطعي مبنيٌّ على قوانين قطعية، ونتائجه محقّقة، وهو من فروض الكفايات التي تأثم الأمة جميعًا لو عُدم فيها مَن يعلمه؛ فعلم الفلك تتوقف عليه جملةٌ من مصالح الدين والدنيا لا تتم إلا بمعرفته ودراسته.

 

المحتويات

رواية حديث «إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا»

روى الطبراني في "معجمه الكبير" أن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا، وَإِذَا ذُكِرَتِ النُّجُومُ فَأَمْسِكُوا، وَإِذَا ذُكِرَ الْقَدَرُ فَأَمْسِكُوا»، وبالنظر والتأمل فيه نُنبِّه على ما يلي:

المقصود بعلم النجوم

أولًا: إنَّ علم النجوم حَدس وتخمين، وليس فيه قطعٌ ولا ظنٌّ غالب، وهو من قبيل العرافة والتنجيم والكهانة، وأما حساب النجوم الذي هو علم الفلك فهو لو كان قديمًا قد اختلط بالعرافة والكهانة عند المشتغلين به، فإنَّه الآن منفصل عنهما تمامًا، وأصبح أمره متعلقًا بمراصد حديثة وأجهزة عملاقة تكتشف حركات الأجرام من مسافات تقدر بملايين السنين الضوئية، ومبنيًّا على معادلات رياضية وقوانين كونية وحسابات دقيقة مُتَيَقَّنة هي التي تُحَدّد تلك الحركات بالثانية أو أجزائها، وتخلص علم الفلك الآن من شبهة التنجيم التي توحي بالتكهن بالغيب، وأصبح علم الفلك مبنيًّا على علوم الفيزياء والرياضيات والكيمياء في أعلى مستوياتها الجامعية وما بعدها، بل ودخل في مقرراته الدراسية والبحثية علوم الأحياء -البيولوجي- بعد أن تفرع منه علم البحث عن الحضارات الذكية، الذي يهتم بصور الحياة خارج نطاق المجموعة الشمسية.

حكم علم النجوم القديم

ثانيًا: إنَّ علم النجوم القديم ليس مذمومًا بإطلاق؛ قال العلامة المرغيناني الحنفي صاحب "الهداية" في "مختارات النوازل": [علم النجوم في نفسه حسنٌ غير مذموم؛ إذ هو قسمان: حسابي، وإنَّه حق، وقد نطق به الكتاب؛ قال الله تعالى: ﴿ٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُ بِحُسۡبَان﴾ [الرحمن: 5] أي: سيرهما بحساب، واستدلالي بسير النجوم وحركة الأفلاك على الحوادث بقضاء الله تعالى وقدره، وهو جائز؛ كاستدلال الطبيب بالنبض من الصحة والمرض، ولو لم يعتقد بقضاء الله تعالى أو ادعى الغيب بنفسه يكفر] اهـ. نقلًا عن "حاشية ابن عابدين" (1/ 43-44، ط. دار الكتب العلمية).

المذموم من علم النجوم

ثالثًا: إنَّ المذموم من علم النجوم القديم إنَّما ذُمَّ لأسباب وعلل ليست موجودةً في علم الفلك الحديث؛ قال حجة الإسلام الإمام الغزالي في "الإحياء" (1/ 29-30، ط. دار المعرفة): [وإنما زجر عنه من ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه مضرٌّ بأكثر الخلق؛ فإنَّه إذا ألقى إليهم أن هذه الآثار تحدث عقيب سير الكواكب وقع في نفوسهم أن الكواكب هي المؤثرة وأنها الآلهة المدبرة؛ لأنها جواهر شريفة سماوية، ويعظم وقعها في القلوب، فيبقى القلب ملتفتًا إليها ويرى الخير والشر محذورًا أو مرجوًّا من جهتها.

وثانيها: أنَّ أحكام النجوم تخمين محض ليس يدرك في حق آحاد الأشخاص لا يقينًا ولا ظنًّا، فالحكم به حكم بجهل، فيكون ذمه على هذا من حيث إنّه جهل لا من حيث إنّه علم، فلقد كان ذلك معجزةً لإدريس عليه السلام فيما يحكى، وقد اندرس وانمحى ذلك العلم وانمحق، وما يتفق من إصابة المُنَجِّم على ندور فهو اتفاق؛ لأنه قد يطلع على بعض الأسباب ولا يحصل المسبب عقيبها إلا بعد شروط كثيرة ليس في قدرة البشر معرفة حقائقها، فإن اتفق أنْ قَدَّرَ اللهُ تعالى بقيةَ الأسباب وقعت الإصابة، وإن لم يقدر أخطأ، ويكون ذلك كتخمين الإنسان في أن السماء تمطر اليوم مهما رأى الغيم يجتمع وينبعث من الجبال، فيتحرك ظنه بذلك، وربما يحمى النهار بالشمس ويذهب الغيم، وربما يكون بخلافه، ومجرد الغيم ليس كافيًا في مجيء المطر، وبقية الأسباب لا تُدْرَى، ولهذه العلة يمنع القول عن النجوم أيضًا.

وثالثها: أنَّه لا فائدة فيه؛ فأقل أحواله أنه خوض في فضول لا يغني، وتضييع العمر الذي هو أنفس بضاعة الإنسان في غير فائدة، وذلك غاية الخسران] اهـ بتصرف.

حكم علم الفلك الحديث

وليس شيءٌ من ذلك بمتحقق في علم الفلك الحديث، فلا هو سبب لاعتقاد الناس في تأثير الكواكب الذاتي في الكون واعتقاد الألوهية فيها، بل إنَّه من أسباب معرفة الله ومعرفة النظام المستدَل به على وجود الله؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ ٱللهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ﴾ [يونس: 6]، ولا هو مبنيٌّ على ظنيات، بل هو قطعي لابتنائه على قوانين قطعية، وقد أُقِيمَت بناءً عليه وعلى قوانينه المحطاتُ الفضائية الثابتة في الفضاء حول الأرض، وأُطْلِقَت الأقمار الصناعية، ونُظّمت الرحلات الفضائية العلمية بمكوكات الفضاء، ومنها ما يعمل بالقيادة الإلكترونية الآلية، حيث تُرسل المسابر والمعدات الفضائية إلى أماكن يتعذر وصول البشر إليها لأسباب طبيعية، ويتم تهيئتها على أداء مهمة محددة في وقت محدد ومكان محدد، ولا هو معدوم الفائدة، بل إنَّه من فروض الكفايات التي تأثم الأمة جميعًا لو عُدم فيها مَن يعلمه؛ فهو متوقفة عليه جملةٌ من مصالح الدين والدنيا لا تتم إلا بمعرفته ودراسته.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

 ما الحكم الشرعي في الموسيقى منفردة معزولة عن أي لون من ألوان الفنون التي تصاحبها عادة بعد أن أُثير هذا واختلف بين محرم ومبيح؟


كنت أقرأ في بعض كتب الحديث، فتفاجأت بواقعةٍ حدثت وقت موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ حيث طلب أن يكتب للمسلمين كتابًا لكي لا يضلوا بعده، فرفض بعض الصحابة ذلك وعلى رأسهم الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وتعالت أصوات الصحابة عنده حتى طردهم جميعًا من عنده. فكيف نستطيع أن نرد على هذه الشبهة، وماذا نفعل في الحديث الصحيح الذي بين أيدينا؟


سائل يقول: سمعت أحد العلماء يقول بأن عقود الودائع الاستثماريَّة الحديثة عقد جديد مستحدث؛ فما مدى صحة هذا الكلام؟


ما الحكمة من تخصيص سيدنا إبراهيم عليه السلام بالذِّكر في الصلاة الإبراهيمية، التي تقال في التشهد الأخير في الصلاة من دون سائر الأنبياء، فنقول: "اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم... إلخ"؟ وهل هذا يتعارض مع كونه صلى الله عليه وآله وسلم أفضل خلقِّ الله على الإطلاق؟


سائل يقول: هل ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام جواز الرقية بالقرآن الكريم؟ وما حكم طلب الرقية من الصالحين؟


هل يجوز الاستدلال بالحديث الضعيف في الأحكام الشرعية؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 10 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :44
الشروق
6 :19
الظهر
1 : 0
العصر
4:37
المغرب
7 : 41
العشاء
9 :5