حكم المشاركة في الماشية

تاريخ الفتوى: 17 نوفمبر 2021 م
رقم الفتوى: 5870
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الكسب
حكم المشاركة في الماشية

ما حكم مشاركة الغير في الماشية؛ حيث يشتري أحدُ الأشخاص ماشيةً، ثم يُعطيها لفلاحٍ على أن يتعهدها بالأكل والشرب، ويكون له لبنها وسمادها، أَمَّا ما تلده فيكون بينهما مناصفةً. الرجاء بيان الحكم الشرعي في هذه المعاملة.

يرى بعض الأئمة والعلماء أن هذه المعاملة جائزة شرعًا، وهذا هو المفتى به؛ حيث يقوم أحد الأشخاص بشراء ماشية ويُعطيها لآخر فيقوم برعايتها، على أن يكون له شيء مما يَنْتُج منها؛ كلَبَنِها أو ما تَلِدُه، ويكون لصاحبها شيء مما تَلِدُ؛ وذلك قياسًا على المساقاة والمزارعة والمضاربة؛ فيكون هذا بماله، وهذا بعمله، وما نتج عن هذا العمل فهو بينهما. وقد جرى عُرْف الناس على هذا النوع من المشاركة حتى شاعت بينهم؛ والعرفُ مُعتَبَرٌ شرعًا.

المحتويات

 

آراء الفقهاء في حكم مشاركة الغير في الماشية

هذه المعاملة بهذه الصورة محلُّ خلاف بين الفقهاء؛ فالجمهور من الفقهاء يرون أنَّها غير جائزة، وعلى ذلك الحنفية، والمالكية، والشافعية، والصحيح من مذهب الحنابلة؛ وذلك لأنَّ العامل على المواشي لا يجوز أن يكون أجرُهُ ما يَنْتُج منها؛ لعدم عِلْمه بقَدْر الناتج، وعلى هذا القول فيكون الناتج من الماشية من اللبن وغيره لصاحبها، وللعاملِ الأجر على عمله إن اتفقا عليه، وإلَّا فله أُجْرة المثل.

قال الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (6/ 62، ط. دار الكتب العلمية): [لو شرط الشريكان في مِلْكِ مَاشِيَةٍ لأحدهما فَضْلًا من أولادِها وألْبَانِها، لم تَجُز بالإجماع] اهـ.

وقال العلامة ابن نجيم في "البحر الرائق شرح كنز الدقائق" (5/ 198، ط. دار الكتاب الإسلامي): [ولو اشتركا ولأحدهما دابةٌ وللآخر إكَافٌ وَجُوَالِقٌ على أن يُؤجِّر الدابة والأجر بينهما، فالشركة فاسدة؛ لأنها وقعت على العين، فكانت بمعنى الشركة في العروض، فإنْ أَجَّر الدابة مع الجَوالِق والإكَاف، فالأجرُ كله لصاحب الدابة وَلِلدَّخِيلِ معه أجر مثله بالغًا ما بلغ] اهـ.

قال الشيخ عليش في "منح الجليل شرح مختصر خليل" (7/ 452، ط. دار الفكر): [ولو أعْطَيْتَه الدابة أو السفينة أو الإبل لِيَعْمَل عليها فما أصاب بينكما، فلا يجوز ذلك] اهـ.

وقال الإمام النووي في "الروضة" (5/ 166، ط. المكتب الإسلامي): [دَفَع بَهِيمَةً إليه ليعمل عليها، وما رَزَق الله تعالى فهو بينهما؛ فالعقد فاسدٌ. ولو قال: تَعَهَّدْ هذه الغنم بشرط أن دَرَّهَا وَنَسْلَهَا بيننا، فباطلٌ أيضًا، لأنَّ النَمَاء لا يَحْصُل بعمله] اهـ.

قال العلامة الـمرداوي في "الإنصاف" (5/ 454، ط. دار إحياء التراث العربي): [لو أخذ ماشيةً ليَقُوم عليها بِرَعْيٍ وعَلَفٍ وسقْيٍ وحَلْبٍ وغير ذلك، بِجُزْءٍ مِنْ دَرِّهَا وَنَسْلِهَا وصوُفها- لم يَصِحَّ على الصحيح من المذهب. نصَّ عليه، قال في "الفروع": هذا المذهب، وصححه في "تصحيح المحرر"، وجزم به في "المغني"، و"التلخيص"، و"الشرح"، و"عيون المسائل"، وغيرهم ذكرُوه في باب الإجارة، وله أُجْرَتُه] اهـ.

واستدل الجمهور لعدم جواز هذه المعاملة بأنَّ فيها غَبْنًا بيِّنًا، وجهالةً فاحشة؛ فالعوض مجهول، ولا يُدْرَى أيوجد أم لا. انظر: "المغني" لابن قدامة (5/ 328، ط. مكتبة القاهرة).

مذهب بعض فقهاء الحنابلة في هذه المسألة

بينما يرى الإمام أحمد -في روايةٍ- جوازَ هذه المعاملة، وهو اختيار الشيخين ابن تيمية وابن القيم، واستدلوا على الجواز بأنَّ الأصل هو الإباحة، ولا يوجد دليل للمنع، وأيضًا بالقياس على المساقاة والمزارعة.

قال العلامة المرداوي في "الإنصاف" (5/ 454) بعد أن ذكر المذهب في المسألة: [وعنه: يَصِحُّ. اختاره ابن عبدوس في "تذكرته"، والشيخ تقي الدين رحمه الله، وقَدَّمه في "الفائق"، و"الرعاية الكبرى"، وقال: نَصَّ عليه، ذكره في آخر المضاربة] اهـ.

وقال الشيخ ابن القيم في "إعلام الموقعين" (4/ 15، ط. دار الكتب العلمية): [تجوز المُغارسة عندنا على شجر الجَوْز وغيره؛ بأن يدفع إليه أرضه ويقول: اغرسها من الأشجار كذا وكذا، والغرس بيننا نصفان.. وكما يدفع إليه بقَرَهُ أو غنمَهُ أو إبلَهُ يقوم عليها، والدرُّ والنسل بينهما.. فكل ذلك شركة صحيحة قد دلَّ على جوازها النَّصُّ والقياسُ واتفاقُ الصحابة ومصالح الناس، وليس فيها ما يوجب تحريمها من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس ولا مصلحة، ولا معنى صحيح يُوجب فسادها] اهـ.

وأجاب الشيخ ابن القيم على منع الجمهور لهذه المعاملة في "إعلام الموقعين" (4/ 15): [بأنهم ظنُّوا ذلك كله من باب الإجارة، فالعوض مجهول فيفسد، ثم منهم من أجاز المساقاة والمزارعة للنص الوارد فيها، والمضاربة للإجماع دون ما عدا ذلك، ومنهم من خص الجواز بالمضاربة، ومنهم من جَوَّز بعض أنواع المساقاة والمزارعة، ومنهم من منع الجواز فيما إذا كان بعض الأصل يرجع إلى العامل كقفيز الطحان، وجوزه فيما إذا رجعت إليه الثمرة مع بقاء الأصل كالدرّ والنسل. والصواب جواز ذلك كله، وهو مقتضى أصول الشريعة وقواعدها؛ فإنه من باب المشاركة التي يكون العامل فيها شريكَ المالك: هذا بماله، وهذا بعمله، وما رزق الله فهو بينهما. وهذا عند طائفة من أصحابنا أولى بالجواز من الإجارة] اهـ.

ثم نقل كلام شيخه ابن تيمية في ذلك فقال في "إعلام الموقعين" (4/ 15): [هذه المشاركات أحلّ من الإجارة. قال: لأنَّ المستأجِر يدفع ماله، وقد يحصل له مقصوده، وقد لا يحصل، فيفوز المؤجِّر بالمال والمستأجِر على الخطر؛ إذ قد يكمل الزرع وقد لا يكمل، بخلاف المشاركة؛ فإن الشريكين في الفوز وعدمه على السواء، إن رزق الله الفائدة كانت بينهما، وإن منعها استويا في الحرمان، وهذا غاية العدل؛ فلا تأتي الشريعة بحلّ الإجارة وتحريم هذه المشاركات. وقد أقرَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم المضاربةَ على ما كانت عليه قبل الإسلام، فضاربَ أصحابه في حياته وبعد موته، وأجمعت عليها الأمة، ودفع خيبر إلى اليهود يقومون عليها ويُعَمِّرُونها من أموالهم بشطرِ ما يخرج منها من ثمر أو زرع، وهذا كأنه رأي عين، ثم لم ينسخه، ولم ينه عنه، ولا امتنع منه خلفاؤه الراشدون، وأصحابه بعده، بل كانوا يفعلون ذلك بأراضيهم، وأموالهم يدفعونها إلى مَنْ يقوم عليها بجزء مما يخرج منها، وهم مشغولون بالجهاد وغيره. ولم يُنقَل عن رجل واحد منهم المنعُ إلا فيما منع منه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو ما قال الليث بن سعد: إذا نظر ذو البصر بالحلال والحرام علم أنه لا يجوز، ولو لم تأت هذه النصوص والآثار؛ فلا حرام إلا ما حرَّمه الله ورسوله، والله ورسوله لم يحرم شيئًا من ذلك] اهـ.

المختار للفتوى في هذه المسألة

العادة تُؤيِّد هذه الرواية المنقولة عن الإمام أحمد؛ حيث جرى عُرْف الناس على هذه المشاركة حتى شاعت بينهم؛ وقد جرى اعتبار العُرف من مصادر التشريع؛ لقوله تعالى: ﴿خُذِ العَفْوَ وَأْمُر بِالعُرْفِ﴾ [الأعراف: 166]، وفي الأثر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «ما رَأَى المُسلِمُونَ حَسَنًا فهو عِندَ اللهِ حَسَنٌ، وما رَأَوا سَيِّئًا فهو عِندَ اللهِ سَيِّئٌ». أخرجه الإمام أحمد، وأبو داود الطيالسي في «مسنديهما»، وهذا القول هو ما نُفتي به في هذه المسألة.

الخلاصة

على ذلك وفي واقعة السؤال: فيجوز المشاركة بين شخصين على تَعهُّد أحدهما رعيَ ماشية الآخر ويكون له شيءٌ مما يَنْتُج منها؛ كلَبَنِها أو ما تلدُهُ، فلا حرج في ذلك قياسًا على المساقاة والمزارعة.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم عمل برامج تسويق لمنتج طبي مستخلص من الخنزير واستخدامه في التداوي؛ فنحن نقوم بعمل برامج التسويق والبيع الخاصة بأحد المنتجات الطبية لإحدى الشركات الأجنبية، وهو يتكون من مادة الجلاتين بروسين في شكل إسفنجي، وهي مادة مستخلصة من الخنازير، وتقوم بوقف النزيف أثناء العمليات الجراحية، وتمتص داخل جسم الإنسان، فتساعد على نمو الأنسجة التالفة. علمًا بأن هذا المنتج تتم معالجته كيميائيًّا بمادة الميثانال ثم ضخّ غاز النيتروجين لتكوين الشكل الإسفنجي وليس بالاستخراج المباشر. ما الحكم الشرعي لاستخدام هذا المنتج والعمل في تسويقه؟


ما حكم العمل في الأحجار الكريمة وزكاتها؟ فنحن المسلمين من منطقة شنجيانغ الواقعة في شمال غرب الصين، نعيش في مدينة صغيرة تعد من أفقر المدن، إلا أن الله سبحانه وتعالى وهبها ثروة طبيعية معدنية وهي الأحجار الكريمة، فلذا من البديهي أن يوجد من يتاجر بها، وبالتالي يصل عدد المزاولين من المسلمين إلى عشرين ألف شخص أو يزيد عن ذلك، هذا ما عدا المنتفعين منها، وعلى هذا نستطيع أن نقسمهم إلى ثلاثة أقسام:
1- الأيدي العاملة: ويقوم هؤلاء بالحفر والتنقيب عن المعادن مقابل أجور لمالكي المعادن.
2- الوسطاء: ويقوم هؤلاء بشراء الأحجار المستخرجة من المعادن ويبيعونها للناقلين.
3- الناقلون: يقوم هؤلاء بشراء الأحجار من الوسطاء وأحيانًا من المعادن مباشرة، وبعدما تصبح لديهم كمية كبيرة من الأحجار يذهبون بها إلى المدن الصينية الأخرى البعيدة ويبيعونها إلى غير المسلمين من النحاتين والنقاشين الذين ينحتون منها بنسبة 70 % أشكالًا مجسمةً مثل: الأصنام والتماثيل والحيوانات، وبنسبة 30% أشكالًا غير مجسمة مثل: الأَسْوِرَة والخواتم.
علمًا بأن الأحجار بحسب أسعارها تنقسم إلى قسمين:
1- الأحجار ذات الأسعار الغالية، وهي تحتل نسبةً ضئيلةً جدًّا لا يصنع منها النحات شيئًا بل يحتفظ بها للتباهي والتفاخر.
2- الأحجار ذات الأسعار الرخيصة، وهي تحتل النسبة الكبيرة منها التي ينحت منها النحَّات الأشكال المجسمة وغير المجسمة كما ذُكر بعاليه.
ونفيدكم بأن أغلبية المزاولين من خيرة الرجال الذين يتفانون في بذل ما عندهم للأمور الخيرية ومساعدة الفقراء، وهم كذلك من المتمسكين بالعقيدة الصحيحة.
ومما تجدر الإشارة إليه بأن عمدة اقتصاد المسلمين في أيدي مزاولي هذه التجارة، وإذا لم يزاولها المسلمون فمن المؤكد جدًّا أن يستولي عليها غير المسلمين، وبالتالي يضعف اقتصاد المسلمين، وفي هذه الحالة فما على المسلمين إلا أن يقفوا مكتوفي الأيدي تجاه الأمور الخيرية.
والسؤال الآن هو: ما حكم هذه التجارة؟ وكيف تؤدى زكاتها؟ وإذا كانت حرامًا فكيف تُصرف الأموال المكتسبة منها؟ أفتونا مأجورين بالتفصيل مع ذكر الأدلة.


نرجو منكم بيان المراد من قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ وما الغاية التي من أجلها خلق الله الإنسان؟ ومدى شمولية العبادة للعمل وطلب الرزق.


ما حكم توارد الشريكين على الربح بحيث يأخذ كل واحد منهما الربح سنة دون الآخر؟ حيث ورثتُ أنا وأخي مصنعًا من أبي، وقد اتفقنا على أنْ يتولى كلُّ واحد منَّا هذا المصنع سنة، على أنْ تكون أرباح هذا المصنع للقائم عليه (صاحب النوبة) في هذه السَّنَة، فهل هذا يجوز شرعًا؟


ما حكم بيع السجاد المكتوب عليه لفظ الجلالة؟ فهناك رجلٌ يتاجر في السَّجَّادِ، ومنه سَجَّاد الصلاة المكتوب عليه كلمات للإهداء أو بعض الأسماء، مما يشتمل أحيانًا على لفظ الجَلَالَة -كما في بعض الأسماء المركبة مِن نحو عبد الله وغيرها- أو بعض الكلمات القرآنية، ويَبسُطُه المشتري على الأرض للصَّلاةِ عليه، فهل يحرُم عليه شرعًا بيع السَّجَّاد المشتمل على تلك الكلمات؟


سائل يقول: لديَّ مزرعة نخيل، وهذا النخيل بلغ مرحلة يصلح فيها للإثمار، وأقوم بالاتفاق مع بعض العمَّال على أن يرعاها ويقلِّمها ويلقِّحها ويقوم بما يلزم مِن رعايتها طول الموسم، وذلك على نسبةٍ مِن ناتجها، كالثلث أو نحوه مِمَّا يتم الاتفاق عليه، فما حكم ذلك شرعًا؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 20 نوفمبر 2025 م
الفجر
4 :54
الشروق
6 :24
الظهر
11 : 41
العصر
2:36
المغرب
4 : 57
العشاء
6 :18